أعلام وشخصياتعسكريون

شكري باشا الأيوبي

حاكم مدينة دمشق العسكري (2-9 تشرين الأول 1918)

شكري باشا الأيوبي
شكري باشا الأيوبي

شكري باشا الأيوبي (1851-1922)، ضابط سوري من دمشق، خَدَم في الجيش العثماني وكان مُدرّساً في كلية إسطنبول الحربية ثمّ مديراً للمدرسة العسكرية في دمشق. انتسب إلى الجمعية العربية الفتاة وسُجن في زمن الحرب العالمية الأولى، ليتم تحريره عشية سقوط الحكم العثماني في دمشق. شارك في الحكومة الانتقالية التي تسلّمت زمان الأمور برئاسة الأمير سعيد الجزائري، وفي 2-9 تشرين الأول 1918، سمّي حاكماً عسكرياً على دمشق ومن ثم في بيروت وأخيراً في حلب شمال البلاد.

البداية

ولِد شكري الأيوبي في دمشق وهو سليل أُسرة سياسية عريقة. تلقى علومه الأولية في مدارس دمشق الحكومية ثمّ في الكلية الحربية في إسطنبول. وعند تخرجه عام 1871 عُين مُدرّساً في الكلية الحربية في إسطنبول ثمّ في الكلية العسكرية بدمشق قبل تعيينه مديراً لها مع ترفيعه إلى رتبة أمير لواء في الجيش العثماني.

مع جمعية الفتاة

شارك الأيوبي في تأسيس جمعية الإخاء العربي العثمانية التي ظهرت في إسطنبول وانتسب سراً إلى الجمعية العربية الفتاة التي أُسست في باريس على يد مجموعة من الطلاب العرب سنة 1911. وتولّى مهمة إقامة فرع لها بدمشق، مُستغلاً الحصانة التي كان يتمتع بها كضابط رفيع في الجيش العثماني. أثارت تحركاته شكوك جمال باشا، قائد الجيش العثماني الرابع في سورية، الذي أمر باعتقاله مساء يوم 2 أيار 1916. نقل الأيوبي مخفوراً إلى سجن خان باشا بدمشق، بعد تسريحه من الجيش وطرده من وظيفته في الكلية الحربية.

في السجون العُثمانية

في مًذكّراته، يقول الرئيس فارس الخوري، الذي قضى أشهراً في نفس المُعتقل، أن شكري الأيوبي تعرض لأبشع أنواع التعذيب:

لم يتركوا نوعاً من أنواع التعذيب الجسدي إلّا وأقاموه به. قاموا بقلع أظافره وأدموا قدميه من الضرب، ثم وضعوا أغلالاً حديدية في رجليه وعلى منكبيه، وأكرهوه على التَّجوُّل تحت أثقالها في باحة السجن، وهو يرتدي بزة أمير لواء في الجيش العُثماني. كان يَصرخ في وجه السجّانين: “ليس العار عليّ بل عليكم أنتم أيها الأنذال!

ولم يكتفوا بهذا الحد من التعذيب والإهانة بل قاموا باعتقال أكبر أبنائه خالد الأيوبي، وهو ضابط شاب في الجيش العثماني، وأصغرهم فصيح الأيوبي. جُلد خالد الأيوبي 600 وأجبر على الوقوف 156 ساعة متواصلة، أملاً أن ينفع ذلك في انتزاع اعتراف من أبيه عن شركائه في العمل السرّي المناهض للدولة العثمانية. وعندما فشلت مساعيهم، اجتمع جمال باشا بالأيوبي وعَرض عليه الخروج من السجن والبراءة التامة من كل التهم الموجهة إليه، مع استعادة رتبته العسكرية والعودة وإلى عمله في الكلية الحربية، شرط أن إعطاء قائمة بأسماء جميع المنتسبين إلى الجمعية العربية الفتاة ولكنه رفض العرض وبقي سجيناً لغاية 26 أيلول 1918، يوم انسحاب آخر جندي عثماني عن دمشق.

ليلة سقوط الحكم العثمانية

هاجم الثوار سجن خان باشا وأطلقوا سراح شكري الأيوبي وأولاده، وكان يتقدمهم الشّيخ محمد الأشمر من حيّ الميدان والمُجاهد أحمد مريود من قرية جباتا الخشب في الجولان. توجه الأيوبي من سجنه إلى سجن القلعة، حيث أطلق بنفسه سراح أربعة آلاف سجين من العرب والسوريين، جميعهم مثله كانوا محتجزين بأمر عرفي من جمال باشا.

حكومة الأمير سعيد الجزائري

دعي الأيوبي يومها للمشاركة في الحكومة الانتقالية التي أُقيمت بدمشق برئاسة الأمير سعيد الجزائري، وفي 30 أيلول 1918، اجتمع بآخر مسؤول عُثماني في المدينة، هو المُفتش بهجت بك، وتسلّم منه مفاتيح السجون كافة وكل الثكنات العسكرية. ولكن الحكومة الانتقالية لم تستمر إلا أياماً معدودة فقط، وتمّت الإطاحة بها وعزل رئيسها من قبل الضابط البريطاني توماس لورنس (لورنس العرب). قال لورنس إن الأمير سعيد غير مفوّض ولا مخوّل بحكم دمشق، وبأن إدارة المدينة دمشق كان من المفترض أن تذهب إلى شكري الأيوبي، بحسب توجيهات الشريف حسين، قائد الثورة العربية الكبرى. وبناء عليه عُيّن الأيوبي حاكماً عسكرياً على دمشق يوم 2 تشرين الأول 1918.

حاكماً على بيروت والساحل

وبعدها بأسبوع، نُقل الأيوبي إلى بيروت، حاكماً عسكرياً ونائباً عن الأمير فيصل بن الحسين. توجه الأيوبي إلى عمله الجديد برفقة الضابط جميل الألشي، وقام برفع علم الثورة العربية فوق السراي الحكومي، مع تعيين الوجيه اللبناني حبيب باشا السعد، حاكماً مدنياً في بيروت. اعترضت فرنسا على تكليف الأيوبي، وقالت إن أن دولة لبنان الكبير كانت من حصتها وفق نظام المحاصصة المُثبت في اتفاقية سايكس بيكو. طلبت الحكومة الفرنسية إلى الإنكليز التدخل الفوري لعزل الأيوبي عن منصبه، فرضخ الأمير فيصل لطبهم وقام بنقله مجدداً – إلى حلب هذه المرة – ليكون حاكماً عسكرياً عليها. إكراماً له ولتضحياته الكبيرة، وللتعويض عن الطريقة المهينة التي سُحب فيها من بيروت، رافقه الأمير فيصل إلى حلب وأشرف بنفسه على تَسلّمه زمام الأمور فيها.

الوفاة

وبعد سقوط الحكم الفيصلي وفرض الانتداب الفرنسي على سورية، اعتزل شكري الأيوبي العمل السياسي وتوفي بدمشق عن عمر ناهز 71 عاماً سنة 1922.

المناصب

حاكم دمشق (2-9 تشرين الأول 1918)

 

 

المصدر
1. سامي مروان مبيّض. تاريخ دمشق المنسي (دار رياض نجيب الريّيس، بيروت 2015)، ص372. أحمد قدامة . معالم وأعلام في بلاد العرب (دمشق 1965)، 933. كوليت خوري. أوراق فارس الخوري، الجزء الأول (دمشق 1989)، 2154. نفس المصدر5. نفس المصدر6. نفس المصدر7. نفس المصدر، 2198. صبحي العمري. لورانس: الحقيقة والأكذوبة (دار رياض نجيب الريّس، لندن 1991)، 1909. نفس المصدر10. صبحي العمري. المعارك الأولى: الطريق إلى دمشق (دار رياض نجيب الريّيس، لندن 1991)، ص 29711. نفس المصدر12. نفس المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !