حمام نور الدين الشهيد، أقدم الحمامات في مدينة دمشق والمصنف ضمن قائمة التراث العالمي الصادرة عن منظمة اليونيسكو، بني في عهد نور الدين الزنكي سنة 1169 داخل سوق البزورية. أغلق طيلة خمسين عام واستخدم مستودعاً لمحلات البزورية حتى سنة 1979، تاريخ إخلائه وترميمه من قبل مديرية الآثار والمتاحف.
الوصف المعماري
هو عبارة عن بناء ضخم ذو نظام عمارة مملوكي، ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: البارد، أو البرّاني، يضم البهو والمشالح وفي وسطه بحيرة مثمنة الأضلاع ملبسة برخام أبيض، تعلوها قبّة تحوي شبابيك خشبية دائرية، مزخرفة وملونة، وذلك لتأمين دخول الضوء للبهو. والبرّاني هو القسم المخصص لاستقبال الزبائن وتغيير ملابسهم واستراحتهم بعد الحمام، وفيه مصاطب حجرية ملاصقة للجدران تعلو عن الأرض حوالي 30 سم، يجلس عليها الزبائن. ويعود هذا البهو الكبير إلى الفترة العثمانية، يحتوي على ستة أواوين متناظرة حول محور، وهو القسم الوحيد من الحمام الذي لا يصله البخار.
القسم الثاني: الفاتر، أو “الوسطاني،” يدخله الزبون بعد المرور بدهليز طوله حوالي خمسة أمتار، ويوجد فيه قسم البوفيه والحلّاق ومكتب المدير الذي أضيف في مرحلة متقدمة. وهو أعلى حرارة من القسم “البرّاني،” مخصص لاستراحة الزبون وتجفيفه من أثر التغير في درجة الحرارة، قبل دخوله إلى القسم “الجوّاني.” يؤكد الطراز المعماري للحمام على مركزية القسم الوسطاني، وهو مثمن الشكل متناظر تماماً، مغطى بقبّة مرتفعة على رقبة ذات ستة عشر كوة، وتفتح جدرانه القطرية على مقصورات صغيرة يتم الدخول إليها عبر مداخل بأقواس مدببة، وهي مخصصة للمستحمين الذين يطلبون بعض الخصوصية. تفضي الممرات المتصلة بالجهتين الأمامية والخلفية للمثمن إلى المناطق الساخنة والباردة على التوالي، في حين يرتبط الجانبان الأيمن والأيسر بممرات شبه منحرفة تفتح على غرفتين إضافيتين مستطيلتي الشكل، يعلو كل واحدة منها قبتان صغيرتان مثمنتان، كانت تستخدم للخدمات كالتدليك ونزع الشعر.
القسم الثالث: الحار، ويُشار إليه بـ “الجواني،” ويتميز بدرجة حرارة مرتفعة، ويضم عادة الأجرار الخاصة بالمياه الساخنة، وفيه صنابير الاستحمام والمقصورات الدافئة. يتألف القسم من فراغ كبير مستطيل الشكل جوانبه منحنية، مغطى بقبوة سريرية. يدخل البخار إلى الغرفة عبر فتحة مرتبطة ببيت النار، وهي أسخن الغرف حيث يمكن للمستحمين أن يجلسوا على مقاعد حجرية، ويتعرقوا لتنظيف بشرتهم بشكل عميق. ويتم تزويد الحمام بالمياه عن طريق بئر خاص بالحمام منذ بنائه وحتى الآن، كان يسخن المياه في حلة كبيرة وتوقد تحتها النار ويعمل في هذا القسم عامل يلقب بالقميمي، ولكن تم الاستغناء عنه لتطوير أساليب التسخين ودخول الكهرباء إلى دمشق سنة 1907.