أعلام وشخصياتحقوقيون وقضاةسياسيون ورجال دولة

منير العجلاني

سياسي وأستاذ في كلية الحقوق

الدكتور منير العجلاني
الدكتور منير العجلاني

منير بن محمد علي العجلاني (1914 – 20 حزيران 2004) سياسي سوري ورجل قانون، تقلّد عدة مناصب وزارية في زمن الانتداب الفرنسي ومطلع عهد الاستقلال، منها العدل والمعارف، قبل أن يتم اعتقاله سنة 1956 بتهمة التخطيط لانقلاب عسكري ضد أنصار الرئيس جمال عبد الناصر في سورية. كان العجلاني من أشهر أساتذة القانون في دمشق ومن أقطاب السياسة في مرحلة الخمسينيات، وقد تولّى رئاسة الجامعة السورية بالوكالة خلال فترة عمله وزيراً للمعارف سنة 1954، وهو أحد مؤسسي تنظيم القمصان الحديدية المعارض للانتداب الفرنسي، إضافة لكونه صهر رئيس الجمهورية تاج الدين الحسني.

البداية

ولِد منير العجلاني في حيّ سيدي عامود بدمشق (المعروف لاحقاً باسم الحريقة) وهو سليل أسرة دينية عريقة، تولّى أبناؤها نقابة الأشراف في زمن الدولة العثمانية. وكانت عائلة العجلاني من الأسر الثرية بدمشق، تملك أراض زراعية خصبة في غوطتها الشرقية. دَرَس العجلاني الحقوق في الجامعة السورية، قبل أن ينتقل إلى جامعة السوربون في باريس، حيث نال شهادة دكتوراه دولة في القانون سنة 1933، وشهادة ثانية بالصحافة وثالثة في عِلم اللسانيات. وخلال سنواته الجامعية نشط العجلاني في الجمعيات الطلابية ضد الانتداب الفرنسي في سورية، وكان يكتب بشكل دوري في كبرى الصحف الفرنسية اليومية.

العمل الصحفي

عند عودته إلى دمشق، عمل منير العجلاني في جريدة الجزيرة التي كان يُصدرها تيسير الظبيان، ثم انتقل إلى جريدة القبس مع الصحفي نجيب الريّس. وفي 1 نيسان 1939 شارك في تأسيس جريدة النضال مع صديقه الدكتور سامي كبارة، وهي صحيفة سياسية مسائية عُرفت بخطها المعارض للانتداب الفرنسي. ولكنه وبعد ثلاثة أشهر من صدور النضال، انفصل عن إدارة وملكية الجريدة، وبقي يكتب المقالات الدورية على صفحتها الأولى.

القمصان الحديدية

خلال سنوات دراسته الجامعية، تأثر منير العجلاني بالتنظيمات العسكرية التي ظهرت في برلين وروما، وقرر تأسيس حركة مشابهة في دمشق، تكون بديلاً عن الجيش السوري الذي تم حلّه وتحطيمه من قبل سلطة الانتداب يوم احتلال سورية سنة 1920. تشارك العجلاني مع فخري البارودي في تأسيس الشباب الوطني، وهو الذراع الشبابي للكتلة الوطنية الذي انبثق عنه تنظيم القمصان الحديدية قي 8 آذار 1936.

هدف التنظيم إلى خلق جيل جديد من الشباب السوري، يكون ثلاثي الأبعاد مثل رجال عصر النهضة في أوروبا، يُجيد أبناؤه الشعر والأدب والعلوم بكافة أنواعها. وقد أصبح تنظيم القمصان الحديدية هو الذراع العسكري للكتلة الوطنية التي انتسب إليها العجلاني بعد عودته من فرنسا، قبل أن ينشق عن صفوفها وينضم إلى تيار الزعيم عبد الرحمن الشهبندر. وقد ساهم تنظيم القمصان في حماية الأحياء والأهالي من تجاوزات الفرنسيين، ولكن سلطة الانتداب أمرت بحلّه، بعد توجيه اتهام إلى منير العجلاني ورفاقه بالتعاطف مع الحزب النازي في ألمانيا، وبتلقي أموالاً من أدولف هتلر.

الزواج

تزوّج منير العجلاني من السيدة إنعام الحسني، كريمة الشيخ تاج الدين الحسني، الذي سمّي رئيساً للجمهورية في أيلول 1941. وقد عينه الشيخ تاج مديراً للقصر الجمهوري ثمّ وزيراً للشباب في حكومة الرئيس حسني البرازي يوم 18 نيسان 1942. أنشأت هذه الحقيبة خصيصاً لأجله وتم حلّها بعد استقالة وزارة البرازي في 8 كانون الثاني 1943. وفي نهاية عهد الشيخ تاج وقبل وفاته بأيام، تسلّم العجلاني حقيبة الشؤون الاجتماعية في حكومة جميل الألشي من كانون الثاني ولغاية 25 آذار 1943.

بطاقة دعوة حفل زفاف الدكتور منير العجلاني على السيدة إنعام الحسني سنة 1942.
بطاقة دعوة حفل زفاف الدكتور منير العجلاني على السيدة إنعام الحسني سنة 1942.

العلاقة مع نزار قباني

وفي سنة 1936، طُلب من منير العجلاني الترشح للمجلس النيابي، وقد جاء الطلب من الصناعي توفيق قباني، جار عائلة العجلاني في سيدي عامود الذي غضب من مشاهدة أحد نواب العاصمة مخموراً في شوارعها. ولكن سنّ العجلاني يومها لم يكن يسمح له بالترشح لعضوية مجلس النواب، فقام بتعديل بياناته في سجلات النفوس، ليصبح من مواليد 1905 بدلاً من 1914. رداً لجميل توفيق قباني وثقته بالعجلاني، قام الأخير باحتضان نجله الشاعر الشاب نزار قباني، عند وضعه ديوانه الأول سنة 1944. وقد كتب العجلاني مقدمة ديوان قالت لي السمراء قائلاً:

لا تقرأ هذا الديوان، فما كتب ليقرأ.. ولكنه كتب ليغنّى.. ويُشم.. ويُضم.. وتجد فيه النفس دنيا ملهمة. يا نزار !لم تولد في مدرسة المتنبي، فما أجدك تعنى بشيء من الرثاء والمديح والحكمة، وما أجدك تعنى بالبيت الواحد من القصيدة يضرب مثلاً، وما أجدك بعد هذا تعنى بالأساليب التي ألفها شعراؤنا وأدباؤنا وإنما أنت شيء جديد في عالمنا.(9)

محاولة انقلاب عام 1950

في مطلع عهد الاستقلال، سُمّي منير العجلاني وزيراً للمعارف في حكومة الرئيس جميل مردم بك يوم 7 تشرين الأول 1947 وظلّ في منصبه حتى نهاية عام 1948، عند انتخابه عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق. شهد حرب فلسطين الأولى، ورفض تأييد الانقلاب العسكري الأول الذي قاده حسني الزعيم ضد رئيس الجمهورية شكري القوتلي في آذار 1949.

الدكتور منير العجلاني يلقي كلمة في قصر العظم.
الدكتور منير العجلاني يلقي كلمة في قصر العظم.

بقي العجلاني بعيداً عن المشهد السياسي حتى سقوط حسني الزعيم وإعدامه في 14 آب 1949، ليعود إلى الشأن العام بعد انتخابه عضواً في المؤتمر التأسيسي ومشرعاً في وضع دستور عام 1950. كان العجلاني محسوباً على التيار الهاشمي في سورية، المطالب بتوحيد سورية الكبرى تحت عرش الملك عبد الله بن الحسين، مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية. وقد تم اعتقاله في أيلول 1950 بتهمة الضلوع في محاولة انقلاب ضد نظام سورية الجمهورية، وبقي سجيناً في سجن المزة حتى نهاية كانون الثاني 1951.

وقد جاء في التحقيقات أنه تقاضى مبلغاً من المال وزير المعارف الأردني للترويج للملك عبد الله بين صفوف السياسيين والضباط السوريين. ولكن العجلاني نفى كل التهم الموجهة إليه، وأصر على أنه كان ضحية “حملة شعواء” قامت بها أجهزة المخابرات السورية للنيل من سمعته ومن رصيده الوطني. وكان العجلاني قبل اعتقاله بأيام قد شنّ حملة شرسة ضد ضباط الجيش والمخابرات، متهماً العسكر بالتدخل في شؤون الشرطة وفي عمليات تهريب واسعة النطاق مع لبنان.

في صفوف المعارضة 1951-1954

بعد إطلاق سراحه، عُيّن منير العجلاني وزيراً للعدل في حكومة معروف الدواليبي 28 في تشرين الثاني 1951، المحسوبة على المحور الهاشمي. ولكن هذه الحكومة لم تستمر إلّا أربعة وعشرون ساعة فقط، فقد تم الإطاحة بها واعتقال جميع أعضائها بأمر من العقيد أديب الشيشكلي، مهندس الانقلاب الرابع في سورية. قضى العجلاني بضعة أسابيع في سجن المزة، وعند إطلاق سراحه انضم إلى صفوف المعارضة ضد حكم  الشيشكلي، وكان حاضراً في مؤتمر حمص المنعقد في دار الرئيس الأسبق هاشم الأتاسي، المطالب بإسقاط الشيشكلي بكل الطرق المتاحة عسكرياً وسياسياً. وقد تم اعتقاله مجدداً في تموز 1953، بعد اعتراضه على نتائج الانتخابات النيابية التي أوصلت الشيشكلي رسمياً إلى سدّة الرئاسة.

العودة إلى الحكم

بعد سقوط الشيشكلي ونفيه خارج البلاد في 25 شباط 1954، عاد العجلاني إلى الحكم، وزيراً للمعارف في حكومة صبري العسلي في 1 آذار 1954، حيث تسلّم رئيسة الجامعة السورية بالوكالة. وفي 29 تشرين الأول 1954، سمّي وزيراً للمعارف في حكومة الرئيس فارس الخوري الخامسة والأخيرة، لغاية 13 شباط 1955. وأخيراً، أصبح وزيراً للعدل في حكومة سعيد الغزي الانتقالية ما بين 13 أيلول 1955 – 14 حزيران 1956، التي أشرفت على الانتخابات النيابية والرئاسية، وفاز بموجبها شكري القوتلي برئاسة الجمهورية السورية.

منير العجلاني في الخمسينيات.
منير العجلاني في الخمسينيات.

المؤامرة العراقية

تم اعتقال منير العجلاني من منزله الكائن في بناء الحجّار بحيّ المالكي سنة 1956، بتهمة الضلوع في محاولة انقلاب ضد الرئيس القوتلي، المُقرب من مصر والرئيس جمال عبد الناصر. سيق العجلاني مكبلاً إلى سجن المزة مع عدد من السياسيين الكبار، ومنهم سامي كبارة وعدنان الأتاسي، ووجهت لهم تهمة تقاضي أموالاً من الوصي على عرش العراق، الأمير عبد الإله بن علي، بهدف اغتيال شخصيات سورية محسوبة على مصر والاتحاد السوفيتي.

مثل العجلاني ورفاقه أمام محكمة عسكرية أقيمت على مدرج الجامعة السورية، بثّت جلساتها على الهواء مباشرة. وقد دافع العجلاني فيها عن نفسه، رافضاً توكيل أي محامي، ولكنّ المحكمة أدانته بالخيانة العظمى وحكمت عليه بالإعدام. وقد تم تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد، بواسطة من الرئيس شكري القوتلي.

بقي العجلاني سجيناً حتى عام 1960، عندما تم نقله إلى الإقامة الجبرية في مدينة الإسكندرية خلال سنوات الوحدة السورية المصرية. وبعد القضاء على جمهورية الوحدة وسقوط حكم عبد الناصر في سورية يوم 28 أيلول 1961، تم إطلاق سراحه ولكنه لم يعد إلى سورية وفضل الإقامة في السعودية، ضيفاً على الملك سعود، ثم على شقيقه الملك فيصل، الذي عيّنهُ مستشاراً في الديوان الملكي السعودي.

الدكتور منير العجلاني مع المؤرخ السوري سامي مروان مبيّض في بيروت سنة 1998.
الدكتور منير العجلاني مع الكاتب السوري سامي مروان مبيّض في بيروت سنة 1998.

السنوات الأخيرة والوفاة

أسس منير العجلاني مجلّة العربي في مدينة الرياض سنة 1975 ووضع عدّة كتب عن تاريخ المملكة العربية السعودية ومؤسسها الملك عبد العزيز آل سعود. وقد توفي في السعودية عن عمر ناهز 90 عاماً يوم 20 حزيران 2004.

مؤلفاته

من مؤلفات منير العجلاني كتاب أوراق، الصادر بدمشق سنة 1943، وكتاب تاريخ البلاد العربية السعودية، الصادر في بيروت سنة 1967. كما كان له كتاب مرجعي عن حياة الملك فيصل آل سعود وكتاب آخر بعنوان الأمير تركي بن عبد الله: بطل نجد ومحررها ومؤسس الدولة السعودية الثانية، الصادر في الرياض سنة 1990. ومن مؤلفاته الحقوقية كتاب “الوجيز في الحقوق المدنية” و”الوجيز في الحقوق الرومانية” و”المختصر في حقوق الجزاء الخاصة،” وكتاب عبقرية الإسلام في أصول الحكم، الصادر في دمشق سنة 1947.

الأولاد

زُرق منير العجلاني بخمسة أولاد وهم: منار، الذي عمل في حقل التعليم، ونوّارة التي توفيت باكراً، وفواز الذي عمل مهندساً مع شقيقه أمير العجلاني، المتخصص بإدارة الأعمال من الولايات المتحدة الأمريكية. وأخيراً كانت ابنته منيرة، خريجة الجامعة الأميركية في بيروت والتي عملت في الجمعيات التطوعية في السعودية.

المناصب

مدير القصر الجمهوري (25 أيلول 1941 – 18 نيسان 1942)
وزيراً للشباب والرياضة (18 نيسان 1942 – 8 كانون الثاني 1943
  • سبقه في المنصب: لا يوجد
  • خلفه في المنصب: أُلغي المنصب
وزيراً للأشغال العامة (8 كانون الثاني – 24 آذار 1943)
وزيراً للعدل (28-29 تشرين الثاني 1951)
  • سبقه في المنصب: عبد العزيز حسن
  • خلفه في المنصب: منير غنام
وزيراً للمعارف (1 آذار – 19 حزيران 1954)
  • سبقه في المنصب: أنور إبراهيم باشا
  • خلفه في المنصب: نهاد القاسم
رئيساً بالوكالة للجامعة السورية (7 تشرين الثاني – 17 كانون الأول 1954)
وزيراً للمعارف (29 تشرين الأول 1954 – 13 شباط 1955)
وزيراً للعدل (13 أيلول 1955 – 14 حزيران 1956)

 

 

 

 

 

 

 

المصدر
1. ليندا شيلشر. دمشق في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر (دار الجمهورية دمشق 1998)، 235-2372. فيليب خوري. سورية والإنتداب الفرنسي (باللغة الإنكليزية - جامعة برينستون 1987)،4353. مهيار عدنان الملوحي. معجم الجرائد السورية 1865-1965 (دار الأولى للنشر والتوزيع، دمشق 2002)، 129-1304. جورج فارس. من هم في العالم العربي (دمشق 1957)، 4125. سامي مروان مبيّض. سياسة دمشق والإنتداب الفرنسي (باللغة الإنكليزية - دار طلاس، دمشق 1998)، 1466. فيليب خوري. سورية والإنتداب الفرنسي (باللغة الإنكليزية - جامعة برينستون 1987)، 4357. جورج فارس. من هم في العالم العربي (دمشق 1957)، 4128. سامي مروان مبيّض. سياسة دمشق والإنتداب الفرنسي (باللغة الإنكليزية - دار طلاس، دمشق 1998)، 1469. نزار قباني. قالت لي السمراء (دمشق 1944)، 1-310. باتريك سيل. الصراع على سورية (باللغة الإنكليزية - لندن 1965)، 10811. أندرو راثميل. الحرب السرية في الشرق الأوسط (باللغة الانكليزية - لندن 2013)، 6612. باتريك سيل. الصراع على سورية (باللغة الإنكليزية - لندن 1965)، 9713. جورج فارس. من هم في العالم العربي (دمشق 1957)، 41214. باتريك سيل. الصراع على سورية (باللغة الإنكليزية - لندن 1965)، 27515. نفس المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !