غرفة تجارة دمشق، من أقدم غرف التجارة في الوطن العربي، تأسست عام 1830، وتعمل على حماية مصالح التجار وفعالياتهم في دمشق، وتقديم الخدمات التي تدعم أعمالهم، وتشجيع الاستثمار والإنتاج الوطني، وهي عضو في اتحاد غرف التجارة السورية. وقد لعبت غرفة التجارة دوراً مهماً في تاريخ سورية الاقتثادي والسياسية، وكانت حاضرة في الحراك الوطني ضد الانتداب الفرنسي خلال السنوات 1920-1946.
التأسيس والتاريخ
يشير الفرمان صادر عام 1824 في عهد السلطان العثماني محمود الثاني إلى تأسيس غرف تجارة في البلاد الواقعة على الطرق التجارية في الدولة العثمانية، وإعطاء التجار المحليين فيها حق الاتجار مع الخارج، ومن هذه الغرف كانت غرفة تجارة دمشق.
حدد الفرمان السلطاني نظام الغرف بأن يكون رئيسها – وكان يطلق عليه لقب “شهبندر التجار” – منتخباً من قبل التجار، يساعده عضوان منتخبان أيضاً، يستبدلون كل عام عن طريق الانتخاب، ونصّ على فرض رسم بقيمة 3% على البضائع التي يرغب التاجر المسجل في الغرفة باستيرادها، على ألا تكون من البضائع الممنوع إدخالها.
أما التنظيمات الكاملة المتعلقة بغرف التجارة فصدرت من خلال الفرمان العثماني رقم 54 عام 1830، بهدف تنشيط التجارة داخل البلاد وخارجها، وتأمين ربح للخزينة مع ربح معقول للتجار، ونصت التنظيمات على أن من يرغب بأن يتعاطى التجارة عليه التسجيل كتاجر مع بيان نوع التجارة التي يرغبها، وعلى أن يكون مستقيماً حسن السمعة، كما وضعت نظاماً خاصاً للدعاوى التي تقام على التجار، وكذلك بنوداً للاستيراد والتصدير، وعقوبات على المخالفات سواء من قبل التجار أو موظفي الجمارك. وفي عام 1916 صدر أول قانون ينظم عمل غرف التجارة والصناعة، ونظم مهام ومسؤوليات الغرف وواجباتهاـ وتتابعت في السنوات اللاحقة المراسيم المتعلقة بتنظيم العلاقات التجارية وشروطها والتعامل بين التجار والضرائب المفروضة عليهم، وتوسعت الغرفة بانضمام المزيد من الأعضاء إليها.
عام 1959 وفي عهد الوحدة بين سورية ومصر، صدر قانون الغرف التجارية رقم 131، وعرّف الغرفة التجارية على أنها “مؤسسة ذات نفع عام، غايتها خدمة المصالح التجارية وتمثيلها والدفاع عنها والعمل على ترقيتها”، وأصبحت بموجبه تخضع لإشراف وزارة التموين والتجارة الداخلية، وتتألف من الهيئة العامة ومجلس الإدارة ومكتب الغرفة ومجموعة من اللجان.
أضاف القانون لصلاحيات غرف التجارة التصديق على شهادات المنشأ أو المصدر وفواتير البضائع والكفالات وصحة تواقيع التجار والمؤسسات وغيرها من الأوراق والمعاملات التجارية، وإعطاء أسعار المواد الرئيسية المتداولة في الأسواق التجارية المحلية بناء على طلب الدوائر الرسمية أو أصحاب العلاقة من المسجلين لدى الغرف. كما نص القانون على أن تقدم الغرف المعلومات والبيانات والآراء في قوانين التجارة وأنظمتها بناء على طلب الحكومة. ويمكن للغرف أن تتقدم بآراء ومقترحات حول الشؤون الاقتصادية لا سيما ما يؤدي لتنشيط التجارة وحمايتها وتوجيهها، مثل التعرفات الجمركية والضرائب والرسوم ووسائل النقل والأسواق والسياحة، وأن تحدث وتدير المؤسسات ذات الصبغة التجارية مثل المعارض الدائمة والأسواق، وأن تعقد المؤتمرات الاقتصادية وتشارك بها.
وأشار القانون إلى أنه على الغرفة أن تنشر مختلف المعلومات التي تفيد الأوساط التجارية، وتوزّع النشرات التي تتضمن قرارات وتوصيات المؤتمرات الاقتصادية التي تتصل مباشرة بالتجارة أو الصناعة، وأسماء وعناوين التجار والمؤسسات والشركات التي ترغب بالتصدير أو استيراد المنتجات السورية، وأسماء المعارض والأسواق الدولية ونوعها وزمان ومكان إقامتها، وكل ما يمكن أن يساعد في تطوير التجارة السورية وفتح آفاق جديدة أمامها.
وفي عام 1975 أصدرت وزارة التموين قراراً بتشكيل “اتحاد غرف التجارة السورية” الذي يضم كل غرف التجارة والصناعة ويُعنى بالشؤون التجارية والاقتصادية العامة، وأصبحت غرفة تجارة دمشق جزءاً من الاتحاد.
وفي عام 2020 صدر القانون رقم 8 الذي ألغى القانون رقم 131 لعام 1959، وقضى بإحداث غرف التجارة وغرف التجارة والصناعة المشتركة، بهدف تطوير أداء هذه الكيانات وبيئة الأعمال.
دور الغرفة
عاصرت غرفة تجارة دمشق العديد من التحولات السياسية والاجتماعية ورافقت منذ نشأتها الأحداث الوطنية والاقتصادية والاجتماعية في دمشق وسوريا عموماً، ولعبت دوراً في الدفاع عن العاملين في الحقل التجاري، والتصدي لما يرهق العمل التجاري أو يعوق التبادل والاتصال بين دمشق وبقية الأسواق، والدفاع عن الإنتاج الوطني باعتباره الأساس المتين للاقتصاد وتعميق الوعي بمخاطر طغيان الإنتاج المستورد على الأسواق المحلية ومنافسة المصنوعات والحرف الوطنية.
إلى جانب ذلك، لعبت الغرفة أدواراً اقتصادية واجتماعية، ففي فترة الانتداب الفرنسي شهد واقع التجارة تراجعاً بسبب فرض قيود على التعاملات النقدية والتصدير والاستيراد، وإعطاء الأفضلية للتجار الأجانب، وزيادة الضرائب، وعملت حينها غرفة التجارة على توضيح نتائج السياسات التجارية المفروضة من قبل سلطات الانتداب على صناعة البلاد وتجارتها، وتحديد الخسائر المترتبة على ذلك بالأرقام.
ومنذ العام 1922 بدأ إصدار الغرفة للنشرة الاقتصادية إدراكاً منها لأهمية الإعلام في توعية التجار سياسياً واقتصادياً، وفي خدمة العمل التجاري. وتضمنت النشرات واجبات غرف التجارة، وأرقاماً تعكس الإنتاج المحلي ضمن مختلف القطاعات، وشرحاً عن أي أزمات اقتصادية تمر بها البلاد، وأهم مطالب التجار، وأهم القوانين ومشاريع القوانين الاقتصادية.
ومن الأحداث التي لعبت الغرفة دوراً فيها، إصلاح وإعادة تسيير الخط الحديدي الحجازي بين دمشق والمدينة المنورة، ودراسة مشروع جر مياه عين الفيجة إلى دمشق، ودعم الثورة السورية الكبرى بالمال والسلاح، وتأسيس جمعية المواساة الخيرية وإقامة مشفى المواساة.
واليوم تؤدي الغرفة أدواراً بمجالات التجارة وحماية التجار، والعلاقات التجارية الخارجية، وتنظيم المعارض والمؤتمرات، وإصدار الدراسات والنشرات، وتدريب وتأهيل الكوادر، والجودة وتحسين الأداء.
رؤساء الغرفة
- محمد صالح زادة 1830
- محمد أبو مسلم جلاب (التاريخ غير محدد بدقة)
- حسن أفندي قوتلي 1887
- عارف الحلبوني 1922 – 1936
- محمد خير دياب 1937 – 1941
- مسلم السيوفي 1942 – 1956
- محمد عادل الخجا 1957 – 1970
- محمد بشير رمضان 1970 – 1972
- بدر الدين الشلاح 1972 – 1992
- راتب الشلاح 1993 – 2009
- محمد غسان القلاع 2009 – 2020
- محمد أبو الهدى اللحام 2020