أعلام وشخصياتأعيانسياسيون ورجال دولة

عطا الأيوبي

رئيس الدولة السورية (25 آذار - 17 آب 1943).

الرئيس عطا الأيوبي
الرئيس عطا الأيوبي

محمد عطا بن محمد علي الأيوبي (1874 – 29 كانون الثاني 1950)، سياسي سوري من دمشق، عُيّن رئيساً للدولة السورية في الفترة الفاصلة بين وفاة الرئيس تاج الدين الحسني وانتخاب شكري القوتلي رئيساً (25 آذار – 17 آب 1943). أشرف بنفسه على الانتخابات التي أوصلت القوتلي إلى الحكم كما كان قد أشرف على الانتخابات التي أوصلت هاشم الأتاسي إلى الرئاسة سنة 1936، عندما كان هو رئيساً للحكومة في عهد الرئيس محمد علي العابد. وكان قبلها عضواً في الحكومة الانتقالية التي ترأسها الأمير سعيد الجزائري بعد انسحاب القوات العثمانية ودخول القوات العربية إلى دمشق في الفترة ما بين 26 أيلول – 1 تشرين الأول 1918. عُرف الأيوبي بسياسته الوسطية وقربه من قادة الحركة الوطنية في مرحلة الانتداب الفرنسي.

البداية

ولد عطا الأيوبي في دمشق وكان والده محمد علي الأيوبي من الأعيان. دَرس العلوم السياسية والإدارية في المعهد الشاهاني الملكي في إسطنبول والتحق بالعمل الحكومي في الدولة العثمانية. عيّن متصرفاً على مدينة اللاذقية، ونقل بعدها إلى الكرك قبل انتخابه في مجلس المبعوثان سنة 1912.

الحكومة الانتقالية سنة 1918

عشية سقوط الحكم العثماني بدمشق في 26 أيلول 1918 شُكلت حكومة انتقالية لإدارة البلاد وحماية أموال الخزانة ومنع الفوضى، كانت برئاسة الأمير سعيد الجزائري، شقيق زوجة الأيوبي. وقد اختاره الجزائري ليكون عضواً في حكومته دون إسناد حقيبة معينة إليه أو لبقية الأعضاء. استمرت الحكومة الانتقالية بالعمل لغاية 1 تشرين الأول 1918 عند دخول قوات الحلفاء دمشق وعزل الأمير سعيد عن منصبه من قبل الضابط البريطاني توماس إدوارد لورانس (لورنس العرب).

في عهد الملك فيصل الأول

وبعد إعلان قيام الحكومة العربية بدمشق، عُيّن الأيوبي في حكومة الفريق رضا باشا الركابي (وزيراً من دون حقيبة) في 1 تشرين الأول 1918. سقط الحكم الفيصلي في صيف العام 1920 يوم هزيمة الجيش السوري في معركة ميسلون، وقبل مغادرته دمشق، عيّن الملك فيصل علاء الدين الدروبي رئيساً للحكومة وسمّى عطا الأيوبي وزيراً للداخلية يوم 26 تموز 1920. وقد أشرفت حكومة الدروبي على فرض الانتداب الفرنسي على سورية وتدعيم ركائزه، وكانت تابعة إدارياً وسياسياً ومالياً للمفوض السامي الفرنسي هنري غورو. صدر عنها قرارات نفي واعتقال بحق عدد من أنصار الملك فيصل، وفرضت غرامة مالية على المدن السورية كافة، عقاباً على دعمها لفيصل في معركة ميسلون.

حادثة خربة غزالة

رفض أهالي حوران دفع هذه الغرامة وشُكّل وفد حكومي رفيع لمفاوضتهم، برئاسة علاء الدين الدروبي وعضوية عطا الأيوبي ورئيس مجلس الشورى عبد الرحمن باشا اليوسف. توجه أعضاء الوفد إلى سهل حوران في 21 آب 1920، وعند توقفهم في قرية خربة غزالة، تعرضوا لهجوم عنيف أدّى إلى مقتل الدروبي واليوسف. أما الأيوبي فقد نجا من الموت بفضل تاجر دمشقي كان موجوداً في محطة القطار، أخذه إلى مكان آمن، لكيلا تطاله يد الثوار.

وزيراً في زمن الانتداب

عاد الأيوبي إلى دمشق وكُلّف بحقيبة العدلية في حكومة جميل الألشي الأولى يوم 6 أيلول 1920. وقد جدد له في حكومة حقي العظم الأولى نهاية ذلك العام ولكنه استقال في 10 كانون الثاني 1921 احتجاجاً على تقسيم سورية إلى دويلات وسلخ الأقضية الأربعة عن ولاية دمشق وضمّها إلى لبنان الكبير. وعندما ضمّت فرنسا دويلات دمشق وحلب مع دولة العلويين في دولة الاتحاد السوري سنة 1922، انتُخب الأيوبي نائباً عن مدينته في البرلمان المركزي وسمّي وزيراً للعدل في حكومة الرئيس صبحي بركات. وقد بقي في هذا المنصب لغاية 31 آب 1925، عند استقالة الحكومة بسبب اندلاع الثورة السورية الكبرى.

رئيس الحكومة عطا الأيوبي مع صديقه هاشم الأتاسي رئيس الكتلة الوطنية سنة 1936.
رئيس الحكومة عطا الأيوبي مع صديقه هاشم الأتاسي رئيس الكتلة الوطنية سنة 1936.

مع الكتلة الوطنية وحكومة عام 1936

غاب الأيوبي عن أي دور سياسي في أثناء الثورة ولم يعد إلا في آذار 1934، عند تعيينه وزيراً للعدل في حكومة تاج الدين الحسني الرابعة والأخيرة. ولكن هذه الحكومة دخلت في صدام مع الكتلة الوطنية، أكبر التنظيمات المعارضة للانتداب الفرنسي، ما أسفر عن إضراب عام دام ستين يوماً لم ينته إلا باستقالة الشيخ تاج في 25 شباط 1936. وعندما سئل هاشم الأتاسي عن مرشح الكتلة الوطنية لرئاسة الوزارة، اقترح أن يكون عطا الأيوبي نظراً لكفاءته الإدارية وقربه من الحركة الوطنية.

وكان الأتاسي صديقاً قديماً للأيوبي منذ دراستهما معاً في إسطنبول قبل سنوات طويلة. مع أنه لم يكن عضواً في الكتلة الوطنية إلا أنه كان مقرباً من قادتها الكبار وقد عمل معهم على تأسيس معمل الأسمنت في منطقة دمّر، الذي خُصّص جزء من أرباحه لتمويل أنشطة الكتلة الوطنية، وقد انتُخب عضواً في مجلس إدارته سنة 1931، وكان أيضاً رئيس مجلس إدارة معمل الكونسروة الذي أسسه زعيم الكتلة شكري القوتلي بدمشق في منتصف الثلاثينيات.

توجه عطا الأيوبي إلى بيروت، بصفته رئيساً للحكومة، للتفاوض مع المندوب السامي الفرنسي هنري ديمارتل والتوصل معه إلى حل سياسي يُرضي سلطة الانتداب والكتلة الوطنية معاً. وقد اتفق الطرفان على أن تنهي الكتلة الإضراب الستيني مقابل إطلاق سراح المعتقلين وسفر وفد من قادتها إلى فرنسا للتفاوض على مستقبل سورية. نَزل الأيوبي إلى سوق الحميدية برفقة هاشم الأتاسي وقاما بقطع الشريط الأخضر الذي وضع على مدخله، معلنين عودة الحياة الاقتصادية وإنهاء الإضراب الستيني. اعترافاً بدوره في نزع فتيل الأزمة، قام ديمارتل بمنح عطا الأيوبي وسام جوقة الشرف الفرنسي، وأصر الأتاسي على إشراك وزيرين من حكومة الأيوبي في وفد الكتلة الوطنية المفاوض في باريس، وهما وزير المالية إدمون حمصي ووزير المعارف الأمير مصطفى الشهابي.

بعد مباحثات دامت قرابة ستة أشهر، توصل أعضاء الوفد إلى معاهدة مع حكومة الرئيس ليون بلوم في 9 أيلول 1936، وعدت بإعطاء الشعب السوري استقلالاً مشروطاً وتدريجياً مقابل سلسلة من الامتيازات الاقتصادية والسياسية والعسكرية في سورية. وعند عودة الوفد إلى دمشق أُعلن عن انتخابات نيابية ورئاسية مبكرة إثر استقالة رئيس الجمهورية محمد علي العابد. أشرف الأيوبي على هذه الانتخابات وكانت نتيجتها حصول الكتلة الوطنية على غالبية مقاعد البرلمان وانتخاب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية في 21 كانون الأول 1936.

رفض رئاسة الدولة عام 1941

استمر عهد الكتلة الوطنية حتى الأسبوع الأول من شهر تموز عام 1939، عندما استقال الرئيس الأتاسي بسبب رفض البرلمان الفرنسي التصديق على معاهدة عام 1936 وسلخ منطقة لواء إسكندرون عن سورية وضمّها إلى الجمهورية التركية لضمان حيادها في الحرب العالمية الثانية. وعندما جاء الجنرال شارل ديغول إلى دمشق في منتصف الحرب سنة 1941، عرض على عطا الأيوبي أن يكون رئيساً للجمهورية ولكنه وضع شروطاً تعجيزية، منها العودة إلى معاهدة عام 1936 وانضمام سورية إلى عصبة الأمم، ما أدى إلى استبعاده وتعيين تاج الدين الحسني رئيساً في أيلول 1941.

رئيساً للدولة والحكومة سنة 1943

ولكن الشيخ تاج توفي وهو في سدّة الحكم يوم 17 كانون الثاني 1943 وتسلّم رئاسة الدولة بالوكالة جميل الألشي حتى 25 آذار 1943، تاريخ صدور قرار من المفوضية الفرنسية العليا في بيروت بتسمية عطا الأيوبي رئيساً للدولة والحكومة معاً، مكلفاً بالإشراف على الانتخابات النيابية والرئاسية المقبلة.

كان جميل الألشي قد واجه مظاهرات شعبية عارمة احتجاجاً على ارتفاع أسعار الخبز بأمر من الفرنسيين، وذلك للمساهمة في تمويل معارك جيشهم في الحرب العالمية الثانية. كانت مدينة دمشق تستهلك 117 طناً من الطحين شهرياً، عجز جميل الألشي عن تأمينها وكان هذا هو السبب الرئيسي لتخلّي الفرنسيين عنه والإتيان بالأيوبي، الذي عالج أزمة الخبز بالتعاون مع سلطان باشا الأطرش. عقد الأيوبي مؤتمراً صحفياً في السراي الكبير لشرح الخطوات التي ستقوم بها الحكومة لتأمين الخبز بسعر مدعوم من الدولة، ثم قال للصحفيين: “إني أحب النزاهة وأتمنى أن أكون نزيهاً، ولكنني شديد التعصب لحيادي ولا أستند إلى حزب معين بل إلى جميع الأحزاب، وأتمنى أن تكون جميع الأحزاب متفقة على خدمة المصلحة العامة، فالأشخاص زائلون والحكومة ثابتة، وعلينا أن نعمل لنكوّن للحكومة قوتها.”

عطا الأيوبي يتفقد صناديق الاقتراع خلال انتخابات عام 1943.
عطا الأيوبي يتفقد صناديق الاقتراع خلال انتخابات عام 1943.

رفض الرئاسة مرة ثانية عام 1943

سعى الرئيس الأيوبي لتأسيس مجلس أعيان في سورية، يتولّى زمام الأمور في حال شغور السلطة التشريعية والرئاسية معاً، كما حدث عند وفاة الشيخ تاج. وفي أثناء التحضيرات لانتخابات عام 1943، حاول ابنه خالد جمع أصوات عدد كبير من النواب لترشيح أبيه لرئاسة الجمهورية، بدلاً من شكري القوتلي، مرشح الكتلة الوطنية. جرى هذا الأمر دون عِلم الرئيس أو مباركته، وقد نجح خالد الأيوبي بجمع 72 توقيعاً لصالح ترشح والده. وعندما وصل الأمر إلى مسامع القوتلي اتصل بالأيوبي معاتباً وعرض عليه سحب ترشيحه في حال كان الأخير راغباً بالرئاسة. اعتذر الأيوبي عن تصرف ابنه وقال: “إن مصلحة الوطن تقضي بأن يكون شكري القوتلي رئيساً للجمهورية وحده ودون غيره، وأنا لا يمكن أن أتقدم عليه.”

الوفاة

غاب عطا الأيوبي عن المشهد السياسي من بعدها ولم يظهر إلّا في مناسبات اجتماعية دعماً لابنته سنيّة، وهي من رائدات العمل النسائي الخيري بدمشق ونائب رئيس جمعية نقطة الحليب. وقد زار السراي الكبير للمرة الأخيرة في تموز 1949 لتهنئة صديقه محسن البرازي على تعيينه رئيساً للحكومة. توفي عطا الأيوبي بعدها بستة أشهر عن عمر ناهز ستة وسبعين عاماً يوم 29 كانون الثاني 1950. شيعته دمشق بجنازة رسمية تقدمها رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي، وأطلقت أمانة العاصمة (محافظة دمشق) اسم عطا الأيوبي على شارع أنيق في منطقة نوري باشا، حيث مكان قصره.

في كتابه عن عبقريات سورية، قال الصحفي عبد الغني العطري عن عطا الأيوبي إنه: “جمّ الأدب، رفيع التهذيب، رقيق الحاشية، لا يثور ولا يغضب ولا يحقد على أحد، كثير الحياء والخجل، شديد الوفاء للصديق.”

المناصب

وزيراً للداخلية (26 تموز – 10 كانون الثاني 1921)
وزيراً للعدلية (28 حزيران 1922 – 31 آب 1925)
وزيراً للعدلية (17 آذار 1934 – 24 شباط 1936)
رئيساً للحكومة السورية (24 شباط – 21 كانون الأول 1936)
رئيساً للحكومة السورية (25 آذار – 17 آب 1943)
رئيساً للدولة السورية (25 آذار – 17 آب 1943)

 

 

 

 

 

المصدر
1.عبد الغني العطري. حديث العبقريات (دار البشائر، دمشق 2000)، 862. يوسف الحكيم. سورية والإنتداب الفرنسي (دار النهار، بيروت 1983)، 353. نفس المصدر، 564. بيتر شامبروك. الإمبريالية الفرنسية في سورية (باللغة الانكليزية - لندن 1998)، 196-1975. فيليب خوري. سورية والإنتداب الفرنسي (باللغة الإنكليزية - جامعة برينستون 1987)، 4616. سامي مروان مبيّض. سياسة دمشق والإنتداب الفرنسي (باللغة الإنكليزية - دار طلاس، دمشق 1998)، 1147. نفس المصدر، 1718. نصوح بابيل. صحافة وسياسة: سورية في القرن العشرين (دار رياض نجيب الريّيس، لندن 1987)، 1899. عبد الغني العطري. حديث العبقريات (دار البشائر، دمشق 2000)، 8910. الأمير عادل أرسلان. مُذكرات الأمير عادل أرسلان، الجزء الأول (الدار التقدمية، بيروت 1983)، 407 11. عبد الغني العطري. حديث العبقريات (دار البشائر، دمشق 2000)، 8912. نفس المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !