السنة: 2021

  • نصوحي البخاري

    الرئيس نصوحي البخاري
    الرئيس نصوحي البخاري

    نصوحي بن سليم البخاري (1881 – 1 تموز 1962)، ضابط وسياسي سوري من دمشق، كان رئيساً لأركان الفيلق العاشر في  الجيش العثماني في أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث وقع أسيراً في يد القوات الروسية ونفي إلى سيبيريا. ثم عُيّن قائداً لفيلق حلب في عهد الملك فيصل الأول ووزيراً للمعارف في زمن الثورة السورية الكبرى.

    سمّي رئيساً للحكومة السورية في عهد الرئيس هاشم الأتاسي سنة 1939، وكان وزيراً للمعارف والدفاع في عهد الرئيس شكري القوتلي، حيث وضع قانون التجنيد الإجباري الذي طُبق بعد جلاء القوات الفرنسية سنة 1946.

    البداية

    ولِد نصوحي البخاري في دمشق وهو ابن الشيخ سليم البخاري، مفتي الجيش العثماني في عهد السلطان عبد الحميد الثاني. دَرَس في مدارس دمشق العسكرية وفي المعهد الحربي في إسطنبول، قبل تعيينه مرافقاً للمشير كاظم باشا، ناظر الخط الحديدي الحجازي في المدينة المنورة.

    في حروب الدولة العثمانية

    ومع اندلاع حرب البلقان عُيّن رئيساً لأركان الفيلق العاشر في الجيش العثماني ووقع أسيراً في يد الروس. أمضى تسعة أشهر في المعتقلات الروسية الشهيرة في سيبيريا، تعرض فيها لتعذيب شديد قبل تمكنه من الفرار، إلى الصين أولاً ثمّ إلى اليابان. ركب البحر متجهاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فنزل في مدينة نيويورك ومنها أبحر عائداً إلى اليونان ثم صربيا فبلغاريا، وأخيراً وصل إسطنبول في صيف العام 1916.

    ولكنّه لم يجد أسرته، فقد نُفي والده إلى الأناضول بسبب قربه من السلطان  عبد الحميد الثاني (المعتقل في قصره منذ سنة 1909) واعتُقل شقيقه الأصغر، محمود جلال البخاري، بتهمة الانتماء إلى جمعية سرية معارضة للدولة العثمانية.  أُعدم شقيقه شنقاً في بيروت، ولكنّ الدولة العثمانية لم تتعرض لنصوحي بل عدّته بطلاً قومياً ومنحته أرفع الأوسمة الحربية والسياسية، ومنها الوسام المجيدي، قبل إعادته إلى الميدان وتعيينه قائداً للفرقة التاسعة في القوقاز.  وفي الأشهر الأخيرة من الحرب العالمية الأولى نُقل إلى فلسطين وعند انهيار الحكم العثماني عاد إلى مسقط رأسه بدمشق مع نهاية العام 1918.

    مع فيصل الأول (1918-1920)

    بايع الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على سورية وعيّن قائداً لفيلق حلب، أمّا والده فقد سمّي رئيساً لعلماء دمشق. وقد اشترك البخاري في تتويج الأمير فيصل ملكاً على سورية يوم 8 آذار 1920، وعُيّن رئيساً لديوان الشورى الحربي ثم مبعوثاً خاصاً لفيصل لدى نظيره المصري الملك فؤاد الأول. وكان في مصر عند وقوع المواجهة العسكرية بين الجيش السوري والقوات الفرنسية في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920، التي أدّت إلى سقوط عرش الملك فيصل وفرض الانتداب الفرنسي على سورية.

    وزيراً في عهد الانتداب (1920-1928)

    قسّمت فرنسا البلاد السورية إلى دويلات، لكل واحدة منها حكومة مستقلة وبرلمان، وعينت نصوحي البخاري مديراً للشؤون العسكرية في دولة دمشق، دون أن يكون له أي صلاحيات أو إسهام فعلي بعدما حلّت الجيش السوري في أعقاب معركة ميسلون. وفي 12 حزيران 1926، عُيّن وزيراً للزراعة في حكومة أحمد نامي الثانية وبقي في منصبه لغاية 8 شباط 1928.

    رئيساً للحكومة سنة 1939

    وصلت الكتلة الوطنية إلى الحكم في نهاية عام 1936 مع انتخاب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية والتوقيع على معاهدة سورية – فرنسية في باريس، نصّت على توسيع صلاحيات الحكومة السورية ومنحها استقلالاً تدريجياً ومشروطاً بإعطاء فرنسا حق الانتفاع من الأراضي السورية والمطارات في حال نشوب حرب عالمية جديدة في أوروبا.  ولكن البرلمان الفرنسي رفض التصديق على معاهدة عام 1936، ما أطاح بحكومة الرئيس جميل مردم بك أولاً ثم حكومة لطفي الحفار. وفي 5 نيسان 1939، كلّف الرئيس الأتاسي نصوحي البخاري بتشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة الحفار المستقيلة والتي لم تستمر إلا أربعين يوماً فقط.

    لم يكن البخاري عضواً في الكتلة الوطنية الحاكمة منذ سنة 1936، ما جعله يتمتع بهامش أوسع للمناورة مع الفرنسيين، دون ضرورة الرجوع إلى مجلس الكتلة الدائم. وقد شكّل حكومته من المستقلين غير الحزبيين، وجاء بالصناعي والوجيه خالد العظم وزيراً للخارجية، وهي المرة الأولى التي يُسنَد فيها منصب منصب حكومي للعظم. اجتمع المندوب السامي الفرنسي بالرئيس البخاري وطلب إليه تعديل بنود معاهدة عام 1936 لإعادة الحكم الذاتي إلى دولتي جبل الدروز وجبل العلويين، مع إعطاء فرنسا المزيد من المطارات والقواعد العسكرية في سورية. رفض البخاري قبول هذه المطالب ورفضها رئيس الجمهورية، وفي 7 تموز 1939 استقال هاشم الأتاسي من منصبه احتجاجاً على تعنت الفرنسيين، وسقطت معه حكومة البخاري بعد ثلاثة أشهر من ولادتها.

    نصوحي البخاري مع رئيس الجمهورية شكري القوتلي سنة 1943.
    نصوحي البخاري مع رئيس الجمهورية شكري القوتلي سنة 1943.

    وزيراً في عهد القوتلي

    تحالف نصوحي البخاري مع شكري القوتلي وترشح معه على قوائم الكتلة الوطنية الانتخابية بدمشق سنة 1943. وعند انتخاب القوتلي رئيساً للجمهورية في 17 آب 1943 سمّي البخاري وزيراً للمعارف والدفاع بالوكالة في حكومة الرئيس سعد الله الجابري. وضعت أساسات الجيش السوري في عهده وأُقرّ نظام التجنيد الإجباري، الذي طبّق رسمياً بعد جلاء الفرنسيين في 17 نيسان 1946. وفي سنة 1949 ترشّح البخاري لعضوية الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع دستور جديد للبلاد بعد زوال حكم حسني الزعيم العسكري، ولكن الحظ لم يحالفه هذه المرة فقرر اعتزال العمل السياسي والتقاعد.

    الوفاة

    توفي نصوحي البخاري في دمشق عن عمر ناهز 81 عاماً يوم 1 تموز 1962. وقد خرجت له جنازة رسميّة جلّل فيها نعشه بالعلم السوري ونُقل على متن عربة مدفع إلى مثواه الأخير، بحضور ممثل عن رئيس الجمهوري ناظم القدسي.

    المناصب

    مديراً للشؤون العسكرية (1 كانون الأول 1920 – 28 حزيران 1922)
    • سبقه في المنصب: لا يوجد
    • خلفه في المنصب: أُلغي المنصب
    وزيراً للزراعة (2 كانون الأول 1926 – 8 شباط 1928)
    رئيساً للحكومة السورية (5 نيسان – 8 تموز 1939)
    وزيراً للمعارف (19 آب 1943 – 14 تشرين الثاني 1944)
    وزيراً للدفاع بالوكالة (19 آب 1943 – 14 تشرين الثاني 1944)

     

     

     

     

  • محمود جلال البخاري

     

    محمود جلال البخاري
    محمود جلال البخاري

    محمود جلال البخاري (1890 – 6 أيار 1916)، محام وسياسي سوري من دمشق، كان أحد أعضاء المنتدى الأدبي الذي عمل بالسرّ ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وأُعدم شنقاً في بيروت يوم 6 آذار 1916 بأمر من جمال باشا، قائد الجيش الرابع في سورية. وهو ابن الشيخ سليم البخاري مُفتي الجيش العثماني، والشقيق الأصغر لنصوحي البخاري، رئيس وزراء سورية.

    البداية

    ولِد محمود جلال البخاري في دمشق وكان والده الشيخ سليم البخاري من علماء المدينة، وقد عُيّن مفتياً على الجيش العثماني في زمن السلطان عبد الحميد الثاني. دَرَس المرحلة الابتدائية في مكتب عنبر بدمشق ثم في المدرسة الحربيّة، والتحق بعدها بالمدرسة الملكية الشاهانية في إسطنبول، حيث تخرج حاملاً شهادة في القانون سنة 1913.

    معارضاً للدولة العثمانية

    تراجع نفوذ عائلة البخاري في إسطنبول بعد عزل والده إثر نجاح انقلاب جمعية الاتحاد والترقي على السلطان عبد الحميد سنة 1908. نشط محمود جلال البُخاري مع الجمعيات السريّة المناهضة لحكم الاتحاديين والسلطان محمود رشاد الخامس وسيق إلى الخدمة الإلزامية في الجيش العثماني عند اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914.

    انتسب في هذه المرحلة من حياته إلى المنتدى الأدبي في إسطنبول الذي كان يرأسه المحامي اللبناني عبد الكريم خليل، وعندما قررت الدولة العثمانية حظره سنة 1915، اعتُقال كل من عبد الكريم خليل ومحمود جلال البخاري، وصدر أمر من جمال باشا بنفي والده الشيخ سليم إلى الأناضول، عقاباً على نشاط ابنه المعارض للدولة.

    الإعدام

    مثل البخاري أمام الديوان الحربي في مدينة عاليه اللبنانية وحُكم عليه بالإعدام شنقاً بتهمة التخابر مع القنصل الفرنسي جورج بيكو لقلب نظام الحكم العثماني في سورية. نُفّذ حكم الإعدام في ساحة البرج بيروت في يوم 6 أيار 1916.

     

  • سليم البخاري

    الشيخ سليم البخاري
    الشيخ سليم البخاري

    سليم البخاري (1851 – 24 تشرين الأول 1928)، عالم وفقيه سوري من دمشق، تسلّم إفتاء الجيش العثماني في عهد السلطان عبد الحميد الثاني وعُيّن رئيساً لعلماء دمشق في زمن الملك فيصل الأول. انتُخب بعدها عضواً في مجمع اللغة العربية ومجلس شورى الدولة كما سمّي مديراً للمكتبة الظاهرية، وهو والد المحامي محمود جلال البخاري (أحد شهداء 6 أيار 1916) والسياسي نصوحي البخاري، رئيس وزراء سورية سنة 1939.

    البداية

    ولِد سليم البخاري في دمشق وهو سليل عائلة “الآمدي” التي تعود أصولها إلى مدينة ديار بكر. استوطنت العائلة دمشق واتخذ لنفسه لقب “البخاري” نسبة لعائلة أمه. تلقى علومه الدينية في مساجد دمشق وقرأ على يد الشيخ بدر الدين الحسني والشيخ طاهر الجزائري، واختاره السلطان عبد الحميد الثاني ليكون مفتياً على جيشه سنة 1884.

    كان من دعاة الإصلاح السياسي والديني، فانخرط في جمعية  تركيا الفتاة وانتظم في حزب الحرية والائتلاف وصار رئيساً لشعبته في دمشق، قبل أن ينصرف عنه لما رأى فيه عجزاً وضعفاً. وانتسب ابنه نصوحي إلى الجيش العثماني ووصل إلى منصب رئيس أركان الفيلق العاشر، وظلّت علاقة الأسرة متينة بالسلطان لغاية خلعه عن العرش سنة 1909.

    المواجهة مع العثمانيين

    إبان تنحي السلطان عبد الحميد عُزل الشيخ البخاري عن منصبه واعتقل أصغر أبنائه محمود جلال البخاري بتهمة العمل السري المناهض للدولة العثمانية. مَثَل الشاب محمود جلال أمام الديوان العرفي في عاليه وحُكم عليه بالإعدام. وبعد تنفيذ الحكم في ساحة الشهداء في بيروت يوم 6  أيار 1916 نُفي والده إلى الأناضول وبقي فيها لغاية انتهاء الحرب العالمية الأولى.

    رئيساً لعلماء دمشق

    عاد سليم البخاري إلى دمشق بعد تحريرها من الحكم العثماني في تشرين الأول 1918 وبايع الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على سورية. عينه الأخير مستشاراً في ديوان المعارف وعضواً في مجلس الشورى. شارك في تتويج فيصل ملكاً على سورية يوم 8  آذار 1920، وبعد سقوط حكمه وفرض الانتداب الفرنسي على سورية، أصبح البخاري رئيساً لعلماء دمشق ابتداء من 20 كانون الأول 1920. ومن منصبه الجديد عمل على تنظيم الدروس الدينية في دمشق، وتحديد الحلقات العلمية التي كانت تُعقد في المساجد. استقال من رئاسة العلماء في 10 آذار 1924 احتجاجاً على إلغاء الخلافة الإسلامية في إسطنبول.

    مجمع اللغة العربية

    انتُخب الشيخ البخاري عضواً في مجمع اللغة العربية في 14 أيلول 1920، وتولّى إدارة المكتبة الظاهرية حتى وفاته. ومن أثاره المحفوظة رسالة عِلميّة بعنوان “في أدب البحث والمناظرة” وكتاب “حل الرموز في عقائد الدروز” الذي طُبع في المدينة المنورة بعد وفاته.

    الوفاة

    توفي الشيخ سليم البخاري في دمشق عن عمر ناهز 77 عاماً يوم 24 تشرين الأول 1928..

    .

     

    لأول 1928.

  • يوسف العظمة

    يوسف العظمة
    يوسف العظمة

    يوسف بن إبراهيم العظمة (1884-1920)، ضابط سوري من دمشق وأحد أشهر قادة النضال الوطني في تاريخ المشرق العربي الحديث. خدم في الجيش العثماني وشارك في الحرب البلقان وخاض الحرب العالمية الأولى. عُيّن وزيراً للحربية في عهد الملك فيصل الأول حيث وضع أساسات الجيش السوري واستشهد وهو على رأسه في مواجهة الفرنسيين في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920.

    البداية

    ولِد يوسف العظمة في حيّ الشاغور بدمشق وكان والده موظفاً حكومياً في الدولة العثمانية، توفي باكراً تاركاً ابنه الصغير في رعاية شقيقة الأكبر عبد العزيز العظمة. دَرَس في مدرسة دمشق العسكرية في البحصة ثم في المدرسة الحربية في إسطنبول، وعند تخرجه عُيّن مرافقاً للمستشار العسكري الألماني الجنرال ديتفور سنة 1907. انتقل إلى فوج القناصة في بيروت قبل تعيينه معاوناً لمدير التعبئة في مدرسة الأركان العثمانية في قصر يلدز في إسطنبول. وفي عام 1909 أرسلته نظارة الحربية إلى ألمانيا القيصرية لإتمام دورة عسكرية مكثفة، سمّي بعدها مُلحقاً عسكرياً في السفارة العثمانية في القاهرة.

    وفي سنة 1913 عُيّن قائداً للفرقة 25 في بلغاريا ثم للفيلق الثامن في رومانيا. وفي الأشهر الأخيرة من الحرب العالمية الأولى انتدبه وزير الحربية العثماني أنور باشا مرافقاً عسكرياً له، وقد بقي معه حتى سقوط الحكم العثماني في دمشق نهاية شهر أيلول من العام 1918. عُرض عليه البقاء مع الجيش العثماني ولكنه رفض وقرر العودة إلى دمشق لمبايعة الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على سورية في 3 تشرين الأول 1918.

    يوسف العظمة وزيراً في حكومة هاشم الأتاسي سنة 1920.
    يوسف العظمة وزيراً في حكومة هاشم الأتاسي سنة 1920.

    مع الأمير فيصل

    أُعجب الأمير فيصل بشخصية يوسف العظمة العسكرية وعينه مرافقاً شخصياً له ثم مبعوثاً خاصاً إلى بيروت. وعند عودته إلى دمشق كُلّف بترجمة الكتب العسكرية العثمانية ونقلها إلى اللغة العربية. شارك في حفل تتويج الأمير فيصل ملكاً على سورية يوم 8  آذار 1920 وبعدها بأشهر سمّي وزيراً للحربية في حكومة الرئيس هاشم الأتاسي الأولى يوم 3 أيار 1920.

    إنذار غورو

    اعترضت حكومة فرنسا على قرار تتويج الملك فيصل وقالت إن في ذلك خرق لاتفاقية سايكس بيكو، المُبرمة قبل أربع سنوات بينها وبين الحكومة البريطانية. وجهت إنذاراً شديد اللهجة إلى الملك فيصل يوم 14 تموز 1920، على لسان الجنرال هنري غورو، مندوب فرنسا السامي في سورية ولبنان، طالبت فيه بحل الجيش السوري وجمع السلاح من أفراده ومن الأهالي، مع تسليم واعتقال وتسليم عدد من المُعارضين لأطماع فرنسا في سورية، والاعتراف رسمياً بشرعية الانتداب الفرنسي. اعترض العظمة على إنذار غورو وقال إن جيشه قادر على صد أي عدوان فرنسي مرتقب، ولكن الملك فيصل قبل به وأعطى أوامره بتنفيذ ما جاء فيه من مطالب. وعندما بدأ بتسريح عناصر الجيش، قدم العظمة استقالته احتجاجاً إلى رئيس الحكومة هاشم الأتاسي.

    التحضير للمعركة

    ولكن الجنرال غورو، عدّ أن برقية قبول الإنذار جاءت متأخرة، وقال إنه لا يستطيع إيقاف قواته المتقدمة نحو مدينة دمشق قادمة من سهل البقاع. عند سماع الأعذار الفرنسية، تراجع العظمة عن استقالته وبدء العمل على استعادة القوات المبعثرة بموجب قرار التسريح الذي أصدره الملك فيصل قبل أيام. أمر العظمة بإقامة عرض عسكري كبير في شارع النصر وسط مدينة دمشق لشدّ عزيمة الناس وحثهم على مواجهة الفرنسيين، وأرسل من ينوب عنه إلى المدن السورية كافة بهدف جمع التبرعات لصالح المعركة المقبلة مع الجيش الفرنسي.  وصل عدد قوات الجيش السوري إلى 3800 جندي نظامي، ومعهم 48 مدفعاً وثماني رشاشات، وضعوا تحت أمرت الضابط الدمشقي تحسين باشا الفقير الذي كلفه العظمة بقيادة الجيش إلى معركة ميسلون.

    المجلس الحربي

    شُكل مجلس حربي برئاسة الملك فيصل وعضوية يوسف العظمة وتحسين الفقير، قام بإرسال اللواء الثاني مشاة إلى قرية مجدل عنجر في سهل البقاع، بقيادة المقدم توفيق عاقل، واللواء الرابع إلى حاصبيا وراشيا. أُبقي الفوج الثاني من اللواء الأول في محيط العاصمة للدفاع عن دمشق، تحسباً لأي انهيار سريع في صفوف الجيش، وفُتح باب التطوع في وتقدم قرابة ألف وسبعمائة شخص إلى مكتب يوسف العظمة في السراي الحكومي المطل على ساحة المرجة، طالبين السلاح لمواجهة الفرنسيين. ولكن وبعد تسلمهم الأسلحة الخفيفة، فرّ معظمهم ولم يبق منهم إلا 300 متطوع، معظمهم من أئمة الجوامع وطلاب المدارس الدينية، ومعهم 115 خيال جاءوا من حيّ الميدان تلبية لنداء وزير الحربية. جمعاً خرج مع يوسف العظمة إلى ميسلون 850 شخص، بين جندي نظامي ومدني متطوع، 647 منهم ليس في حوزتهم أي سلاح. وشارك في المعركة سرية كاملة من الحرس الملكي، بقيادة الرئيس محمّد علي العجلوني، وسرية الهجانة، بقيادة المقدم مرزوق التخيمي، وسرية رشاش بقيادة الرئيس هاشم الزين.

    اللقاء الأخير مع الملك فيصل

    قبل توجهه إلى ميسلون، التقى العظمة  بالملك فيصل في قصره ودار بينهما الحديث الشهير، الذي ورد في مذكرات الدكتور أحمد قدري، أحد مؤسسي الجمعية العربية الفتاة:

    العظمة: أتيت لتلقي أوامر جلالتكم.

    فيصل: إذن أنت ذاهب إلى ميسلون؟

    العظمة: نعم يا مولاي.

    فيصل: ولماذا كنت تصر على الدفاع بشدة؟

    العظمة: لأنني لم أكن أعتقد أن الفرنسيين يتمكنون من دوس جميع الحقوق الدولية والإنسانية ويقدمون على احتلال دمشق، وكنت أتظاهر بالمناورة للمقابلة بالمثل.

    فيصل: وهل يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يُراق على جوانبه الدمُ.

    العظمة: أترك ابنتي الوحيدة أمانة لدى جلالتكم.

    ثم سلّم بالتحية العسكرية وغادر القصر باتجاه أرض المعركة.

    معركة ميسلون

    بدأت معركة ميسلون في تمام الساعة السادسة والنصف من صباح يوم 24 تموز 1920. زرع العظمة عدة ألغام في طريق الجيش الفرنسي ولكن لم ينفجر منها إلا لغماً واحداً فقط قبل وصول الدبابات الفرنسية إليه. ثار العظمة من هذا التقصير وتوجه نحو مكان الألغام وهو يصيح بصوت عال شاتماً الضابط المسؤول. ثم نظر إلى المدفع الجبلي السريع وأمر الضابط المسؤول عنه أن يضرب الدبابات المتقدمة، وكانت المسافة بينهما لا تزيد عن خمسين متراً. وجهت هذه الدبابات نيرانها عليه وأصيب بصدره ورأسه. ويقول  تحسين باشا الفقير في مذكراته:

    وكان رحمه الله عند سقوطه سند ظهره للمحرس وأدار وجهه نحوي وفيه بقية من حياة والدم يتدفق من فمه، فحالاً أمرت الصدّاح (المبوّق) محمد الترك أن يذهب بسيارتي ويأخذ وزير الحربية قبل أن يصل إليه العدو. ولما أرادت السيارة أن تدور، أصابتها قنبلة مدفع وعاد سائقها ولم يتمكن من أخذ الوزير الذي أمال رأسه وسقط مسلماً روحه الطاهرة.

    انهار الجيش السوري سريعاً بعد انتشار خبر استشهاد يوسف العظمة، وحُسمت المعركة لصالح الفرنسيين، فدخلوا مدينة دمشق في صباح اليوم التالي دون أي مقاومة. هرب الملك فيصل إلى مدينة درعا جنوب البلاد وشكّلت حكومة جديدة برئاسة علاء الدين الدروبي، سمي فيها الضابط جميل الألشي وزيراً للحربية، خلفاً ليوسف العظمة.

    عائلة يوسف العظمة

    انتقلت منيرة زوجة يوسف العظمة التركية إلى إسطنبول وعاشت مع ابنتها الوحيدة ليلى (وهي تولد سنة 1915). ظلّت تزور دمشق بين الحين والآخر وكان لها نشاط مجتمعي معروف عبر جمعية نور الفيحاء لتعليم البنات التي شاركت في تأسيسها مع الرائدة النسائية نازك العابد، وجمعية النجمة الحمراء المعنية بجرحى الحرب من السوريين، التابعة أيضاً للعابد. وكانت العابد قد رافقت زوجها إلى معركة ميسلون لهدف إسعاف الجرحى. أمّا الطفلة ليلى بنت يوسف العظمة فقد خصص لها الملك فيصل راتباً شهرياً من سنة 1920 وحتى وفاته عام 1933. وفي العام 1947، خصص لها الرئيس شكري القوتلي راتباً إضافياً بقدر ألفي ليرة سورية شهرياً ومعه ألفي ليرة معونة.

    تخليد ذكرى العظمة

    أُطلق اسم يوسف العظمة على شارع رئيسي في كل المدن السورية وعلى ساحة محورية وسط مدينة دمشق، تُعرف أيضاً باسم بوابة الصالحية يتوسطها تمثال له. وأطلق اسمه على عدد من المدارس الابتدائية في كل من دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية، وفي مدينة جنين الفلسطينية، وتحوّل منزله الكائن في منطقة المهاجرين إلى متحف يحمل اسمه ويضم ما تبقى من مقتنياته. بدأت أعمال الترميم في عهد وزير الدفاع مصطفى طلاس سنة 2005 ولكنها توقفت كلياً مع إندلاع الحرب السورية عام 2011 وهجر المنزل مع بقائه ضمن ممتلكات وزارة الدفاع.

    تمثال يوسف العظمة القديم.
    تمثال يوسف العظمة القديم.

    وصدرت عدة مؤلفات عن يوسف العظمة، كان أشهرها كتاب فاجعة ميسلون للكاتب محيّ الدين السفرجلاني الذي نشر بدمشق سنة 1937 وقدّم له الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، زميله في حكومة هاشم الأتاسي الأولى. وفي سنة 1998 جُسّدت شخصية يوسف العظمة على شاشة التلفزيون في الجزء الثاني من مسلسل أخوة التراب، ولعب دوره الممثل السوري جهاد عبدو. 

    المناصب

     وزيراً للحربية (3 أيار – 24 تموز 1920)

     

     

     

     

  • خير الدين الزركلي

    خير الدين الزركلي (25 حزيران 1893 – 25 تشرين الثاني 1976)، أديب وصحفي وشاعر سوري من دمشق، عمل في ميادين الصحافة والسياسة وحقق نجاحاً عربياً واسعاً في النصف الأول من القرن العشرين. أسس جريدة الأصمعي بدمشق في نهاية الحكم العثماني وتبعها بجريدة لسان العرب في عهد الملك فيصل الأول، ثم بجريدة المفيد التي ظلّت تصدر لغاية فرض الانتداب الفرنسي على سورية سنة 1920.

    عمل بعدها صحفياً في فلسطين ثم مديراً لديوان الأمير عبد الله بن الحسين في عمّان، قبل انقلابه على الأسرة الهاشمية وتعيينه مستشاراً للملك عبد العزيز آل سعود. عُيّن سفيراً للمملكة العربية السعودية لدى جامعة الدول العربية أولاً ثم في المغرب، وبعد تقاعده سنة 1963 وضع مؤلفات عدة عن حياة ابن سعود وكتاب مرجعي عن مشاهير العرب والمسلمين بعنوان الأعلام، صدر على مراحل في السنوات 1954-1970.

    البداية

    وُلِد خير الدين الزركلي في بيروت وهو سليل أسرة دمشقية معروفة عملت بالتجارة في لبنان وفلسطين. درس في مدارس دمشق الحكومية وانضم إلى حلقة الشيخ طاهر الجزائري الفكرية التي أدخلته عالم الصحافة. أسس جريدة أسبوعية باسم الأصمعي في 18 آذار 1912 التي ظلّت تصدر حتى مطلع الحرب العالمية الأولى سنة 1914. حققت الأصمعي نجاحاً كبيراً في الأوساط الأدبية السورية ولفت انتباه شخصيات سياسية كبيرة مثل حقي العظم، الذي وجه له كتاباً مفتوحاً لخير الدين الزركلي، ووصفه بالشاعر “الثائر.”

    في العهد الفيصلي

    وبعد تحرير دمشق من الحكم العثماني وقيام حكومة عربية برئاسة الأمير فيصل بن الحسين سنة 1918، أطلق الزركلي صحيفة جديدة مؤيدة للحاكم الجديد باسم لسان العرب، مستلهماً عنوانها من إحدى خطابات الأمير فيصل حينما قال: “نحن عرب قبل أن نكون سوريين.” توقفت لسان العرب لأسباب مالية مطلع العام 1919 وجاءت بعدها جريدة المفيد التي بقيت تصدر من دمشق لغاية انهيار الحكم الفيصلي وفرض الانتداب الفرنسي على سورية سنة 1920. أصدرت سلطات الانتداب أمراً باعتقال الزركلي فهرب إلى إلى مملكة الحجاز ووضع نفسه تحت تصرف الشريف حسين بن عليّ، والد الملك فيصل.

    المرحلة الأردنية

    منحه الشريف حسين الجنسية الحجازية وأرسله إلى إمارة شرق الأردن لمساعدة نجله الأمير عبد الله على إرساء قواعد حكمه الوليد في عمّان. عُيّن مفتشاً في دائرة المعارف ثم رئيساً لديوان الحكومة الأردنية وعاد إلى دمشق بعد صدور عفو فرنسي عنه سنة 1923 ولكنّه أجبر على المغادرة ثانية عند إندلاع للثورة السورية الكبرى نظراً لموقفه المويد لقائدها العام سلطان باشا الأطرش.

    في القدس

    أقام الزركلي مدّة في القدس وأطلق صحيفة يومية باسم “الحياة،” ولكنها أُغلقت بأمر من سلطات الانتداب البريطاني فعاود التجربة مع صحيفة “يافا” التي توقفت لنفس الأسباب ولم يصدر منها إلّا عدد واحد فقط.

    خير الدين الزركلي واقفاً خلف الملك سعود بن عبد العزيز في إحدى حواراته التلفزيونية.
    خير الدين الزركلي واقفاً خلف الملك سعود بن عبد العزيز في إحدى حواراته التلفزيونية.

    العمل مع آل سعود

    طاردته السلطات البريطانية في فلسطين فتوجّه الزركلي إلى السعودية للعمل مع الملك عبد العزيز آل سعود. كان هذا القرار مفصلياً في مسيرته المهنية نظراً، وقد جاء في أوج التوتر الشديد القائم بين الأسرة الهاشمية وابن سعود، بعد حربه على الشريف حسين وإسقاط حكمه في الحجاز سنة 1924.  كان قراراً مؤلماً بالنسبة للزركلي، فيه تخلٍّ واضح عن ماضيه السياسي ونسف لعلاقته الوطيدة مع الشريف حسين وأولاده.

    عينه الملك عبد العزير مستشاراً لدى السفارة السعودية في القاهرة، وفي سنة 1946 أصبح الزركلي مديراً لوزارة الخارجية السعودية ومستشاراً لنجله الأمير فيصل بن عبد العزيز. وفي سنة 1951، عيّنه الأمير فيصل سفيراً في جامعة الدول العربية في مصر، وبعدها بسنوات، سفيراً في المغرب.

    المؤلفات

    بعد تقاعده من العمل الحكومي عاش الزركلي في بيروت وتفرغ لوضع كتاب مرجعي بعنوان شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبد العزيز،” صدر سنة 1970، تلاه كتاب بعنوان الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز. وله مذكرات عن مشاهداته وأعماله المبكرة بعنوان ما رأيت وسمعت، صدر في مصر سنة 1923، إضافة لمذكرات عن فترة عمله بالأردن بعنوان عامان في عمّان. ولكنّ أشهر مؤلفات الزركلي على الإطلاق كان كتاب الأعلام الذي صدر على مراحل ما بين 1954-1970 وفيه تراجم لمشاهير العرب والمسلمين.

    الوفاة

    توفي خير الدين الزركلي في القاهرة عن عمر ناهز 84 عاماً يوم 25 تشرين الثاني 1976. أطلقت وزارة التربية السورية اسم خير الدين الزركلي على إحدى مدارس دمشق وسمّي شارع باسمه في مدينة الرياض.

     

  • ثريا الحافظ

     

    ثريا الحافظ
    ثريا الحافظ

    ثريا بنت أمين لطفي الحافظ (1911-2000)، مُدرسة سورية من دمشق، قادت الحركة النسائية في خمسينيات القرن العشرين وكانت من أول ثلاث نساء ترشحن لعضوية مجلس النواب في زمن الرئيس أديب الشيشكلي سنة 1953. وهي أول امرأة تخلع الحجاب في مظاهرة نسائية شعبية، تيمناً بالرائدة المصرية هدى الشعراوي. كانت لها زاوية أسبوعية في جريدة بردى الدمشقية التي كان يصدرها زوجها الصحفي منير الريّس وهي مؤسسة منتدى سكينة الأدبي سنة 1943.

    البداية

    ولِدت ثريا الحافظ في إسطنبول في سرايا عزيز علي المصري، صديق أبيها الأميرلاي أمين لطفي الحافظ من الضباط العرب في الجيش العثماني. أعدم والدها  شنقاً سنة 1916 بأمر من جمال باشا، قائد الجيش الرابع في سورية وعن هذه الحادثة تقول:

    لا أعرف أبي – رحمه الله – لكن أمي أخذتني إلى سجن عاليه قبل إعدامه بيوم واحد، وأدخلتني معها كي أراه، وأخبرني والدي بأنهم سيطلقون سراحه في اليوم التالي. فعدنا إلى دمشق وما زلت أذكر بأن أمي قد أرتدت ثوباً أحمر اللون، وزينت شعرها بالورد والياسمين من أجل استقبال والدي. وفي ذلك اليوم استقبلت أمي جارتها من عائلة الشهابي، جاءت وقد وضعت يدها فوق رأسها، فسألتها أمي: ما بك يل لبنى؟ أجابتها بلوعة وأسى: لقد أعدموهم شنقاً. فضربت أمي نفسها ونثرت عنها الورود واليسمين.

    بعدها بعامين تزوجت أم ثريا الحافظ من السياسي والإداري المعروف الأمير مصطفى الشهابي الذي تعهد برتبيتها وأدخلها في دار المُعلمات. عملت مُدرسة في ثانوية تجهيز البنات، قبل تعيينها مديرة لها، وأيدت الزعيم الوطني عبد الرحمن الشهبندر في عمله ضد الانتداب الفرنسي.

    الجمعيات الأهلية

    وفي سنة 1927 أسست جمعية دار المعلمات بدمشق وكان هدفها:

    • مكافحة الأمية
    • تعليم القرآن الكريم
    • تشغيل اليد العاملة
    • افتتاح ناد نسائي

    أقامت الجمعية عدة نشاطات خيرية، من ضمنها عروض مسرحية في مدرسة سوق ساروجا الأمريكية الخاصة، حيث شاركت ثريا الحافظ في دور البطولة في مسرحيات: طارق بن زياد، خالد بن الوليد، عواطف البنين، جنسنا اللطيف الناعم. تشاركت بعدها مع زميلتها سنيّة قباني في تأسيس دار وميتم كفالة الفتاة، المعني ببنات الشهداء. وفي 5 أيار 1945 أسست جمعية رعاية الجندي مع مقبولة الشلق لدعم عائلات الجنود، وبعدها شاركت زهراء اليوسف، زوجة الرئيس الراحل محمد علي العابد في إطلاق جمعية مكافحة مرض السل.

    منتدى سكينة

    أسست الحافظ في منزلها متندى سكينة الأدبي سنة 1943 الذي كان يُقيم ندوة فكرية في السابع عشر من كل شهر، يحضرها عدد من المثقفين الكبار، وفي مقدمتهم الأمير مصطفى الشهابي. وانبثق عن المنتدي فرقة فخر الأندلس لتعليم رقص السماح والدبكة الشعبية قبل أن شاركت زهراء اليوسف مجدداً في إقامة حلقة الزهراء الأدبية في قصرها الكائن في محلّة سوق ساروجا سنة 1953.

    حركة تحرر المرأة السورية

    شاركت ثريا الحافظ في كل المظاهرات النسائية التي نظمت ضد الانتداب وفي سنة 1936 رفعت الحجاب عن رأسها وكشفت عن وجهها أثناء مظاهرة على أبواب السراي الكبير في ساحة المرجة، تيمناً بالرائدة المصرية هدى شعراوي. وبعد زواجها من الصحفي منير الريّس دخلت معه كلية الآداب في الجامعة السورية لإكمال تعليمها، وبدأت تكتب مقالاً أسبوعياً في صحيفته، بردى، وتطالب بتحرير المرأة اجتماعياً وسياسياً وكسر قيد الرجال المفروض عليها في المجتمع السوري.

    ثريا الحافظ في انتخابات عام 1953.
    ثريا الحافظ في انتخابات عام 1953.

    انتخابات عام 1953

    وفي سنة 1953 ترشحت ثريا الحافظ لانتخابات مجلس النواب، مع سيدة أخرى من دمشق وثالثة من يبرود، ولكنه جميعهم سقطن بسبب محاربة المجتمع الذكوري.

    الحافظ وعبد الناصر

    رداً على العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 شاركت ثريا الحافظ بالمقاومة الشعبية التي انطلقت من دمشق دعماً للمجهود الحربي المصري. أيدت الوحدة السورية – المصرية عند قيامها في شباط 1958 وكانت من أشد المتحمسين لها وللرئيس جمال عبد الناصر، وعند انهيارها إبان انقلاب الانفصال في 28 أيلول 1961، وصفت كل من شارك بإسقاطها بالخائن والعميل للاستعمار. أحد من هاجمتهم بعنف كان رئيس الحكومة خالد العظم، ويوم الانقلاب عليه في 8 آذار 1963 قادت مظاهرة كبيرة على أبواب منزله وطالبت بسحله كما سحل العراقيون رئيس وزرائهم نوري السعيد يوم انقلاب 14 تموز 1958. وفي سنة 1963 دعيت إلى مصر لمقابلة عبد الناصر وعند وفاته في 28 أيلول 1970 أقامت مجلس عزاء في منزلها وخرجت بمظاهرة حزن نسائية عمّت شوارع مدينة دمشق.

    مؤلفاتها

    ألقت ثريا الحافظ أكثر من 150 محاضرة في حياتها المديدة، تنوعت أمكنتها بين النادي العربي والنادي الأدبي النسائي ومجمع اللغة العربية، إضافة لأحاديث طويلة عن حقوق المرأة، بثّت عبر أثير إذاعة دمشق وإذاعة الشرق الأدنى. وفي سنة 1961 وضعت مجموعة قصصية عن حياتها بعنوان “حدث ذات يوم،” جاء بعدها كتابها الثاني والأخير والأشهر، الحافظيات وهو بمنزلة مذكرات صدرت بدمشق سنة 1979.

    الوفاة

    توفيت ثريا الحافظ عن عمر ناهز 89 عاماً سنة 2000.

     

     

  • محب الدين الخطيب

    محب الدين الخطيب
    محب الدين الخطيب

    محب الدين الخطيب (1887 – 30 كانون الأول 1969)، مفكر سلفي وصحفي سوري من دمشق كان رئيساً لتحرير جريدة العاصمة الحكومية أثناء حكم الملك فيصل الأول (1919-1920). شارك في الثورة العربية الكبرى وكان مقرباً من الشريف حسين بن علي وعند قيام مملكة الحجاز في مكة كلف بإنشاء جريدة القبلة الرسمية. وبعد نفيه إلى مصر أسس المكتبة السلفية مع جريدة الزهراء وملّجة الفتح الأسبوعية، إضافة لرئاسة تحرير مجلّة الأزهر. وشارك الخطيب في تأسيس جمعية الشبان المسلمين التي سبقت جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وهو خال قاضي دمشق العلامة الشيخ علي الطنطاوي.

    البداية

    ولِد محب الدين الخطيب في حي القيمرية بدمشق وكان والده أمين المكتبة الظاهرية وأحد مُدرسي الجامع الأموي. دَرَس في مدرسة الترقي النموذجية وفي مكتب عنبر، وعند وفاة أبيه قام الشيخ طاهر الجزائري بتبنيه عِلمياً وأرسله إلى إسطنبول لدراسة الحقوق سنة 1905.

    المرحلة المصرية الأولى

    عمل محب الدين الخطيب سراً على إنشاء تنظيم مناهض للسلطان عبد الحميد الثاني باسم “جمعية النهضة العربية” فلاحقته السلطات العثمانية فهرب إلى اليمن وعمل مُترجماً حتى سنة 1908. توجه بعدها إلى مصر وانضم إلى أسرة جريدة الأهرام، حيث تعرف على الشيخ رشيد رضا المقيم أيضاً في القاهرة وتعاون معه على تأسيس مدرسة الدعوة والإرشاد.

    جريدة القبلة سنة 1916

    انضم محب الدين الخطيب إلى صفوف الثورة العربية الكبرى عند إعلانها وكلفه الشريف حسين بإنشاء جريدة القبلة الرسمية في مملكة الحجاز يوم 15 آب 1916. وفي سنة 1918 أرسله الشريف حسين إلى دمشق لمعاونة ابنه الأمير فيصل بن الحسين على تأسيس صحيفة ناطقة بلسان حكمه الجديد في سورية، بعد تحريرها من الحكم العثماني.

    محب الدين الخطيب في شبابه.
    محب الدين الخطيب في شبابه.

    جريدة العاصمة سنة 1919

    وفي دمشق أطلق محب الدين الخطيب جريدة العاصمة التي اعتُمدت صحيفة رسمية للمملكة السورية عند إنشائها في 8 آذار 1920.  صَدر عددها الأول يوم 17 شباط 1919 وعُين المحامي شاكر الحنبلي معاوناً لرئيس التحرير. كانت جريدة العاصمة متنوعة المواضيع وتُغطي كافة المراسيم والقوانين الصادرة عن الحكومة السورية، تصدر مرتين في الأسبوع بثماني صفحات من القطع المتوسط. وعند سقوط الحكم الفيصلي وفرض الانتداب الفرنسي على سورية سنة 1920 صدر أمر باعتقال الخطيب نظراً لقربه من الأسرة الهاشمية فهرب مجدداً إلى مصر.

    المرحلة المصرية الثانية

    من القاهرة أسس الخطيب دار الفتح والمكتبة السلفيّة المتخصصة بطباعة الكتب الدينية، وصار يصدر صحيفتين، الأولى شهرية باسم “الزهراء” والثانية أسبوعية أسماها “الفتح.” عمل رئيساً لتحرير مجلّة الأزهر طيلة خمس سنوات وشارك في تأسيس جمعية الشبان المسلمين التي سبقت جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وكانت تهدف إلى تنمية الشباب فكرياً وتوحيد صفوفهم لمواجه الاحتلال البريطاني القائم منذ سنة 1882.

    مؤلفاته

    وضع محب الدين الخطيب عدداً من الكتب الفكرية والتاريخية، كان من أبرزها:

    الوفاة

    توفي محب الدين الخطيب في القاهرة عن عمر ناهز 82 عاماً يوم 30 كانون الأول 1969 وأطلقت الحكومة السعودية اسمه على أحد شوارع مدينة الرياض.

     

     

     

  • أديب الداوودي

    الدكتور أديب الداوودي
    الدكتور أديب الداوودي

    أديب الداوودي (1923-2004)، دبلوماسي سوري من دمشق، كان مستشاراً للرئيس حافظ الأسد في سبعينيات القرن العشرين ومندوب سورية في مكتب الأمم المتحدة في جنيف من سنة 1981 ولغاية عام 1988. وقبلها وفي عهد الرئيس أديب الشيشكلي، كُلّف ببناء مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين وكان أول مديراً له، وفي سنة 1979، عُيّن مبعوثاً دولياً من قبل الدكتور كورت فالدهيم، أمين عام الأمم المتحدة، لنزع فتيل أزمة الرهائن الإيرانية في السفارة الأميركية في طهران.

    البداية

    ولِد أديب الداوودي في دمشق ودَرَس في مدارسها ثم في الجامعة السورية. وفور تخرجه من كلية الحقوق سنة 1944 التحق بوزارة الخارجية السورية وعَمل سكرتيراً للوزير جميل مردم بك قبل تعيينه مُلحقاً في السفارة السورية في باريس.  وخلال فترة عمله في فرنسا أكمل دراسته في جامعة السوربون ونال على شهادة الدكتوراه سنة 1949.

    بناء مخيم اليرموك

    وفي سنة 1953 عُيّن أديب الداوودي مديراً لمؤسسة اللاجئين الفلسطينيين في سورية، وبالاتفاق مع وكالة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أشرف على بناء مخيم اليرموك على أطراف العاصمة دمشق، وعلى إيجاد مساكن ومدارس ومستوصفات للفلسطينيين، بدلاً من الخيم العشوائية التي نُصبت لهم منذ وصولهم إلى سورية إثر تهجيرهم من فلسطين سنة 1948. كان ذلك في زمن الرئيس أديب الشيشكلي الذي كلفه بمتابعة أحوال اللاجئين الفلسطينيين في سورية، ولكن أعمال المخيم لم تنتهي بسرعة ولم يُفتتح رسمياً حتى سنة 1957، أي بعد قرابة الأربع سنوات من زوال حكم الشيشكلي.

    العمل الدبلوماسي (1955-1974)

    في سنة 1955 عُيّن أديب الداوودي مُستشاراً في السفارة السورية في لندن، وعند قيام الوحدة السورية المصرية بعد ثلاث سنوات، أصبح مُستشاراً في سفارة الجمهورية العربية المتحدة في الهند ومن ثمّ في الباكستان.  وعند انهيار الوحدة إثر انقلاب عسكري بدمشق يوم 28 أيلول 1961، كان الداوودي في نيويورك لحضور اجتماعات مخصصة لمناقشة قضية اللاجئين الفلسطينيين في الجمعية العامة للأمم المتحدة. حرصاً منه على الإبقاء على تماسك الموقف العربي خلال دورة الجمعية العامة بقي على اتصال مستمر مع وفد الجمهورية العربية المتحدة. وبعد انتخاب الدكتور ناظم القدسي رئيساً للجمهورية في كانون الأول 1961، عٌيّن الداوودي وزيراً مفوضاً في براغ ، قبل نقله سفيراً إلى الهند نهاية العام 1962.

    هذا وقد صدر مرسوم بتعيينه سفيراً في الأردن في 7 آذار 1963 ولكنه لم يُنفذ بسبب الانقلاب العسكري الذي وقع في سورية صبيحة 8 آذار، إذ قرر حكام سورية الجدد تعينه أميناً عاماً لوزارة الخارجية في حكومة الرئيس صلاح البيطار. وقد بقي الداوودي في منصبه حتى نهاية الستينيات، على الرغم من كونه دبلوماسياً مستقلاً غير منتسب إلى حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم منذ سنة 1963.

    السفير أديب الداوودي في الأمم المتحدة سنة 1967.
    السفير أديب الداوودي في الأمم المتحدة سنة 1967.

    حرب حزيران سنة 1967

    وخلال حرب حزيران سنة 1967 تم إرساله مستشاراً لدى البعثة السورية في الأمم المتحدة، وشارك في أعمال الدورة الاستثنائية الطارئة لبحث آثار العدوان الإسرائيلي. وبعد انتهاء أعمال الجمعية العامة تابع الدكتور الداوودي مناقشات مجلس الأمن التي أفضت الى صدور القرار 242 بتاريخ 22 تشرين الثاني 1967، والذي أصبح لاحقاً المرجعية القانونية لعملية السلام عند إطلاقها في بداية التسعينيات. وفي سنة 1969 عُيّن سفيراً في بلجيكا في نهاية عهد الرئيس نور الدين الأتاسي.

    مستشاراً للرئيس حافظ الأسد (1974-1981)

    وفي سنة 1974 استدعي الداوودي إلى دمشق وسمّي مستشاراً للرئيس حافظ الأسد، حيث أشرف على بناء القاعة الدمشقية المخصصة لاستقبال ضيوف رئيس الجمهورية. فجاءت زخارف القاعة تعكس سمات البيوت الدمشقية العريقة التي عرفها الداوودي في طفولته وشبابه المبكر، وزينت سقوفها بخشب الموزاييك وكسيت جدرانها بالرخام. وفي أيار 1977 أشرف الداوودي على ترتيبات أول قمة سورية – أمريكية عُقدت في مدينة جنيف السويسرية وجمعت بين الرئيس الأسد ونظيره الأمريكي جيمي كارتر.

    أزمة الرهائن سنة 1979

    وعند قيام الثورة الإسلامية سنة 1979 حصلت أزمة دولية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، إثر احتجاز عدد كبير من الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران. شكّل كورت فالدهايم، أمين عام الأمم المتحدة، لجنة دولية للتوسط لدى القيادة الإيرانية الجديدة، عُيّن فيها أديب الداوودي مُمثلاً عن مجموعة الدول العربية. وفي سنة 1981، عينه الرئيس حافظ الأسد مندوباً لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف وسفيراً غير مُقيم لدى دولة الفاتيكان حتى سنة 1988.

    الوفاة

    وكان آخر منصب شغله أديب الداوودي في حياته عضوية لجنة التفتيش الدولية التابعة للأمم المتحدة سنة 1992. تقاعد بعدها من العمل الدبلوماسي وقضى سنواته الأخيرة في سويسرا حتى وفاته عن عمر ناهز 81 عاماً سنة 2004.

    قالوا فيه

    وقد جاء في شهادة الدكتور رياض الداوودي، عضو اللجنة السياسية التابعة لوزارة الخارجية السورية وأحد المفاوضين السوريين في عملية السلام:

    في كل مؤسسة هناك من بين العاملين فيها من يبرز اسمه أكثر من غيره لأسباب شتى أهمها المعرفة والمقدرة والتمكن مما يجعله موضع الثقة للعهدة إليه دون غيره بالمهام الصعبة في الظروف الدقيقة. والدكتور أديب الداوودي واحد من هؤلاء وقد برز في ميدان العمل الدبلوماسي السوري وكان وجوده في محطات شكّلت منعطفات أساسية في تاريخ سورية المعاصر وفي ظروف سياسية صعبة شاهداً على ذلك. ويمكن اعتباره بحق بين أوائل الدبلوماسيين الذين أسهموا في وضع أسس وزارة الخارجية السورية، عقب الاستقلال.

     

  • مدحة عكاش

    مدحة بن عكاش عكاش (24 تشرين الثاني 1923-19 تشرين الأول 2011)، أديب سوري كانت له عشرات الدراسات والأبحاث والتحقيقات الأدبية والشعرية. وهو مؤسس مجلّة الثقافة الأدبية، واحدة من أنجح وأشهر المطبوعات الأدبية في سورية خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ساهم في رعاية الحركة الثقافية السورية المعاصرة لأكثر من نصف قرن وله الفضل بتقديم جيل كامل من الأدباء ودعم المواهب الشابة ونشر أعمالهم في مجلته، ومنها نزار قباني وعبد السلام العجيلي وغادة السمّان وغيرهم.

    البداية

    ولِد مدحة عكاش في حيّ الدباغة في مدينة حماة لأب شركسي كان يعمل مهندساً في سكة حديد درعا. وعندما بلغ عامين توفي والده مما دفعه ليعي للعيش مع إخوته الأيتام في ظروف مادية صعبة. اضطر لترك المدرسة وهو في الصف الثامن ليعمل في أعمال مختلفة من أجل كسب لقمة العيش. في عام 1941، انضم إلى دائرة السجل العقاري “الطابو” في مدينة حلب، حيث عمل في هذه الوظيفة لمدة أربع سنوات. قرأ الكثير وكتب الشعر في المناسبات الوطنية خلال ثورة حماة عام 1945 ضد الفرنسيين.

    تم اعتقاله من قبل سلطة الانتداب الفرنسي، ولكنه استمر في كتابة القصائد الحماسية وبعد تحقيق الاستقلال في عام 1946، انتقل للعيش في دمشق وانضم إلى كلية الحقوق في الجامعة السورية وتخرج منها في عام 1951. عمل كمدرس في المعهد العربي الإسلامي وثانوية دمشق الأميركية (التي أصبحت بعد تأميم المدارس تُعرف بثانوية دمشق العربية).

    مجلّة الثقافة

    في أيار 1958، أصدر مدحة عكاش مجلّة الثقافة الشهرية المعنية بشؤون الأدب والثقافة. وفي 17 أيلول 1966، تحولت المجلّة الشهرية إلى مجلّة أسبوعية تصدر كل يوم سبت تحت اسم “الثقافة الأسبوعية،” ثم عادت المجلّة الشهرية للصدور بجانب الأسبوعية في عام 1975.

    كان مقر المجلّة في زقاق الصخر بشارع الأرجنتين وسط دمشق، في بيت دمشقي قديم أصبح محلًا للمثقفين والكتّاب حتى تم هدمه في عام 2000 لإنشاء فندق الفور سيزنز في شارع الرئيس شكري القوتلي. قدمت مجلّة الثقافة العديد من الكتّاب السوريين المرموقين في الأعداد الأولى، بمن فيهم شفيق جبري وشاكر مصطفى وأمجد الطرابلسي وزكريا تامر وزكي الأرسوزي. ومن بين كتّاب المجلّة أيضًا الشعراء عمر أبو ريشة وبدوي الجبل ونزار قباني وشوقي بغدادي ووجيه البارودي، إضافة للصحفي الأديب خير الدين الزركلي، والصحفي عبد الغني العطري، والأديب الدكتور شاكر الفحّام، والأديب الوزير عبد السلام العجيلي، والأديبة غادة السمّان التي انطلقت مسيرتها من مجلّة الثقافة. وقد قدم عكاش كتاباً شهرياً مع مجلّة الثقافة، وقدمه كهدية للقراء، بما في ذلك كتاب “ابن الرومي،” و”من روائع الأدب الأندلسي،” و”رسائل الجاحظ” وغيرها من المؤلفات.

    وبعد هدم مقر المجلّة سنة 2000، نُقل مقرها إلى مكتب صغير في برج دمشق، وظلّ مدحة عكاش يُديرها حتى أيامه الأخيرة. وفي شهر نيسان من العام نفسه تحدث مدحة عكاش مع جريدة الشرق الأوسط واصفاً مشواره الأدبي مع مجلّة الثقافة قائلاً:

     إن كل وسيلة إعلام أدبية قد تمر بمراحل صعود وهبوط سواء كانت هذه الوسيلة مرئية أو مقروءة أو مسموعة، ومجلة الثقافة شأنها شأن غيرها مرت بمثل هذه المراحل، فهي قوية حينا وضعيفة حينا آخر إلا أن ذلك لم يمنعها من الاستمرار والديمومة، ومرد ذلك هو إيماني المطلق بأني سأصل الى الأفضل. هذا بالإضافة الى الظروف السياسية والمادية التي حالت في كثير من الأحيان دون وصول المجلة الى أقطار الوطن العربي كلها، وكذلك فقد كان للناحية المادية الأثر الكبير في إعداد المجلة الإعداد اللازم والمرضي للقراء كافة. ولعل هذا الصبر المتواصل قرابة أربعة وأربعين عاما قد زاد في ثقة القراء بالمجلة وزاد في عدد أصدقائها ممن يعتبرون المجلة اليوم معلماً من معالم دمشق.

    انتخب عكاش نقيباً للتعليم الخاص في مرحلة الخمسينيات وكان عضواً في لجنة الشعر في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب وعضواً مراسلاً في مجمع اللغة العربية بدمشق.

    الوفاة

    توفي مدحة عكاش في دمشق عن عمر ناهز 88 عاماً يوم 19 تشرين الأول 2011.

     التكريم

    منحته رابطة إحياء التراث العربي بأستراليا عام 1991 جائزة جبران العالمية وكرمته وزارة الثقافة السورية سنة 2007 ونال وسام الثقافة البلغاري سنة 1987 ووسام الاستحقاق من كوريا الديمقراطية سنة 1991. وألف عدد من الأدباء كتباً عن حياته منهم أحمد الخوص الذي وضع كتاباً بعنوان “مدحة عكاش رائد جيل وأمل أمة.”

     

     

  • أحمد السمان

    الأستاذ الدكتور أحمد السمان
    الأستاذ الدكتور أحمد السمان

    أحمد السمّان (1907-1968)، رجل قانون وأستاذ جامعي سوري من دمشق، كان رئيساً للجامعة السورية مرتين، الأولى بالوكالة سنة 1954 والثانية بالأصالة من سنة 1962 ولغاية عام 1964. وفي زمن الانفصال سمّي وزيراً للتربية والثقافة في حكومة الرئيس عزت النص، وهو والد الأديبة السورية غادة السمّان.

    البداية

    ولِد أحمد السمّان في حيّ الشاغور بدمشق ودرس في مكتب عنبر قبل نيله شهادة بالقانون من الجامعة السورية. أكمل دراسته في فرنسا حيث حصل على شهادة عليا من معهد العلوم الجنائية في باريس وشهادة دكتوراه بالاقتصاد السياسي من جامعة السوربون. وعند عودته إلى دمشق عمل محامياً في مكتب فوزي الغزي، واضع دستور سورية الجمهوري الأول، وعُيّن مدرساً في كلية الحقوق سنة 1938.

    مع فخري البارودي

    وفي مرحلة الثلاثينيات أيضاً، أنضم أحمد السمّان إلى الكتلة الوطنية وعمل مع زعيمها فخري البارودي على تأسيس مكتب البارودي للدعاية والأنباء، وهو أول مركز دراسات عرفته سورية وكان مقره في حيّ القنوات. أنضم السمّان إلى مكتب البارودي بصفة باحث مختص في شؤون ملكية الأراضي الفلسطينية، ولعب دوراً بارزاً في تثبيت حقوق الشعب الفلسطيني في أراضيه بعد تزايد أطماع الصهاينة وهجرة آلاف اليهود من أوروبا إلى فلسطين. وتعاون السمّان مع البارودي على إنشاء الشباب الوطني كذراع شبابي للكتلة الوطنية، وانتخب عضواً في اللجنة التنفيذية لتنظيم القمصان الحديدية الذي أطلقه البارودي لحماية الأحياء والأهالي من بطش وتجاوزات الفرنسيين، وعدّه نواة لجيش سورية المستقبلي بعد أن قامت فرنسا بحلّ الجيش السوري إبان معركة ميسلون وفرض الانتداب الفرنسي على سورية منذ سنة 1920.

    بين مجلس الشورى والجامعة (1940-1961)

    وفي سنة 1940، عُيّن أحمد السمّان عضواً في مجلس الشورى وهو في الثالثة والثلاثين من عمره، وعمل مستشاراً لمجلس الدولة حتى عام 1943. وفي كانون الأول 1954 سمّي رئيس بالوكالة للجامعة السورية لغاية آذار 1956. عمل بعدها على وضع أساسات كلية الاقتصاد وشارك في تأسيسها مع زميله عبد الغني حمّور، مدير غرفة تجارة دمشق.

    وزيراً في عهد الانفصال

    وفي عهد الانفصال وبعد الإطاحة بالجمهورية العربية المتحدة شُكلت حكومة مستقلة من التكنوقراط للإشراف على الانتخابات النيابية والرئاسية المقبلة، كانت برئاسة الدكتور عزت النص وسمّي فيها الدكتور أحمد السمّان وزيراً للتربية والتعليم والثقافة والإرشاد القومي من 21 تشرين الثاني 1961 ولغاية 23 كانون الأول 1961.

    رئيساً لجامعة دمشق 1962-1964

    تسلم عمادة كلية الحقوق مدة قصيرة وفي 22 كانون الثاني 1962 انتُخب السمّان رئيساً أصيلاً للجامعة السورية – التي تحول اسمها في زمن الوحدة إلى جامعة دمشق – وحافظ على منصبه دون انقطاع لغاية 14 تشرين الثاني 1964. لم تطله التسريحات التي جرت في الأيام الأولى من انقلاب 8 آذار 1963، والتي قضت على معظم الشخصيات السياسية المحسوبة على التيار المعادي للرئيس جمال عبد الناصر والتي كانت قد شاركت في حكومات الانفصال. وبعد انتهاء ولايته سنة 1964 تفرغ للكتابة والتدريس ولتقديم ما أمكن من الدعم لابنته غادة السمّان في بداية مسيرتها الأدبية. وقد كتب عنه وقالت:

    والدي هو الشخصية الطاغية في طفولتي ومراهقتي الأولى، كان رجل علم قضى حياته في محراب الكتاب. عشق والدي للموسيقى منحني فرصة اكتشاف هذا العالم المذهل لبيتهوفن وباخ وموزارت وتشايكوفسكي وسواهم… تثقيف والدي لي كان شديد التنوع…علمني الفرنسية أولا كي «ألثغ» كأبناء نهر السين ثم القرآن كي يستقيم لساني، وأغرقني بقراءات التراث العربي والشعر الإنكليزي. لقد ظل أبي دائما ذلك الرجل الفقير البسيط العاشق للموسيقى والفن، حتى بعد أن صار رئيساً للجامعة فوزيراً، ولا أذكر انه ركب سيارة الوزارة، بل كان يذهب إلى مقر عمله مشياً على الأقدام.

    مؤلفاته

    وضع أحمد السمّان عدة مؤلفات علمية في حياته، دُرّست معظمها في الجامعة السورية لسنوات، وكان أهمها:

    • الواقع والنظريات الاقتصادية في العصر الحديث (دمشق 1945)
    • محاضرات في اقتصاديات سورية (دمشق 1948)
    • الموجز في الاقتصاد السياسي (دمشق 1951)
    • الاقتصاد السياسي (بيروت 1965)

    الوفاة

    توفي الدكتور أحمد السمّان في دمشق عن عمر ناهز 61 عاماً سنة 1968.

     المناصب

    رئيساً بالوكالة للجامعة السورية (18 كانون الأول 1954 – 31 آذار 1956)
    عميداً لكلية الحقوق في جامعة دمشق (24 كانون الأول 1961 – 22 كانون الثاني 1962)
    رئيساً لجامعة دمشق (22 كانون الثاني 1962 – 14 تشرين الثاني 1964)
    وزيراً للتربية والتعليم (21 تشرين الثاني 1961 – 23 كانون الأول 1961)
    وزيراً للثقافة والإرشاد القومي (21 تشرين الثاني 1961 – 23 كانون الأول 1961)

     

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !