أعلام وشخصياتضباط وقادة عسكريون

سامي الحناوي

مهندس الانقلاب الثاني وقائد الجيش السوري (14 آب - 19 كانون الأول 1949).

اللواء سامي الحناوي
اللواء سامي الحناوي

سامي الحناوي (1897-1949)، مهندس الانقلاب الثاني في سورية يوم 14 آب 1949، الذي أطاح بحكم حسني الزعيم. تسلّم قيادة الجيش والقوات المسلحة من 14 آب وحتى 19 كانون الأول 1949. أعاد الحناوي الجيش السوري إلى ثكناته ورفض أن يكون رئيساً للجمهورية بل طلب من السياسيين والأحزاب اختيار رئيس جديد وكان خيارهم هاشم الأتاسي الذي حكم البلاد في مرحلة الحناوي. أُطيح به بانقلاب عسكري نفذه العقيد أديب الشيشكلي في يوم 19 كانون الأول 1949.

البداية

ولِد سامي الحناوي في مدينة حلب ودَرَس في مدارسها الحكومية ثمّ في دار المُعلمين قبل الالتحاق بالجيش العُثماني.

وقد تم تخريج دورته بسرعة وبشكل استثنائي بسبب نشوب الحرب العالمية الأولى، وتم تعيينه في جبهة القوقاز وبعدها في فلسطين.(1)

انشق عن الجيش العُثماني في نهاية الحرب وانضم إلى الثورة العربية الكبرى التي كان يقودها الشريف حسين بن عليّ من مكة منذ عام 1916. (2) دخل الحناوي مدينة دمشق مع قوات الحلفاء في 3 تشرين الأول 1918 وبايع الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على سورية. وفي العهد الفيصلي عاد إلى المدرسة الحربية بدمشق وتخرج يوم 18 أيلول 1919. (3)

الحناوي في جيش الشرق

وبعد سقوط الملك فيصل وفرض الانتداب الفرنسي على سورية، التحق الحناوي بالدرك السوري وخدم في سنجق لواء إسكندرون حتى سنة 1928، عندما نُقل بحسب رغبته إلى جيش الشرق، وهو الجيش الفرنسي المُحارب في سورية ولبنان. عمِل الحناوي ضمن صفوف الجيش حتى 29 أيار 1945، عندما حصل عدوان فرنسي على مدينة دمشق، فرفض المشاركة به وانشق عن الفرنسيين، مُعلناً دعمه للثوار.(4)

مع حسني الزعيم

وعند جلاء الفرنسيين يوم 17 نيسان 1946 انضم سامي الحناوي إلى الجيش السوري الوليد وكان أحد قادة الجبهات في حرب فلسطين الأولى، حيث تعرف على قائد الجيش حسني الزعيم وأصبح من أقرب المُقربين منه. اشترك مع حسني الزعيم في تنفيذ انقلابه على الرئيس شكري القوتلي يوم 29 آذار 1949 ولكنه سرعان ما انفك عنه بسبب خيانة الزعيم لرئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعادة، الذي كان لاجئاً سياسياً في دمشق قبل أن يقوم حسني الزعيم بتسليمه إلى السلطات اللبنانية، التي قامت بقتله في تموز 1949.

وقد وقع الحناوي تحت تأثير عديله الدكتور أسعد طلس، الذي كان مُعادياً للزعيم وناقماً عليه بسبب قضية أنطون سعادة ورفضه المُضي في طريق الوحدة مع العراق. جميع المراجع التاريخية تُفيد بأن الحناوي كان رجلاً مُسالماً وبسيطاً، بعيداً كل البعد عن أي طموح سياسي، وأنه قام بانقلابه على حسني الزعيم بتحريض وتخطيط من عديله أسعد طلس.

انقلاب الحناوي (14 آب 1949)

في ساعات الفجر الأولى من 14 آب 1949 توجه سامي الحناوي نحو مدينة دمشق بصفته قائداً للفوج الأول، قادماً من معسكر قطنا، وكان على رأس فوج مدرعات وبعض سرايا المشاة. أرسل الضابط فضل الله أبو منصور لاعتقال الزعيم ورئيس الحكومة محسن البرازي وترأس المحكمة العسكرية التي حَكَمت عليه بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى. نُفذ الأمر وأُعدم كلّ من حسني الزعيم ومحسن البرازي رمياً بالرصاص، وصدر بياناً عن سامي الحناوي جاء فيه: “بحمد الله العلي العظيم، تم الانقلاب الحقيقي ونجت البلاد من طاغيتها المُجرم الباغي.”

فاجأ سامي الحناوي جميع مُناصريه وأعوانه بالإعلان أنه لا يريد تسلّم الحكم وأن هدفه الوحيد من الانقلاب كان لإنقاذ سورية من حكم الزعيم. أمر بعودة الجيش إلى ثكناته واستعادة الحكم الديمقراطي الشرعي.(5) دعا الحناوي إلى اجتماع في مبنى الأركان العامة، حضره لفيف من السياسيين القُدامى، يتقدمهم رؤساء الحكومات السابقين فارس الخوري وحسن الحكيم، ومعهم ممثلين عن حزب الشعب والحزب الوطني وحزب البعث والحزب السوري القومي الاجتماعي.

اللواء سامي الحناوي مع الرئيس هاشم الأتاسي سنة 1949.
اللواء سامي الحناوي مع الرئيس هاشم الأتاسي سنة 1949.

طلبوا من الرئيس السابق هاشم الأتاسي تولّى رئاسة الحكومة في المرحلة الانتقالية، للإشراف على انتخاب مؤتمر تأسيسي يكون مُكلف بوضع دستور جديد للبلاد بدلاً من الدستور القديم الذي قام حسني الزعيم بحلّه قبل أشهر.

فاز حزب الشعب بغالبية مقاعد المؤتمر التأسيسي وقد شُكّلت حكومة وطنية برئاسة الأتاسي، سُمّي فيها ميشيل عفلق وزيراً للمعارف (مُمثلاً عن حزب البعث) ورشدي الكيخيا وزيراً للداخلية (مُمثلاً عن حزب الشعب)، وتولّى الزعيم عبد الله عطفة حقيبة الدفاع. أمّا سامي الحناوي فقد اختار لنفسه منصب القائد العام للجيش وقوات المسلحة، وشكّل مجلساً عسكرياً مؤلف من العقيد بهيج الكلاس والعقيد علم الدين القواص والرئيس محمّد معروف والرئيس عصام مريود، وغيرهم من الضباط المشاركين بالانقلاب.

وعلى الفور أعاد أسعد طلس إلى منصبه في وزارة الخارجية وقام بإلغاء قرار التسريح التعسفي الصادر عن حسني الزعيم بحق بعض الضباط القُدامى، وكان من بينهم العقيد أديب الشيشكلي.

الوحدة مع العراق

بعد بدء العمل على الدستور أصبح هاشم الأتاسي رئيساً للدولة، وتم تكليف ناظم القدسي بتشكيل حكومة جديدة، وهو من قادة حزب الشعب المحسوبين على العراق. بدعم كامل من المؤسسة العسكرية ومن اللواء الحناوي شخصياً دخل الرئيس القدسي في مفاوضات مع نظيره العراقي نوري السعيد، لتحقيق وحدة فيدرالية بين سورية والعراق.

بدأت المفاوضات في أيلول 1949 وفي تاريخ 5 تشرين الأول وصل الملك فيصل الثاني إلى دمشق، برفقة خاله الأمير عبد الإله، الوصي على عرش العراق.  اجتمع الملك مع الرئيس الأتاسي واللواء الحناوي ودخلوا في تفاصيل الوحدة الفيدرالية المطروحة، التي كان من المُفترض أن تكون تحت العرش الهاشمي، يتم فيها توحيد الجيشين السوري والعراقي.

سامي الحناوي مع الملك فيصل الأول.
سامي الحناوي مع الملك فيصل الأول.

نهاية سامي الحناوي

ولكن هذا الأمر أغضب العقيد أديب الشيشكلي، الذي رفض مبدأ الوحدة بسبب علاقة حُكّام العراق الوطيدة من بريطانيا. فقرر تنفيذ انقلاب داخل المؤسسة العسكرية، يُطيح بسامي الحناوي وحده دون المساس بالرئيس هاشم الأتاسي، وذلك لحرمان السياسيين المؤيدين للوحدة والمحسوبين عليه من أي دعم عسكري.

تمّ الانقلاب بسرعة ونجاح يوم 19 كانون الأول 1949 واستسلم الحناوي دون أي مقاومة، طالباً من الشيشكلي إحالته على التقاعد وعدم المساس به أو بأُسرته.(6) ولكنّ الشيشكلي قام باعتقاله ونقله إلى سجن المزة العسكري، حيث بقي سجيناً حتى إطلاق سراحه ونفيه إلى لبنان يوم 7 أيلول 1950.

مقتل الحناوي

في بيروت، تم اغتيال سامي الحناوي وهو يصعد إلى عربة الترامواي يوم 31 تشرين الأول 1950 على يد حرشو البرازي، وهو شاب ثائر من مدينة حماة أراد الانتقام لابن عمه محسن البرازي، رئيس الوزراء الذي أعدم بأمر من الحناوي في آب 1949. وقد نقل جثمانه إلى حلب ليُدفن فيها يوم 2 تشرين الثاني 1950.

 

 

المصدر
1. باتريك سيل. الصراع على سورية (باللغة الإنكليزية - لندن 1965)، 762. نذير فنصة. أيام حسني الزعيم، 137 يومً هزت سورية (دار الآفاق، دمشق 1984)، 1213. نفس المصدر4. نفس المصدر5. باتريك سيل. الصراع على سورية (باللغة الإنكليزية - لندن 1965)، 766. نصوح بابيل. صحافة وسياسة: سورية في القرن العشرين (دار رياض نجيب الريّيس، لندن 1987)، 446

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !