نجيب الأرمنازي (1897-1968)، سياسي ودبلوماسي سوري من دمشق، كان رئيساً لديوان المؤتمر السوري العام سنة 1920 ثم مديراً لمكتب رئيس الجمهورية محمد علي العابد وأميناً عاماً للقصر الجمهوري في عهد الرؤساء تاج الدين الحسني وعطا الأيوبي وشكري القوتلي (1941-1944). شارك في تأسيس جامعة الدول العربية وفي اجتماعات تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، وفي مطلع عهد الاستقلال، سمّي سفيراً في أنقرة ونيودلهي، قبل تعيينه سفيراً في مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ثم سفيراً في لندن أثناء العدوان الثلاثي سنة 1956.
البداية
ولد نجيب الأرمنازي في دمشق وتأثر بشقيقه الأكبر، الصحفي على الأرمنازي الذي أعدم شنقاً من قبل العثمانيين سنة 1915. درس القانون الدولي في جامعة السوربون في باريس، وبعد حصوله على شهادة الدكتوراة، عاد إلى سورية وعمل في الصحافة والمحاماة وانتسب إلى جمعية العهد ثم إلى جمعية العربية الفتاة المناهضة للدولة العثمانية، وذلك بعد إعدام شقيقه سنة 1915. وبعد انسحاب الجيش العثماني عن دمشق بايع الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على سورية وفي سنة 1919 عُيّن رئيساً لديوان المؤتمر السوري العام الذي قرر تتويج فيصل الأول ملكاً على البلاد في 8 آذار 1920.
المؤتمر السوري الفلسطيني
وبعد سقوط الحكم الفيصلي وفرض الانتداب الفرنسي على سورية، صدر قرار اعتقال بحق نجيب الأرمنازي فسافر إلى أوروبا هرباً وعمل مع الدكتور عبد الرحمن الشهبندر على تأسيس المؤتمر السوري الفلسطيني في مدينة جنيف السويسرية. هدف المؤتمر إلى لم شمل القوى السياسية العربية في المنفى وتحرير البلاد من الاحتلال الأجنبي. بقي الأرمنازي منفياً حتى صدور عفو عام أمكنه من العودة إلى سورية سنة 1928.
العمل في القصر الجمهوري
عمل سكرتير تحرير لجريدة الأيام الدمشقية ومديراً لصحيفة اليوم البديلة التي كانت تصدرها الكتلة الوطنية كلما عُطّلت الأيام من قبل السلطات الرقابية الفرنسية. وعند انتخاب محمد علي العابد رئيساً سنة 1932، عُيّن الأرمنازي مديراً لمكتبه في القصر الجمهوري بمنطقة المهاجرين. وقد بقي في منصبه بعد استقالة العابد وانتخاب هاشم الأتاسي رئيساً سنة 1936، وبعدها بست سنوات، سمّي أميناً عاماً للقصر الجمهوري في عهد الرئيس تاج الدين الحسني. وبعد وفاة الشيخ تاج في 17 كانون الثاني 1943، خدم مع رئيس الدولة المؤقت عطا الأيوبي ومع الرئيس شكري القوتلي عند انتخابه في 17 آب 1943. وقد أرسله القوتلي ممثلاً عنه إلى مفاوضات تأسيس جامعة الدول العربية في الإسكندرية سنة 1944، ضمن وفد حكومي رفيع برئاسة رئيس الوزراء سعد الله الجابري.
الأرمنازي سفيراً
وفي سنة 1945 عينه الرئيس القوتلي وزيراً مفوضاً في لندن وعضواً في وفد سورية الدائم إلى مؤتمر تأسيس الأمم المتحدة. عمل الأرمنازي على حشد دعم دولي لقضية استقلال سورية وعلى التنسيق مع الحكومة البريطانية لأجل الإنذار الشهير الذي صدر عن رئيس الحكومة ونستون تشرشل في 1 حزيران 1945، وطالب ببدء انسحاب القوات الفرنسية عن الأراضي السورية. وبعد جلاء القوات الفرنسية في 17 نيسان 1946، كلّف الأرمنازي بتمثيل سورية في مفاوضات لندن المتعلقة بقضية فلسطين. وفي سنة 1947، سمّي الأرمنازي سفيراً في الهند ثم في تركيا وبعدها مصر يوم وصول الضباط الأحرار إلى الحكم سنة 1952. خدم في القاهرة حتى تعيينه سفيراً في لندن في كانون الثاني 1956، وقدم أوراق اعتماده إلى الملكة إليزابيث الثانية وكان شاهداً على حرب السويس التي أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين سورية وبريطانيا.
الأرمنازي والانفصال
لم تعجبه الطريقة التي أقيمت بها الوحدة السورية المصرية سنة 1958 ولكنه لم يعارضها بسبب العلاقة الشخصية التي جمعته بالرئيس جمال عبد الناصر منذ أن عرفه ضابطاً شاباً في القاهرة مطلع الخمسينيات. قضى الأرمنازي سنوات الوحدة صامتاً ومتألماً من الدولة البوليسية التي أوجدها عبد الناصر في سورية، كما عارض قانون الإصلاح الزراعي في أيلول 1958 الذي طال أملاكه وأملاك زوجته، وبعدها قرارات التأميم التي طالت المصانع والمصارف السورية كافة في تموز 1961. خرج نجيب الأرمنازي عن صمته وقام بتأييد الانقلاب العسكري الذي أطاح بجمهورية الوحدة في 28 أيلول 1961. وقد حضر اجتماعاً كبيراً في منزل وزير الدفاع الأسبق أحمد الشرباتي، الذي صدر عنه بيان تأييد انقلاب الانفصال، مع نقد لاذع للرئيس عبد الناصر.
الوفاة
كانت هذه آخر مشاركة سياسية لنجيب الأرمنازي، قبل أن يعتزل السياسة بشكل كامل وقد توفي بدمشق عن عمر ناهز 71 عاماً سنة 1968.
مؤلفاته
وضع الدكتور نجيب الأرمنازي عدداً من الكتب القيمة في حياته، كان أشهرها محاضرات عن سورية من الاحتلال حتى الجلاء الصادر عن جامعة الدول العربية سنة 1954 وعشر سنوات في الدبلوماسية بجزئين، الصادر في بيروت سنة 1963. وفي سنة 1930 قام بنشر الأطروحة العلمية التي نال عليها شهادة الدكتوراة، وكانت بعنوان الشرع الدولي في الإسلام التي قدّم لها فارس الخوري، عميد كلية الحقوق في الجامعة السورية.
العائلة
اشتهر من عائلة نجيب الأرمنازي اثنين من أولاده: الدكتور غيث الأرمنازي، سفير جامعة الدول العربية إلى لندن من 1992-2000 والدكتور عمرو الأرمنازي، رئيس مركز البحوث العلمية في سورية حتى سنة 2021.