أعلام وشخصياتسياسيون ورجال دولة

نور الدين الأتاسي

رئيس الدولة السورية (1966-1970)

الرئيس نور الدين الأتاسي.

أحمد نور الدين بن محمد علي الأتاسي (11 حزيران 1930 – 3 كانون الأول 1992)، سياسي سوري من حمص، عُيّن رئيساً للدولة وأميناً عاماً لحزب البعث العربي الاشتراكي، بقيادتيه القومية والقطرية. تسلّم مهامه من 1 آذار 1966 ولغاية استقالته قبل ثلاثة أيام من الانقلاب عليه واعتقاله بأمر من وزير الدفاع حافظ الأسد في 16 تشرين الثاني 1970. تولى أيضاً رئاسة الحكومة في تشرين الأول 1968، وكان قبلها وزيراً للداخلية في عهد الرئيس أمين الحافظ وعضواً في المجلس الرئاسي. شهدت فترة حكمه محاولة انقلاب فاشلة قام بها الرائد سليم حاطوم عام 1966، وهزيمة الجيش السوري في حرب حزيران عام 1967. يُعد الأتاسي ثاني أطول سجين سياسي في سورية بعد صلاح جديد، حيث بقي في المعتقل من عام 1970 وحتى عام 1992، هو ثالث رئيس من عائلة الأتاسي في سورية، بعد هاشم الأتاسي الذي حكم البلاد في فترات متقطعة ما بين 1936-1955، ولؤي الأتاسي الذي ترأس مجلس الثورة لمدة أشهر عام 1963.

البداية

ولد نور الدين الأتاسي في مدينة حمص، وهو سليل عائلة سياسية كبيرة ومرموقة، حيث كان جده لأبيه فؤاد الأتاسي قاضياً، تولّى تربيته بعد وفاة والدته. درس الطب في الجامعة السورية وانتسب إلى حزب البعث في شبابه. تخرج عام 1952 وشارك في الحراك الشعبي المناهض لحكم الرئيس أديب الشيشكلي، مما أدى إلى اعتقاله في تشرين الثاني 1952. بعد سقوط الشيشكلي وخروجه من سجن تدمر، عمل الأتاسي جراحاً في المستشفى الوطني في حمص، ثم تطوع للخدمة الطبية في حرب التحرير الجزائرية مع رفاقه الأطباء البعثيين يوسف زعيّن وإبراهيم ماخوس، كما خدم في الجيش السوري وتطوع للقتال في مصر إبان العدوان الثلاثي عام 1956. كان معجباً بجمال عبد الناصر، وأيّد الوحدة السورية المصرية عند قيامها عام 1958، وعارض الانقلاب العسكري الذي أنهاها في 28 أيلول 1961.

وزيراً للداخلية (1963-1966)

بعد أشهر قليلة من استيلاء حزب البعث على السلطة في سورية، عُين نور الدين الأتاسي وزيراً للداخلية في حكومة  صلاح البيطار الثالثة، ثم في وزارة أمين الحافظ الأولى في 13 تشرين الأول 1963. صدر في عهده عفواً عن السياسيين القدامى المعتقلين منذ 8 آذار 1963، كما كُشف عن شبكة تجسس تعمل لصالح المخابرات الألمانية. بعد التحقيق مع أفراد الشبكة، أمر الأتاسي بإعدامهم، ولاحقاً عُيّن نائباً لرئيس الحكومة في وزارة الحافظ الثانية، وعضواً في مجلس الرئاسة الذي كان يضم أمين الحافظ، منصور الأطرش واللواء محمد عمران.

الرئيس الدكتور نور الدين الأتاسي
الرئيس الدكتور نور الدين الأتاسي

رئيساً للدولة (25 شباط 1966 – 16 تشرين الثاني 1970)

وقف الأتاسي على جانب صلاح جديد عندما قام باعتقال أمين الحافظ والقادة المؤسسين لحزب البعث في 23 شباط 1966. وفي 1 آذار، سمّي رئيساً للدولة وأميناً عاماً للحزب بقيادتيه القومية والقطرية، لكن صلاحياته الفعلية ظلت محدودة، حيث كانت السلطة الفعلية بيد صلاح جديد، مهندس انقلاب 23 شباط، الذي اختار لنفسه منصب نائب الأمين العام للحزب. شكّل الدكتور يوسف زعيّن الحكومة (رفيقه في النضال من أجل الجزائر)، وعُيّن صديقهم القديم إبراهيم ماخوس وزيراً للخارجية. ومن هنا ولد ما عرف يومها بثلاثي الأطباء (الأتاسي – زعيّنماخوس) الذي حكم سورية حتى سنة 1970.

وفي أول خطاب له بعد توليه الحكم في الذكرى الثالثة لثورة آذار، شنّ الأتاسي هجوماً عنيفاً على السعودية ولبنان، واتهمهما بالعمالة للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. لكنه وبالمقابل، اعاد العلاقات الدبلوماسية مع مصر، بعد قطيعة دامت منذ عام 1961. كما شهدت فترة رئاسته، توتراً حاداً مع الأردن، بعدما دعا الأتاسي علناً إلى إسقاط الملك حسين، واصفاً عرشه بعرش “الخيانة.”

مؤامرة سليم حاطوم (1966)

باشر العهد الجديد في استبعاد الضباط والسياسيين الدروز، وقي مقدمتهم وزير الدفاع السابق حمد عبيد، الذي تم اعتقاله بأمر من صلاح جديد. أثار هذا الأمر استياء الرائد سليم حاطوم، أحد منفذي انقلاب 23 شباط وقائد كتيبة المغاوير المسؤولة عن حماية القصر الجمهوري في منطقة المهاجرين، ومبنى التلفزيون في ساحة الأمويين. بعد تأجيل خطته الانقلابية من 3 إلى 8 أيلول 1966، اقتحم حاطوم مقر الحزب في السويداء، حيث كان الأتاسي وجديد في زيارة تهدئة للدروز. أخذهما حاطوم رهينة، إلا أن تدخل وزير الدفاع حافظ الأسد أجبره على إطلاق سراح السياسيين، ومن ثم الفرار إلى الأردن. بعد عودته إلى سورية إثر هزيمة عام 1967، أعتقل وأعدم في سجن المزة يوم 26 حزيران 1967، بأمر من صلاح جديد، دون علم الرئيس الأتاسي.

الرئيس نور الدين الأتاسي في مصر سنة 1968، بين اللواء صلاح جديد والرئيس جمال عبد الناصر.
الرئيس نور الدين الأتاسي في مصر سنة 1968، بين اللواء صلاح جديد والرئيس جمال عبد الناصر.

أتبع جديد هذه الأزمة بحملة تطهير في الجيش، طالت 400 ضابط وكانت الأوسع منذ استقلال سورية عن الفرنسيين عام 1946. وفي آب 1968، عُزِل رئيس الأركان اللواء أحمد سويداني من منصبه، الذي اتُّهم أيضاً بمحاولة الانقلاب، وهرب إلى العراق. حل محله اللواء مصطفى طلاس، الموالي لحافظ الأسد.

حرب حزيران 1967

قبل وقوع الحرب، توجه الأتاسي إلى موسكو طالباً الدعم السوفيتي لوقف الانتهاكات الإسرائيلية للأجواء السورية. عاد إلى دمشق في 1 حزيران 1967، قبل خمسة أيام من بدء الحرب التي انتهت بهزيمة الجيش السوري واحتلال هضبة الجولان. توجه الأتاسي إلى نيويورك مع وزير الخارجية إبراهيم ماخوس لحضور جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 حزيران 1967، ليكون أول وآخر رئيس سوري يخطب في الأمم المتحدة ويزور الولايات المتحدة وهو في سدّة الحكم. وعد باستمرار القتال لتحرير الأراضي السورية المحتلة، ودعم جهود جمال عبد الناصر في حرب استنزاف.

شهدت حكومة الأتاسي توقيع اتفاق سد الفرات مع الاتحاد السوفيتي، وتأميم المدارس الخاصة والعديد من المنشآت الصناعية. أنشئت في عهده الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، والمصرف العقاري، ومحكمة أمن الدولة، وفي 18 حزيران 1966، أمر الأتاسي بإعدام مواطنين سوريين متهمين بالتجسس لصالح الولايات المتحدة، كان من بينهم قريبه المهندس فرحان الأتاسي.

الرئيس جمال عبد الناصر مستقبلاً الرئيس نور الدين الأتاسي في القاهرة.
الرئيس جمال عبد الناصر مستقبلاً الرئيس نور الدين الأتاسي في القاهرة.

العزل والاعتقال

تزايد التوتر بعد الحرب، بين ثنائي الأتاسي – جديد من جهة، وثنائي الأسدطلاس، من جهة أخرى، خاصة بعد تدخل سورية في أحداث أيلول الأسود في الأردن مع منظمة التحرير الفلسطينية. آخر ظهور للرئيس الأتاسي كان في مصر للمشاركة في جنازة جمال عبد الناصر في 1 تشرين الأول 1970. كان الأسد قد قاد انقلاباً محدوداً على جديد والأتاسي في شباط 1969، يوم أنزل دباباته لتطويق مباني جريدتي الثورة والبعث، وعند استمرار الخلاف، استقال الأتاسي من جميع مناصبه، داعياً لعقد مؤتمر استثنائي لحزب البعث في 30 تشرين الأول 1970. لكن الأسد تحرك ضده في 16 تشرين الثاني 1970، وقام باعتقاله مع صلاح جديد.  نُقل الأتاسي إلى سجن المزة من دون محاكمة، وعُيّن أحمد الخطيب رئيساً مؤقتاً للدولة اعتباراً من 22 تشرين الثاني 1970، قبل تسلّم الأسد مقاليد الحكم بشكل مباشر في آذار 1971.

الرئيس نور الدين الأتاسي في أيامه الأخيرة.
الرئيس نور الدين الأتاسي في أيامه الأخيرة.

الوفاة

أمضى الأتاسي عشر سنوات في سجن المزة، ثم نقل للإقامة الجبرية في حي القصور بدمشق عام 1980. رفض عروض الإفراج المشروط التي تقدم بها رئيس المخابرات الجوية محمد الخولي، أن يغادر السجن مقابل إدانة المرحلة التي حكم بها والتعهد بترك العمل السياسي. أفرج عنه لأسباب صحية وسافر لتلقي العلاج في المستشفى الأميركي في باريس من 22 تشرين الثاني 1992 ولغاية وفاته في 3 كانون الأول 1992. كرمته الجزائر بإطلاق اسمه على مستشفى في عاصمتها يوم 18 أيار 1993، بينما ظل مغيباً عن التاريخ الرسمي السوري، حتى بعد وفاة حافظ الأسد وتسلّم ابنه بشار الحكم عام 2000.

المناصب الرسمية

المنصب الفترة سبقه خلفه
وزير الداخلية 4 آب 1963 – 13 أيار 1964 أمين الحافظ  عبد الكريم الجندي
نائب رئيس الحكومة 3 تشرين الأول 1964 – 24 أيلول 1965 لا يوجد إبراهيم ماخوس
رئيس الحكومة 29 تشرين الأول 1968 – 16 تشرين الثاني 1970 يوسف زعيّن حافظ الأسد
أمين عام حزب البعث العربي الاشتراكي 1 آذار 1966 – 13 تشرين الثاني 1970 منيف الرزاز حافظ الأسد
رئيس الدولة السورية 1 آذار 1966 – 13 تشرين الأول 1970 أمين الحافظ  

أحمد الخطيب

 

 

 

المصدر
1. باتريك سيل. الأسد: الصراع على الشرق الأوسط (باللغة الإنكليزية – لندن 1988)، 1062. جورج جبور. سورية 1918-1968 (دار الأبجدية، دمشق 1993)، 1073. سليمان المدني. هؤلاء حكموا سورية (دار الأنوار، دمشق 1998)، 188-1894. جورج جبور. سورية 1918-1968 (دار الأبجدية، دمشق 1993)، 1165. باتريك سيل. الأسد: الصراع على الشرق الأوسط (باللغة الإنكليزية – لندن 1988)، 127

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !