ماري بنت يوسف عبده عجمي (1888-25 كانون الأول 1965)، صحفية سورية من دمشق، أسست مجلة العروس النسائية سنة 1910 وكانت من أشهر الرائدات العربيات في الربع الأول من القرن العشرين. يعود لها الفضل في إطلاق الرابطة الأدبية، وهي الأولى من نوعها في سورية، وشاركت في تأسيس جمعية نور الفيحاء مع نازك العابد وحلقة الزهراء الأدبية مع زهراء اليوسف، إضافة لتأسيس وترأس النادي النسائي الأدبي سنة 1920.
البداية
ولدت ماري عجمي في منطقة باب توما بدمشق وكان جدها إليان تاجر حلي من حمص تعامل مع بلاد العجم ولقب بالعجمي. أما والدها فكان عضواً في المجلس الملّي لطائفة الروم الأرثودوكس ووكيل الكاتدرائية المريمية بدمشق، تزوج مرتين وأنجب عشرين ولدا.
الدراسة
درست عجمي في المدرسة الإيرلندية بدمشق ثم في المدرسة الروسية وبدأت تكتب وهي في الثانية عشرة من عمرها. أولى مقالاتها كانت عن الموسيقا، نشرت في مجلة “المحبة” سنة 1900 وبعدها بثلاث سنوات انتقلت للعمل في مدينة زحلة اللبنانية قبل سفرها إلى بيروت لدراسة التمريض في الكلية السورية البروتستانتية، التي تحول اسمها سنة 1920 إلى الجامعة الأمريكية في بيروت. لم تكمل تعليمها الجامعي وذهبت إلى بور سعيد للعمل في مدرسة الأمريكان، ثم عادت إلى دمشق وعينت معلمة في المدرسة الروسية. وفي سنة 1909 انتقلت إلى مصر مجددا وعينت ناظرة لمدرسة الأقباط للبنات في مدينة الإسكندرية.
مجلة العروس
عادت بعدها عجمي إلى سورية وأسست مجلة العروس سنة 1910 مع نخبة من السيدات السوريات، كان معظمهم يعملن معها بالسر ويوقعن مقالاتهن بأسماء مستعارة لتجنب مضايقات المجتمع الذكوري. صدر العدد الأول من العروس في مدينة حمص وكان شعارها: “إن الإكرام قد أعطي للنساء ليزين الأرض بأزهار السماء.” ارتبطت عجمي بعلاقة عاطفية مع مراسل المجلّة في بيروت، الصحفي اليوناني بيترو باولي وقبل زواجهم اعتقل الأخير بتهمة التآمر ضد الدولة العثمانية وأعدم شنقاً بساحة الشهداء في بيروت يوم 6 أيار 1916. كانت عجمي تزوره بسجنه في الجامع المعلّق وترشو الخفير لكي تراه. وقد كتب له قائلة:
أكتب لك على ضوء القنديل، لكن ما ينفع النور إذ كان القلب مظلما؟ أراك على كرسيك الطويل وهو عرشك الجديد في مملكة المجرمين، تتلون على مسامعهم سمرا لطيفا يخفف من بلوائهم فأنت في موقف قلما تسنى لكاتب إلا أجاد في وصفه، فلا تعبث في تأملاتك بل قيدها، لأن الزمان قد قيد عليك الوجود بين المجرمين. لقد نسيت العالم منذ رأيتك على هذا الحال. خذ حرية كحريتي، إن شئت، وأعطني سجنا كسجنك.
حزنت ماري عجمي على استشهاد حبيبها ورفضت الزواج من بعده، وظلت موشحة بالسواد إلى آخر يوم في حياتها.
نهاية العروس
توقفت العروس طيلة أربع سنوات الحرب العالمية الأولى وعادت لتصدر من دمشق بدعم من حاكم سورية الجديد الأمير فيصل بن الحسين في تشرين الأول 1918. دعاها الأمير فيصل لمقابلته في قصره في منطقة المهاجرين وبعد تتويجه ملكا ولدت صداقة متينة بينها وبين زوجته الملكة حزيمة بنت ناصر، التي كانت من أشد المعجبات بمجلة العروس. لم تتوقف المجل~ة بعد خلع الملك فيصل عن العرش وفرض الانتداب الفرنسي على سورية سنة 1920، وظلّت تصدر لغاية عام 1926، عندما قررت عجمي إيقافها طوعيا اعتراضا على الوحشية التي تعاملت بها فرنسا مع مطالب الشعب السوري في الثورة الوطنية، وقصفها للعاصمة دمشق في 18 تشرين الأول 1925.
الجمعيات الأهلية
تعاونت ماري عجمي مع الرائدة الدمشقية نازك العابد في تأسيس جمعية نور الفيحاء سنة 1920 وكانت من أسرة تحرير المجلة التي حملت نفس الاسم. وفي سنة 1920 أسست وترأست النادي النسائي الأدبي بدمشق، وعملت مدرسة في مدرسة بنات الشهداء في طريق الصالحية، التي كانت تديرها العابد. ولها يعود الفضل في إطلاق الرابطة الأدبية، وهي الأولى من نوعها في سورية، مع الشاعر خليل مردم بك والزعيم الوطني فخري البارودي والصحفي حبيب كحالة. انتسبت إلى حلقة الزهراء الأدبية التي كانت تديرها زهراء اليوسف، حرم رئيس الجمهورية محمد علي العابد، وظلت تكتب بشكل متقطع في صحيفة ألف باء الدمشقية.
السنوات الأخيرة والوفاة
انتقلت ماري عجمي إلى مصر للمرة الثالثة في حياتها سنة 1931 وعملت في تحرير مجلّة الأحرار المصورة، وفي سنة 1940 عينت مدرسة لغة عربية في ثانويات بغداد. وبعد عودتها إلى دمشق عملت مُدرّسة في مدرسة الفرنسيسكان لغاية عام 1944، قبل أن تترك الكتابة والتدريس وتقضي سنواتها الأخيرة في عزلة تامة في منزل أبيها الكبير في منطقة باب توما. غابت عن الظهور طوال حقبة الخمسينيات ولم تعلق لا على نكبة فلسطين أو على الانقلابات العسكرية التي تعاقبت على سورية منذ سنة 1949. شهدت الوحدة والانفصال وتوفيت في دارها بدمشق عن عمر ناهز 77 عاما يوم عيد الميلاد في 25 كانون الأول 1965.
مؤلفاتها
- أمجد الغايات (ترجمة، بيروت 1937)
- مختارات من الشعر والنثر (دمشق 1944)
التكريم
أطلقت وزارة المعارف السورية اسم “ماري عجمي” على مدرسة في منطقة القصّاع وفي سنة 2016 جمعت وزارة الثقافة أشعارها بكتاب ديوان ماري عجمي. وظهرت شخصية ماري عجمي في مسلسل حرائر سنة 2015 ولعبت دورها الممثلة حلا رجب كما وضعت عدة أبحاث وكتب عن حياتها ومنها:
- ماري عجمي (تأليف ميشال حجا، بيروت 2001)
- ماري عجمي صاحبة مجلة العروس (للأديب عيسى فتوح، دمشق 2002)
- رسائل الأميرة زينب الحسنية إلى الرائدة الشامية ماري عجمي (جمع وتقديم سهام ترجمان، دمشق 2005)
- ماري عجمي أديبة من عالم آخر (للدكتور إسماعيل مروة ونزيه خوري، دمشق 2019)