فنانون

حكمت محسن

قاص شعبي وأحد رواد الدراما السورية

حكمت محسن
حكمت محسن

حكمت بن مصطفى محسن (1910- 19 تشرين الثاني 1968)، فنان وقاص شعبي سوري من دمشق، وضع أساسات الدراما الإذاعية في سورية وعُرف بشخصية “أبو رشدي” الشعبية. أشهر أعماله كانت مسرحية “صابر أفندي” سنة 1958، من بطولة عبد اللطيف فتحي، ومسرحية “يوم من أيام الثورة السورية” التي عُرضت ضمن فعاليات معرض دمشق الدولي سنة 1961. شكل ثلاثي فني في إذاعة دمشق مع فهد كعيكاتي وأنور البابا في مرحلة الخمسينيات، وله من التمثيليات الإذاعية ما تم تحويله إلى مسلسلات تلفزيونية بعد بدأ بث التلفزيون السوري سنة 1960.

البداية

ولد حكمت محسن في إسطنبول لأم سورية وأب تركي كان عضواً في جمعية الاتحاد والترقي المعارضة لحكم السلطان عبد الحميد الثاني. اعتقل الأب وهربت أسرته إلى دمشق حيث ولد حكمت محسن سنة 1910 بعد قرابة السنة من خلع عبد الحميد الثاني عن العرش. عانت العائلة من ضيق مادي شديد، فأجبر محسن على ترك المدرسة والعمل في مهن مختلفة، في الخياطة والنجارة وتنجيد المفروشات، حتى أنه عمل ماسح أحذية في شوارع دمشق.

مسيرته الفنية

زارت فرقة أمين عطا الله دمشق في مطلع العشرينيات وتمكن محسن من جمع مبلغ من المال لحضور إحدى عروضها المسرحية. أبهره عالم المسرح توسّل لدى أمين عطا الله للعمل معه، ولو بأجر رمزي، فقبل الأخير وتعاقد معه كممثل “كومبارس” سافر معه محسن إلى بيروت وبعلبك قبل أن يشد الرحال إلى مصر، حيث شاهد تطور المسرح في القاهرة وتعلم منه الكثير. وعند عودته إلى دمشق، أسس فرقة مسرحية خاصة به مع عدد من الفنانين الهواة. بدأت فرقته بعرض أعمال كوميدية بسيطة في حارات دمشق، معظم قصصها مأخوذة من التراث الشعبي، وبعد سنوات من العمل المجاني، حصل حكمت محسن على فرصة للوقوف على خشبة مسرح العباسية الشهير وسط دمشق، في أول تجربة احترافية له.

ولكنه تعرض لحملة تشهير ممنهجة من نجوم سورية في حينها، وفي مقدمتهم الفنان توفيق العطري، الذي أقنع أعضاء فرقة حكمت محسن بالتغيب عن عرضهم في أوبرا العباسية يوم 14 تموز 1938، ما أفشل العرض وأضاع فرصة حكمت محسن الذهبية في الوقوف على خشبة إحدى أعرق مسارح دمشق. انهارت الفرقة من بعدها وعاد حكمت محسن إلى مهنة التنجيد، مُكْتَئِباً ومفلساً ومبتعداً عن المسرح بشكل كامل حتى سنة 1947.

في إذاعة دمشق

بعد أشهر من جلاء الفرنسيين عن سورية، دعا الشاعر سليم الزركلي، المدير المؤسس لإذاعة دمشق، حكمت محسن لكتابة بعض التمثيليات الفكاهية، بعد أن شاهد عروضه المسرحية الناجحة في حارات الشام. وفي إذاعة دمشق تعرف محسن على الفنان تيسير السعدي وولدت صداقة بينهما استمرت حتى وفاته. عرفه السعدي على إدارة إذاعة الشرق الأدنى البريطانية، التي كانت تبث برامجها من قبرص، وتعاقدت معه لكتابة مسلسل إذاعي مخصصة لشهر رمضان.

نجح برنامجه الإذاعي الأول وتبعه فوراً بتمثيلية “صندوق دنيا العجايب” التي بثت في دمشق ولاقت استحسان الجمهور السوري. وبعد العودة إلى دمشق استدعي إلى مبنى الإذاعة في شارع النصر لمقابلة مديرها الصحفي أحمد عسة. قال له إنه استمتع ببرنامجه الرمضاني وطلب إليه كتابة عمل مشابه لصالح إذاعة دمشق. ومن يومها، بدأ محسن بكتابة التمثيليات الإذاعية، جميعها مستلهماً من حياة البسطاء، وشارك في معظمهم ممثلاً بشخصية “أبو رشدي” الرجل الدمشقي البسيط الذي ابتكره حكمت محسن وارتبط اسمه به طوال حياته الفنيّة.

حكمت محسن بشخصية أبو رشدي
حكمت محسن بشخصية أبو رشدي

كتب كلمات أغاني المطربة الشهيرة كروان وفي سنة 1954، قدم حكمت محسن سهرة إذاعية بعنوان “يا مستعجل وقف لقلّك” من إخراج وبطولة تيسير السعدي ومعه فهد كعيكاتي بشخصية “أبو فهمي” وأنور البابا بشخصية “أم كامل”. تتالت الأعمال الإذاعية الناجحة، ومنها “الخياطة” و”السندباد” و”ثورة شعب” ومذكّرات حرامي و”مرايا الشّام” التي حرص من خلالها على تعريف المستمعين بعدد من الفنانين المغمورين. ومن أشهر أعماله الإذاعية تمثيلية “نهاية سكير” التي حولت إلى مسلسل تلفزيوني سنة 1968، من إخراج علاء الدين كوكش وبطولة هاني الروماني وعمر حجو. ومن أشهر أعماله أوبريت “يوم من أيام الثورة السورية” التي عرضت على خشبة مسرح معرض دمشق الدولي في أيلول سنة 1961 وكانت من إخراج عبد اللطيف فتحي وقام بدور البطولة فيها رفيق سبيعي ولحن أغانيها الموسيقار صلحي الوادي في بداية مشواره الفني.

فيلم نور وظلام

وفي سنة 1948 دُعي محسن للمشاركة في فيلم نور وظلام مع المطرب رفيق شكري، وكانت هذه هي التجربة السينمائية الوحيدة له في مسيرته الفنية الطويلة.

مسرحية صابر أفندي

كانت مسرحية “صابر أفندي” من أشهر أعمال حكمت محسن، التي أخرجها ولعب دور البطولة فيها عبد اللطيف فتحي. عُرضت للمرة الأولى على مسرح سينما فريال في حيّ الصالحية (مكان شركة الضمان السورية اليوم) ونظراً لشدة الإقبال وإعجاب الجمهور بها، قام حكمت محسن بطباعتها في كتاب على نفقته الخاصة، صدر عن مطبعة الترقي بدمشق سنة 1958. كتب مقدمة الكتاب بنفسه قائلاً: “إلى كل صابر أفندي في الدنيا تحت كل كوكب وكل شمس، إلى البسطاء الطيبين الذي ترشدنا آلامهم إلى الشعور بأخطائنا أهدي هذا الكتاب”. أُعيد طباعة المسرحية مرتين، كانت الأولى سنة 2008 ضمن احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، والثانية سنة 2017 في كتاب عن حياته  للمؤرخ الموسيقي أحمد بوبس.

ومن أعماله الشهيرة أيضاً مسرحية “شقة للإيجار” التي عُرضت على المسرح الشعبي في سوق ساروجا سنة 1960، وكانت من إخراج تيسير السعدي. تحاكي المسرحية مشكلة السكن في دمشق بعد ارتفاع الإيجارات فيها أيام الوحدة مع مصر، وحولت إلى سهرة تلفزيونية، وفي سنة 1967، قدم مسرحية “الكرسي المخلوع” من إخراج تيسير السعدي، التي جال بها على بيروت والقاهرة والإسكندرية.

عمل حكمت محسن في إذاعة دمشق من سنة 1954 ولغاية نقله إلى ملاك التلفزيون السوري سنة 1964. ظهر محسن أمام جمهوره بشخصيته الحقيقية، شخصية حكمت محسن الكاتب والإنسان، في ندوة إذاعية أدارها  الدكتور صباح قباني، مدير برامج إذاعة دمشق سنة 1954، بمشاركة تيسير السعدي وأحمد عسة. وكان ظهوره الثاني والأخير في برنامج محكمة الفن على شاشة التلفزيون السوري، يوم شُكّلت لجنة فنية لمحاورته، مؤلفة من النجوم مصطفى هلال ونهاد قلعي وشاكر بريخان.

حكمت محسن بالطربوش في إذاعة دمشق
حكمت محسن بالطربوش في إذاعة دمشق

الوفاة

في سنواته الأخيرة تعرض حكمت محسن لجلطة دماغية، ألزمته فراش المرض حتى وفاته عن عمر ناهز 58 عاماً يوم 19 تشرين الثاني 1968. تكريماً له ولمسيرته الفنية الحافلة، قام عبد اللطيف فتحي بإعادة عرض مسرحية “صابر أفندي” في دمشق يوم 26 كانون الأول 1968، في الذكرى الأربعين لوفاة حكمت محسن. وفي سنة 1984 شُكّلت فرقة مسرحية باسمه في دمشق بقيادة الفنان رفيق سبيعي. وفي سنة 2017 صدر كتاب مرجعي عن حياته بعناون حكمت محسن: رائد الدراما الإذاعية، للباحث السوري أحمد بوبس.

الأعمال الإذاعية

الأعمال التلفزيونية

الأعمال المسرحية

الأعمال السينمائية

المصدر
1. أكرم العلبي. ظرفاء من دمشق (دمشق 1996)، 152. نفس المصدر، 233. نفس المصدر، 294. نفس المصدر، 45

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !