حزب الشعب، أول حزب سياسي ظهر في سورية بعد خمس سنوات من فرض الانتداب الفرنسي سنة 1920. أسسه الدكتور عبد الرحمن الشهبندر ولكن فترة نشاطه كانت قصيرة للغاية بسبب تأييد زعمائه للثورة السورية الكبرى التي انطلقت عام 1925. أدى موقف الشهبندر ورفاقه إلى حظر الحزب وإغلاق مكاتبه كافة بعد مصادرة كلّ أوراقه الرسمية من قبل سلطات الانتداب. وفي مطلع عهد الاستقلال ظهر حزب جديد حمل الاسم نفسه في مدينة حلب، برئاسة ناظم القدسي ورشدي الكيخيا، ولكن لا علاقة له بحزب الشعب الدمشقي الذي انتهى دوره في منتصف عام 1925.
التأسيس سنة 1925
أنشأ حزب الشعب في 9 شباط 1925 وأقيم له حفل إشهار في أوبرا العباسية بدمشق يوم 5 حزيران 1925، حضره مئتي شخصية سورية، يتقدمهم الرئيس المؤسس عبد الرحمن الشهبندر الذي خطب بالحضور قائلاً:
من دواعي التفاؤل أن يرى المرء هذا الجمع المبارك ليحيي فيه أول كتلة وطنية انتظمت انتظاماً علنياً لخدمة البلاد. إن الليالي حبالى والمستقبل حافل بأنواع الاحتمالات فعلى الأقوام المظلومة التي تطلب الهواء الطلق والنور المشرق والحياة الرفيعة أن تجعل لكيانها قيمة مادية في الميزان الدولي وأن تُبقي قبس القومية مشتعلاً دائماً لتستضيء به في الملحمة القادمة إذ يكون الظلام دامساً والدليل حائراً والغلبة يومئذ للمتقين.
اللجنة المركزية لحزب الشعب
- الدكتور عبد الرحمن الشهبندر (رئيساً)
- فارس الخوري (نائباً للرئيس)
- إحسان الشريف (أمين السر)
- حسن الحكيم (المدير الأسبق لمؤسسة البرق والبريد في سورية)
- فوزي الغزي (أستاذ القانون في الجامعة السورية)
- جميل مردم بك (مستشار سابق للملك فيصل الأول وأحد مؤسسي الجمعية العربية الفتاة)
- فخري البارودي (حاجب الملك فيصل الأول)
- لطفي الحفار (نائب رئيس غرفة تجارة دمشق)
مبادئ الحزب
نادى حزب الشعب بوحدة الأراضي السورية واستقلالها التام وغير المشروط، وطالب بإنهاء الانتداب الفرنسي وانضمام سورية إلى عصبة الأمم، مع وضع دستور للبلاد وانتخاب مجلس نواب يُمثل كل فئات المجتمع السوري. كان الحزب محسوباً على الأسرة الهاشمية الحاكمة في بغداد وعمّان ومؤيداً لمبدأ استعادة عرش الملك فيصل في سورية، الذي نُحي عنه بالإكراه يوم فرض الانتداب الفرنسي قبل سنوات. وبعد أسابيع قليلة من إشهار الحزب بدمشق افتتح له أفرعاً في حمص وحماة وحلب واللاذقية.
نشاط الحزب
أشهر نشاطات الحزب كانت في المرحلة التي سبقت الإشهار الرسمي، يوم أضربت مدينة دمشق بإيعاز من الشهبندر في 8 نيسان 1925، احتجاجاً على زيارة اللورد جيمس بلفور إلى سورية. نظّم زعماء الحزب يومها مظاهرات حاشدة ضد بلفور وهددوا بقتله لو مكث ليلة واحدة في دمشق. وبعدها بأسابيع، نظموا مظاهرات ثانية ضد الانتداب، امتدت من مكتب عنبر حتى الجامع الأموي وسط مدينة دمشق القديمة.
وعند اندلاع الثورة السورية الكبرى انضم عبد الرحمن الشهبندر إلى صفوفها وحمل السلاح مع قائدها العام سلطان باشا الأطرش. ردت فرنسا بإلغاء ترخيص حزب الشعب وأمرت بإغلاق كل مكاتبه، قبل إصدار حكم غيابي بإعدام الشهبندر، ما أجبره على الهروب إلى مصر، حيث بقي مقيماً في المنفى حتى سنة 1937.
نهاية حزب الشعب
تفرق أعضاء حزب الشعب منذ اندلاع الثورة السورية الكبرى ولم يتمكن الشهبندر من جمعهم مجدداً بعد عودته إلى سورية، ولم تسمح له الحكومة باستنهاض الحزب مجدداً، علماً أن رئيسها جميل مردم بك كان أحد مؤسسيه الأوائل. في مذكراته تطرق الشهبندر إلى تجربته الحزبية بشكل عابر وقال:
ولما تحقق الوطنيون السوريون أن الحالة تسير من سيئ إلى أسوأ، قرروا تأليف حزب باسم حزب الشعب، فغرقت السلطة قصارى جهدها لمنعهم من ذلك ولم يحصلوا إلا بعد جهد جهيد على ترخيص الحكومة لهم بالاجتماع.
أما فارس الخوري فقد ذكر حزب الشعب في أوراقه قائلاً:
سرني وسر غيري من عقلاء النصارى بعض مفكري المسلمين إلى وجوب التفرغ عن النعرة الدينية وإقامة الإسلام وحده مقام الجنسية الوطنية وتحايلهم لتأليف حزب سياسي وطني يأوي إليه المسلم والمسيحي واليهودي من أصحاب العقيدة الوطنية في سورية.