متري بن إبراهيم قندلفت (1859-1933)، كاتب وباحث ومترجم سوري من دمشق، كان أحد مؤسسي مجمع اللغة العربية وهو والد أليس قندلفت، أول سيدة سورية تعمل في الأمم المتحدة.
البداية
ولِد متري قندلفت في أسرة مسيحية دمشقية معروفة وكان والده تاجراً وصناعياً ثرياً يملك مصنعاً للحرير في منطقة باب توما، دُمّر خلال الأحداث الدامية التي شهدتها مدينة دمشق في صيف العام 1860. اسمه في سجلات النفوس كان “ديمتري قندلفت،” ما يُشير إلى أصول يونانية للعائلة، ولكنّه فضّل استخدام اسم “متري” المُعرّب طوال حياته، لكونه من رواد الكتابة والنشر باللغة العربية. دَرَس متري قندلفت في مدارس الطائفة الأرثوذوكسية بدمشق وبدأ حياته في الكتابة والترجة، مُبتعداً عن صناعة الحرير التي عمل بها أجداده.
دور مع المس كروفورد في نشأته
في مطلع شبابه نعرف قندلفت على سيدة أمريكية تُدعى “المس كروفورد،” كانت قد جاءت مع المُبشرين الأجانب إلى دمشق. تعلّم منها اللغة الإنجليزية وصار يُساعدها على ترجمة الكتب والمواعظ، وكان لهذه السيدة الأميركية الفضل في اعتناقه المذهب الإنجيلي بدلاً من الأرثوذوكسية المسيحية.
موقفه من المؤتمر العربي سنة 1913
التحق قندلفت بالتعليم وعُيّن مدرساً لمادة اللغة الإنجليزية في مدارس دمشق المسيحية. سُرح من العمل سنة 1908 بسبب انتقاده المتكرر للانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني ونُفي إلى بلدة تل طوقان شمال غرب سورية. وفي حزيران 1913 أعلن رفضه للمؤتمر العربي الأول المنعقد في العاصمة الفرنسية باريس، والذي طالب بتوسيع صلاحيات المناطق العربية، وأرسل هذا الموقف خطياً إلى السلطان محمّد رشاد الخامس. وقد سوغ موقفه بالقول إن هذا المؤتمر يبدو نبيلاً من حيث المظهر ولكنّه بالحقيقة مجرد أداة في يد فرنسا والدول الأوروبية للنيل من هيبة السلطنة العثمانية.
تأسيس مجمع اللغة العربية
قضى متري قندلفت سنوات الحرب العالمية الأولى بعيداً عن وطنه، وعاد إلى دمشق مع سقوط الحكم العثماني في سورية سنة 1918. بايع الأمير فيصل بن الحسين وفي عهده القصير، عُيّن مُدرّساً في دار المُعلمين وكان أحد المشاركين بتعريب الدواوين الحكومية مع زميله الأديب أنيس سلّوم.
دعاه محمد كرد علي ليكون أحد الآباء المؤسسين لمجمع اللغة العربية بدمشق في 30 تموز 1919، وكُلّفه برئاسة تحرير مجلّة المجمع. وعند إعادة افتتاح معهد الحقوق العثماني بدمشق، أصبح قندلفت مردساً فيه بعد تغيير اسمه إلى معهد الحقوق العربي.
المؤلفات
باكورة أعماله الأدبية كانت ترجمة لكتاب “طرق الإيمان” للواعظ الإنجيلي الدكتور بويد سن 1881، ولكنّ معظم مؤلفاته ضاعت بسبب أسفاره المتكررة وإجباره على ترك مكتبته العامرة في دمشق يوم نفيه خارج المدينة سنة 1914. لم يبق من كتبه إلا ترجمة كتاب “المدرسة والاجتماع” للكاتب الأميركي جون ديوي (الصادر سنة 1924) ومخطوط كتاب “مدرسة الغد” المترجم عن اللغة الإنجليزي لنفس المؤلف، وفيه دراسة عن منهج المونتيسوري المدرسي الذي أوجدته الطبيبة الإيطالية ماريا مونتيسوري. وإضافة لمقالاته العلمية في مجلّة مجمع اللغة العربية كان يكتب بشكل دوري في مجلّة المقتطف المصرية في الفترة ما بين 1900-1928.
الوفاة
بعد تقاعد من التدريس أنتقل متري قندلفت إلى بيروت وفيها توفي فيها عن عمر ناهز 74 عاماً سنة 1933.
عائلة متري قندلفت
رزق متري قندلفت بابنة واحدة اسمها أليس، التي درست في جامعة كولومبيا الأميركية بمنحة مقدمة من قبل الدبلوماسي الأمريكي شارلز كراين سنة 1922. وفي سنة 1946 عُيّنت أليس قندلفت ضمن وفد سورية الدائم في الأمم المتحدة، الذي كان برئاسة فارس الخوري، زميله في مجمع اللغة العربية.