المدرسة الكاملية، أو “دار القرآن والحديث التنكزية،” مدرسة قديمة من العهد المملوكي، تقع داخل مدينة دمشق القديمة، بالقرب من قصر العظم في سوق البزورية. بُنيت في أوائل القرن الرابع عشر على يد الأمير المملوكي سيف الدين تنكز، وكُتب على اللوح الحجري الذي يعلو مدخلها: “أنشأ هذه المدرسة المباركة وأوقفها على القراء المشتغلين بالقرآن العظيم والفقهاء المسمعين للحديث النبوي الملك الأشرف السيفي التنكزي النظري كافل الممالك الشريفة بالشام المحروسة وذلك في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة.” جددت في عهد الشيخ كامل القصاب سنة 1908 وكانت من أفضل دمشق وأشهرها في النصف الأول من القرن العشرين.
الطراز المعماري
للمدرسة واجهة حجرية وباب تعلوه العديد من الزخارف ومتوج بالمقرنصات على النمط المملوكي، وتتميز بالحجارة الضخمة التي بنيت منها. تتألف من طابقين، الأول يضم عدداً من الغرف مع فسحة، والثاني فيه غرفاً صفية، لها جميعها أبواب ونوافذ خشبية. وحافظت المدرسة على طرازها وبنائها مع استمرار عمليات الترميم فيها على يد ورثة الشيخ القصاب.
عهد الشيخ كامل القصاب
انتقلت ملكية المدرسة بين أشخاص وجهات مختلفة، فتحولت تارة مكاناً للسكن وأخرى مدرسة لتعليم القرآن، مع الحفاظ على بنائها الأساسي. وفي سنة 1908 انتقلت ملكيتها إلى الشيخ محمد كامل القصاب، أحد أشهر مُدرسي دمشق الذي أعاد لها مكانتها كمدرسة علمية مرموقة وأدخل إليها طرق التعليم الحديث. عُرفت في عهده باسم “الثانوية الدمشقية العثمانية” وأصبحت من أهم المدارس الثانوية في البلاد، وكانت شهادتها تُقبل في معهد الطب العثماني بداية وفب الجامعة السورية لاحقاً. أسس فيها “جمعية العلماء،” بهدف نشر العلم والمعرفة، ومنها انطلق أنصاره من المجاهدين لمواجهة الفرنسيين في معركة ميسلون سنة 1920. بعد وفاة كامل القصاب عام 1954 انتقلت إدارة المدرسة إلى ابنه ثم حفيده، وتحولت إلى مدرسة ابتدائية، وهي اليوم مدرسة خاصة تتبع لوزارة التربية السورية وتضم مراحل التعليم الأساسي تحت اسم “المدرسة الكاملية الهاشمية.” وقد كتبت على حجر أعلى باب المدرسة هذه العبارة: “جدد عمارة وبناء هذه المدرسة من ماله الخاص الفقير إلى الله تعالى محمد كامل القصاب.”
مدرسون طلاب
علّم في المدرسة الكاملية نخبة من أساتذة سورية ومنهم الأمير عارف الشهابي والدكتور عبد الرحمن الشهبندر والمحامي عبد الوهاب الإنكليزي والأديب خير الدين الزركلي. وتخرج فيها أسماء لامعة بمجالات مختلفة، ومنهم:
- الشيخ محمد بهجة البيطار (من أشهر علماء بلاد الشّام)
- الشيخ حمد صالح فرفور (فقيه حنفي ومؤسس معهد الفتح الإسلامي بدمشق)
- الدكتور أحمد حمدي الخياط (أحد مؤسسي كلية الطب في الجامعة السورية)
- الدكتور عبد الوهاب القنواتي (أحد مؤسسي قسم الصيدلة في الجامعة السورية)
- صبري العسلي (رئيس الحكومة السورية)
- أنور البابا (ممثل وأحد مؤسسي إذاعة دمشق)