أعلام وشخصياتفنانون

حكمت محسن

قصاص شعبي وأحد رواد الفن في دمشق.

حكمت محسن
حكمت محسن

حكمت محسن (1910- 19 تشرين الثاني 1968)، من رواد الفن في سورية، عُرف بشخصية “أبو رشدي” وقدم أعمالاً كوميدية شهيرة على المسرح وفي إذاعة دمشق.

البداية

ولد حكمت محسن في إسطنبول لأم سورية وأب تركي يُدعى مصطفى حكمت، كان عضواً في جمعية الاتحاد والترقي المعارضة لحكم السلطان عبد الحميد الثاني. تم اعتقال والده بسبب نشاطه السياسي فهربت الأسرة إلى دمشق، مسقط رأس أمه.(1)

عانت العائلة من ضيق مادي شديد، فأجبر حكمت محسن على العمل باكراً، خياطاً ونجاراً ومُنجداً، كما عمل في مسح الأحذية في شوارع دمشق.

بداية الحياة الفنية

تعرف حكمت محسن على عالم الفن وأحبه من خلال فرقة أمين عطا لله المصرية خلال زيارتها إلى دمشق سنة 1914. توسّل لدى أمين عطا الله للعمل معه، ولو بأجر رمزي، فقبل الأخير وتعاقد مع حكمت محسن بصفة ممثل كومبارس.(2) أخذه معه إلى بيروت وبعلبك، ومن ثمّ إلى مصر، حيث تعلّم أسرار المهنة، وعاد بعدها إلى دمشق ليؤسس فرقة مسرحية خاصة به، قوامها عدداً من الفنانين الهواة.

بدأت هذه الفرقة بعرض مسرحياتها الكوميدية والغنائية مجاناً في حارات دمشق، وأحياناً في حفلات منزلية خاصة. وبعد سنوات من العمل الطوعي والمجاني، حصل حكمت محسن على فرصة للوقوف على خشبة مسرح العباسية الشهير وسط دمشق، في أول تجربة احترافية له.

ولكن حكمت محسن تعرض لحملة شعواء من قبل الفنان توفيق العطري، الذي كان يُنافسه على زعامة المسرح في دمشق، فأقنع الفنانين المشاركين في فرقة حكمت محسن بالتغيب عن العرض المقرر في 14 تموز 1938، مما أفشل العرض وأضاع فرصة حكمت محسن الذهبية في الوقوف على خشبة إحدى أعرق مسارح دمشق.(3) انهارت الفرقة من بعدها وعاد حكمت محسن إلى مهنة التنجيد، مُكْتَئِباً ومفلساً ومبتعداً عن المسرح بشكل كامل حتى سنة 1947.

مع إذاعة دمشق

بعد أشهر من جلاء الفرنسيين عن سورية، تم افتتاح إذاعة دمشق الرسمية وطُلب من حكمت محسن الخروج من عزلته وكتابة بعض التمثيليات الفكاهية. في هذه المرحلة تعرف محسن على الفنان تيسير السعدي، الشهير يومها في دمشق، وولدت صداقة متينة بينهما استمرت حتى وفاته. وقد عرفه السعدي على إدارة إذاعة الشرق الأدنى البريطانية، التي كانت تبث برامجها من قبرص في حينها، وتم التعاقد معه لكتابة مسلسل إذاعي مخصصة لشهر رمضان، مؤلف من 30 حلقة.

تجاوب حكمت محسن من العرض ووضع تمثيلية بعنوان “صندوق دنيا العجايب،” ثم عاد بعدها إلى سورية ليتم استدعاؤه إلى مقر إذاعة دمشق لمقابلة مديرها المسؤول أحمد عسة، الذي كان قد استمع واستمتع بمسلسله الرمضاني وطلب منه كتابة عمل مشابه لصالح إذاعة دمشق.

بدأ حكمت محسن بكتابة المسلسلات والبرامج الإذاعية في إذاعة دمشق، وجميعها كان مستلهماً من حياة البسطاء في دمشق، وقد شارك في جميع أعماله ممثلاً، سواء كان ذلك بدور بطولة أو كضيف شرف، وكثيراً ما كان يظهر بشخصية “أبو رشدي،” الرجل الدمشقي البسيط الذي ابتكره حكمت محسن ارتبط به طوال حياته الفنيّة.

وفي سنة 1954، قدم حكمت محسن سهرة إذاعية بعنوان “يا مستعجل وقف لقلّك،” كانت من إخراج وبطولة تيسير السعدي ومشاركة أنور البابا وفهد كعيكاتي بشخصيات “أم كامل” و”أبو فهمي.” قدم بعدها عدداً من التمثيليات الإذاعية الناجحة، مثل “الخياطة” (مسلسل إذاعي رمضاني) و”السندباد” و”ثورة شعب” و”مذكّرات حرامي” و”مرايا الشّام” التي حرص من خلالها على التعريف بعدد من الفنانين المغمورين في مدينة دمشق. ومن أعماله المعروفة إذاعياً سهرة “نهاية سكير” التي تم تحويلها إلى مسلسل تلفزيوني سنة 1968، من إخراج علاء الدين كوكش وبطولة هاني الروماني وعمر حجو.

فيلم نور وظلام

وفي سنة 1948 دُعي للمشاركة في فيلم نور وظلام مع المطرب رفيق شكري، وكانت هذه هي التجربة السينمائية الوحيدة له خلال مسيرته الفنية الطويلة.

مسرحية صابر أفندي

كانت مسرحية صابر أفندي من أشهر أعمال حكمت محسن بالمطلق، التي أخرجها ولعب دور البطولة فيها الفنان عبد اللطيف فتحي. عُرضت للمرة الأولى على مسرح سينما فريال في حيّ الصالحية (مكان شركة الضمان السورية اليوم) وكانت مؤلفة من ثلاثة فصول.

ونظراً لشدة الإقبال وإعجاب الجمهور بمسرحية صابر أفندي، قام حكمت محسن بطباعتها في كتاب على نفقته الخاصة، صدر عن مطبعة الترقي في دمشق سنة 1958. وقد كتب مقدمة الكتاب قائلاً: “إلى كل صابر أفندي في الدنيا تحت كل كوكب وكل شمس، إلى البسطاء الطيبين الذي ترشدنا آلامهم إلى الشعور بأخطائنا أهدي هذا الكتاب.”(4)

وقد أُعيد طباعة المسرحية مرتين، كانت الأولى سنة 2008 ضمن احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، والثانية سنة 2017 ضمن كتاب حكمت محسن: رائد الدراما الإذاعية للمؤرخ الموسيقي أحمد بوبس.

ومن أعماله الشهيرة كانت مسرحية شقة للإيجار التي عُرضت على المسرح الشعبي في سوق ساروجا سنة 1960، وكانت من إخراج تيسير السعدي. تدور أحداث المسرحية بين مستأجر فقير ومالك جشع، وتحاكي مشكلة السكن في مدينة دمشق بعد ارتفاع الإيجارات خلال سنوات الوحدة مع مصر. وقد تم تحويلها إلى سهرة تلفزيونية بعد بدأ بث التلفزيون العربي السوري سنة 1960.

وفي سنة 1967، قدم مسرحية الكرسي المخلوع، من إخراج تيسير السعدي، التي جال بها حكمت محسن على بيروت والقاهرة والإسكندرية.

العمل الوظيفي

حافظ حكمت محسن على عمله في إذاعة دمشق من سنة 1954 وحتى عام 1964 عندما طلب نقله إلى  التلفزيون السوري ليكون على ملاك  وزارة الثقافة السورية.

المقابلات التلفزيونية

ظهر حكمت محسن أمام جمهوره بشخصيته الحقيقية، شخصية حكمت محسن الكاتب والإنسان، وكان ذلك من خلال ندوة إذاعية أدارها مدير البرامج في إذاعة دمشق الدكتور صباح قباني سنة 1954، بمشاركة تيسير السعدي ومدير الإذاعة أحمد عسة. وكان ظهوره الثاني في برنامج محكمة الفن على شاشة التلفزيون العربي السوري، حيث شُكّلت لجنة فنية لمحاورته، مؤلفة من النجوم مصطفى هلال ونهاد قلعي وشاكر بريخان.

الوفاة

في سنواته الأخيرة تعرض حكمت محسن لجلطة دماغية، ألزمته فراش المرض حتى وفاته عن عمر ناهز 58 عاماً يوم 19 تشرين الثاني 1968. تكريماً له ولمسيرته الفنية الحافلة، قام عبد اللطيف فتحي بإعادة عرض مسرحية صابر أفندي في دمشق يوم 26 كانون الأول 1968، بعد شهر واحد من وفاة حكمت محسن.

وفي سنة 1984 شُكّلت فرقة مسرحية في دمشق حملت اسمه، ضمّت النجم رفيق سبيعي وقامت بعرض مسرحية “الأب” التي كان حكمت محسن قد قدمها على مسارح دمشق سنة 1966.

 

المصدر
1. أكرم العلبي. ظرفاء من دمشق (دمشق 1996)، 152. نفس المصدر، 233. نفس المصدر، 294. نفس المصدر، 45

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !