صبحي بن أحمد العمري (1898 – 29 أيلول 1973)، ضابط سوري من دمشق، خدم في الجيش العثماني وفي الثورة العربية الكبرى وشارك في معركة ميسلون مع وزير الحربية يوسف العظمة يوم 24 تموز 1920. ساهم في تأسيس الجيش الأردني سنة 1922 والجيش العراقي عام 1924، قبل عودته إلى سورية وتسلّمه قيادة الشرطة والأمن العام سنة 1946. انتُخب مشرعاً في الجمعية التأسيسية التي وضعت دستور عام 1950 وبعدها بست سنوات اعتقل بتهمة محاولة انقلاب فاشلة لصالح العراق في سورية، وبقي سجيناً حتى سنة 1960.
البداية
ولِد صبحي العمري في حي القنوات وهو سليل عائلة كبيرة يعود نسبها إلى الخليفة عمر بن الخطاب، وكان والده شيخ الطريقة الخلوتية في دمشق. درس في مدرسة بيروت العسكرية والتحق بالجيش العثماني الرابع عند تخرجه وعُيّن في مدينة غزة.
الثورة العربية الكبرى
انشق عن العثمانيين وانضم إلى الثورة العربية الكبرى بعد أشهر من اندلاعها، فحُكم عليه بالإعدام غيابياً واعتقل والده بدمشق. شارك في معظم معارك الثورة مع الشريف حسين بن علي وفي 3 تشرين الأول 1918، دخل دمشق مع ابنه، الأمير فيصل بن الحسين، معلناً تحريرها بالكامل من الحكم العثماني.
ضابطاً في الجيش الفيصلي
عينه الأمير فيصل قائداً لسرية رشاش وسط دمشق، مسؤولاً عن مناطق باب الجابية وسوق الحميدية وسوق مدحت باشا، وصولاً إلى ساحة المرجة. رافق الأمير فيصل أثناء زيارته إلى حلب وعُيّن بعدها قائداً لسرية رشاش بعلبك، قبل تكليفه بتدريب وتأهيل 150 خيالاً من فوج الدرك لمواجهة القوات الفرنسية. خاض معركة ميسلون مع وزير الحربية يوسف العظمة في 24 تموز 1920، والتي كانت نتيجتها سقوط الحكم الفيصلي وفرض الانتداب الفرنسي على سورية. استشهد يوسف العظمة يومها وهرب الملك فيصل إلى فلسطين، أما صبحي العمري فحُكم عليه بالإعدام من قبل الجنرال هنري غورو، المفوض السامي الفرنسي في سورية. كان هذا الحكم هو ثاني حكم إعدام بحقه منذ سنة 1917، قبل تجاوزه الثاني والعشرين من عمره.
ضابطاً في إمارة شرق الأردن 1921-1924
هرب العمري إلى مصر ثم إلى الحجاز ووصل مكة يوم 16 تشرين الأول 1920، ليضع نفسه مجدداً تحت تصرف الشريف حسين. بن عليّ. عينه الشريف حسين بمعية نجله الأمير عبد الله وطلب إليه مساعدته في تدعيم حكم الأسرة الهاشمية في إمارة شرق الأردن. وفي 1 أيلول 1921، سمّي العمري معاوناً لآمر القوة السيّارة بين عمّان وإربد، وطُلب إليه تأسيس فرقة موسيقى الجيش الأردني. وفي عمّان اصطدم مع الضباط البريطانيين المحيطين بالأمير عبد الله، فصدر قرار تسريحه من الجيش يوم 1 شباط 1924.
ضابطاً في الجيش العراقي 1924-1941
غادر الأردن متجهاً إلى العراق، الذي كان الملك فيصل قد ولّي حاكماً عليه منذ سنة 1921. وفور وصوله بغداد مُنح جواز سفر عراقي وعُيّن ضابطاً في الجيش المملكة الهاشمية العراقية. ولكن حظوته في العراق تراجعت بعد وفاة الملك فيصل عام 1933، ووجهت إليه اتهامات بالسعي لانقلاب عسكري ضد ابنه الملك غازي الأول. اعتُقل العمري ومثل أمام محكمة عسكرية في بغداد أمرت بترحيله إلى سورية، حيث كان لا يزال حكم الإعدام سارياً بحقه منذ سنة 1920. وعند وصوله الأراضي السورية، اعتُقل من قبل الفرنسيين ونُقل فوراً في سجن المية ميه القريب من صيدا.
العودة إلى دمشق
بقي العمري سجيناً طيلة عشرة أشهر، وعند إطلاق سراحه بعد إسقاط حكم الإعدام، قرر الاستقرار بدمشق. وفي سنة 1943 ومع انتخاب شكري القوتلي رئيساً للجمهورية، عُيّن مديراً للإعاشة ثم قائداً للشرطة والأمن العام ابتداء من 8 آب 1946، وذلك بعد أربعة أشهر من جلاء القوات الفرنسية عن سورية.
العمري وحسني الزعيم
في 29 آذار 1949، وقع انقلاب عسكري في سورية، قاده حسني الزعيم ضد رئيس الجمهورية. اعتقل القوتلي وحلّ المجلس النيابي بأمر من الزعيم، ودعُي العمري إلى مكتبه وعُرض عليه التعاون. ولكنه رفض ونصحه – بصفته ضابط متقاعد – بضرورة ابتعاد العسكر عن السياسة وعودة الجيش إلى ثكناته. أمسكه الزعيم من قميصه وقال: أنا لم أقم بانقلاب على القوتلي لأعود بالجيش إلى ثكناته.”
دستور عام 1950
غاب العمري عن المشهد أثناء الأشهر المعدودة التي قضاها حسني الزعيم في الحكم، وبعد الانقلاب عليه ومقتله في 14 آب 1949، ترشح لعضوية الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع دستور جديد للبلاد، بدلاً من دستور عام 1928 الذي كان الزعيم قد عطله. فاز صبحي العمري في هذه الانتخابات وشارك في كتابة دستور عام 1950
المؤامرة العراقية
تفرغ بعدها للعمل التجاري وأسس مع شقيقه شركة لاستيراد السيارات والمعدات الثقيلة. اعتقل مجدداً لمعارضته حكم أديب الشيشكلي سنة 1953 وكان الاعتقال الثالث والأخير سنة 1956، عند اتهامه بالضلوع في محاولة انقلاب عسكري، بتخطيط وتمويل من أجهزة المخابرات العراقية. كان ذلك بعد عودة شكري القوتلي إلى الحكم وتخالفه مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر.
جاء في قرار الاتهام أن العمري ورفاقه أرادوا تشكيل قوة عسكرية في لبنان لتعبر الحدود مع سورية وتقوم بسلسلة اغتيالات ضد شخصيات محسوبة إما على مصر أو الاتحاد السوفيتي، مثل رئيس مجلس النواب أكرم الحوراني ومدير المكتب الثاني عبد الحميد السراج. إضافة لصبحي العمري، شملت الاعتقالات عدداً كبيراً من الشخصيات، مثل منير العجلاني وسامي كبارة، والدكتور عدنان الأتاسي، ابن الرئيس السابق هاشم الأتاسي. وبعد محاكمة علنية على مدرّج الجامعة السورية، بثت جلساتها مباشرة عبر أثير إذاعة دمشق، أدينوا بالخيانة العظمى وحُكم عليهم بالإعدام. توسط عدد من الزعماء العرب لأجلهم، وفي مقدمتهم الملك الأردني الحسين بن طلال، فتم تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد.
بقي صبحي العمري في سجن المزة لغاية عام 1960، عندما صدر أمر بنقله إلى الإقامة الجبرية في القاهرة في زمن الوحدة السورية – المصرية. وعشية انقلاب الانفصال يوم 28 أيلول 1961، رحلّهم عبد الناصر مع رفاقه إلى لبنان وأعطوا اللجوء السياسي من الرئيس اللبناني فؤاد شهاب.
الوفاة
عاد صبحي العمري إلى سورية سنة 1971، إبان صدور عفو عنه من الرئيس حافظ الأسد، ولكنه اعتزل السياسية من يومها اعتزالاً كاملاً وتوفي بعدها بسنتين، يوم 29 أيلول 1973.
مذكرات صبحي العمري
وضع العمري مذكرات من ثلاثة أجزاء، نشر الأول منها عن دار النهار سنة 1969 وكانت بعنوان لورانس كما عرفته. وبعد وفاته بسنوات طويلة، أعيدت طباعتها في دار رياض نجيب الريس سنة 1991، مع جزئها الثاني المعارك الأولى: الطريق إلى دمشق والثالث الذي حمل عنوان ميسلون: نهاية عهد. وفي عام 2018، نشر الباحث والمؤرخ السوري سعد فنصة سيرة صبحي العمري في كتاب صبحي العمري: الأوراق المجهولة الذي صدر في العاصمة الأميركية واشنطن.
المناصب
قائد للشرطة وأمن عام (آب – كانون الأول 1946)
- سبقه في المنصب: عارف النكدي