محمد بن عبد القادر المبارك (1912 – 4 كانون الأول 1981)، عالم وسياسي سوري من دمشق وأحد مؤسسي جماعة الإخوان المسلمين في سورية. انتخب عضواً في الجمعية التأسيسي التي وضعت الدستور السوري سنة 1950 وتولّى مناصب وزارية عدة قبل قيام الوحدة السورية – المصرية سنة 1958. تسلّم عمادة كلية الشريعة في الجامعة السورية من سنة 1958 ولغاية عام 1963، وكان عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق، إضافة لعمله الاستشاري في الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة.
البداية
ولد محمد المبارك بدمشق لأسرة ذات أصول جزائرية معروفة بالعلم والتقوى والصلاح. والده الشيخ عبد القادر المبارك كان أحد مؤسسي مجمع اللغة العربية وجدُّهُ محمد المبارك من العلماء الأدباء والمربِّين. درس المرحلة الابتدائية والثانوية في مدارس دمشق، حيث تفوق في اللغة العربية والرياضيات، وكان له ميل واضح إلى العلوم الإسلامية. تلقَّى علوم اللغة والشريعة عن والده وقرأ على يد محدّث الشام الشيخ بدر الدين الحسني. انتسب إلى كلية الحقوق في الجامعة السورية ونال إجازتها عام 1935، مع شهادة ثانية في الآداب العليا.
أوفدته وزارة المعارف إلى فرنسا لإكمال تحصيله العلمي في جامعة السوربون ودراسة الأدب العربي والثقافة الإسلامية. من أبرز أساتذته كانا المستشرقان مارسيه وماسينيون، وقد استفاد مبارك من فرعي الأدب الفرنسي وعلم الاجتماع استفادة كبيرة مكنته من الولوج في صميم الثقافة الغربية والتفكير الغربي ومذاهبه الفكرية والأدبية. حصل على شهادة أولى في الأدب العربي من السوربون، وثانية في الأدب الفرنسي وثالثة في علم الاجتماع، قبل عودته إلى دمشق سنة 1938.
عمله في وزارة المعارف
عمل مُدرساً للأدب في ثانويات حلب طيلة سنتين، تزوج فيها من سيدة من آل البيانوني، ثمّ انتقل إلى دمشق للتدريس في مدارسها. تخصص باللغة العربية والتربية الإسلامية والنصوص الفلسفية، كما سمّي عضواً في اللجنة الفنّية في وزارة المعارف، وشارك في وضع المناهج لمادّتي اللغة العربية والدين.
التدريس الجامعي
عُيّن محمد المبارك محاضراً في كلية الآداب في الجامعة السورية، وانفرد في تدريس مادتي فقهَ اللغة والدراسات القرآنية. كان أحد مؤسسي كلية الشريعة مع الدكتور مصطفى السباعي سنة 1954، وقد خلفه في العمادة من سنة 1958 ولغاية عام 1963. وعند قيام الوحدة مع مصر عينته الجامعة السورية ممثلاً عنها في المجلس الأعلى للتخطيط الجامعي لدى للجمهورية العربية المتحدة. انتُدب عام 1966 إلى جامعة أم درمان في السودان، وانتقل بعدها بثلاث سنوات إلى كلية الشريعة في مكّة المكرمة واشترك في وضع خطتها التعليمية وبعض مناهجها. أصبح بعدها مستشاراً في جامعة الملك عبد العزيز بجدّة، وعمل أستاذاً زائراً في الجامعة الأردنية أثناء الفصل الدراسي الثاني لعام 1977.
نشاطه السياسي
في نهاية الثلاثينيات، انتسب محمد المبارك إلى جمعية “شباب محمد” التي أسسها مصطفى السباعي بعد عودته من مصر، وأصبح رئيساً لفرعها الأول بدمشق. شاركه بعدها في تأسيس فرع سورية من الإخوان المسلمين وكان أحد ألمع قادة الجماعة في مدينة دمشق. فاز المبارك بالنيابة عن دمشق سنة 1947 وانتخب مرة ثانية لتمثيل مدينته في الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع دستور جديد لسورية بعد الدستور الجمهوري الأول الذي أطاح به حسني الزعيم في أعقاب انقلابه العسكري على الرئيس شكري القوتلي سنة 1949.
وعندما أسس السباعي مدرسة الدعوة في دمشق في العام الدراسي 1947-1948، عُيّن محمد المبارك مُدرّساً فيها وعضواً في مجلسها العلمي والفقهي. عدّ المبارك المساعد الأيمن لمصطفى السباعي ومستشاره في الشؤون السياسية والتنظيمية والاجتماعية، وكان يتناوب معه إلقاء المحاضرات الشهرية في المركز العام للإخوان المسلمين في محلّة الشهداء بدمشق. كان له دور كبير في ترشيد الحركة الإسلامية داخل سورية، وتقديم النصح والمساعدة المادية والمعنوية، كما شارك في لقاءات إسلامية – مسيحية في الفاتيكان وفرنسا وإسبانيا قبل استقالته من الجماعة سنة 1953.
المناصب الوزارية
سمّي محمد المبارك وزيراً للأشغال العامة والمواصلات في حكومة الدكتور ناظم القدسي الأولى في كانون الأول 1949، ولكن هذه الوزارة استقالت بعد ثلاثة أيام من تشكيلها بسبب تصادم رئيسها مع قادة الجيش السوري. تسلّم الحقيبة نفسها في حكومة الرئيس خالد العظم من 26 كانون الأول 1949 ولغاية 4 حزيران 1950. ودخل على حكومة حسن الحكيم الثانية والأخيرة بعد أيام من تشكيلها، وحافظ على منصبه في وزارة الزراعة في حكومة الدكتور معروف الدواليبي التي سقطت بعد ثلاثة أيام من تشكيلها بموجب الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد أديب الشيشكلي في 28 تشرين الثاني 1951.
مجمع اللغة العربية
انتُخب محمد المبارك عضوًا عاملًا في مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1961، وصدر مرسوم تعيينه في 14 شباط 1961.
مؤلفاته
- فن القصص في كتاب البخلاء (مطبعة الترقي، دمشق 1940)
- عبقرية اللغة العربية (دار الفكر، بيروت 1956)
- نظرة الإسلام العامة في الوجود وأثرها في الحضارة (المطبعة الجديدة، دمشق 1958)
- الأمة العربية في معركة تحقيق الذات (مؤسسة المطبوعات العربية، دمشق 1959)
- فقه اللغة وخصائص العربية (دار الفكر، بيروت 1960)
- نحو وعي إسلامي جديد (دار الفكر، بيروت 1960)
- ذاتية الإسلام أمام المذاهب والعقائد (دار الفكر، بيروت 1960)
- نحو إنسانية سعيدة: نظرات في الكون والحياة والمصير وفي الإنسان (دمشق 1961)
- من منهل الأدب الخالد (دار الفكر، بيروت 1964)
- العقيدة في القرآن الكريم (دار الفكر، بيروت 1967)
- الفكر الإسلامي الحديث في مواجهة الأفكار الغربية (دار الفكر، بيروت 1968)
- نظام الإسلام: العقيدة والعبادة (دار الفكر، بيروت 1968)
- المشكلة الثقافية في العالم الإسلامي: واقعها وعلاجها (دار الفكر، بيروت 1969)
- المجتمع الإسلامي المعاصر (دار الفكر، بيروت 1971)
- الأمة والعوامل المكونة لها (دار الفكر، دمشق 1975)
- الإسلام والفكر العلمي (دار الفكر، بيروت 1978)
- بين الثقافتين الغربية والإسلامية: دراسات في الثقافة والتربية (دار الفكر، بيروت 1980)
- نظام الإسلام: الحكم والدولة (دار الفكر، بيروت 1989)
- نظام الإسلام العقائدي في العصر الحديث ( الدار العالمية للكتاب الإسلامي، بيروت 1989)
وفاته
توفي الشيخ محمد المبارك في المدينة المنورة يوم الخميس في 4 كانون الأول 1981 ودفن في البقيع.
المناصب
وزيراً للأشغال العامة والمواصلات (23 كانون الأول 1949 – 4 حزيران 1950)
- سبقه في المنصب: مجد الدين الجابري
- خلفه في المنصب: الدكتور جورج شلهوب
وزيراً للزراعة (11 آب – 28 تشرين الثاني 1951)
- سبقه في المنصب: عبد الباقي نظام الدين
- خلفه في المنصب: عبد الرحمن الهنيدي
عميد كلية الشريعة في الجامعة السورية (1958-1963)
- سيقه في المنصب: الدكتور مصطفى السباعي
- خلفه في المنصب: الدكتور يوسف العش