صبحي بركات الخالدي (1882 – 28 تموز 1949)، سياسي سوري من مدينة أنطاكية، عُيّن رئيساً للحكومة في حزيران 1922 ثم رئيساً لدولة الاتحاد السوري في شهر كانون الأول، ورئيساً للدولة السورية في الفترة ما بين 1 كانون الثاني – 21 كانون الأول 1925. شهد عهده توحيد دويلات دمشق وحلب وجبال العلويين في نظام حكم فيدرالي، واندلاع الثورة السورية الكبرى سنة 1925. ترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية سنة 1932 وكان رئيساً للبرلمان السوري في عهد رئيس الجمهورية محمد علي العابد حتى سنة 1933.
البداية
ولِد صبحي بركات في مدينة أنطاكية وهو سليل عائلة سياسية عريقة يعود نسبها إلى الصحابي خالد بن الوليد. كان والده رفعت آغا عضواً في مجلس المبعوثان العثماني، وقد درس بركات في مدارس أنطاكية وفي المدرسة الملكية الشاهانية في إسطنبول. انتُخب نائباً في المؤتمر السوري العام سنة 1919، وانضم إلى الثورة المسلّحة التي اندلعت في شمال سورية ضد القوات الفرنسية، بقيادة زميله النائب إبراهيم هنانو.
رئيساً لدولة الاتحاد السوري (1922-1924)
حمل صبحي بركات السلاح في وجه فرنسا في أيار 1919 قبل أن يَعدل عن المسار المسلّح ويعلن عودته إلى الحياة السياسية بعد فرض الانتداب الفرنسي على سورية في تموز 1920. قسّمت فرنسا البلاد السورية إلى دويلات صغيرة (دولة دمشق – دولة حلب – جبل العلويين – دولة جبل الدروز)، وأعطت منطقة لواء إسكندرون نظاماً إدارياً خاصاً بها. بدعم من صديقه الجنرال هنري غورو، مندوب فرنسا الدائم في سورية ولبنان، انتُخب صبحي بركات عضواً في مجلس دولة حلب النيابي، وفي سنة 1922 فاز بعضوبة البرلمان المركزي بدمشق.
في صيف العام 1922، قررت سلطة الانتداب تعديل نظام الدويلات ودمج ثلاثة منها في كيان سياسي جديد، أُطلق عليه اسم اتحاد الدول السورية، وقد ضمّ كلاً من دولة دمشق ودولة حلب ودولة جبل العلويين. وفي 11 كانون الأول 1922، انتُخب صبحي بركات رئيساً لدولة الاتحاد، ما أغضب الدمشقيين كثيراً لأنه من أنطاكية وليس من دمشق ولأن عاصمة دولته كانت في حلب وليس بدمشق.
إرضاءً لأهالي دمشق، قام الرئيس بركات بنقل عاصمة دولة الاتحاد إلى دمشق، وعيّن عدداً من أعيان المدينة في مناصب رفيعة، مثل عطا الأيوبي الذي سمّي مديراً للداخلية، ومحمد علي العابد الذي عُيّن مديراً للمالية. وقد جاء بالوجيه الدمشقي سامي باشا مردم بك نائباً لرئيس دولة الاتحاد. ودُمِجت كلّيّتا الطب والحقوق في مؤسسة تعليمية واحدة سنة 1923، سمّيت الجامعة السورية، قبل أن يتحوّل اسمها إلى جامعة دمشق في زمن الوحدة السورية – المصرية سنة 1958. وقد عيّن رئيسها المؤسس الدكتور رضا سعيد وزيراً للمعارف في حكومته الثانية.
ألغى صبحي بركات جميع الامتيازات الممنوحة للدول الأجنبية على الأراضي السورية، وفي 1 آب 1924، وقّع اتفاقاً مع الحكومة اللبنانية لإنشاء مصرف سورية ولبنان، الذي صدرت عنه أول عملة ورقية سورية. واستثمر الرئيس بركات في التعليم وأقر أول قانون سير في سورية، حيث وضعت بموجبه إشارات المرور اليدوية في معظم شوارع المدن الرئيسية.
رئيساً للدولة السورية (1925)
في نهاية عام 1924 تم استُبدل الاتحاد الفيدرالي بنظام جديد حمل اسم “دولة سورية،” دُمِجت فيه دولتا دمشق وحلب، مع الإبقاء على استقلالية دولة العلويين ودولة الدروز. أصبح صبحي بركات رئيساً للدولة السورية ابتداء من 1 كانون الثاني 1925، ليحكم البلاد من دون دستور أو أي انتخابات، متخذاً شرعيته من سلطة الانتداب الفرنسي. بعد أشهر قليلة من توليه المنصب، اندلعت الثورة السورية الكبرى وقُصفت العاصمة دمشق في 18 تشرين الثاني 1925. احتجاجاً على العدوان الفرنسي استقال صبحي بركات من منصبه مساء يوم 21 كانون الأول 1925. كانت استقالته سابقة في حياة سورية السياسية، وقد تكررت مع كل من الرئيس أحمد نامي عام 1928 والرئيس محمد علي العابد عام 1936 والرئيس هاشم الأتاسي عام 1939.
انتخابات 1932
عاد صبحي بركات إلى الحياة السياسية بعد مدّة قصيرة من استقالته، عند انتخابه مشرّعاً في الجمعية التأسيسية التي وضعت دستور سورية الجمهوري الأول سنة 1928. أسس جريدة “الزمان” الناطقة باسمه وفي عام 1932 خاض الانتخابات النيابية مجدداً على رأس قائمة “الدستوريين الأحرار،” التي فازت بثمانية وعشرين مقعداً من مقاعد البرلمان السوري، ما جعله رئيس أكبر كتلة نيابية في سورية. انتُخب بعدها رئيساً للبرلمان وترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية في 11 تموز 1932، ضد هاشم الأتاسي (ممثل الكتلة الوطنية) والمرشح المستقل محمد علي العابد. خسر بركات هذه الجولة، وذهبت رئاسة الجمهورية إلى محمد علي العابد، وهو وزير سابق في دولة الاتحاد السوري، وكان صبحي بركات قد تزوج من ابنته ليلى لفترة وجيزة سنة 1924.
معاهدة الصداقة السورية – الفرنسية سنة 1933
كانت انتخابات عام 1932 فاصلة في حياة صبحي بركات السياسية وقد نتج عنها فراق نهائي بينه وبين الفرنسيين. وعندما طرحت فرنسا اتفاقية صداقة مع الجمهورية السورية في 21 تشرين الثاني 1932، تحالف بركات مع خصومه في الكتلة الوطنية وقام بإجهاضها. ردّت سلطة الانتداب بحلّ المجلس النيابي وإعفاء الرئيس بركات من منصبه، ولكنه عاد وأصدر بياناً مؤيداً للإضراب الستيني الذي أطلقته الكتلة الوطنية في كانون الثاني 1936، بصفته “رئيساً لمجلس نواب سورية.” وقد فكّر جميل مردم بك جدياً في دعوته للانضمام إلى الكتلة الوطنية، ولكنّه قرر العودة إلى مسقط رأسه في أنطاكية، معلناً اعتزاله العمل السياسي.
الوفاة
توفي صبحي بركات الخالدي في إسطنبول عن عمر ناهز 67 عاماً في 28 تموز 1949، بعد إصابته بسرطان الدم.
الزواج والعائلة
تزوج الرئيس بركات سنة 1924 من ليلى العابد، كريمة وزيره محمد علي العابد وحفيدة الوجيه والسياسي الدمشقي عزت باشا العابد، كبير أمناء السلطان عبد الحميد الثاني. عُقد قرانهما في قصر جدّ العروس، بحضور عدد من رجالات الدولة السورية وضيوف كبار من تركيا ومصر. ولكنّ هذا الزواج لم يستمر طويلاً، وتزوج بركات مرة ثانية من كريمة الوجيه التركي رشدي بك، وكانت إحدى شقيقات زوجته متزوجة من وجيه من عائلة الصلح اللبنانية، ولها أخت ثانية متزوجة من آل مؤيد العظم. وقد رزق صبحي بركات منها بابنتين، تزوجت الكبرى، سهيلة، من نجل السياسي التركي رفيق كورالتان، الذي أصبح رئيساً للبرلمان التركي سنة 1950. أمّا ابنته الثانية زهراء فقد تزوجت من السفير وحيد خلف أوغلو، الذي كان وزيراً للخارجية في بلاده سنة 1980.
المناصب
رئيساً للحكومة (28 حزيران 1922 – 21 كانون الأول 1925)
رئيساً لدولة الاتحاد السوري (11 كانون الأول 1922 – 31 كانون الأول 1924)
- سبقه في المنصب: لا يوجد
- خلفه في المنصب: أُلغي المنصب
رئيساً للدولة السورية (1 كانون الثاني – 21 كانون الاول 1925)
- سبقه في المنصب: لا يوجد
- خلفه في المنصب: أحمد نامي
رئيساً للبرلمان السوري (11 حزيران 1932 – 22 تشرين الثاني 1933)
- سبقه في المنصب: لا يوجد
- خلفه في المنصب: فارس الخوري (سنة 1936)