
نبيه بن عبد العزيز العظمة (1886-1972)، سياسي سوري من دمشق، ومؤسس الحزب الوطني في مرحلة الاستقلال. خدم في الجيش العثماني وخاض حروباً إلى جانب الأتراك في فلسطين وليبيا قبل تعيينه قائداً لشرطة حلب في عهد الملك فيصل الأول. حُكِم عليه بالإعدام عشية احتلال دمشق من قبل الفرنسيين، واستشهاد عمّه وزير الحربية يوسف العظمة في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920. هرب إلى الأردن وعُيّن مستشاراً للأمير عبد الله بن الحسين وحاكماً على مدينة عمّان أولاً، ثم متصرفاً على لواء الكرك.
انتقل بعدها إلى مصر حيث كان أحد مؤسسي المؤتمر السوري الفلسطيني سنة 1921. عاش في السعودية وشارك في تدريب الجيش السعودي وتأهيله، وفي عام 1936 شارك في الثورة الفلسطينية ضد الإنكليز، بقيادة الحاج أمين الحسيني. عاد إلى سورية نهاية العام 1936 وعُين محافظاً على منطقة لواء إسكندرون في عهد الرئيس هاشم الأتاسي، ثم نُفي إلى إسطنبول مع بداية الحرب العالمية الثانية عام 1939. ومع انتخاب شكري القوتلي رئيساً للجمهورية عام 1943، عاد مجدداً إلى دمشق وتسلّم حقيبة الدفاع في أول حكومة شُكلت في عهد الاستقلال، قبل تعيينه محافظاً لمدينة دمشق في خريف العام 1946.
البداية
ولد نبيه العظمة في حيّ الشاغور بدمشق وهو سليل عائلة سياسية معروفة. كان والده عبد العزيز العظمة موظفاً رفيعاً في الدولة العثمانية، تسلّم مناصب إدارية عليا في فلسطين والعراق. درس في المدرسة الرشدية بجامع يلبغا وعند تعيين والده متصرفاً في اليمن انتقل إليها ودرّس في المدرسة الرشدية العسكرية بصنعاء. دخل كلية إسطنبول الحربية وتخرج فيها برتبة ملازم ثاني مشاة سنة 1907، ليلتحق بالجيش العثماني ويخدم في حيفا وطرابلس الشرق أولاً، ثم طرابلس الغرب. قاد فوج مقاومة الاحتلال الإيطالي في موقع الهاني بليبيا، حيث أصيب بالكوليرا فأرسل للمعالجة في إسطنبول. وبعد الشفاء، سمّي قائداً للسرية الأولى في المدرسة الإعدادية العسكرية في إسطنبول، ثم معاوناً لرئيس الفيلق الثاني بدمشق.
في الحرب العالمية الأولى (1914-1918)
شارك في حملة ترعة السويس عام 1915، وعُين بعدها مديراً لإعاشة الجيش الرابع في سورية لغاية تعيينه مديراً لمحروقات الخطوط الحديدية في سورية وفلسطين والمدينة المنورة. وفي مرحلة متقدمة من الحرب العالمية الأولى، أُرسل إلى جبهة نابلس وبقي فيها حتى انتهاء الحرب وسقوط دمشق بيد الحلفاء سنة 1918.
في عهد الملك فيصل (1918–1920)
عاد العظمة إلى دمشق يوم تحريرها من الحكم العثماني وبايع الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على سورية. عينه الأمير فيصل مراقباً على أمانة العاصمة (محافظة دمشق) ثم مديراً إدارياً لقصره في منطقة المهاجرين، قبل تسميته مديراً لشرطة حلب من آب 1919 ولغاية حزيران 1920. انتسب إلى الجمعية العربية الفتاة عام 1919 وإلى حزب الاستقلال الذي انبثق عنها بعد الحرب العالمية الأولى. سمّي معاوناً لمدير الأمن العام لغاية هزيمة الجيش السوري في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920. استشهد عمّه، وزير الحربية يوسف العظمة، وسقط الحكم الفيصلي مع فرض الانتداب الفرنسي على سورية.
بين الأردن والسعودية (1920-1931)
نظراً لقربهما من الملك فيصل، حكمت فرنسا على الأخوين نبيه وعادل العظمة بالإعدام. لجأ العظمة إلى السويداء أولاً، ثم إلى إمارة شرق الأردن. عُيّن مستشاراً للأمير عبد الله بن الحسين – شقيق الملك فيصل – ولأخيه الملك علي، آخر ملوك مملكة الحجاز. عينه الأمير عبد الله قائممقام العاصمة عمّان ثم متصرفاً في لواء الكرك، وعند سقوط الحكم الهاشمي في الحجاز تعاون العظمة مع الملك عبد العزيز آل سعود على إنشاء المملكة العربية السعودية وكلف بتدريب الجيش السعودي وتأهيله.
المرحلة الفلسطينية (1931-1936)
سافر العظمة إلى مصر وكان من مؤسسي المؤتمر السوري الفلسطيني مع أخيه عادل وشكري القوتلي وعبد الرحمن الشهبندر. انقسم المؤتمر يومها بين فرع مؤيدي الملك عبد العزيز، بقيادة القوتلي، وفرع آخر مؤيد للأسرة الهاشمية الحاكمة في عمّان وبغداد، بقيادة الشهبندر. انتمى العظمة إلى مجموعة القوتلي وفي عام 1932، أرسله الأخير إلى فلسطين لإدارة فرع شركته (شركة الكونسروة الوطنية). شارك في المؤتمر الإسلامي في القدس في كانون الأول 1931، وفي تأسيس حزب الاستقلال الفلسطيني، وعند اندلاع الثورة الفلسطينية ضد الإنكليز، عينه القوتلي رئيساً للجنة الدفاع عن فلسطين. شارك في أعمال الثورة القتالية مع المفتي الحاج أمين الحسيني، وفي عام 1937 حضر مؤتمر بلودان الأول واعتقل عند عودته إلى فلسطين. أطلق سراحه بعد ستة أشهر، وطُرد من فلسطين بأمر من السلطات البريطانية الحاكمة بسبب موقفه الداعم للزعيم النازي أدولف هتلر.
في عهد الكتلة الوطنية الأول (1936-1939)
مع وصول الكتلة الوطنية إلى الحكم سنة 1936 وانتخاب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية، صدر عفو عن الأخوين نبيه وعادل العظمة. عادا إلى دمشق وسمّي العظمة محافظاً على منطقة لواء إسكندرون، ومع استقالة الأتاسي عام 1939، غادر سورية مجدداً واستقر في إسطنبول.
العظمة وزيراً ومحافظاً (1946)
بعد انتخاب شكري القوتلي رئيساً للجمهورية عام 1943، عاد العظمة إلى دمشق وعُين وزيراً للدفاع في حكومة سعد الله الجابري الأخيرة في 27 نيسان 1946. شكلت هذه الحكومة في أعقاب جلاء القوات الفرنسية عن سورية، ما جعل نبيه العظمة أول وزير دفاع في مرحلة الاستقلال. وفي 11 تشرين الثاني 1946، وبعد استقالة الحكومة، عينه الرئيس القوتلي محافظاً لمدينة دمشق.
تأسيس الحزب الوطني (1947-1949)
دعا العظمة إلى عقد اجتماع كبير في داره بدمشق يوم 29 آذار 1947، بحضور ما يزيد عن 60 شخصية سياسية، معظمهم أعضاء سابقون في الكتلة الوطنية التي حلّت مع جلاء الفرنسيين عام 1946. تقرر في هذا الاجتماع إطلاق الحزب الوطني كوريث للكتلة الوطنية، وحصل العظمة على تأييد من رئيس الجمهورية شكري القوتلي ومن الرئيس الأسبق هاشم الأتاسي وسلطان باشا الأطرش، قائد الثورة السورية الكبرى. وضع شعاراً لحزبه “حرية – عدالة – مساواة” وجاء في ميثاق الحزب تمسك سورية بالعروبة والمطالبة بتحرير الوطن العربي من الاحتلال الأجنبي.

دعا الحزب للحفاظ على وحدة سورية وتعزيز استقلالها، وطالب باحترام نظامها الجمهوري وتقويته، ما جعله في مواجهة مباشرة مع الأسرة الهاشمية الحاكمة في العراق والأردن، والتي كان أمراؤها يسعون إلى استعادة العرش الهاشمي في دمشق. عارض العظمة وحزبه مشروع سورية الكبرى الذي دعا إليه ملك الأردن عبد الله الأول، ووقف في وجه مشروع الهلال الخصيب الذي أطلقه رئيس وزراء العراق نوري السعيد. وبسبب هذه المواقف المتشددة حيال الأسرة الهاشمية، حصل الحزب الوطني على دعم وتأييد من فاروق الأول ملك مصر وملك السعودية عبد العزيز آل سعود، حلفاء شكري القوتلي ونبيه العظمة وأصدقائهما.
مرحلة الانقلابات العسكرية
نشب خلاف كبير بين العظمة والقوتلي في أثناء حرب فلسطين، حيث اتهم الرئيس بسوء الإدارة وحمّله وزر هزيمة الجيش السوري. أثار دهشة المراقبين موقف العظمة المؤيد للانقلاب العسكري الذي أطاح بالقوتلي في 29 آذار 1949، بقيادة حسني الزعيم. لم يتسلّم أي منصب في عهد الزعيم، وأعلن في 5 أيار 1949 اعتزاله العمل السياسي. ولكنه سرعان ما تراجع عن الاستقالة وعن دعمه للزعيم، وبارك الانقلاب العسكري الذي أطاح به في 14 آب 1949. عمل لأجل الوحدة السورية – العراقية، ونُفي إلى لبنان في كانون الأول 1951، يوم انقلاب أديب الشيشكلي على حكومة حزب الشعب ورئيسها معروف الدواليبي. بقي العظمة مقيماً في بيروت لغاية سقوط حكم الشيشكلي في شباط 1954.
الوفاة
ظلّ العظمة حاضراً في المجتمع السياسي الدمشقي، دون أن يتولّى أي منصب، وكان آخر ظهور سياسي له في تموز 1963 لتهنئة الفريق لؤي الأتاسي على تسلّمه قيادة مجلس الثورة في سورية. عاش سنواته الأخيرة بدمشق وفيها توفي عن عمر ناهز 86 عاماً. سمّي شارع باسمه في العاصمة الأردنية وفي سنة 1991 جُمعت أوراقه في كتاب الرعيل العربي الأول: أوراق نبيه وعادل العظمة، قدّمت له وحققته الباحثة الفلسطينية خيرية قاسمية وأشرف عليه الدكتور عزيز العظمة.
المناصب الرسمية
المنصب | الفترة | سبقه | خلفه |
---|---|---|---|
وزير الدفاع | 27 نيسان – 27 كانون الأول 1946 | سعد الله الجابري | أحمد الشرباتي |
محافظ دمشق | 11 تشرين الثاني – 21 كانون الأول 1946 | مظهر البكري | الأمير بهجت الشهابي |