ولد رؤوف الأيوبي في دمشق وتخرج من المعهد الشاهاني الملكي في إسطنبول سنة 1900 حاملاً شهادة في “الإدارة الحكومية.” عَمل مدرّساً في مدرسة بيروت السلطانية ثم انتقل إلى العمل الحكومي وعُيّن بمعية والي بيروت ثم قائمقام بلدة طبريا. وبعدها جاء تعيينه في الناصرةويافا،وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى سمّي متصرفاً على حماة.
رفيق بن أحمد شكري (1923 – 3 آذار 1969)، مطرب وملحّن سوري من دمشق، كان الأشهر بين أبناء جيله في خمسينيات القرن العشرين وفي سجله الفني قرابة 200 لحن وأكثر من 500 أغنية. غنى للحب والأسرة والقضية الوطنية السورية ولحّن لمطربين كبار مثل كروانوماري جبرانوفايزة أحمد، وهو أحد مؤسسي إذاعة دمشق سنة 1947.
البداية
ولد رفيق شكري في حيّ الميدان وتلقى علومه في المدارس الحكومة، قبل أن يلتحق بعالم الفن تحت إشراف ورعاية الفنان صبحي سعيد، عازفاً على العود ومقلداً الموسيقار المصري محمد عبد الوهاب. أولى حفلاته كانت سنة 1935 ولكن شهرته الحقيقية بدأت مع عمله في الإذاعة المحلية في ساحة النجمة التي أطلقتها السلطات الفرنسية عام 1941. لحّن له صبحي سعيد أولى أغنياته “لما هويتك ما كانش ذنبي” (كلمات عزت حصرية) التي نالت استحسان المستمعين.
ولد رفيق سلّوم في مدينة حمص ودَرَس في المدرسة الروسية الابتدائية. توسم فيه مطران حمصاثناسيوس عطاء الله النُبوغ، فرسمه راهباً مبتدئاً وأرسله إلى المدرسة الإكليريكية البلمندية، ليدرس فيها العلوم اللاهوتية. عاد إلى حمص، وأقام في دار المطرانية الأرثوذكسية، ولكنه سرعان ما قرر خلع ثوب الرهبنة والذهاب إلى الكلية السورية البروتيستانتية (الجامعة الأميركية في بيروت) لإكمال تعليمه. وضع أولى رواياته “أمراض العصر الحديث” وهو على مقاعد الدراسة ثم توجه إلى إسطنبول لدراسة الحقوق.
كان لرفيق سلّوم ولع وهواية بالموسيقا، فأتقن العزف على آلات القانون والعود والكمان والبيانو
الاعتقال والإعدام
في عام 1914، دخلت الدولة العثمانيةالحرب العالمية الأولى، وسيق رفيق سلّوم إلى الخدمة الإلزامية في الجيش العثماني. اعتُقِل يوم 27 أيلول 1915 بتهمة معارضة الدولة العثمانية، ونُقل إلى الديوان الحربي في عاليه، حيث حُكم عليه بالإعدام شنقاً مع رئيس المنتدى الأدبيعبد الكريم خليل. ولما صدر الحكم، بعث برسالة مؤثرة إلى والدته وصف ما ذاقه من تعذيب في أثناء توقيفه واستجوابه، وذكَر أسماء الأشخاص الذين وشوا به وسامحهم. وأوصى أن تُكتب على قبره الأبيات الآتية:
وإن الذي بيني وبين بني أبي وبين بني عمي لمختلف جدّا
فإن أكلوا لحمي وفَرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيتُ لهم مجدا
وإن ضيّعوا غيبي حفظت غيوبهمم وإن همُ هوُوا غيّي هَوِيتُ لهم رشدا
وإن زجروا طيراً بنحس تمر بي زجرت لهم طيراً تمر بهم سعدا
أعدم عبد الكريم خليل أولاً في بيروت سنة 1915 ونُفذ حكم الإعدام برفيق سلّوم بساحة المرجة بدمشق يوم 6 أيار 1916، وكان معه عدد من أحرار العرب مثل شفيق مؤيد العظمورشدي الشمعةوشكري العسلي وصديقه عبد الحميد الزهراوي. في مذكراته، يصف فؤاد أردن، رئيس أركان الجيش الرابع العثماني، موقف رفيق سلّوم أمام الموت قائلاً: “سار إلى المشنقة بخطوات ثابتة سريعة فما إن تلقاه المأمور الذي تولى شنقه حتى رمى طربوشه على الأرض ولكن رفيقاً صاح به غاضباً: “ردوا الطربوش. لا يحقّ لكم أن ترموه على الأرض!” فأذعنوا لطلبه ووضعوه على رأسه ولم يلحظ آنئذٍ أن الطربوش تلطخ بالتراب، ولو لا حظ لصاح بهم: “نظفوا طربوشي من الغبار!”
رضا سعيد الأيتوني (1876-1946)، طبيب سوري من دمشق وأحد مؤسسي معهد الطب العربي، أنتُخب رئيساً للجامعة السورية عند تأسيسها سنة 1923 وسمّي وزيراً للمعارف في زمن الثورة السورية الكبرى. بعد زوال الحكم العثماني شارك في تعريب المناهج السورية ويعود له الفضل في حصول الجامعة على اعتراف دولي بشهاداتها الطبية. ارتبط اسمه بالعصر الذهبي للجامعة السورية، ويعد رئيساً المؤسس، ما جعله أيضاً من الآباء المؤسسين للدولة السورية الحديثة.
البداية
ولِد رضا سعيد في دمشق ودرس في مدارسها الحكومية وفي الكلية الطبية العسكرية في إسطنبول. وعند تخرجه سنة 1902 انتقل إلى فرنسا لدراسة طب العيون والعمل في مستشفى أوتيل ديو في باريس. ومع بداية الحرب العالمية الأولى سنة 1914، عاد إلى دمشق وعُيّن مديراً للدائرة الطبية في الخط الحديدي الحجازي وطبيباً في المشتشفى الحميدي، الذي عُرف في عهد الاستقلال بمشفى الغرباء.
في حزيران 1923، صدر مرسوم من رئيس الدولة صبحي بركات بدمج معهد الطب مع معهد الحقوق في مؤسسة تعليمية واحدة في منطقة البرامكة، أطلق عليها اسم الجامعة السورية. ترشح رضا سعيد لرئاسة الجامعة، وفاز على منافسيه محمد كرد علي، رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق، وعبد القادر العظم، عميد معهد الحقوق. وفي عهده افتتحت مطبعة الجامعة ودشّن مدرج الجامعة الكبير، مع إطلاق المجلّة الطبية الصادرة عن كلية الطب، التي ترأس تحريرها الدكتور مرشد خاطر. وفي عهده أيضاً فتحت الجامعة السورية أبوابها للطالبات وكانت أولى الخريجات الدكتورة لوريس ماهر، التي نالت شهادة من كلية الطب سنة 1930.
رضا سعيد وزيراً للمعارف
وفي 10 كانون الأول 1924، عُيّن رضا سعيد وزيراً للمعارف في حكومة صبحي بركات الثانية وجدد له في حكومة بركات الثالثة والأخيرة حتى 21 كانون الأول 1925. جمع سعيد بين مهامه عمله الحكومي ورئاسة الجامعة السورية، وفي عهده الوزاري وقع العدوان الفرنسي على مدينة دمشق في 18 تشرين الأول 1925. أمر الوزير رضا سعيد بإغلاق المدارس السورية كافة، خوفاً على سلامة الطلاب ولكنّه رفض إغلاق الجامعة السورية، على الرغم مع ازدياد المظاهرات الطلابية المعارضة لفرنسا قائلاً: “كلّما تعلمتم أكثر، كلّما خافوا منكم أكثر.”
التقاعد والوفاة
غادر منصبه الوزاري نهاية العام 1925 وبقي رئيساً للجامعة حتى بلوغه سنّ التقاعد سنة 1936. غاب بعدها عن أي نشاط سياسي وظل يدرس في كلية الطب لغاية وفاته سنة 1946. أطلق اسمه على شارع رئيسي وسط العاصمة السورية وسمّيت قاعة كبيرة في الجامعة على اسمه. وقد صدرت عدة كتب وأبحاث عن حياته، كان أبرزها رضا سعيد مؤسس الجامعة السورية للسفير الدكتور صباح قباني. قرأ شقيق المؤلف – الشاعر نزار قباني – مسودة الكتاب وكتب عنه قائلاً:
الإطار الروائي الذي أحاط به المؤلف حياة الدكتور رضا سعيد جعل منه بطلاً إغريقيًّا يصارع أقداره واحدًا بعد آخر، ولولا هذا الإطار الدرامي الذي اختاره لما اختلف الكتاب عن أي سيرة ذاتية عادية. كما أن المؤلف خلع على الدكتور سعيد عباءة من قصب الثقافة لم يكن ليخلعها عليه سواه.
علي رضا باشا الركابي (1868 – 25 أيار 1942)، سياسي سوري من دمشق وضابط عربي في الجيش العثماني، خدم في الحرب العالمية الأولى وكان أول حاكم عسكري على سورية بعد تحريرها من الحكم العثماني سنة 1918. عينه الملك فيصل الأول رئيساً للحكومة وعند الإطاحة بالعهد الملكي وفرض الانتداب الفرنسي على سورية، سافر الركابي إلى عمّان وسمّي رئيساً لحكومة إمارة شرق الأردن مرتين في السنوات 1922-1926. عاد بعدها إلى دمشق وأسس حزب الأمة الملكي الذي رشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية السورية سنة 1932. وعندما لم ينجح، قرر اعتزال العمل السياسي واعتكف في بيته حتى وفاته عام 1942.
البداية
ولِد علي رضا الركابي في دمشق وهو سليل أُسرة دمشقية كبيرة عَمل أبناؤها بالتجارة والزراعة. دَرَس في الكلية العسكرية في إسطنبول والتحق فور تخرجه بالجيش العثماني، قائداً عسكرياً في القدس ثم في المدينة المنورة. نُقل بعدها إلى بغداد ثمّ إلى البصرة، وعارض دخول الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا القيصرية، مُطالباً بحياد الجيش العثماني في معارك أوروبا. عُدّ موقفه انهزامياً وصدر أمر بتسريحه وإحالته إلى التقاعد المُبكر، عِلماً أنه لم يكن قد تجاوز بعد السادسة والأربعين من عمره. ولكن جمال باشا، قائد الجيش الرابع في سورية، فضّل الاستفادة من خبرته الإدارية وعيّنه رئيساً لبلدية دمشق عام 1915.
وعند دخول الضابط البريطاني توماس لورنس إلى دمشق في 1 تشرين الأول 1918، قام بعزل سعيد الجزائري وتعيين الركابي حاكماً عسكرياً مطلق الصلاحيات، مشرفاً على مجلس مديرين مصغَّر. قام الركابي باعتقال الأمير سعيد ونصب المشانق وسط ساحة المرجة، لإرهاب اللصوص والمرتزقة الذين قاموا باستباحة الأحياء والأسواق عشية انسحاب الجيش العثماني.
في مدة حكمه احتل الجيش الفرنسي مدينة اللاذقية وكامل الساحل السوري، وقدّم الركابي دعماً عسكرياً ولوجستياً لكل الثورات المُسلّحة التي انطلقت ضد الفرنسيين، في الشمال والساحل وأنطاكية. كانت ثقة الأمير فيصل كبيرة جداً بالركابي، منذ أن قابله للمرة الأولى في زيارته دمشق في آذار 1915. وكان اللقاء قد رُتّب في منزل عطا باشا البكري، يوم انتساب فيصل والركابي إلى الجمعية العربية الفتاة.
مُنجزات الركابي
أبرز منجزات رضا الركابي كانت في تعريب مؤسسات الدولة السورية وإعادة فتح معهد الطب في منطقة البرامكة يوم 23 كانون الثاني 1919 بعد تسميته “معهد الطب العربي” وتكليف الطبيب رضا سعيد بعمادته. وفي 25 أيلول 1919، أشرف الركابي على إعادة افتتاح معهد الحقوق وعيّن القانوني الفلسطيني عبد اللطيف صلاح عميداً له. وأسّس صحيفة يومية ناطقة باسم الحكومة السورية سُمّيت جريدة العاصمة وأمر بإلغاء كل الألقاب العُثمانية، ومنها لقب “الباشا” الذي كان يتمتع به منذ سنوات خدمته العسكرية في الجيش العثماني.
اختار رضا الركابي أحد أساتذة الحقوق المرموقين، شاكر الحنبلي، ليكون مديراً للرسائل في مكتبه (وهو المنصب الذي بات يُعرف لاحقاً بالأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء) وعيّن الوجيه الحمصي علاء الدين الدروبي والياً على مدينة دمشق. وجاء بالضابط الدمشقي شكري باشا الأيوبي حاكماً عسكرياً على بيروت، وعند اعتراض الفرنسيين عليه، نقلهُ إلى حلب واختار الوجيه الشاب رؤوف الأيوبي، خريج المعهد الملكي في إسطنبول، ليكون حاكماً على لواء الكرك، الذي ضمّ معظم مناطق شرق الأردن.
ذات يوم، طلب وفد من أعضاء مجلس الشورى الاطلاع على قرار تعيين الركابي حاكماُ عرفياً من قبل الأمير فيصل، للتأكد من سلامة القرار من الناحية القانونية. صاح الركابي في وجههم: “ألم تر عينكم أني قرّة عيون المُجاهدين والجيوش الحليفة الظافرة؟ قولوا لي أولاً، ما هي صفتكم التي تخولكم هذا الطلب؟” أجاب أحد أعضاء الوفد أنهم أعضاء في مجلس الشورى المعيّن من قبل الأمير سعيد الجزائري، فقاطعه الركابي قائلاً: “أنا الحاكم العسكري بأمر من القائد العام، وسأنظر في مهام مجلس الشورى!”
جال الركابي على المدن السورية وأبدى تعاطفاً كبيراً مع الأرمن الهاربين من مجازر الأتراك في الحرب العالمية الأولى. نظراً لظروفهم الاقتصادية الخاصة، أصدر قراراً بإعفائهم من الضرائب وإعادة جدولة ديونهم المستحقة أمام المصارف. نزل بعدها إلى حارة اليهود في دمشق القديمة واجتمع بالحاخام يعقوب الدانون، وسمّى أحد أبناء الطائفة الموسوية عضواً في مجلس بلدية دمشق.
رئيساً للحكومة السورية (9 آذار – 5 أيار 1920)
ظلّ الركابي حاكماً عسكرياً على سورية من 3 تشرين الأول 1918 ولغاية تعيينه نائباً للأمير فيصل في حكومة المديرين يوم 22 تشرين الثاني 1919. وفي 8 آذار 1920، أعلن المؤتمر السوري العام استقلال سورية التام بحدودها الطبيعية وتتويج الأمير فيصل ملكاً على البلاد. وفي صباح اليوم التالي، كُلّف الركابي بتشكيل حكومته الثانية، ذهبت فيها وزارة الدفاع إلى الضابط عبد الحميد باشا القلطقجي وعُيّن السياسي الفلسطيني سعيد الحسيني وزيراً للخارجية. تُعد هذه الحكومة هي الثانية للركابي بعد استقلال سورية عن الأتراك، حتى لو حملت الأولى صفة انتقالية عسكرية فقط، ولكنّها لم تدم طويلاً بسبب تهديدات الفرنسيين وزحفهم تجاه مدينة دمشق، قادمين من سهل البقاع.
كان موقف الركابي صارماً في رفضه لأيّة مواجهة عسكرية مع فرنسا، خوفاً على الجيش السوري من الهلاك، وقال مراراً للملك فيصل إن هذا الجيش غير قادر على المواجهة وإنه سيُسحَق لو فعل. ورفض مقترح تسليح الأهالي وتشكيل مقاومة شعبية ضد فرنسا، قائلاً: “إن اتباع هذه الخطة سيؤدي إلى الفشل. ليس لدينا سلاح يزيد عن حاجة الجيش فلا نستطيع التفريط به لتسليح العصابات.” وبناء على هذا الموقف تم جِيء بهاشم الأتاسي لتشكيل حكومة مواجهة في 3 أيار 1920، غاب فيها الركابي عن أي منصب.
في مُذكّراته، يصف القاضي يوسف الحكيم مرحلة الركابي في الحكم قائلاً: “كان الحاكم العسكري الفريق رضا الركابي قائماً بكل ما يتطلبه مركزه الخطير وقد أجمعت الكلمة على حزمِه وعِلمه ونزاهته وحسن إدارته وأشادت بذلك ذلك الصحف الوطنية والأجنبية على حد سواء.”
رئيساً للحكومة الأردنية
ثبتت صحة مخاوف رضا الركابي، وبعد هزيمة الجيش السوري في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920، خُلِع الملك فيصل عن العرش وفرِض الانتداب الفرنسي على سورية. رحل الركابي عن دمشق بعد صدور قرار فرنسي باعتقاله، وتوجه أولاً إلى مصر ثم إلى الحجاز، حيث وضع نفسه تحت تصرف الشريف حسين. وقد طلب إليه الشريف حسين الذهاب فوراً إلى عمّان ومساعدة ابنه الأمير عبد الله في تأسيس إمارة شرق الأردن. استفاد الأمير عبد الله من خبرة الركابي السياسية والعسكرية وفي 10 آذار 1922، عينه رئيساً للوزراء. من موقعه الجديد، عَمل على وضع قوانين الدولة الأردنية الحديثة، لا سيما في نطاق الأنظمة المالية والجهاز الإداري. وفي 3 تشرين الأول 1922 دعاه الأمير عبد الله إلى مرافقته إلى لندن، لعقد معاهدة بين الأردن وبريطانيا. وبعد العودة إلى عمّان اصطدم الركابي بضابط ضابط الاستخبارات البريطاني جون فيلبي، المُقرب جداً من الأمير عبد الله، فقدم استقالته، ليُعاد تكليفه برئاسة الحكومة الأردنية مرة ثانية في 3 أيار 1924 ولغاية 23 حزيران 1926.
انتخابات الاتحاد السوري الفيدرالي
وبعد نهاية عمله في الأردن عاد الركابي إلى دمشق وشارك في تأسيس حزب سياسي يُدعى حزب الأمة الملكي، هدفه الوحيد استعادة العرش الهاشمي وإعادة تتويج فيصل بن الحسين ملكاً على سورية. وفي 11 كانون الثاني 1930، وصل دمشق الملك عليّ بن الحسين، أكبر أبناء الشريف حسين اجتمع مطوّلاً برضا الركابي في فندق الأورينت بالاس لمناقشة كيفية استنهاض المشروع الهاشمي في سورية. رشّح حزب الأمة الملكي الركابي لأول انتخابات رئاسية جرت بدمشق في 11 حزيران 1932. ولكنه انسحب من جولتها الأولى بسبب عدم حصوله على أصوات كافية، وقرر اعتزال العمل السياسي.
الوفاة
أصيب رضا الركابي في نهاية حياته بجلطة أدت إلى شلل نصفي مُزمن، فغاب كلياً عن الأنظار وتوفي في دمشق عن عمر ناهز 74 عاماً يوم 25 أيار 1942. وقد اشتهر من بعده نجله أكرم الركابي، الذي تولّى الأمانة العامة لوزارة الزراعة السورية في مطلع عهد الاستقلال.
راشد باشا مردم بك (1870-1947)، قاضٍ سوري من دمشق، كان عضواً في مجلس الشورى في عهد الملك فيصل الأول وهو والد سنيّة العظم، الزوجة الأولى للرئيس خالد العظم، والتي توفيت سنة 1920.
البداية
ولِد راشد مردم بك في دمشق وهو سليل أُسرة ثرية وعريقة، عمل أبناؤها بالتجارة والسّياسة في مراحل مختلفة من الحكم العثماني. دَرَس القانون في معهد الحقوق في إسطنبول وتزوج من ابنة الشيخ محمد المنيني، مفتي دمشق في نهاية القرن التاسع عشر. انتُخب مردم بك عضواً في مجلس دمشق البلدي وقاضياً في محكمة الاستئناف ثمّ في محكمة الصلح.
في نهاية العشرينيات، اعتزل راشد مردم بك العمل السياسي وتفرّغ لإدارة أملاك الأسرة، التي كان هو ناظراً عليها، حتى وفاته في دمشق عن عمر ناهز 76 عاماً سنة 1946. وقد وُري الثرى في مدافن الأسرة المردمية في مقبرة الباب الصغير بدمشق.
ومع انسحاب القوات العثمانية عن دمشق سنة 1918، تقدم مع أبيه للترحيب بالشريف فيصل بن حسين القادم من الحجاز، الذي أعجب بشخصيته واختاره ليكون كاتباً في ديوانه ثم سكرتيراً في قصره. لازم مردم بك الأمير فيصل من مطلع 1919 وحتى صيف عام 1920، وكان شاهداً على كل المباحثات السّياسية بينه وبين الفرنسيين، كما شارك بمراسيم تتويجه ملكاً على سورية في 8 آذار 1920.
شهدت العلاقات السورية – السعودية نمواً كبيراً في عهد القوتلي، نظراً للصداقة الشخصية والقديمة التي كانت تجمع بينه وبين الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود. وفي سنة 1947، عُيّن حيدر مردم بك وزيراً مفوضاً في الرياض ومبعوثاً شخصياً للرئيس القوتلي إلى بلاط الملك عبد العزيز، حيث كانت مهمته نقل الرسائل بين الزعيمين أثناء حرب فلسطين الأولى. ولكنه أقيل من منصبه بعد نجاح الانقلاب الأول في 29 آذار 1949، الذي أدى إلى سقوط حكم القوتلي واعتقاله. وبعد القضاء على حكم حسني الزعيم ومقتله في منتصف شهر آب من العام 1949، عاد حيدر مردم بك إلى وزارة الخارجية وسمّي وزيراً مفوضاً في روما أولاً ثم في بغداد يوم 11 حزيران 1951. قدم أوراق اعتماده إلى الملك فيصل الثاني وبقي في منصبه حتى قيام جمهورية الوحدة مع مصر في شباط 1958. عندها قرر ترك العمل الحكومي بشكل كامل والتفرغ لإدارة أملاك الأسرة.
الوفاة
توفي حيدر مردم بك في دمشق عن عمر ناهز 87 عاماً سنة 1981.
وفي عهد الاستقلال انتخب مشرعاً في الجمعية التأسيسية التي وضعت دستور عام 1950 وعُيّن رئيساً للحكومة مرة ثانية في عهد الرئيس هاشم الأتاسي سنة 1951. يُعد حسن الحكيم أحد الآباء المؤسسين للدولة السورية الحديثة وله يعود الفضل في وضع العديد من القوانين المالية والمصرفية في سورية. وقد عمل الحكيم في المصارف وأسس المصرف الزراعي العراقي وكان أحد مؤسسي البنك العربي في فلسطين، إضافة لإدارة المصرف الزراعي في سورية ما بين 1937-1939.
البداية
ولِد حسن الحكيم في حيّ الميدان وهو سليل عائلة دمشقية كبيرة اشتهر أبناؤها بالتجارة والإدارة والعلوم الدينية. دَرس في المدرسة الرشدية أولاً ثم في المكتب الإعدادي الثانوي وعند تخرجه سنة 1905 عمِل في مكتب المحاسبة الحكومي في بلدة دوما ثم في المصرف الزراعي بدمشق. عُيّن مسؤولاً عن محاسبة فرع المصرف في مرجعيون سنة 1906 ثم في حوران وبعدها في حماة لغاية أيلول 1909. عُيّن بعدها مديراً للشعبة الثانية في مكتب اللوازم العسكرية وبقي في منصبه حتى نهاية الحرب العالمية الأولى وانسحاب الجيش العثماني عن دمشق سنة 1918.
قضية تأخُر البرقية
عينه الأمير فيصل مفتشاً مالياً على على جميع الأراضي السورية المحررة من الحكم العثماني، مسؤولاً عن حماية مخزون البلاد من الذهب والعملات الأجنبية. وفي سنة 1920، سمّي مديراً عاماً للبرق والبريد وقد أصدر طابعاً شهيراً يُعد الأندر بين مجموعة الطوابع السورية، موشَّحاً بماء الذهب بمناسبة تتويج الأمير فيصل ملكاً على البلاد يوم 8 آذار 1920.
وفي 14 تموز 1920 صدر إنذار شديد اللهجة من الجنرال الفرنسي هنري غورو إلى الملك فصل، مطالباً بحلّ الجيش السوري وتسليم البلاد إلى فرنسا بموجب اتفاقية سايكس بيكو الموقعة في أثناء الحرب العالمية الأولى بين حكومتي باريس ولندن. قَبِل الملك فيصل الشروط الفرنسية وبعث ببرقية تنص على ذلك إلى الجنرال غورو، الذي ادّعى أنها وصلت متأخرة عن الموعد المحدد لقبول الإنذار. وبناء على هذا التأخير المُفترض، بدأ الزحف الفرنسي تجاه مدينة دمشق لاحتلالها بالكامل وفرض الانتداب الفرنسي على سورية. وقعت المواجهة في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920، أدت إلى احتلال سورية وتنحية الملك فيصل عن العرش.
وُجهت اتهامات إلى حسن الحكيم أنه أخّر إرسال البرقية عن سابق قصد وتعمد، وشُكل مجلس عرفي لمحاكمته في 1 آب 1920، برئاسة القائممقام محمد علي النقشبندي. علّق الحكيم على هذه الحادثة في مذكراته قائلاً:
تأخير البرقية لو كان بأمر مني لكان ذلك عملاً يشرفني ويدل دلالة قاطعة على صدق وطنيتي لخوفي من أن يحتل الإفرنسيون البلاد بإرادتنا ورضانا دون أن ندخل معهم ولو في معركة واحدة تساعدنا على حفظ شرفنا العسكري على الأقل. ولكن وجداني يأبى عليّ أن أدعي ما ليس لي به علم، فضلاً عن أنه لا يمكنني أساساً أن أتحمل مسؤولية كبرى مثل هذه المسؤولية مهما كنت متطرفاً في وطنيتي.
شمل حسن الحكيم العفو الفرنسي الأول سنة 1922 وعاد إلى دمشق مع الشهبندر للمشاركة في ترتيب زيارة الدبلوماسي الأميركي شارل كراين إلى سورية، ما أثار حفيظة الفرنسيين الذين ألقوا القبض عليهم وساقوهم إلى سجن القلعة بتهمة تقاضي أموال من الحكومة الأميركية. حُكم عليه بالسجن عشر سنوات، قضى منها الحكيم تسعة عشر شهراً بين معتقلات جزيرة أرواد ودمشق.
وفي صيف عام 1940 اغتيل صديقه عبد الرحمن الشهبندر في عيادته الطبية بدمشق وأشرف حسن الحكيم على تشكيل فريق من المحامين الكبار للمرافعة أمام القضاء. وجهت الاتهامات يومها إلى قادة الكتلة الوطنية المعارضين للشهبندر، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة الأسبق جميل مردم بك. ولكن المحكمة الفرنسية المخصصة للنظر في الجريمة أعلنت براءتهم، ما أغضب الحكيم كثيراً. رأى أن تلاعباً قد حصل في التحقيقات وحاول جاهداً إعادة فتح ملف الشهبندر أمام القضاء ولكنّه لم يفلح بسبب معارضة زعماء الكتلة الوطنية.
وقد شهد عهده إعلان استقلال سورية في 27 أيلول 1941، وتوحيد جبل الدروزوجبل العلويين مع بقية الأراضي السورية. ولكنّ ديغول اشترط بقاء القوات الفرنسية في سورية لحين انتهاء العمليات القتالية في أوروبا. استمرت حكومة الحكيم في العمل لغاية 17 نيسان 1942، وقد استقال الحكيم من منصبه احتجاجاً على تدخلات رئيس الجمهورية في عمله وعدم احترامه لاستقلالية السلطة التشريعية.
الحكيم ودستور عام 1950
في مطلع عهد الاستقلال، رفض حسن الحكيم العمل مع حسني الزعيم، مهندس الانقلاب الأول في سورية يوم 29 آذار 1949. وبعد انهيار حكمه وإعدامه يوم 14 آب 1949 عاد الحكيم إلى نشاطه السياسي وحضر اجتماعاً كبيراً في مبنى الأركان العامة، دعا إليه رئيس الأركان سامي الحناوي الذي أطاح بالزعيم وحكمه. انتُخب الحكيم مُشرعاً في المؤتمر التأسيسي المُكلّف بوضع دستور جديد للبلاد، بدلاً من الدستور القديم الذي قام حسني الزعيم بتعطيله قبل أشهر. وشارك في صياغة القسم الرئاسي الجديد، الذي خلا من أية إشارة إلى نظام سورية الجمهوري، ما عدّه بعضهم تمهيداً لضم سورية إلى العراق ووضعها تحت عرش الأُسرة الهاشمية الحاكمة في بغداد. وبعد الانتهاء من العمل على الدستور الجديد، تحول المجلس الدستوري إلى برلمان مُنتخب، وأصبح حسن الحكيم فيه ممثلاً عن مدينة دمشق.
الحكومة الثانية سنة 1951
وبعد عودة هاشم الأتاسي إلى الحكم، عُيّن الحكيم وزيراً للدولة في حكومة ناظم القدسي في أيلول 1950، قبل تكليفه بتشكيل حكومة جديدة في 9 آب 1951. معظم الوزراء الجدد في حكومته كانوا من المحسوبين على التيار الهاشمي المنادي بوحدة سورية والعراق، ومع ذلك، لم يُشِر حسن الحكيم في برنامج حكومته إلى أي مشروع وحدوي لا مع العراق ولا مع الأردن، واكتفى فقط بالمطالبة بعلاقات متينة مع دول الجوار كافة.
واجهت حكومته الثانية تحديات عدة، كان أولها النقص الحاد في الحبوب والمؤن، والذي عالجه باستيراد 50 ألف طن من القمح من تركيا. وشهدت فترة حكمه مظاهرات عارمة لموظفي القطاع العام المطالبين بزيادة في رواتبهم، ولكن حسن الحكيم رفض الاستجابة بسبب عجز كبير في الموازنة العامة قائلاً: “لا يمكن إعطاؤكم ما لا أملكه، فأنا مسؤول أمامكم وأمام المكلفين ضريبياً ولا أستطيع فرض أية ضريبة جديدة على الناس لتأمين كتلة مالية لرفع الرواتب.”
ولد حسن تحسين الفقير في حي الشاغور بدمشق ودَرَس العلوم العسكرية في كلية إسطنبول الحربية. وعند تخرجه برتبة ملازم ثانٍ سنة 1905، عُيّن أستاذاً في هيئتها التدريسية حتى سنة 1914، تاريخ نقله قائداً للجبهة العثمانية في رومانيا مع اندلاع الحرب العالمية الأولى. عاد إلى دمشق مع انتهاء الحرب سنة 1918 وبايع الأمير فيصل حاكماً عربياً على سورية، الذي كلفه بقيادة لواء المشاة الرابع في عمّان، ثم الفرقة الأولى المخصصة لحماية العاصمة دمشق.
تراجع الملك فيصل عن قرار التسريح وطلب إلى تحسين الفقير جمع القوات المبعثرة وإعادة تشكيل الجيش تمهيداً لمواجهة حتمية مع الفرنسيين. وصل عدد القوات السورية يومها، بحسب ما ورد في مذكرات الفقير: 3800 جندي نظامي، 48 مدفعاً وثمانية رشاشات فقط لا غير. وبتكليف من وزير الحربية، سمّي الفقير قائداً للجيش السوري في معركة ميسلون وعضواً في المجلس الحربي الذي شكله الملك فيصل. أرسل اللواء الثاني مشاة إلى قرية مجدل عنجر في سهل البقاع، بقيادة المقدم موفيق عاقل، واللواء الرابع إلى حاصبياوراشيا، وأُبقي الفوج الثاني من اللواء الأول في محيط دمشق للدفاع عنها، بقيادة المقدم إسماعيل زهدي. أشرف الفقير على حفر الخنادق وإقامة المتاريس، ووضع مدافع جبلية بين الأشجار في مكان مستور مشرف على القواعد الفرنسية، كما أقام مركزاً لقيادته العسكرية في قلعة مجدل عنجر، المطلة على سهل البقاع، وأمر قواته بنسف جسور رياق الواصلة مع بلدة جب جنين على نهر الليطاني، والخط الحديدي في سرغايا. وأخيراً، أمر بتلغيم جسور بر إلياسودير زنون، وعدم نسفها إلا في حالات الضرورة القصوى. عُين رئيس الأركان ياسين الهاشمي قائداً لجبهة دمشق، والزعيم الركن يحيى حياتي بك قائداً لجبهة حمص، والعقيد الركن إسماعيل الطباخ قائداً لجبهة حلب في شمال البلاد.
عدد القوات الفرنسية والسورية
كان الجيش الفرنسي في ميسلون مؤلفاً من أربعة ألوية مشاة ولواء خيالة واثنتي عشرة بطارية من المدفعية، معها خمس مدافع ميدان سريعة وخمس مدافع جبلية، إضافة لخمس عشرة دبابة وخمس طائرات حربية و100 رشاش. وفي المقلب الآخر، فُتح باب التطوع في الجيش السوري وتقدم 1700 مدني طالبين الجهاد ضد فرنسا، ولكن وبعد تسلمهم السلاح، فرّ معظمهم ولم يبق إلا 300 متطوع فقط، إضافة لـ 115 خيالاً قدموا لمساندة الجيش من حيّ الميدان. جمعاً وصل عدد القوات السورية يومها إلى 850 شخصاً، بين جندي نظامي ومتطوع، 647 منهم لا يحملون أي سلاح. وشاركت في المعركة سرية الحرس الملكي، بقيادة محمد علي العجلوني، وسرية الهجانة بقيادة المقدم مرزوق التخيمي، و60 خيالاً نظامياً وسرية رشاش بقيادة الرئيس هاشم الزين.
توفي حسن تحسين باشا الفقير يوم 21 تموز 1948، قبل أن تضع حرب فلسطين أوزارها، وأقامت له الحكومة السورية جنازة عسكرية، حضرها ممثل عن رئيس الجمهورية. شُيّع جثمانه من الجامع الأموي إلى مدافن الأسرة في مقبرة باب الصغير بدمشق.
حزب الشعب، أول حزب سياسي ظهر في سورية بعد خمس سنوات من فرض الانتداب الفرنسي سنة 1920. أسسه الدكتور عبد الرحمن الشهبندر ولكن فترة نشاطه كانت قصيرة للغاية بسبب تأييد زعمائه للثورة السورية الكبرى التي انطلقت عام 1925. أدى موقف الشهبندر ورفاقه إلى حظر الحزب وإغلاق مكاتبه كافة بعد مصادرة كلّ أوراقه الرسمية من قبل سلطات الانتداب. وفي مطلع عهد الاستقلال ظهر حزب جديد حمل الاسم نفسه في مدينة حلب، برئاسة ناظم القدسيورشدي الكيخيا، ولكن لا علاقة له بحزب الشعب الدمشقي الذي انتهى دوره في منتصف عام 1925.
التأسيس سنة 1925
أنشأ حزب الشعب في 9 شباط 1925 وأقيم له حفل إشهار في أوبرا العباسية بدمشق يوم 5 حزيران 1925، حضره مئتي شخصية سورية، يتقدمهم الرئيس المؤسس عبد الرحمن الشهبندر الذي خطب بالحضور قائلاً:
من دواعي التفاؤل أن يرى المرء هذا الجمع المبارك ليحيي فيه أول كتلة وطنية انتظمت انتظاماً علنياً لخدمة البلاد. إن الليالي حبالى والمستقبل حافل بأنواع الاحتمالات فعلى الأقوام المظلومة التي تطلب الهواء الطلق والنور المشرق والحياة الرفيعة أن تجعل لكيانها قيمة مادية في الميزان الدولي وأن تُبقي قبس القومية مشتعلاً دائماً لتستضيء به في الملحمة القادمة إذ يكون الظلام دامساً والدليل حائراً والغلبة يومئذ للمتقين.
نادى حزب الشعب بوحدة الأراضي السورية واستقلالها التام وغير المشروط، وطالب بإنهاء الانتداب الفرنسي وانضمام سورية إلى عصبة الأمم، مع وضع دستور للبلاد وانتخاب مجلس نواب يُمثل كل فئات المجتمع السوري. كان الحزب محسوباً على الأسرة الهاشمية الحاكمة في بغدادوعمّان ومؤيداً لمبدأ استعادة عرش الملك فيصل في سورية، الذي نُحي عنه بالإكراه يوم فرض الانتداب الفرنسي قبل سنوات. وبعد أسابيع قليلة من إشهار الحزب بدمشق افتتح له أفرعاً في حمصوحماةوحلبواللاذقية.
نشاط الحزب
أشهر نشاطات الحزب كانت في المرحلة التي سبقت الإشهار الرسمي، يوم أضربت مدينة دمشق بإيعاز من الشهبندر في 8 نيسان 1925، احتجاجاً على زيارة اللورد جيمس بلفور إلى سورية. نظّم زعماء الحزب يومها مظاهرات حاشدة ضد بلفور وهددوا بقتله لو مكث ليلة واحدة في دمشق. وبعدها بأسابيع، نظموا مظاهرات ثانية ضد الانتداب، امتدت من مكتب عنبر حتى الجامع الأموي وسط مدينة دمشق القديمة.
تفرق أعضاء حزب الشعب منذ اندلاع الثورة السورية الكبرى ولم يتمكن الشهبندر من جمعهم مجدداً بعد عودته إلى سورية، ولم تسمح له الحكومة باستنهاض الحزب مجدداً، علماً أن رئيسها جميل مردم بك كان أحد مؤسسيه الأوائل. في مذكراته تطرق الشهبندر إلى تجربته الحزبية بشكل عابر وقال:
ولما تحقق الوطنيون السوريون أن الحالة تسير من سيئ إلى أسوأ، قرروا تأليف حزب باسم حزب الشعب، فغرقت السلطة قصارى جهدها لمنعهم من ذلك ولم يحصلوا إلا بعد جهد جهيد على ترخيص الحكومة لهم بالاجتماع.
أما فارس الخوري فقد ذكر حزب الشعب في أوراقه قائلاً:
سرني وسر غيري من عقلاء النصارى بعض مفكري المسلمين إلى وجوب التفرغ عن النعرة الدينية وإقامة الإسلام وحده مقام الجنسية الوطنية وتحايلهم لتأليف حزب سياسي وطني يأوي إليه المسلم والمسيحي واليهودي من أصحاب العقيدة الوطنية في سورية.