نقطة الحليب، جمعية خيرية تأسست بدمشق على يد نخبة من السيدات السوريات سنة 1922، رداً على ارتفاع نسبة الوفيات بين الأطفال الرضع الناتج عن شربهم حليب غير معقم وغير ممدد. هدفت الجمعية بشكل رئيسي إلى جمع وتعقيم حليب الأبقار قبل تعبئته وتوزيعه على الأطفال، وقد وصفت رئيسة الجمعية فائقة العظم نشاطها بالقول: “كانت بمثابة مطبخ كبير يتم فيه غلي الحليب وتعبئته ثم توزيعه.”
البداية
وضع حجر أساس الجمعية من قبل زهراء اليوسف، شقيقة أمير الحج عبد الرحمن باشا اليوسف وزوجة السفير الأسبق في واشنطن محمد علي العابد، الذي أنتُخب رئيساً للجمهورية سنة 1932 وباتت زوجته من يومها سيدة سورية الأولى. انتخبت اليوسف أول رئيس مجلس إدارة في الجمعية وكانت تقدم الحليب الطازج من مزارع أسرتها في غوطة دمشق. وقد تشارك معها في مرحلة التأسيس كل من زينب العظم وجيدة المؤيد العظم وفائقة العظم ونجلاء العظم وأسماء العظم وماريا العظم وحفظة الأيوبي وسنية بنت عطا الأيوبي وفائزة اليوسف أرملة عبد الرحمن باشا اليوسف، ووجيهة اليوسف حرم الوجيه حسين إيبش.
تبرعن بأموالهن لبناء مقر الجمعية في منطقة السنجقدار، على أرض قدمت مجاناً لهم من حكومة الرئيس حقي العظم. وقد تولّت ماريا العظم الإشراف على عمليات البناء بنفسها، وقد تألف مقر الجمعية من بناء ذو طابقين وسلسلة من المحلات التجارية يتم تأجيرها لتأميم دخل منظم وثابت للجمعية.
صدامات أيار 1944
أرادت السيدات القيام بنشاط يشبه ما كانت تقوم به الجمعيات الخيرية بفرنسا، فأعلنوا عن حفل فني لجمع التبرعات، أطلق عليه اسم “حفلة الأسرة البيضاء.” أصبح هذا الحفل عرفاً سنوياً وفي أيار 1944 حصلت صدامات دامية بسببه في شوارع دمشق عند اعتراض الشيخ محمد الأشمر على إقامة الحفل بنادي الشرق، تحت رعاية زوجة الجنرال جورج كاترو، ممثل الجنرال شارل ديغول في سورية. طالب المشايخ من وزير الداخلية لطفي الحفار إلغاء الحفل، بعد تزايد الكلام عن حضور نخبة من السيدات إلى الفاعلية سافرات الرأس، ولكنّ الحفار رفض الاستجابة. تعاون الشيخ محمد الأشمر مع مشايخ دمشق على توحيد خطب الجمعة ضد نشاط الجمعية وخرجت مظاهرات كبيرة من الجوامع، أطلق فيها النار وسقط قتيلان من المتظاهرين. مع ذلك أصرّت الجمعية على المضي بالحفل الخيري، مدعومة من قبل الوزير لطفي الحفار ورئيس الحكومة سعد الله الجابري.
نشاط الجمعية قديماً
عملت جمعية نقطة الحليب عند تأسيسها على تقديم الحليب المعقم في زجاجات تكفي الطفل قوت يومه. وكانت الجمعية عبارة عن مطبخ كبير يتم فيه تعقيم زجاجات التعبئة وتوزيعها على الأهالي المحتاجين بشكل يومي. وفي مطلع عهد الاستقلال أنشأ مستوصف خاص بالجمعية، بمساعدة من وزارة الصحة السورية، تولّى إدارته الدكتور يوسف عرقتنجي، أمين عام الوزارة.
نشاط الجمعية حالياً
يتوزع عمل الجمعية في إطارين أساسيين، أولهما مستوصف الجمعية، وثانيهما مركز التدخّل المبكّر.
أما مستوصف الجمعية فيقدم الخدمات التالية:
- تقديم الحليب المجفف للطفل في حال الحاجة، منذ الولادة إلى السنة والنصف من عمره، ويبقى تحت الرقابة إلى سن الأربع سنوات.
- متابعة الأمراض العظمية والأذينة من خلال أخصائيين.
- إجراء الفحوصات المخبرية والتخطيطية والاستشارية.
- العناية الطبية بالأطفال المعاقين.
- اجراء العمليات الجراحية التي تتم في معظمها داخل مشاف خاصة.
- المعالجة الفيزيائية التي يقوم بها معالجون فيزيائيون متطوعون.
أما مركز التدخّل المبكّر فقد كان بالأساس مركزاً استشارياً يقوم على تقديم النصائح والتوجيهات الطبية النظرية لأهالي المعاقين، إلا أنه تحول عملها على حد قول السيدة فائقة العظم بفعل التعاون مع السفارة الاسترالية وممثلي منظمة اليونيسيف من النظري إلى الميداني، فأصبحت خدماته تمتد إلى:
- الخدمات التشخيصية التي يقوم بها أخصائيون في الأمراض العصبية، والنفسية.
- الخدمات السمعية والنطقية العضوية، حيث يعلم المركز الأطفال من ذوي الإعاقة السمعية والنطقية كيفية التواصل مع الآخرين بإشراف أخصائيين. كما يعلم المركز على تصحيح النطق للأطفال الذين لديهم إعاقة عقلية، واضطرابات سلوكية.
- خدمات التنمية الفكرية وذلك من خلال خبيرة إعاقة حاملة لشهادة علم نفس تقييم الأطفال تعمل على تنمية الأطفال وتوجيه أهاليهم إلى الوسائل والطرق الصحيحة لتنمية أطفالهم فكرياً واجتماعياً.
- تقديم الاستشارة الوراثية للأبوين الذين لديهم أطفال معاقين، فترسل الأب و الأم لإجراء الفحوص اللازمة من أجل معرفة الأسباب التي أدت إلى إنجاب أطفال معوقين فكرياً أو عضوياً.
أشهر من تسلم إدارة الجمعية
- زهراء اليوسف
- ماريا العظم
- سنية الأيوبي
- نجاح العمري
- منيرة العظم