نجيب الأرمنازي
سفير سورية في القاهرة وأنقرة ولندن (1950-1956).

نجيب الأرمنازي (1897-1968)، سياسي ودبلوماسي سوري من دمشق، كان رئيساً لديوان المؤتمر السوري العام سنة 1920 ثم مديراً لمكتب الرئيس محمد علي العابد وأميناً عاماً للقصر الجمهوري في عهد الرؤساء تاج الدين الحسني وشكري القوتلي (1941-1949).
شارك في تأسيس جامعة الدول العربية سنة 1944 وفي اجتماعات تأسيس الأمم المتحدة عام 1945. وفي عهد الاستقلال، سمّي سفيراً في انقرة ونيودلهي، قبل أن يُصبح سفيراً في مصر في مطلع عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ثم سفيراً في لندن خلال العدوان الثلاثي سنة 1956.
البداية
ولد نجيب الأرمنازي في دمشق ودرس القانون الدولي في جامعة السوربون في باريس، حيث نال شهادة الدكتوراه. عاد إلى سورية وعمل في الصحافة والمحاماة وانتسب في شبابه إلى جمعية العهد ثم إلى جمعية العربية الفتاة المناهضة للدولة العثمانية، وذلك بعد إعدام شقيقه الصحفي محمد علي الأرمنازي على يد العثمانيين سنة 1914. وبعد انسحاب الجيش العثماني عن دمشق بايع الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على البلاد وفي سنة 1919 عُيّن رئيساً لديوان المؤتمر السوري العام الذي قرر تتويج فيصل الأول ملكاً على سورية في 8 آذار 1920.(1)
المؤتمر السوري الفلسطيني
بعد سقوط الحكم الفيصلي وفرض الانتداب الفرنسي على سورية، صدر قرار اعتقال بحق نجيب الأرمنازي فسافر إلى أوروبا هرباً وفي سنة 1921، عمل مع الدكتور عبد الرحمن الشهبندر على تأسيس المؤتمر السوري الفلسطيني في مدينة جنيف السويسرية.(2) وكان عضواً في لجنة المؤتمر التنفيذية، وقد هدف المؤتمر إلى لم شمل القوى السياسية العربية في المنفى لتحرير البلاد من الاحتلال الأجنبي في سورية وفلسطين ولبنان والعراق. بقي الأرمنازي منفياً حتى صدور عفو عام سنة 1928 أمكنه من العودة إلى سورية، ليعمل سنة 1930 سكرتيراً لتحرير جريدة الأيام الدمشقية.
العمل في القصر الجمهوري
عند انتخاب محمد علي العابد رئيساً سنة 1932، قام بتعيين نجيب الأرمنازي مديراً لمكتبه في القصر الجمهوري بمنطقة المهاجرين. وقد بقي الأرمنازي في منصبه خلال رئاسة هاشم الأتاسي الأولى (1936-1939) وفي سنة 1942، عينه الرئيس تاج الدين الحسني أميناً عاماً للقصر الجمهوري.(3)
وبعد وفاة الشيخ تاج في 17 كانون الثاني 1943، خدم مع رئيس الدولة المؤقت عطا الأيوبي ومع الرئيس شكري القوتلي عند انتخابه رئيساً في 17 آب 1943. وقد أرسله القوتلي ممثلاً عنه إلى مفاوضات تأسيس جامعة الدول العربية في الإسكندرية سنة 1944، ضمن وفد حكومي رفيع كان برئاسة رئيس الوزراء سعد الله الجابري.(4)
الأرمنازي سفيراً
وفي سنة 1945 عينه الرئيس القوتلي وزيراً مفوضاً في لندن وعضواً في وفد سورية الدائم إلى مؤتمر تأسيس الأمم المتحدة، الذي كان برئاسة فارس الخوري. وقد عمل الأرمنازي على حشد دعم دولي لقضية استقلال سورية وعلى التنسيق مع الحكومة البريطانية لأجل الإنذار الشهير الذي صدر عن الرئيس ونستون تشرشل في 1 حزيران 1945، وطالب من فرنسا ببدء انسحاب قواتها العسكرية عن الأراضي السورية. وبعد جلاء القوات الفرنسية في 17 نيسان 1946، كلّف الأرمنازي بتمثيل سورية في مفاوضات لندن المتعلقة بقضية فلسطين.(5)
وفي سنة 1947، سمّي الدكتور الأرمنازي سفيراً في الهند ثم في تركيا وبعدها في مصر بعد وصول الضباط الأحرار إلى الحكم سنة 1952. خدم في القاهرة حتى كانون الثاني 1956 عندما عينه الرئيس القوتلي سفيراً في لندن، حيث قدم أوراق اعتماده إلى الملكة إليزابيث الثانية وكان شاهداً على حرب السويس التي أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين سورية وبريطانيا.(6)

الأرمنازي والانفصال
لم تعجبه الطريقة التي أقيمت بها الوحدة السورية المصرية سنة 1958 ولكنه لم يعترض عليها بسبب قربه من الرئيس جمال عبد الناصر الذي عرفه ضابطاً شاباً في القاهرة في مطلع الخمسينيات. قضى الأرمنازي سنوات الوحدة صامتاً ومتألماً من الدولة البوليسية التي أوجدها جمال عبد الناصر في سورية، وقد عارض قانون الإصلاح الزراعي في أيلول 1958 وقرارات التأميم التي طالت المصانع والمصارف السورية في تموز 1961.
خرج نجيب الأرمنازي عن صمته وقام بتأيد الانقلاب العسكري الذي أطاح بجمهورية الوحدة في 28 أيلول 1961. وقد حضر اجتماع كبير عُقد في منزل وزير الدفاع الأسبق أحمد الشرباتي، الذي صدر عنه بيان تأييد انقلاب الانفصال، مع نقد لاذع للرئيس عبد الناصر.(7) كانت هذه هي أخر مشاركة سياسية لنجيب الأرمنازي، الذي اعتزل السياسة من بعدها.
الوفاة
توفي الدكتور نجيب الأرمنازي في دمشق عن عمر ناهز 71 عاماً سنة 1968.
مؤلفاته
وضع الدكتور نجيب الأرمنازي عدداً من الكتب القيمة في حياته، كان أشهرها محاضرات عن سورية من الاحتلال حتى الجلاء الصادر عن جامعة الدول العربية سنة 1954 وعشر سنوات في الدبلوماسية بجزئين، الصادر في بيروت سنة 1963. وفي سنة 1930 قام بنشر الأطروحة العلمية التي نال عليها شهادة الدكتوراة، وكانت بعنوان الشرع الدولي في الإسلام التي قدّم لها فارس الخوري، عميد كلية الحقوق في جامعة دمشق وصدرت عن دار ابن زيدون في دمشق.
العائلة
اشتهر من عائلة نجيب الأرمنازي اثنين من أولاده وهما الدكتور غيث الأرمنازي، سفير جامعة الدول العربية إلى لندن من 1992-2000 والدكتور عمرو الأرمنازي، رئيس مركز البحوث العلمية في سورية حتى سنة 2021.