فنانون

وصفي المالح

ممثل ومؤلف مسرحي سوري

وصفي المالح
وصفي المالح

وصفي بن عبد الله المالح (1897 – 1 كانون الثاني 1990) ممثل ومؤلف مسرحي سوري من دمشق، امتدت مسيرته الفنية من مرحلة العشرينيات إلى نهاية الستينيات. أسس نادي الفنون الجميلة الذي تخرج فيه عدد من نجوم المسرح في سورية، وشارك في عشرات الأعمال التاريخية، ومنها مسرحية مجنون ليلى للشاعر المصري الكبير أحمد شوقي عند عرضها بدمشق سنة 1944.

البداية

ولد وصفي المالح في دمشق ونشأ في زقاق البيمارستان القريب من سوق الحميدية. درس في كتّاب جامع العصرونية وفي مدرسة الملك الظاهر ونظراً لتفوقه اختاره مدير المدرسة محمد سعيد مراد من بين 70 طالباً ليكون خطيباً في حفلات نهاية العام الدراسي واحتفالات المولد النبوي.

مع الملك فيصل الأول

إبان انسحاب الجيش التركي من دمشق شارك في استقبال الأمير فيصل بن الحسين في 3 تشرين الأول 1918، وبعد مرور أسبوع من تسلمه زمام الأمور في البلاد أصدر الأخير فرماناً بتسمية وصفي المالح مديراً لمدخرات القصر الملكي في منطقة المهاجرين، جاء ذلك بناء على تزكية من صهره عبد الله العشا المسؤول عن الدائرة الأميرية استمر المالح في منصبه تسعة أشهر قبل أن يستقيل بطلب من والده الذي أراد له العمل بتجارة الأقمشة الحريرية والأجواخ. ظل وفيّاً للملك فيصل طوال حياته وعند وفاته سنة 1933 – بعد أن أصبح المالح فناناً محترفاً – كتب مسرحية عن حياته بعنون “فيصل من العرش إلى القبر” عُرضت بدمشق في 12 أيار 1934.

وصفي المالح أمام بقاليته في السنجقدار سنة 1923.
وصفي المالح أمام بقاليته في السنجقدار سنة 1923.

الكتابة في الصحف والمجلات

في فترة مبكرة من حياته، بدأ المالح بنشر النوادر المضحكة في مجلّة الإخاء الكائنة في سوق الحميدية ثم في جريدة جراب الكردي لصاحبها توفيق جانا، وكان يتمرّن في عيادة شقيقه فهمي طبيب الأسنان على المداواة وتلبيس الأسنان الذهبية. بعد وفاة والدهما عام 1923 دعاه صديقه نصوح العظم لافتتاح بقالية في محلّة السنجقدار وذلك لينسيه حزنه على فراق أبيه. فتح البقالية وفيها كان يبيع أصناف الشاي الفاخر والبسكويت الإنكليزي والشوكولاتة والدخان والطوابع وأدوات التصوير الفوتوغرافي، إلا أنه وفي شهر آذار من عام 1924 سلّمها وانتقل إلى رئاسة تحرير جريدة “حط بالخرج” لهاشم خانكان وبدأ الكتابة في جريدة أبو العلاء لصاحبها الصحفي راغب العثماني. وأخيراً أسس في  السنجقدار سنة 1928 استوديو لتصوير الهويات وتحميض الأفلام وطبعها.

نادي الكشاف الرياضي

انتقلت أسرة وصفي المالح من دارها في الجسر الأبيض إلى دار جديدة في شارع خالد بن الوليد وكانت شرفتها تطل على نادي الكشاف الرياضي للتمثيل والموسيقا والرياضة، وكان يحوي مسرحاً يستوعب 1500 مقعداً، وغرف وأدوات رياضية وآلات موسيقية. وفي مساء الخميس الأول من شهر أيلول عام 1928 رأى من شرفة الدار الجديدة باحة النادي تغص بجمهور غفير جاء لمشاهدة مسرحية “حمدان الأندلسي” كان التمثيل والإخراج والإضاءة والمناظر على غاية من الجمال والإتقان والإبداع، فتاقت نفسه للانتساب لهذا النادي وقابل صديقه الفنان عبد الوهاب أبو سعود وسأله: «هل يمكن أن أنتسب إلى ناديكم وأجرب نفسي لأول مرة في حياتي بالتمثيل البدائي؟ أو بالصعود إلى خشبة المسرح بدون كلام؟ أو بدور لا يتجاوز الخمس كلمات؟ فإن شعرت بأنني أستطيع مقابلة الجمهور، ثابرت على العمل وإلا أكون من الأعضاء المؤازرين.»

قُبل طلب انتسابه إلى الفرقة في 10 آب 1928 وأسند إليه دور الوزير الأول في مسرحية “صلاح الدين الأيوبي” التي عُرضت في مطلع شهر كانون الثاني 1929 بحضور رئيس الحكومة الشيخ تاج الدين الحسني. فاز عرض “صلاح الدين الأيوبي” باستحسان الجمهور وكتب الصحفي سامي الشمعة وقال: «إن الشاب وصفي المالح الذي تطأ قدماه المسرح لأول مرة كان موفقاً إلى حد بعيد.» بقي المالح في مسرح الكشاف الرياضي لحين إغلاق أبوابه في تشرين الثاني 1929، بعد أن لعب أدواراً في مسرحيات صلاح الدين الأيوبي، هاملت، تسبا، البرج الهائل، لويس الحادي عشر، حياة المقامر، لولا المحامي، عواطف البنين.

تأسيس نادي الفنون الجميلة

وبعد إغلاق مسرح الكشاف الرياضي بأربعين يوم، شارك المالح في تأسيس نادي الفنون الجميلة وعُيّن مديراً للإدارة. قرر النادي أن يقيم حفلته الأولى في مساء 12 تموز 1932 وهو اليوم السابع من استلام محمد علي العابد رئاسة الجمهورية، حيث عرضت مسرحية “الماريشال مونمرانسي” على مسرح أوبرا العباسية القريب من محطة الحجاز. كانت كلفة الحفلة 300 ليرة ذهبية، ومجموع الدخل 750 ليرة، والربح الصافي للنادي 450 ليرة ومن هذه النتيجة أسرع النادي واستأجر داراً واسعة جداً بمنطقة ساروجة قرب ستي زيتونة، فكان الطابق الأول عبارة عن مدخل يليه غرفة للآذن ثم قاعة كبيرة تتسع لتسعين شخصاً ومطبخاً وحماماً وغرفة متوسطة الحجم، أما الطابق الثاني فالقاعة فيه تستوعب 195 مقعداً.

لبى النادي دعوة الرئيس محمد علي العابد الذي رغب بإقامة عرض مسرحي خاص في القصر الجمهوري بتاريخ 30 تموز 1932، حيث قدم المالح وصحبه فقرات من مسرحيات تاريخية. وأصبح النادي من حينها مساء كل خميس يقوم بإحياء حفلات سمر للعموم على مسرحه الخاص، ويقدم تمثيل، موسيقا، غناء، فصول ضاحكة، نوادر فكاهية، ومنوعات من الزجل، وسحب يانصيب وحدد رسم الدخول بثلاثة فرنكات. ولم يقتصر نشاطه على مدينة دمشق وانتشر إلى حمص وحلب وصولاً إلى مدينة زحلة في لبنان قبل أن يغلق أبوابه أغلق في 15 كانون الثاني 1970. عمل وصفي المالح أيضاً في التدريب على التمثيل في النادي الغساني، نادي الفجر، نادي النسر السوري، ودرب طلاب الكلية العلمية الوطنية في سوق البزورية، وطلاب مدرسة اللاييك في شارع بغداد، والآسية في باب توما والمدرسة المحسنية.

السفر إلى القاهرة

بعد عرض مسرحية مجنون ليلى لأمير الشعراء أحمد شوقي على خشبة سينما عائدة سنة 1944، نهض المالح وخاطب بالجمهور وتحدث عن هموم الفنانين السوريين، مقارناً بين وضعهم المعيشي ووضع زملائهم في فرقة يوسف وهبي في مصر. استمع إليه يومها رئيس الحكومة سعد الله الجابري الجالس في الصف الأول ومعه نائب دمشق فخري البارودي ودعوه إلى القصر الجمهوري لمقابلة رئيس الجمهورية شكري القوتلي. عرض القوتلي على المالح السفر إلى مصر للاستفادة من تجربتها الفنية الغنية، مع زميله الفنان تيسير السعدي. وعندما تعذرت وزارة المال على تأمين نفقات الوفد، قرر القوتلي تمويل البعثة من ماله الخاص. وفي القاهرة قام الشاعر نزار قباني والذي كان حينها يشغل رئاسة الديوان في القنصلية السورية برعاية المالح والسعدي وعرفهم على كبرى مخرجي مصر. وله يعود الفضل في التحاق المالح والسعدي بفرقة يوسف وهبي في القاهرة. عاد المالح إلى دمشق سنة 1946 وقابل الرئيس القوتلي وشكره على منحته، وأخبره أنه جاهز لتأسيس الفرقة القومية السورية إذا توفر المسرح اللائق، إلا أن الرئيس طلب التريث.

العودة إلى دمشق

أسس المونولوجيست الشعبي سلامة الأغواني استديو لتسجيل التمثيليات الإذاعية عام 1951، ودعي وصفي المالح للتأليف فيه وبيع إنتاجه لشركة أسطوانات “علم فون” بأمريكا. كتب عدة حلقات تاريخية وتمثيليات غنائية وضاحكة، وفي سنة 1953 تسلّم وظيفة أمين سر نقابة المصورين بدمشق، وانتخب بعدها بأشهر رئيساً لنقابة الممثلين. ومن 1954 ولغاية عام 1958، أصبح رئيساً نادي الفنون الجميلة.

بين التلفزيون والسينما

عمل وصفي المالح في التلفزيون السوري عند تأسيسه في زمن الوحدة مع مصر ولكنه كان مقلاً جداً في أعماله، وبقي المسرح هاجسه الأول والأخير. كل أدواره التلفزيونية كانت ثانوية جداً، ومنها مشاركته كضيف في مسلسل حمام الهنا مع الثنائي دريد لحام ونهاد قلعي سنة 1968. عُيّن سنة 1961 ممثلاً في مديرية الفنون التابعة لوزارة الإرشاد القومي، وفي نهاية العام نفسه في إذاعة دمشق قبل أن يصبح انتخابه رئيساً لنقابة الفنانين، خلفاً للنقيب المؤسس دريد لحام. وكانت له ثلاث تجارب سينمائية، مع دريد ونهاد والممثلة المصرية شادية في فيلم خياط للسيدات سنة 1969، مع طلحت حمدي وملك سكر في فيلم فدائيون حتى النصر الذي سنة 1970، الذي لعب فيه دور شخصية يهودية، وأخيراً في فيلم السكين عام 1972 مع رفيق سبيعي وسهير المرشدي.

الفنانة ماري بغدادي
الفنانة ماري بغدادي

الحياة الشخصية

تزوج المرة الأولى من ابنة عمه التي أصابها مرض السل وتوفيت بسببه، ثم خطب قريبة له وقبل عقد القرآن بأيام تبين أنها أخته بالرضاعة ففشل الزواج، بحسب ما جاء في مذكراته. أما تجربته الثالثة – وهي التي لم تكلّل بالزواج – فكانت مع الممثلة ماري بغدادي التي التقاها في معمل والدها الصغير حيث كانت تساعده في صنع الأحذية. كانت فتاة جميلة الوجه وصاحبة صوت حسن، ولعبت دور ليلى العامرية في مسرحية مجنون ليلى التي كانت سبب سفره إلى مصر. أحبها المالح وطلب يدها من والدها الذي رفض بسبب اختلاف الأديان. وبعد أخذ ورد بارك الأب خطبتهما من المالح ثم تراجع وأخذها بقوة السلاح إلى زحلة وزوجها لأحد أقربائه.

وفاته

في أيامه الأخيرة، كان يستقبل الفنانين الشباب في بيته، ومنهم عباس النوري وعلي كريم، ليتلوا عليهم من خبرته الطويلة في المسرح. وضع مذكراته عن تاريخ المسرح في سورية، والتي تعد من أهم المراجع التاريخية عن الفنون، وذلك قبل سنوات قليلة من وفاته عن عمر ناهز 93 عاماً يوم 1 كانون الثاني 1990.

الأعمال المسرحية

  • مسرحية الطبيب والمحامي (1 كانون الأول 1932 – تأليف وتمثيل)
  • مسرحية فيصل من العرش إلى القبر (12 أيار 1934 – تأليف وتمثيل)
  • مسرحية أمينة من الكوخ إلى القصر (17 آب 1935 – تأليف وتمثيل)
  • مسرحية استقالة إبليس (2 تشرين الأول 1938 – تأليف وتمثيل)
  • مسرحية عواطف وعواصف (14 تموز 1939 – تأليف وتمثيل)
  • مسرحية المالك الأزرق (20 تشرين الثاني 1941 – تأليف وتمثيل)
  • مسرحية انتقام (25 كانون الأول 1948 – تأليف وتمثيل)
  • مسرحية طريق النصر (2 كانون الثاني 1962 – تأليف وتمثيل)
  • مسرحية أنا في خدمة العلم (20 كانون الأول 1946 – تأليف وتمثيل)
  • مسرحية الاستقلال يؤخذ ولا يعطى (18 نيسان 1947 – تأليف وتمثيل)

البرامج الإذاعية والتلفزيونية

اشترك بعشرات البرامج التلفزيونية كان أولها في 15 كانون الأول 1962 مع الفنان أسعد فضة وألف حوالي 120 تمثيلية إذاعية مع ثماني مسلسلات إذاعية.

الأعمال السينمائية

الأعمال التلفزيونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !