
محمّد عطا الله الكسم (1844 – 7 آب 1938)، عالم دين وفقيه دمشقي، شغل منصب مفتي الديار الشّامية من عام 1918 حتى وفاته عام 1938. عارض إعدامات جمال باشا في 6 أيار 1916، وتسلّم منصبه في مطلع عهد الملك فيصل الأول، خلفاً للمفتي محمد أبو الخير عابدين. سعى إلى إحياء الخلافة الإسلامية بعد إلغائها في إسطنبول عام 1924، وكان عضواً في جمعية الهداية الإسلامية. وهو والد عبد الرؤوف الكسم، رئيس وزراء سورية في ثمانينيات القرن العشرين.
البداية
ولِد عطا الله الكسم بدمشق وهو سليل عائلة علمية يعود نسبها إلى رابع الخلفاء الراشدين عليّ بن أبي طالب. دَرَس الفقه الإسلامي في دمشق على يد أبرز علماء عصره، من أمثال الشّيخ عبد الله الركابي، والسكري و الشّيخ سليم العطار (مُدرّس البخاري في جامع سليمان باشا). بدأ حياته كمدرس في مكتب عنبر، وألقى الدروس الدينية في الجامع الأموي، حيث تتلمذ على يده عدد من العلماء، منهم الشّيخ عارف الجويجاتي، والشيخ عارف الصواف الدوجي، والشّيخ عبد الرزاق الحفّار.
موقفه من شهداء 6 أيار 1916
خلال الحرب العالمية الأولى عُين الكسم عضواً في مجلس ولاية سورية، وطُلب منه تأييد أحكام الإعدام الصادرة بحق مجموعة من المثقفين والسياسيين الذين أعدموا في ساحة المرجة بدمشق يوم 6 أيار 1916. وعلى الرغم من أن الإعدامات نُفّذت بأمر من جمال باشا، قائد الجيش العثماني الرابع في سورية، إلا أن الشيخ عطا الله الكسم رفض التصديق عليها ومباركتها، معتبراً أن المعتقلين وقعوا ضحايا مؤامرة دولية ضد الإسلام، دبرتها دول أوروبية. كما حذّر من خطورة إعدامهم نظراً لمكانتهم المرموقة في المجتمع السوري، قائلاً إن ذلك سيضر بمصالح الدولة العثمانية.
مفتياً على الديار الشامية
بعد سقوط دمشق بيد الحلفاء في 1 تشرين الأول 1918، عُيّن الشيخ الكسم رئيساً للجنة الأوقاف. قرر الأمير فيصل عزل المفتي أبي الخير عابدين بسبب موقفه المعارض للثورة العربية الكبرى التي أطاحت بالحكم العثماني. وفي 11 أيار 1919، نُصّب الكسم مفتياً عاماً على الديار الشّامية، خلفاً للشيخ عابدين الذي عزل بأمر من الأمير فيصل.
معركة ميسلون
في 8 آذار 1920، أشرف المفتي الكسم على مراسيم تتويج الأمير فيصل ملكاً على سورية، وعندما رفضت فرنسا الاعتراف بشرعية حكمه وزحفت قواتها نحو دمشق، دعا الكسم إلى جهادٍ مقدس لمواجهتها. لعب دوراً محورياً في جمع التبرعات، وجال بنفسه على المدن السورية برفقة وزير الحربية يوسف العظمة، لحث الشباب على التطوع في الجيش السوري. على يده تَطوّع العشرات من أئمة المساجد والخطباء للمشاركة في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920. استشهد العظمة ودخلت القوات الفرنسية دمشق لفرض الانتداب على سورية. رغم معارضته الشديدة للانتداب، بقي الكسم في منصبه، إذ لم يتمكن المندوب السامي هنري غورو من عزله، نظراً لمكانته الاجتماعية الرفيعة.
نشاطه في زمن الانتداب الفرنسي
وفي آذار 1924، شارك الكسم في تأسيس جمعية الخلافة الإسلامية، التي هدفت إلى إعادة إحياء منصب الخلافة بعد إلغائه في إسطنبول خلال حكم كمال أتاتورك. كما انضم إلى جمعية الهداية الإسلامية التي أسسها تلميذه الشيخ محمود ياسين، وحضر حفل إشهارها في مقر مجمع اللغة العربية. ترأس محمود ياسين الجمعية، وأهتم بتعليم الأُميين والأيتام في مدرسة خاصة، لكن سلطات الانتداب أغلقتها بسبب نشاطها الوطني.
الوفاة
تُوفي المفتي الشيخ عطا الله الكسم في دمشق يوم 7 آب 1938 عن عمر ناهز 94 عاماً. نعاه رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي وأمين الفتوة الشيخ عبد المحسن الأسطواني، الذي رثاه بقصيدة مطلعها:
ضَريحٌ للفَضَــائـل والمَحَــامـد بــه رُكْنُ الـتُّـقى والعلْـم راقــدْ
جليل القَــدْر مفتي الشّـام كَـنْـزٌ من المُختــار من دُرَر الفرائــدْ
مؤلفاته
ألف الشيخ الكسم عدداً من الكتب، كان أبرزها الأقوال المرضية في الرد على الوهابية، الذي صدر في مصر سنة 1901.
الأولاد
اشتهر ثلاثة من أبناء عطا الله الكسم:
- الدكتور بديع الكسم (مفكر قومي وأحد مؤسسي حزب البعث)
- الدكتور عبد الرؤوف الكسم (رئيس وزراء سورية 1980-1987)
- الدكتور بدر الكسم (موظف في الأمم المتحدة ومؤلف أبحاث قانونية سياسية)
المناصب
مفتي سورية (11 أيار 1919 – 7 آب 1938)
- سبقه في المنصب: محمد أبو الخير عابدين
- خلفه في المنصب: محمد شكري الأسطواني