محمد سليمان بن سليمان الأحمد (1 كانون الثاني 1903 – 19 آب 1981)، شاعر وسياسي سوري، وأحد أعلام الشعر العربي الحديث. لُقّب بـبدوي الجبل منذ صدور ديوانه الأول عام 1925، وهي تسميةٌ ابتكرها الصحفي الفلسطيني يوسف العيسى، صاحب جريدة ألف باء الدمشقية، حين قال له: “أنت في ديباجتك بداوة، وأنت ابن الجبل.” ذاع صيته في الوطن العربي، فغنّت قصائده فيروز والمطرب العراقي ناظم الغزالي. تولّى حقائب وزارية في مطلع عهد الاستقلال، وكان عضواً مؤسساً في الحزب الوطني عام 1947. عرف بمعارضته للأنظمة العسكرية والاشتراكية، ما وضعه في مواجهة مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر، ومن ثم مع نظام البعث الحاكم في سورية منذ عام 1963.
البداية
ولد بدوي الجبل في قرية ديفة في جبال العلويين، ونشأ في بيئة دينية وأدبية. والده الشيخ سليمان الأحمد كان فقيهاً وأديباً ومن مؤسسي مجمع اللغة العربية، فتعلم الأحمد على يديه الشعر والبلاغة وقواعد اللغة. بعد إتمامه المرحلة الإعدادية في اللاذقية، أُرسله والده إلى دمشق لإكمال دراسته في مكتب عنبر. في دمشق، تعرف بدوي الجبل على مؤلفات الجاحظ، وتأثر بالبحتري والمتنبي وغيرهم من الشعراء. وحين سُئل عن بداياته الأدبية قال: “نشأتُ في بيت علم وفقه وأدب. تأثرت وأول ما تأثرت بالقرآن الكريم. إنّ الله وحده هو الذي يخلق الشاعر. لقد آمنت بالعروبة لأني آمنت بالحب والخير والجمال.”
نشاطه السياسي المبكر
انخرط بدوي الجبل في العمل السياسي باكراً، وكان من الداعمين لفكرة تقسيم سورية إلى دويلات في مطلع عهد الانتداب الفرنسي، ومدافعاً عن دولة العلويين التي أعلنت عام 1920. دعا للمحافظة على هذه الدولة، وكل ما حملت من ميزات اقتصادية وسياسية لأبناء الطائفة العلوية. ساند ثورة الشيخ صالح العلي، فألقي القبض عليه وسُجن في حمص وبيروت وجزيرة أرواد. وحين زار الكولونيل الفرنسي نجير سجن أرواد رأى الفتى السجين الذي كان عمره لم يتجاوز السادسة عشرة، فقال: “إن هذا خطأ…بل فضيحة. كيف يُحْكَم على فتى في هذه السن بالسجن ثلاثين عاماً؟”
أُطْلِقَ سراحه عام 1922، ومع تقدمه بالسن ونضوجه السياسي، تخلّى عن نزعته الانفصالية وبدأ يطالب بتوحيد المناطق العلوية مع بقية الأراضي السورية. في نهاية الثلاثينيات انضم إلى الكتلة الوطنية، ونُفي إلى العراق بسبب معارضته للانتداب، حيث عمل مدرساً للغة العربية في بغداد. لكنه ساند ثورة رشيد عالي الكيلاني ضد الإنكليز عام 1940، فتم ترحيله إلى سورية من قبل السلطات البريطانية الحاكمة في العراق.
بعد عودته إلى دمشق، انتسب إلى الجامعة السورية لإكمال دراسته، لكنه اعتقل من قبل الفرنسيين في قلعة كسب. وبعد خروجه من السجن، دخل المجلس النيابي على قوائم الكتلة الوطنية عام 1943، وأعيد انتخابه عام 1947، ولدورة ثالثة عام 1949.

وزيراً في عهد الاستقلال
بعد جلاء القوات الفرنسية عن سورية، شارك بدوي الجبل في تأسيس الحزب الوطني كوريث سياسي للكتلة الوطنية، كما رفض تأييد الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم الرئيس شكري القوتلي في 29 آذار 1949. عارض حكم أديب الشيشكلي عام 1951، فأمر الأخير باعتقاله، لكن محافظ اللاذقية سعيد السيّد رفض تنفيذ الأمر وقام بتهريبه بسيارته الحكومية إلى لبنان. بعد سقوط الشيشكلي، عاد بدوي الجبل إلى دمشق وفي 1 آذار 1954، وعُين وزيراً للصحة في حكومة صبري العسلي الأولى، ممثلاً عن الحزب الوطني. كان ثاني شخصية علوية تتولى منصباً وزارياً بعد منير العباس (وزير الأشغال العامة عام 1941).
في 29 تشرين الأول 1954، أصبح وزيراً للصحة مرة أخرى، هذه المرة في حكومة فارس الخوري الرابعة والأخيرة، قبل تعيينه وزيراً للدعاية والأنباء في حكومة سعيد الغزي يوم 13 أيلول 1955.

الوحدة والانفصال
أيّد قيام الوحدة السورية – المصرية عند قيامها عام 1958، لكنه سرعان ما انقلب ضدها بسبب الدولة البوليسية التي أطلقها الرئيس جمال عبد الناصر. قضى سنوات الوحدة متنقلاً بين لبنان وتركيا وسويسرا، ومن منفاه هجا عبد الناصر بقصيدة كافور الشهيرة في 1 تموز 1961، ثم بقصيدة فرعون. ساند انقلاب الانفصال الذي أطاح بجمهورية الوحدة في 28 أيلول 1961، مما أدى إلى تجريده من حقوقه المدنية بعد وصول حزب البعث إلى الحكم في 8 آذار 1963. أثارت معارضته للنظام الجديد حفيظة الضباط العلويين القائمين على الحكم آنذاك، فأمروا باعتقاله. تعرض للإهانة والضرب المبرح، ما تسبب له بشلل نصفي.
لقبه وأشعاره
إضافة للقب “بدوي الجبل،” أطلق عليه صديقه السياسي الفلسطيني أكرم زعيتر لقب “شاعر العربية،” وغنت له فيروز قصيدة من نعيماتك، كما غنى له ناظم الغزالي قصيدتي “يامنكري مجد العروبة” و”افدي شمائل قومي.” كما طلبت أم كلثوم أن تغني شيئاً من أشعاره، لكنّه رفض أن يلبي طلبها بسبب إصرارها على تغيير عنوان قصيدة شقراء التي كان قد اختارها لها.
قصائده
- إني لأشمت بالجبا عن حالة البلاد عقب نكسة حزيران 1967.
- أهوى الشام
- لبنان والغوطتان
- خالقة (غنّتها فيروز)
- من أجل الطفولة (أُدرجت في المناهج الدراسية وهي في الأساس جزء من قصيدة البلبل الغريب).
- عاد الغريب
- حنين الغريب
- الحب المتسامي
- الكعبة الزهراء (قصيدة صوفية ووصفت رحلة حج روحانيتها)
- اللهب القدسي (قصيدة صوفية)
- جلونا الفاتحين (قصيدة القومية)
- ملحمة الجلاء (قصيدة وطنية)
- الدمية المحطمة
- أتسألين عن الخمسين
- إلى الحبيبة الصغيرة
- وفاء القبور (رثاء ابنته جهينة)
- قصيدة شقراء
- كافور (عن جمال عبد الناصر)
- فرعون (عن جمال عبد الناصر)
مؤلفاته
- ديوان بدوي الجبل (مطبعة العرفان، صيدا 1925)
- من وحي الهزيمة (دار الكتاب الجديد، بيروت 1968)
- مختارات (دار مجلة الثقافة، دمشق 1968)
- بدوي الجبل: الأعمال النثرية (مكتبة الشرق الجديد، دمشق 2001)
دراسات عن حياته وأشعاره
- بدوي الجبل: حياته العاصفة وحبه الذي لا يفنى، تأليف عدنان الخطيب (مجمع اللغة العربية، دمشق 1978)
- بدوي الجبل: شاعر الأناشيد والمراثي، تأليف إيليا الحاوي (دار الكتاب الجديد، بيروت 1981)
- بدوي الجبل واخاء أربعين سنة، تأليف أكرم زعيتر (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1987)
- بدوي الجبل شاعر العربية والعرب، تأليف أكرم قنبس (دار المعرفة، دمشق 1990)
- هذا هو بدوي الجبل، تأليف صالح غضيمة (الدار العالمية، دمشق 1995)
- بدوي الجبل: حكاية شاعر مع مختارات، تأليف زهير المارديني (مكتبة بيسان، بيروت 1997)
- بدوي الجبل: آثار وقصائد مجهولة، تأليف هاشم عثمان (دار رياض نجيب الريس، بيروت 1998)
- بدوي الجبل بين السياسة والأدب، تأليف ديب علي حسين (دار الساحل للتراث، بيروت 1999)
- بدوي الجبل: دراسة في حياته وشعره، تأليف سيف الدين القنطار (وزارة الثقافة، دمشق 2000)
- بدوي الجبل: شاعر الوطنية والقومية، تأليف يحيى الشامي (دار الفكر العربي، دمشق 2003)
- المواقف والمعاناة في شعر بدوي الجبل، تأليف شاهر شريف أمرير (مطبعة اليازجي، دمشق 2004)
- بدوي الجبل: بلاغة القصيدة وتشكيلها البصري، تأليف عصام شرتح (دار رند، دمشق 2010)
- شعر بدوي الجبل: القصيدة الشامية، تأليف شوقي المعري (دار الأوس، دمشق 2016)
- بدوي الجبل: حياته، جوانب من شعره، تأليف نبيل سلامة ومحمد خضور (دار الأوس، دمشق 2016)
- اللغة العربية عند بدوي الجبل، تأليف عصام شرتح (دار المعتز، عمّان 2018)
- بدوي الجبل: سيف الشعر العربي الحديث، تأليف إسماعيل مروة ونزيه خوري (وزارة الثقافة، دمشق 2018)
وفاته
توفي بدوي الجبل بدمشق في 19 آب 1981، ونقل إلى قرية السلاّطة ليدفن بجوار والده.
المناصب الرسمية
المنصب | الفترة | سبقه | خلفه |
---|---|---|---|
وزير الصحة | 1 آذار – 19 حزيران 1954 | نظمي القباني | أُلغي المنصب |
وزير الصحة | 29 تشرين الأول 1954 – 13 شباط 1955 | لا يوجد | وهيب غانم |
وزير الدعاية والأنباء | 13 أيلول 1955 – 14 حزيران 1956 | أول من تولاه | أُلغي المنصب |