
لؤي بن أحمد سامي الأتاسي (1926 – 24 تشرين الأول 2003)، ضابط سوري من حمص، سمّي رئيساً لمجلس قيادة الثورة بعد انقلاب 8 آذار 1963 وظلّ يشغل هذا المنصب حتى 27 تموز 1963. شُكّل مجلس قيادة الثورة على غرار التجربة المصرية بعد ثورة 23 يونيو 1952، وتسلّم فيه الأتاسي مهام رئيس الجمهورية، ليكون ثاني رئيس يحكم سورية من الأسرة الأتاسية بعد هاشم الأتاسي. قبل توليه الحكم، خاض لؤي الأتاسي حرب فلسطين، وشارك في الانقلاب العسكري ضد الرئيس أديب الشيشكلي عام 1954، كما حاول القيام بانقلاب لاستعادة الوحدة مع مصر في 2 نيسان 1962. نُفي خارج البلاد، وعُين ملحقاً عسكرياً في السفارة السورية في واشنطن ثم عاد إلى دمشق وسُجن بأمر من المحكمة العسكرية، ليُطلق سراحه صبيحة يوم 8 آذار 1963. مع أنه لم يكن عضواً في حزب البعث، إلا أن البعثيين قرروا التعاون معه وجعلوه رئيساً لمجلس قيادة الثورة، قبل أن يستقيل منه في شهر تموز من العام نفسه.
البداية
ولد لؤي الأتاسي في مدينة حمص، وهو سليل عائلة سياسية كبيرة ومعروفة. دَرَس في كلية حمص الحربية والتحق فور تخرجه عام 1948 بالجيش السوري. شارك في حرب فلسطين، وأصيب في يده، ليُعين بعدها قائداً للشرطة العسكرية في حلب.
انقلاب عام 1954
في شباط 1954 شارك الأتاسي في الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم الرئيس أديب الشيشكلي، بالتعاون مع أحد أقربائه، العقيد فيصل الأتاسي. هدف انقلاب عام 1954 للإطاحة بحكم الشيشكلي، واستعادة الشرعية الدستورية الممثلة بهاشم الأتاسي، رئيس الجمهورية المستقيل منذ 3 كانون الأول 1951. بعد سقوط الشيشكلي ونفيه إلى لبنان، عاد هاشم الأتاسي إلى دمشق لإكمال ما تبقى من ولايته الدستورية، وعُيّن لؤي الأتاسي مرافقاً عسكرياً له حتى 5 أيلول 1955. غادر هاشم الأتاسي دمشق بعد انتهاء ولايته، وأصبح لؤي الأتاسي مساعداً للملحق العسكري في السفارة السورية في القاهرة. أعجب بالرئيس جمال عبد الناصر، وأيّد الوحدة السورية المصرية عند قيامها في شباط 1958.
الانفصال (1961-1963)
سمّي ملحقاً عسكرياً في سفارة الجمهورية العربية المتحدة في موسكو، وفي 28 أيلول 1961، وقع انقلاب عسكري في دمشق، أطاح بجمهورية الوحدة. كان بقيادة المقدم عبد الكريم النحلاوي، بمشاركة مجموعة من الضباط الدمشقيين. لم يُعارضهم الأتاسي، فقرر النحلاوي تعيينه قائداً عسكرياً للمنطقة الشرقية. وفي 28 آذار 1962، نفّذ النحلاوي انقلاباً ثانياً ضد رئيس الجمهورية ناظم القدسي، فاعترضت قيادة الجيش وعقدت اجتماعاً في حمص يوم 1 نيسان 1962، تقرر فيه عزل النحلاوي وعودة القدسي إلى القصر الرئاسي. كان لؤي الأتاسي قد بارك انقلاب النحلاوي الثاني في الساعات الأولى من 28 آذار 1962، لكنه سرعان ما غير موقفه وحضر مؤتمر حمص وأثنى على قراراته.
عصيان حلب (2 نيسان 1962)
بعد يوم واحد من انتهاء الأزمة، قام لؤي الأتاسي بعصيان عسكري في مدينة حلب، برفقة الضابط الناصري جاسم علوان، وأعلنا عن نيتهما استعادة الوحدة مع مصر. سيطرا على إذاعة حلب، وأصدرا بياناً باسم الجمهورية العربية المتحدة، مع تعيين جاسم علوان قائداً للجيش الأول (وهو اسم الجيش السوري في زمن الوحدة). ردّت القيادة العسكرية بإرسال سرب من الطائرات الحربية لقمع العصيان، فقام الأتاسي بطلب العون من جمال عبد الناصر، قبل أن يستسلم أمام القوة العسكرية الكبيرة القادمة من دمشق.
ذهب إلى قائد الجيش اللواء عبد الكريم زهر الدين، وقال إنه بريء من الدماء التي سالت في حلب، كما ادعى أنه شارك في العصيان لكبح جماح جاسم علوان، ووصفه بالأرعن والمتهور. استجاب زهر الدين لكلامه، وبدلاً من الاعتقال، عيّنه ملحقاً عسكرياً في واشنطن. بعد أشهر، استُدعي من واشنطن للمثول أمام المحكمة العسكرية في دمشق، التي شُكّلت للنظر في قضية عصيان حلب، وكانت بقيادة العميد صبحي الشربجي. استمع الشربجي لأقواله ثم أمر باعتقاله، مع توجيه ثلاث تهم له:
- الانقلاب على مقررات مؤتمر حمص التي كان هو أحد الموقعين عليها.
- التوجه إلى حلب دون أخذ موافقة رئاسة الأركان.
- المشاركة في عصيان عسكري ضد الدولة السورية.
رئيساً لمجلس قيادة الثورة
كان الأتاسي في السجن يوم انقلاب 8 آذار 1963، الذي قامت به مجموعة من الضباط الناصريين والبعثيين. اعتقلوا رئيس الجمهورية، معلنين هدفهم باستعادة الوحدة وإلغاء كل ما صدر من قرارات في مرحلة الانفصال. جميعهم كانوا صغاراً في السن وليست لديهم خبرة سياسية، فقرروا الاستعانة بـلؤي الأتاسي وأخرجوه من السجن. رفّعوه استثنائياً إلى رتبة “فريق،” مع تعيينه رئيساً لمجلس قيادة الثورة في 23 آذار 1963. لم يكن له أي دور في هذا الانقلاب ولم يكن على علم به، ولكنّه حكم سورية باسمه وباسم “الثورة،” من دون دستور أو مجلس نيابي، طيلة أربعة أشهر.

بقيت قرارات الأتاسي مرهونة باللجنة العسكرية التي كان تضم عدداً من الضباط البعثيين، منهم حافظ الأسد. شكل في عهده “الحرس القومي” في 30 حزيران 1963، وسافر الأتاسي إلى القاهرة مع رئيس الحكومة صلاح البيطار للتفاوض على استعادة الوحدة مع عبد الناصر، لكنهم عادوا إلى دمشق دون تحقيق أي نتيجة نظراً لشكوك الرئيس المصري بحسن نوايا حزب البعث. كما صدرت في عهد الأتاسي مراسيم عدة، كان من ضمنها تأميم المصارف السورية يوم 3 أيار 1963، وتأسيس جريدة الثورة الحكومية في 1 تموز 1963.
تقاسم البعثيون والناصريون مقاليد الحكم، وكانت رئاسة مجلس قيادة الثورة من حصة الناصريين، ومعها وزارة الدفاع ورئاسة أركان الجيش، التي تسلمها اللواء زياد الحريري، مهندس انقلاب 8 آذار. أما عن حصة البعث، فقد أعطوا رئاسة الحكومة ومناصب حساسة في الجيش، مثل قيادة سلاح الطيران.
انقلاب جاسم علوان (18 تموز 1963)
اختلف البعثيون والناصريون على المناصب وتوزيع الأدوار، وفي نهاية نيسان 1963، استغل أعضاء اللجنة العسكرية سفر رئيس الأركان زياد الحريري إلى الجزائر وأصدروا قراراً بإقالته من الجيش، مع عدد من الضباط الناصريين. غضب الناصريون وفي 18 تموز 1963، ردوا بانقلاب عسكري للإطاحة بالبعثيين، وبأعضاء اللجنة العسكرية. كان لؤي الأتاسي في الإسكندرية عندما تحرك جاسم علوان وأمر قواته بتطويق دمشق والسيطرة عليها. اندلعت مواجهات دامية عند مدخل مبنى التلفزيون في ساحة الأمويين، بين جماعة علوان وعناصر الشرطة والجيش. سقط عدد كبير من المدنيين والعسكريين، وقاد وزير الداخلية أمين الحافظ عملية التصدي للانقلاب. نجح في اعتقال جاسم علوان، ثم أرسل إلى مجلس قيادة الثورة قائمة بأسماء الشخصيات الناصرية المتورطة بالانقلاب، وطُلب إلى الأتاسي التصديق على إعدامهم.
رفض التوقيع، فتجاوزته اللجنة العسكرية وأعدمت 21 من المتهمين في 18 تموز، وسبعة آخرين في 21 تموز. استقال من منصبه احتجاجاً في 27 تموز 1963، وعُيّن أمين الحافظ خلفاً له في رئاسة مجلس قيادة الثورة، قبل أن يصبح رئيساً للدولة.
الوفاة
اعتزل لؤي الأتاسي الحياة السياسية والعسكرية، وعاش سنوات تقاعده الطويلة في حمص حتى وفاته يوم 24 تشرين الثاني 2003، عن عمر ناهز 77 عاماً. أجريت له جنازة رسمية، وجلل نعشه بالعلم السوري كما شارك في تشييعه وزير شؤون رئاسة الجمهورية غسان اللحّام.
المناصب الرسمية
المنصب | الفترة | سبقه | خلفه |
---|---|---|---|
رئيس مجلس قيادة الثورة | 23 آذار – 27 تموز 1963 | أول من تولاه | أمين الحافظ |