أعلام وشخصياتسياسيون ورجال دولة

حسني البرازي

رئيس الحكومة السورية (1942-1943)

الرئيس حسني البرازي
الرئيس حسني البرازي

حسني البرازي (1895-1973)، سياسي سوري من حماة، عُيّن رئيساً للحكومة السورية في عهد الرئيس تاج الدين الحسني أيام الحرب العالمية الثانية. وكان قبلها أحد مؤسسي الكتلة الوطنية المعارضة للانتداب الفرنسي ولجمعية العربية الفتاة المناهضة للحكم العثماني. تولّى حقيبة الداخلية في زمن الثورة السورية الكبرى، ووزارة المعارف في عهد الرئيس محمد علي العابد سنة 1934. أصبح محافظاً للواء إسكندرون في عهد الرئيس هاشم الأتاسي سنة 1937، ومحافظاً لمدينة دمشق من 28 شباط وحتى 1 نيسان 1942.

شارك في كتابة دستور سورية الجمهوري الأول عام 1928، ودستور عام 1950. وفي مرحلة الانقلابات العسكرية عُيّن نائباً للحاكم العرفي حسني الزعيم، ثم محافظاً لمدينة حلب عام 1949. عمل بعدها في الصحافة وأسس جريدة الناس والتي عُرفت بمواقفها المؤيدة للولايات المتحدة الأمريكية وهجومها المتكرر على الاتحاد السوفياتي. أُغلقت جريدته في منتصف الخمسينيات بتهمة العمالة للغرب وحُكم عليه بالإعدام، فهرب إلى تركيا ثم لبنان وعاش سنواته الأخيرة في المنفى حتى وفاته عام 1973.

البداية

وُلِد حسني البرازي في حماة، وهو سليل عائلة كردية معروفة من الملاكين، اشتهر أبناؤها في ميادين السياسة والعمل الزراعي والتجاري. دَرَس في معهد الحقوق في إسطنبول، حيث تعرّف على الجمعيات السريّة المعارضة للدولة العثمانية وأصبح عضواً في جمعية العهد قبل أن يكون أحد مؤسسي جمعية العربية الفتاة التي وُلدت في باريس عام 1911. أيّد الثورة العربية الكبرى عند إطلاقها عام 1916، وبعد سقوط دمشق في أيدي الحلفاء عام 1918، بايع الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على سورية. عيّنه الأمير فيصل مُتصرفاً في مدينة حمص ومُفتشاً في وزارة العدلية. وفي عام 1919 انضم البرازي إلى الوفد الحكومي الذي شارك في مؤتمر الصلح في باريس (برئاسة الأمير فيصل)، ولو أن عضويته في هذا الوفد بقيت غير رسمية.

حسن البرازي في المعتقل سنة 1926 مع لطفي الحفار وفارس الخوري.
حسن البرازي في المعتقل سنة 1926 مع لطفي الحفار وفارس الخوري.

وزيراً للداخلية (1926)

بعد فرض الانتداب الفرنسي على سورية سنة 1920، غاب البرازي عن أي نشاط سياسي طيلة ست سنوات، قبل تعيينه وزيراً للداخلية في حكومة أحمد نامي عام 1926. كان ذلك في أوج الثورة السورية الكبرى، وقد قَبِل المشاركة شرط أن يُطالب الرئيس نامي بانضمام سورية إلى عصبة الأمم، وبأن يسعى إلى وقف الحملة العسكرية على الغوطة الشرقية. اشترك مع البرازي في هذه الوزارة اثنان من زملائه في الحركة الوطنية وهما: فارس الخوري (الذي عُيّن وزيراً للمعارف) ولطفي الحفار (الذي أصبح وزيراً للتجارة). اعتُقلوا في 12 حزيران 1926 بتهمة التواصل مع ثوار الغوطة، ونفَتْهم سلطة الانتداب إلى مدينة الحسكة ثم إلى لبنان حتى عام 1928.

دستور 1928

بعد صدور عفو عنه في شباط 1928، انتسب البرازي إلى الكتلة الوطنية، وترشح لعضوية الجمعية التأسيسية المُكلَّفة بوضع دستور جمهوري لسورية بدلاً من الدستور الملكي الذي أُسقِط مع بدء الانتداب عام 1920. شارك في صياغة الدستور دون أن يُدرَج فيه أيّة إشارة إلى نظام الانتداب، مما أغضب الفرنسيين الذين طالبوا الجمعية التأسيسية بتعديل بعض المواد وإضافة مادة خاصة (رقمها 116) تعترف بشرعية الانتداب. صوّت أعضاء الجمعية على مسودة الدستور يوم 11 آب 1928 متجاهلين كل المقترحات الفرنسية، ولكن البرازي خالف الإجماع ودعا إلى قبول التعديلات. إلا أن رئيس الجمعية هاشم الأتاسي ظل مُصرّاً على موقفه، فحصل فراق بينه وبين البرازي أدّى إلى انسحاب الأخير من الكتلة الوطنية. وبناءً عليه، قَبِل المشاركة في حكومة معادية للكتلة، شكّلها الشيخ تاج الدين الحسني في 17 آذار 1934. عُيّن البرازي وزيراً للمعارف، وقد تعرّضت حكومة الشيخ تاج لانتقادات عنيفة من الكتلة الوطنية، وأُجبِرَت على الاستقالة في آذار 1936.

محافظاً على لواء إسكندرون

في كانون الأول 1936 انتُخب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية، وحاول طيَّ خلاف الكتلة مع البرازي من خلال تعيينه محافظاً على لواء إسكندرون. شهد عهده بدء عملية سلخ اللواء عن الأراضي السورية عبر استفتاء إشكالي نظّمته عصبة الأمم، كانت نتيجته ضم إسكندرون إلى أراضي الجمهورية التركية عام 1939.

حكومة البرازي (1941)

عُيّن الشيخ تاج الدين الحسني رئيساً للجمهورية في أيلول 1941، وأعلنت فرنسا استقلال سورية مع بقاء جيشها على الأراضي السورية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية. حكم الشيخ تاج من دون دستور أو مجلس نواب، ولإضفاء الشرعية على عهده تعاون مع شخصيات محسوبة على الحركة الوطنية، منها حسن الحكيم الذي ألّف الوزارة التي سبقت وزارة البرازي. وقبل تعيينه رئيساً للوزراء، عُيّن البرازي محافظاً لمدينة دمشق لفترة وجيزة (من 28 شباط وحتى 1 نيسان 1942).

شُكِّلت حكومته في 17 نيسان 1942، واصطدمت فوراً مع رئيس الجمهورية بسبب إصرار البرازي على مجابهة الفرنسيين كلامياً، والقول إن استقلال سورية المزعوم “لا طعم له ولا معنى طالما أن الجيوش الأجنبية بقيت موجودة على الأراضي السورية.” ردّد البرازي هذا الكلام على مسمع صهر رئيس وزراء بريطانيا دانكان سانديس أثناء زيارته دمشق قائلاً:

بصفتي رئيسًا للوزارة ووزيرًا للدّاخليّة والمسؤول عن هذا البلد، أرى أنه لا يوجد في سورية استقلال. إنّنا نطالب بريطانيا بالالتزام بتعهّداتها ونرجو منك على الأخصّ أن تطلب من المستر تشرشل أن يحافظ على شرف بريطانيا وعلى العهد الّذي قطعته معنا. إنّ هذه البلاد يحكمها جنرال فرنسيّ، في حين أنّ فرنسا نفسها ما زالت حتّى الآن تحت الاحتلال النازّي. إنّ الفرنسيّين يطبّقون أساليب الانتداب الّتي كانوا يتّبعونها في عهدهم الأوّل معنا، فلا يفسحون المجال أمامنا لنشعر بالاستقلال.

حسني البرازي مع رئيس الجمهورية تاج الدين الحسني سنة 1942.
حسني البرازي مع رئيس الجمهورية تاج الدين الحسني سنة 1942.

نظراً لشدّة خلافاته مع الفرنسيين من جهة، ومع الشيخ تاج من جهة أخرى، أُجبِر البرازي على الاستقالة في 8 كانون الثاني 1943، وغادر الحكم بشكل مهين حيث أمر رئيس الجمهورية بمصادرة سيارته ووضعه قيد الإقامة الجبرية، مع فتح تحقيق قضائي حول تهم مختلفة وُجِّهت له كالتلاعب بقوت الشعب السوري والثراء غير المشروع عبر تجارة القمح والحبوب.

موقفه من قرار تقسيم فلسطين

في مطلع عهد الاستقلال وبعد جلاء القوات الفرنسية عن سورية يوم 17 نيسان 1946، انتُخب البرازي نائباً في البرلمان، حيث كان له موقف لافت من قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947. دعا العرب إلى الموافقة عليه وعدم الاعتراض، وفي مذكراته سوّغ موقفه بالقول:

أمّا أنا فقد ألقيت خطابًا تحت قبّة البرلمان وطالبت فيه بقبول التقسيم وقلت إنّنا كعرب لن نستطيع الحصول عبر الحرب على أكثر من ذلك. نصحت الجميع أن يقبلوا ما كان مطروحًا يومئذٍ لأنّه لن يكون مطروحًا بعد سنوات أو أشهر، ولكن لم يقبل رؤيتي أحد من الزملاء واتّهمني البعض بالجبن والتخلي عن فلسطين والعمالة للحركة الصّهيونيّة. فالاتّفاق مع اليهود وإعطاؤهم هذا الشّكل المحدود من الحقوق أفضل من أن يصلوا إلى كيان كامل معترف به دوليّاً.

البرازي وحسني الزعيم

شنّت الصحف هجوماً عنيفاً على البرازي، وتعرّض لانتقاد كبير من رئيس الجمهورية شكري القوتلي. وعند وقوع الانقلاب الأول ضد القوتلي في 29 آذار 1949، كان البرازي في طليعة مؤيديه. فُرِضت الأحكام العرفية على البلاد بأمر من حسني الزعيم، وعُيّن البرازي نائباً له في المجلس العرفي اعتباراً من 5 نيسان 1949. بعد استعادة الأمن سُمّي البرازي محافظاً لمدينة حلب، ولكنّ انتقاداته المتكررة لحسني الزعيم أدّت إلى إقالته وسجنه بتهمة التعاون مع الأردن والعراق لقلب نظام الحكم. كان البرازي معتقلاً في سجن المزة يوم انقلاب اللواء سامي الحناوي على حسني الزعيم في 14 آب 1949.

دستور 1950

بعد سقوط الزعيم ومقتله، تَداعى زعماء سورية إلى اجتماع كبير في مبنى الأركان دعا إليه سامي الحناوي، وقرّروا عودة هاشم الأتاسي إلى الحكم للإشراف على انتخاب جمعية تأسيسية مُكلَّفة بصياغة دستور جديد للبلاد. انتُخب البرازي عضواً في الجمعية التأسيسية، حيث وقف في وجه كل الطروحات الإسلامية التي نادى بها الشيخ مصطفى السباعي (زعيم الإخوان المسلمين)، والطروحات الاشتراكية التي طالب بها أكرم الحوراني (رئيس الحزب العربي الاشتراكي).

العلاقة مع أديب الشيشكلي

أُسقِط عهد هاشم الأتاسي عند قيام العقيد أديب الشيشكلي (ابن عمّة حسني البرازي) بانقلاب جديد في 29 تشرين الثاني 1951. هدف الانقلاب إلى منع تحقيق الوحدة بين سورية والعراق، وكان البرازي من أشد الداعمين لهذا المشروع. على الرغم من صلات القربى التي كانت تجمعه بالشيشكلي، عارض طموحَه بشدة، فأمر الأخير باعتقاله. بقي البرازي سجيناً حتى سقوط الشيشكلي ونفيه خارج البلاد في 25 شباط 1954.

جريدة الناس

بعد خمسة أشهر من سقوط الشيشكلي، أسّس البرازي جريدة الناس اليوميّة مع صديقه الصحفي نذير فنصة. تولّى كتابة المقالات الافتتاحية، وجعلها مخصّصة للتهجّم على الشيوعيين. وضعه مدير المكتب الثاني عبد الحميد السراج تحت المراقبة، وصنّفه بالعميل لإسرائيل والولايات المتحدة. وعند ظهور جمال عبد الناصر في مصر أصبحت الناس منبراً لمعارضيه، ما أحرج الدولة السورية كثيراً. وصفت عبد الناصر بالعميل للشيوعية وقالت إنه “لا يختلف عن الملك فاروق، لا من حيث الفساد ولا الاستبداد.” أُغلِقت الجريدة بأمر من السراج عام 1955، وصدر حكم إعدام بحق حسني البرازي (الموجود يومها في تركيا) بتهمة الاستنجاد بالجيش التركي لقلب نظام الحكم في سورية.

السنوات الأخيرة والوفاة

بعد حصوله على لجوء سياسي من الرئيس كميل شمعون، انتقل حسني البرازي للعيش في لبنان. وفي عام 1969 سجّل مذكراته شفهياً في الجامعة الأميركية في بيروت بطلب من البروفيسور يوسف إبيش. وفي عام 2016 أخرجت الجامعة الأميركية هذه التسجيلات الصوتية وبدأت بتحويلها إلى كتاب حقّقه المؤرخ السوري سامي مروان مبيّض.

الوفاة

تُوفي حسني البرازي في بيروت عن عمر ناهز 78 عاماً سنة 1973.

المناصب الرسمية

المنصب الفترة سبقه خلفه
متصرف حمص 1919 هاشم الأتاسي عمر الأتاسي
وزير الداخلية 5 أيار – 12 حزيران 1926 نصري بخاش واثق مؤيد العظم
وزير المعارف 17 آذار 1934 – 24 شباط 1936 سليم جنبرت مصطفى الشهابي
محافظ لواء إسكندون 1938-1937
محافظ دمشق 28 شباط – 1 نيسان 1942 صفوح مؤيد العظم عارف الحمزاوي
رئيس الحكومة 18 نيسان 1942 – 8 كانون الثاني 1943 حسن الحكيم جميل الألشي
نائب الحاكم العرفي 5 نيسان – 2 حزيران 1949 لا يوجد أُلغي المنصب

 

 

المصدر
1. جورج فارس. من هم في العالم العربي (دمشق 1957)، 752. حسني البرازي. مذكرات حسني البرازي (الجامعة الأميركية في بيروت، 1969)،3. فيليب خوري. سورية والإنتداب الفرنسي (باللغة الإنكليزية - جامعة برينستون 1987)، 1984. سلمى الحفار الكزبري. لطفي الحفار: مذكراته، حياته وعصره (دار رياض نجيب الريّس، لندن 1997)، 160-1635. حسني البرازي. مذكرات حسني البرازي (الجامعة الأميركية في بيروت، 1969).6. فيليب خوري. سورية والإنتداب الفرنسي (باللغة الإنكليزية - جامعة برينستون 1987)، 3697. جورج فارس. من هم في العالم العربي (دمشق 1957)، 758. حسني البرازي. مذكرات حسني البرازي (الجامعة الأميركية في بيروت، 1969).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !