أعلام وشخصياتسياسيون ورجال دولة

بهيج الخطيب

رئيس حكومة المديرين (1939-1941)

الرئيس بهيج الخطيب
الرئيس بهيج الخطيب

بهيج الخطيب (1885-1981)، سياسي لبناني من بلدة شحيم في قضاء الشوف، عُيّن رئيساً للحكومة السورية (مجلس المديرين) من 10 تموز 1939 ولغاية 1 نيسان 1941. تولّى أرفع المناصب السياسية والإدارية، فكان مديراً للشرطة السورية ومحافظاً لمدينة دمشق مرتين، ومحافظاً على جبل الدروز في عهد الرئيس هاشم الأتاسي، قبل تعيينه وزيراً للداخلية سنة 1941. كان مجلس المديرين الذي شُكّل مع بداية الحرب العالمية الثانية عبارة عن مجلس حكم مصغّر من التكنوقراطيين المستقلين غير المنتمين لأي حزب من الأحزاب السياسية، وقد شهد عهده اغتيال الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، وصداماً بين الخطيب وقادة الكتلة الوطنية بعد اتهامهم بالوقوف خلف الجريمة.

البداية

وُلِد بهيج الخطيب في قرية شحيم اللبنانية وتلقّى علومه في مدارس سوق الغرب ثمّ في الجامعة الأميركية في بيروت. بعد تحرير سورية من العثمانيين عام 1918، انتقل للعيش في دمشق وعُيّن كاتباً في ديوان الأمير فيصل. انضم بعدها إلى وزارة الداخلية في عهد الوزير رضا الصلح، وهو لبناني مثله، وعَمِل في دمشق لغاية سقوط الحكم الفيصلي وفرض الانتداب الفرنسي سنة 1920. بعد حصوله على الجنسية السورية، عُيّن سكرتيراً لحاكم دولة دمشق حقي العظم، وفي عام 1926، مساعداً لشقيقه الشاعر فؤاد الخطيب (مدير مكتب رئيس الدولة السورية أحمد نامي).

مدير شرطة سورية وانتخابات عام 1928

عند تعيين الشيخ تاج الدين الحسني رئيساً للحكومة في شباط 1928، اختير الخطيب ليكون مديراً للشرطة السورية. طوّر سلك الشرطة وأدخل عليه فروعاً للحراسة الليلية وإدارة منظّمة المرور، كما أسّس نظاماً للأرشفة وحفظ سجلات المجرمين وأصحاب السوابق. اصطد بالكتلة الوطنية في انتخابات عام 1928، ووُجّهت له اتهامات بالتدخل في العملية الانتخابية لصالح الشيخ تاج عن طريق عناصر الشرطة والدرك التابعين له. احتجّت الكتلة الوطنية رسميّاً على تجاوزات بهيج الخطيب، واتهمته بالتزوير والتلاعب الانتخابي. وعندما أطلق المحامي فوزي الغزي مظاهرة من على أبواب الجامع الأموي، مُطالباً باستقالة رئيس الحكومة وبهيج الخطيب، أمر الأخير باعتقاله يوم 12 نيسان 1928. ردّت الكتلة الوطنية بمظاهرة كبيرة عند مدخل السراي في ساحة المرجة، فرّقها الخطيب بنفسه وقيل إنه أطلق عيارات نارية على المتظاهرين وقتل ستة منهم. كتب نجيب الريّس مقالاً مفصلاً عما جرى في جريدة القبس جاء فيه:

لما فرغت رصاصاته لم يعرف كيف يضع فيها رصاصات أخرى، فأعطاه للشرطي يحشوه له وأخذ منه مسدسه، وهو يحمل بضعة مسدسات لا ليحارب بها لأنه أذلّ من أن يحارب بل لدسّها في جيوب الناس وإحالتهم إلى المجلس الحربي بتهمة حمل أسلحة ممنوعة. لقد لبس جلد النمر في أسبوع الانتخابات وقد عشت في هذه المدينة عشر سنين بثوب الثعلب، لا تتقن غير الزلفى ولا تجيد غير الابتسامة الصفراء.

أمر الخطيب بإغلاق القبس وباعتقال نجيب الريّس، كما أنه عطّل مجلّة المضحك المبكي بسبب تبنيها موقفاً معادياً له ولحكومة الشيخ تاج. وعندما خرجت مظاهرة نسائية ضد الحكومة أمام مسجد الأقصاب، سارع الخطيب إلى اعتقال المتظاهرات، مما أحرج الفرنسيين كثيراً وأجبرهم على التخلّي عنه في تشرين الثاني 1934.

العودة الأولة في عهد الكتلة الوطنية

عاد الخطيب إلى الصدارة في العام 1936، عند تعيينه أميناً للعاصمة (محافظاً لمدينة دمشق) من قبل رئيس حكومة عطا الأيوبي. وبعد انتخاب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية نهاية ذلك العام، عُيّن محافظاً على جبل الدروز رغم العداء التاريخي بينه وبين الكتلة الوطنية الحاكمة منذ نهاية عام 1936.

بهيج الخطيب مع المندوب السامي الفرنسي هنري دانتز.
بهيج الخطيب مع المندوب السامي الفرنسي هنري دانتز.

حكومة المديرين

إثر استقالة الرئيس الأتاسي في 8 تموز 1939، وقع الخيار على بهيج الخطيب ليكون رئيساً لحكومة من الاختصاصيين غير الحزبيين، سُمّيت بحكومة المديرين وكان من المفترض أن تكون انتقالية، لها هدف واحد فقط وهو الإشراف على الانتخابات النيابية المُقبلة. ولكنّ اندلاع الحرب العالمية الثانية في 1 أيلول 1939 أطال من عمرها وأبقاها في الحكم لغاية عام 1941.

الانتقام من الكتلة الوطنية

أعلن الخطيب عن تأييده الكامل للحلفاء ومعارضته لألمانيا النازية، وسارع في ضرب أركان الكتلة الوطنية وتطهير الجهاز الإداري في الدولة من مؤيديهم وأنصارهم. وقد شملت قراراته:

محاولة الاغتيال

تعرّض الخطيب إلى محاولة اغتيال في صيف العام 1939، وقف خلفها المحامي الشاب أكرم الحوراني، وعندما شكّكت جريدة القبس بمزاعمه، وقالت إن محاولة الاغتيال كانت مفتعلة من قبل أجهزة الأمن، أمر باعتقال رئيس التحرير نجيب الريّس وحُكم عليه بالسجن عشرين سنة مع الأشغال الشاقة.

مقتل الشهبندر (1941)

في 6 تموز 1941، اغتيل الزعيم الوطني عبد الرحمن الشهبندر في عيادته الطبية بدمشق وتولّى الخطيب التحقيق في الجريمة، نظراً لخبرته الطويلة في الشرطة قبل أن يكون رئيساً للحكومة. جاء في أوراق جميل مردم بك أن الخطيب مارس ضغوطاً هائلة على الموقوفين، وصلت إلى حد الضرب والإهانة والتهديد بالقتل، لكي يطلقوا اتهاماً باطلاً ضد قادة الكتلة الوطنية. أجبرهم أن يقولوا أمام المحقق الفرنسي إنهم حصلوا على المال والسلاح من جميل مردم بك ورفاقه، فوُجّهت إليهم أصابع الاتهام بمقتل الشهبندر ولجأوا إلى العراق. وعند ثبوت براءتهم أمام المحكمة المخصّصة للنظر في جريمة الشهبندر، عادوا إلى دمشق وأُجبر بهيج الخطيب على الاستقالة في 1 نيسان 1941.

الخطيب وزيراً للداخلية

ظنّ كثيرون أن مسيرة الخطيب قد انتهت بسبب الاتهامات التي طالته في قضية الشهبندر، إلا أنه عاد إلى الحكم بعد خمسة أشهر فقط، وزيراً للداخلية في حكومة حسن الحكيم. قبل الحكيم بتعيينه وزيراً بسبب إلحاح من رئيس الجمهورية تاج الدين الحسني، حليف الخطيب منذ عام 1928، ولكنّ الحكومة لم تستمر إلا أشهر معدودة وسقطت في 17 نيسان 1942. استُثني الخطيب من حكومة حسني البرازي وأُعيد إلى ملاك وزارة الداخلية بمنصب “أمين عام.”

الاتفاق مع شكري القوتلي

نقم بهيج الخطيب على رئيس الحكومة حسني البرازي وعمل على إسقاطه بتهم مختلفة، منها الثراء غير المشروع، والتلاعب بأسعار الخبز، والعمالة لصالح الإنكليز. وعند وفاة رئيس الجمهورية تاج الدين الحسني في كانون الثاني 1943 سعى للتحالف مع الكتلة الوطنية من خلال مرشحها الرئاسي شكري القوتلي. وعده الخطيب بتقديم كامل الدعم له في الانتخابات، شرط إعادته إلى منصب مرموق عند انتخاب القوتلي رئيساً للجمهورية.

وفى الخطيب بوعده، وبالمقابل، أصدر الرئيس القوتلي مرسوماً بتعيينه محافظاً لمدينة دمشق يوم 13 تشرين الأول 1943. ولكنّه وبعد ثلاثة أيام فقط من صدور المرسوم، عزله نزولاً عند رغبة رئيس حكومته سعد الله الجابري، الناقم على بهيج الخطيب منذ اتهامه زوراً بمقتل الشهبندر قبل سنتين. وضعه الجابري قيد الإقامة الجبرية في منزله بدمشق، قبل إرسال “نصيحة” له بضرورة “مغادرة سورية والعودة إلى لبنان.”

الوفاة

عاد بهيج الخطيب إلى مسقط رأسه في بلدة شحيم، وفيها توفي عن عمر ناهز 96 سنة عام 1981.

الخطيب في الدراما التلفزيونية

اعترضت عائلة الخطيب على المسلسل السوري أبو كامل عند عرضه عام 1989، وقالت إنه أظهر الرئيس الأسبق بصورة الحاكم المتسلّط والظالم. وتكرّر الاعتراض في العام 2007 مع مسلسل حسيبة، حيث اتهمت الأسرة مؤلف العمل خيري الذهبي بالدخول في “مغالطات تاريخية تمسّ بشخص الرئيس الراحل.”

المناصب الرسمية

المنصب الفترة سبقه خلفه
قائد الشرطة 1934-1928 واثق مؤيد العظم صفوح مؤيد العظم
محافظ دمشق 6 شباط – 2 آذار 1936 واثق مؤيد العظم توفيق الحياني
مجافظ جبل الدروز حزيران – كانون الأول 1937 الأمير توفيق الأطرش الأمير حسن الأطرش
رئيس الحكومة 9 تموز 1939 – 1 نيسان 1941 نصوحي البخاري خالد العظم
وزير الداخلية 20 أيلول 1941 – 17 نيسان 1942 خالد العظم حسني البرازي
محافظ دمشق 16-13 تشرين الثانب 1943 حسني البرازي عارف الحمزاوي

 

المصدر
1. ابراهيم غازي. نشأة الشرطة وتاريخها في سورية (دمشق 1999)، 1792. بيتر شامبروك. الإمبريالية الفرنسية في سورية (باللغة الانكليزية - لندن 1998)، 373. سعاد جروس. من الانتداب إلى الإنقلاب: سورية زمن نجيب الريّس (: دار رياض نجيب الريّس، بيروت 2015)، 1254. نفس المصدر5. نفس المصدر6. بيتر شامبروك. الإمبريالية الفرنسية في سورية (باللغة الانكليزية - لندن 1998)، 2587. أكرم الحوراني. مذكرات أكرم الحوراني (مكتبة مدبولي، القاهرة 2000)، 211-2148. سعاد جروس. من الانتداب إلى الإنقلاب: سورية زمن نجيب الريّس (: دار رياض نجيب الريّس، بيروت 2015)، 719. نصوح بابيل. صحافة وسياسة: سورية في القرن العشرين (دار رياض نجيب الريّيس، لندن 1987)، 19310. أحمد قدامة . معالم وأعلام في بلاد العرب (دمشق 1965)، 37811. أحفاد بهيج الخطيب يعترضون على "حسيبة."

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !