أدباء وكتابأساتذة وتربويونأعلام وشخصياتأعيان

محمد كرد علي

الرئيس المؤسس لمجمع اللغة العربية (1919-1953)

محمد كرد علي
محمد كرد علي

محمد بن عبد الرزاق كرد عليّ (1876 – 2 نيسان 1953)، كانت ومؤرخ وصحفي وناشر سوري من دمشق، أسس مجلّة المقتبس الشهيرة في القاهرة قبل نقلها إلى دمشق وإصداؤها مع صحيفة يومية حملت نفس الاسم سنة 1909، هو الرئيس المؤسس لمجمع اللغة العربية بدمشق منذ سنة 1919 وحتى وفاته عام 1953. تولّي حقيبة المعارف في زمن الانتداب الفرنسي وكان مرشحاً لرئاسة الجامعة السورية عند تأسيسها سنة 1923، وله الكثير من الكتب والأبحاث التاريخية عن تاريخ دمشق، من أبرزها خطط الشّام الموسوعي الصادر في منتصف العشرينيات.

البداية

ولِد محمد كرد عليّ في دمشق وهو سليل أسرة كردية متواضعة يعود أصلها إلى السليمانية. وكان والده رجلاً بسيطاً، عمل خياطاً ثم تاجراً صغيراً وتمكن من شراء قطعة أرضٍ زراعية لأسرته في غوطة دمشق. دَرَس كرد عليّ في مدرسة الحبّال بحيّ القيمرية وفي مدرسة الآباء العازاريين في منطقة باب توما ثمّ في المدرسة الرشدية العسكرية.  تتلمذ علي يد شيوخ عصره من أمثال الشيخ سليم البُخاري والشّيخ طاهر الجزائري، وبدأ حياته المهنية كاتباً في ديوان الشؤون الأجنبية قبل تعينه رئيساً لتحرير جريدة الشّام الأسبوعية الصادرة عن مجلس ولاية سورية سنة 1897.

محمد كرد علي في شبابه
محمد كرد علي في شبابه

جريدة المقتبس

عمل في جريدة الشّام طيلة ثلاثة سنوات، وكان ينشر الأبحاث التاريخية والأدبية في مجلّة المقتطف المصرية. سافر إلى القاهرة سنة 1901 ولازم الشّيخ محمد عبده وحضر مجالسه، وعُيّن رئيساً لتحرير جريدة “الرائد” المصري. وفي مصر أنشأ محمد كرد عليّ مجلّة المقتبس الشهرية وأصبح رئيساً لتحرير جريدة “الظاهر” اليومية ومديراً لجريدة المؤيد حتى سنة 1908.

عندما عاد إلى دمشق على إثر انقلاب جمعية الاتحاد والترقي على السلطان عبد الحميد الثاني بعدما وعد الاتحاديون بإعادة العمل بالصحافة الحرة في البلاد. استثمر كرد عليّ بهذا الوعد وأطلق مع شقيقه أحمد كرد عليّ جريدة المقتبس في 17 كانون الأول 1908. ولكن عمله الصحفي توقف بسبب المضايقات التي تعرض لها من قبل السلطات العثمانية. أوقفت المقتبس بقرار إداري من الدولة العثمانية وسافر صاحبها إلى باريس وعاش فيها ينقّب عن أمهات الكتب التاريخية والاجتماعية والأدبية، والتقى بعض ساستها ومفكريها. زار إيطاليا وسويسرا والمجر، وقد كتب عن هذه الرحلة 35 مقالة نُشرت لاحقاً في كتاب غرائب الغرب الصادر سنة 1901.

تأسيس مجمع اللغة العربية

عاد إلى دمشق عشية انسحاب القوات العثمانية سنة 1918 واستئنف إصدار المقتبس مع مبايعة الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على سورية. وفي 12 شباط 1919، صدر مرسوم تعيينه رئيساً لديوان المعارف للنظر في أمور الترجمة والنشر في سورية، وكلّف بتأسيس دار للآثار والإشراف على المكتبات الدمشقية، ولا سيما المكتبة الظاهرية. نظراً لأعباء هذا المنصب الحساسة اقترح على الأمير فيصل فصل بعض صلاحيات ديوان المعارف وإلحاقها بمجمعٍ مخصص للغة العربية، هدفه العناية باللغة وحفظها وتطويرها. صدر مرسوم مجمع اللغة العربية وفي جلسته الأولى في المكتبة العادلية في منطقة باب البريد يوم 30 تموز 1919 انتخب محمد كرد عليّ أول رئيساً له.

محمد كرد علي يتوسط أعضاء مجمع اللغة العربية سنة 1919.
محمد كرد علي يتوسط أعضاء مجمع اللغة العربية سنة 1919.

وفي سنة 1921 أصدر كرد عليّ مجلّة مجمع اللغة العربية وكتب افتتاحية عددها الأول. وصلت عدد مشاركاته في مجلة المجمع في الفترة ما بين 1920-1953 إلى 519 مقالاً علمياً، ليكون أكثر الكتّاب نشراً في المجلّة. كما ألقى أربعة وستين محاضرة في ردهة المجمع، تنوعت مواضيعها في مختلف الشؤون التاريخية:

وفي سنة 1932 أُنشئ مجمع اللغة العربية في القاهرة واختير محمد كرد عليّ عضواً عاملاً فيه.

محمد كرد علي
محمد كرد علي

وزيراً في زمن الانتداب الفرنسي

وبعد انتهاء العهد الفيصلي وفرض الانتداب الفرنسي على سورية، سمّي محمد كرد علي وزيراً للمعارف في حكومة جميل الألشي الأولى يوم 6 أيلول 1920، والتي تم في عهدها تقسيم سورية إلى دويلات. وفي حكومة حقي العظم الأولى نهاية العام 1920، جدد له في وزارة المعارف ولكنّه استقال في 10 آذار 1922 لعدم قدرته على تحمل أعباء الوزارة والمجمع معاً. اختاره الشّيخ تاج الدين الحسني ليكون وزيراً للمعارف في حكومته الأولى سنة 1928، حيث أنشأ مجلس التعليم لمراقبة المناهج وسير العملية التعليمية في المدارس السورية. قرر هذا المجلس إلحاق الجامعة السورية بوزارة المعارف، لتفقد الاستقلالية التي كانت تتمتع بها منذ تأسيسها وتصبح تابعة للحكومة السورية من يومها. واتخذر قراراً يومها بإعلاق المقتبس بشكل نهائي، بعد أشهر من وفاة أخيه أحمد وعدم قدرته تحمل أعباء الإدارة الصحفية وحده.

مدرساً في جامعة دمشق

ترشّح محمد كرد عليّ لرئاسة الجامعة السورية عند تأسيسها سنة 1923 وكانت المنافسة بينه وبين عميد كلية الطب الدكتور رضا سعيد وعميد كلية الحقوق عبد القادر العظم.  وقع الاختيار على رضا سعيد ليكون أول رئيسٍ للجامعة وعُيّن كرد عليّ أستاذاً لمادة اللغة العربية في كلية الحقوق.

مؤلفاته

خلال مسيرته الطويلة وضع محمد كرد عليّ عدداً من الدراسات والأبحاث التاريخية والأدبية، كان أولها يتيمة الزمان في قبعة ليفمان” وهي رواية مترجمة صدرت في مصر سنة 1894. وقد تلاها:

وفي سنة 2017 جمع الباحث محمد مطيع الحافظ بعض مقالات الأخوين محمد وأحمد كرد عليّ في كتاب حوادث دمشق اليومية من 17 كانون الأول 1908 وحتى 29 كانون الأول 1909.

الوفاة والتكريم

توفي محمد كرد علي عن عمر ناهز 77 عاماً في 2 نيسان 1953 وسمّي شارع في كل من دمشق وحلب باسمه كما أُطلق اسم “محمد كرد عليّ” على مدرسة حكومية في منقطة القدم بريف دمشق تكريماً له وتقديراً لما قدمه من خدمات أدبية وعلمية. وفي مئويته الأولى سنة 1976 أصدرت الدولة السورية طابعاً يحمل رسم محمد كرد عليّ.

المناصب

رئيساً لمجمع اللغة العربية (30 تموز 1919 – 2 نيسان 1953)
وزيراً للمعارف (6 أيلول – 10 آذار 1922)
وزيراً للمعارف (15 شباط 1928 – 11 حزيران 1932)
المصدر
1. مروان البحيري. الحياة الفكرية في المشرق العربي 1890-1939 (باللغة الإنكليزية، الجامعة الأمريكية في بيروت 1981)، 1412. مروان البواب. أعلام مجمع اللغة العربية بدمشق في مئة عام 1919-2019 (مجمع اللغة العربية بدمشق 2019)، 21-273. نفس المصدر4. محمد كرد علي. المذكرات، الجزء الأول (دمشق 1948)، 51-535. محمد كرد علي. حوادث دمشق اليومية (دار طيبة، دمشق 2017)، 7-86. مروان البواب. أعلام مجمع اللغة العربية بدمشق في مئة عام 1919-2019 (مجمع اللغة العربية بدمشق 2019)، 21-277. نفس المصدر8. سامي مروان مبيّض. تاريخ دمشق المنسي (دار رياض نجيب الريّس، بيروت 2015)، 1739. نفس المصدر، 174.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !