أساتذة وتربويونسياسيون ورجال دولة

محمد المبارك

عالم وباحث وسياسي سوري

محمد المبارك (1912-1981) عالمٌ، وباحثٌ، ومُؤلِّفٌ، ولُغويٌّ، وسياسي، من رُوَّاد الفكر العربي الإسلامي، كان عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق والقاهرة، وعضواً في المجمع العلمي العراقي، وفي المجلس الأعلى الاستشاري في الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة. كما يعتبر أحد مؤسسي حركة الإخوان المسلمين في سوريا.

البداية

ولد محمد بن عبد القادر المبارك في دمشق سنة 1912م في حي قريب من الجامع الأموي، وهو من أسرة ذات أصول جزائرية معروفة بالعلم والتقوى والصلاح، فوالده الشيخ عبد القادر كان لغوياً مشهوراً من أعضاء اللجنة التي أُلِفت لتعريب المصطلحات العسكرية في عهد الملك فيصل الأول كما كان عالماً بالسيرة وبتراجم الرجال ومتقناً للغة التركية والانكليزية، وجدُّهُ محمد المبارك من العلماء الأدباء والمربِّين، وشقيقه الدكتور مازن المبارك.

درس المرحلة الابتدائية والثانوية في مدارس دمشق، وكان متفوقًا في دراسته وخاصةً في اللغة العربية والرياضيات، وكان له ميل واضح إلى العلوم العربية والعلوم الإسلامية، فتلقَّى علوم اللغة والشريعة عن والده الشيخ عبد القادر المبارك وعن محدّث الشام الشيخ بدر الدين الحسني. ثم انتسب إلى كلية الحقوق في جامعة دمشق ونال إجازتها في عام 1935. ونال في العام نفسه شهادة الآداب العليا من جامعة دمشق أيضاً.

أوفدته وزارة المعارف السورية إلى فرنسا فدرس في جامعة السوربون ليدرس في كلية الآداب في معهد الدراسات الاسلامية التابع لها ثلاث سنوات، فدرس في السنة الأولى الأدب العربي والثقافة الإسلامية، وعرف المستشرقيين عن كثب وكثيراً ما كان يصحح لهم معلوماتهم، ثم خصص السنة الثانية من دراسته لدراسة الأدب الفرنسي وعصوره وفنونه وأعلامه، وكان من أبرز أستاتذته الأستاذان المستشرقان المشهوران مارسيه وماسينيون، أما سنته الثالثة فقد خصصها لدراسة علم الاجتماع وقد استفاد مبارك من فرعي الأدب الفرنسي وعلم الاجتماع استفادة كبيرة مكنته من الولوج في صميم الثقافة الغربية والتفكير الغربي ومذاهبة الفكرية والأدبية، وحصل في هذه السنوات الثلاث على شهادة في الأدب العربي وأخرى في الأدب الفرنسي وثالثة في علم الاجتماع، وعاد إلى دمشق عام 1938م.

عمله

عمل المبارك بعد عودته عام 1938 أستاذًا للأدب في المدرسة الثانوية بمدينة حلب وظل فيها مدة سنتين حيث تزوج فيها زوجته من آل البيانوني، ثمّ انتقل إلى دمشق حيث درس في ثانويتها الكبرى اللغة العربية والتربية الإسلامية والنصوص الفلسفية، ثمّ أصبح عضواً في اللجنة الفنّية في وزارة المعارف، وشارك في وضع المناهج لمادّتي اللغة العربية والدين.

أثناء اشتغاله بالوزارة كان أستاذاً محاضراً يدرّس في كلية الشريعة، ويدرّس في كلية الآداب فقهَ اللغة والدراسات القرآنية. وفي عام 1958م عُين عميداً لكلية الشريعة حتى عام 1963. كما عينته جامعة دمشق ممثلاً عنها في المجلس الأعلى للتخطيط الجامعي للجمهورية العربية المتحدة أيام الوحدة مع مصر.

انتُدب في عام 1966م إلى جامعة أم درمان في السودان، وانتقل عام 1969م إلى كلية الشريعة بمكّة المكرمة واشترك في وضع خطتها وبعض مناهجها، ثمّ مستشاراً في جامعة الملك عبد العزيز بجدّة، وفي أثناء تلك الفترة عمل أستاذاً زائراً في الجامعة الأردنية خلال الفصل الددراسي الثاني لعام 1977.

بقى يمارس التدريس في الجامعات حتى وفاته، حيث وهب نفسه لها وجعلها هدف حياته ليشارك في إعداد الجيل، حيث كان اذا توسم خيراً في فتى رعاه، ولم يقتصر نشاطه على المدن بل كان كثيراً ما يخرج مع فريق من الشبان إلى القرى للدعوة والتوعية.

انتُخب الأستاذ محمد المبارك عضوًا عاملًا في مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1961م، وصدر مرسوم تعيينه في 14 شباط 1961م، وأقيمت حفلة استقباله في الأول من شهر شباط 1962م.

نشاطه السياسي

في عام 1947م وبعد جلاء القوات الفرنسية عن سوريا ترك العمل الرسمي ورشَّح نفسه للنيابة، ففاز عن مدينة دمشق، وظلّ نائباً عنها ثلاث دورات متتالية حتى عام 1958م، وتولى الوزارة ثلاث مرّات من عام 1949 وحتى عام 1952؛ فكان وزيراً للأشغال العامة، ثمّ للمواصلات، ثمّ للزراعة.

كما شارك في تأسيس عدد من الجمعيات الإسلامية فعندما تأسست جمعية الشبان المسلمين في دمشق كان هو رئيسها، ولما أسس الدكتور مصطفى السباعي مدرسة الدعوة في دمشق سنة 1947/1948 كان المبارك يحاضر فيها هو والسباعي وثلة من الأساتذة المرموقين.

كما يعتبر محمد المبارك من مؤسسي جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وكان يمثلهم في البرلمان السوري، وكان الساعد الأيمن للسباعي ومستشاره السياسي والتنظيمي والاجتماعي. وكان دائماً عضواً في إدارة مركز دمشق أو رئيساً للإدارة، وكان يتناوب مع السباعي في إلقاء المحاضرات في المركز العام للإخوان في حي الشهداء بدمشق، أو في باب الجابية.

كان له دور في ترشيد الحركة الإسلامية، وتقديم النصح والمساعدة المادية والمعنوية من خلال عمله في ميدان الدعوة الإسلامية على الصعيدين الشعبي والثقافي. كما شارك في لقاءات إسلامية- مسيحية في الفاتيكان وفرنسا وإسبانيا ودول أخرى.

مؤلفاته

كما نشر الأستاذ محمد المبارك عددًا من المقالات في: مجلة الآداب، ومجلة الأديب، ومجلة الثقافة، ومجلة الرسالة، ومجلة المجلة، ومجلة المعرفة، ومجلة دعوة الحق-المغربية، ومجلة المسلم المعاصر، ومجلة البعث الإسلامي

وفاته

توفي يوم الخميس في 4 كانون الأول 1981م في المدينة المنورة، ودفن في البقيع.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !