خليل بن أحمد مختار مردم بك (1 تموز 1895 – 21 تموز 1959)، شاعر وسياسي سوري من دمشق، ومؤلف نشيد سورية الوطني حماة الديار. كان ثاني رئيس لمجمع اللغة العربية وتسلّم حقيبة المعارف مرتين إضافة لوزارة الخارجية في عهد الرئيس أديب الشيشكلي. ذاع صيته عربياً وعالمياً ولُقّب بشاعر الشّام، وهو أحد أشهر شعراء سورية في القرن العشرين.
البداية
ولِد خليل مردم بك في حارة فخر الدين الرازي قرب الجامع الأموي بدمشق وهو سليل أسرة سياسية عريقة. دَرَس في مدرسة الملك الظاهر الابتدائية في باب البريد وتزوّج من السيدة فاطمة الزهراء، حفيدة مُفتي دمشق الشيخ محمود الحمزاوي. درس الفقه الإسلامي عند الشيخ عطا الله الكسم وقرأ على يد المحدّث الأكبر الشيخ بدر الدين الحسني. أُجبر على قطع دراساته عند وفاة أبيه سنة 1912 اعتقل بداية الحرب العالمية الأولى بسبب أفكاره المناهضة للدولة العثمانية، ولكنّ السلطات التركية أُطلق سراحه بسبب صغر سنه.
الرابطة الأدبية
وعند سقوط الحكم العثماني في سورية سنة 1918، دخل مردم بك العمل الحكومي وعُيّن مديراً لديوان الرسائل في عهد الملك فيصل الأول، مسؤولاً عن المطبوعات والصحف. شارك في تأسيس الرابطة الأدبية في آذار 1921 وانتُخب رئيساً لها، وكانت تضم الأديبة ماري عجمي والشاعر سليم الجندي والصحفي نجيب الريّس، يتقدمهم راعي الرابطة ومؤسسها فخري البارودي. أنشأت الرابطة مجلةَ أدبية خاصة بها وصار خليل مردم بك ينشر فيها أشعاره ودراساته، لكن السلطات الفرنسية أغلقتها وأمرت بحلّ الرابطة بسبب نشاط أعضائها المعارض للانتداب الفرنسي في سورية.
الملاحقة من قبل الفرنسيين
وعند اندلاع الثورة السورية الكبرى سنة 1925 نظم مردم بك قصيدة “يوم الفزع الأكبر” التي تناقلها الناس ونشرتها كبرى الصحف العربية. طارده الفرنسيون ففرَّ إلى لبنان أولاً ثم إلى الإسكندرية وأخيراً إلى لندن حيث انتسب إلى جامعة SOAS ونال شهادة الدكتوراة منها. ومن لندن كتب ما يلي:
باتت دمشقُ على طوفان من لهبٍ يا دين قلبيَ من خطبٍ تكابدُهُ
موجٌ من النار لا تهدا زواخره يمدُّه آخر ما ارتدّ وافدُهُ
لو يفعلُ اللهُ، جلّ اللهُ ما فعلوا بأهل جُلّقَ لم يعبدْهُ عابدُهُ.
وبعد عودته إلى سورية عَمِل مُدرّساً في الكليّة العلميّة الوطنيّة في سوق البزورية وشارك في تأسيس مجلّة الثقافة مع صديقه الأديب كاظم الداغستاني سنة 1933. وفي عام 1936 وضع خليل مردم بك كلمات حماة الديار الذي اُعتُمد نشيداً رسمياً للجمهورية السورية في عهد الرئيس محمد على العابد.
مع مجمع اللغة العربية
على الرغم من صغر سنة انتخب خليل مردم بك عضواً عاملًا في المجمع العلمي العربي بدمشق في 9 كانون الثاني 1925، ثم أميناً للمجمع 15 آب 1941. صدر مرسوم تعيينه عن رئيس الحكومة خالد العظم، وجدد له من قبل رئيس الجمهورية شكري القوتلي في 26 حزيران 1948. وبعد وفاة رئيس المجمع محمد كرد علي انتخب خليل مردم بك لخلافته في 24 تشرين الأول 1953، وظل يشغل هذا المنصب إلى حين وفاته. انتُخب عضواً في مجمع اللغة العربية في القاهرة وعضو شرف في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية التابعة لجامعة لندن.
المناصب السياسية
وفي 18 نيسان 1942 عُيّن مردم بك وزيراً للمعارف في حكومة الرئيس حسني البرازي وجدد له في نفس الحقيبة في حكومة جميل الألشي الثانية والأخيرة في كانون الثاني 1943. كان ذلك في عهد رئيس الجمهورية تاج الدين الحسني وعند وفاته غاب مردم بك عن أي منصب سياسي ليعود في حزيران 1949 وزيراً للمعارف والصحة في حكومة الدكتور محسن البرازي. عُيّن وزيراً مفوضاً في بغداد من سنة 1951 ولغاية تسميته وزيراً للخارجية في عهد الرئيس أديب الشيشكلي في تموز 1953. ولكنّ وزارة الشيشكلي لم تستمر إلا أشهر معدودة فقط وأطيح بها مع رموز العهد كافّة في شباط 1954.
مؤلفاته
حقق خليل مردم بك عدداً من الدواوين الشعرية لشعراء كبار ووضع كتباً مرجعية منها:
- الجاحظ (دمشق 1930)
- ابن المقفع (دمشق 1930)
- ابن العميد (دمشق 1931)
- الصاحب ابن عباد (دمشق 1932)
- الفرزدق (دمشق 1939)
- ديوان ابن عنين (مجمع اللغة العربية بدمشق 1946)
- ديوان علي بن الجهم (مجمع اللغة العربية بدمشق 1949)
- ديوان ابن حيُّوس – جزءان (دمشق 1951)
الوفاة
توفي خليل مردم بك في عمر ناهز 64 عاماً يوم 21 تموز 1959 وشيع جثمانه من مقر مجمع اللغة العربية وصُلّي عليه في الجامع الأموي قبل نقله إلى مثواه الأخير في مدافن الأسرة المردمية قرب الباب الصغير. تكريماً له ولمسيرته الشعرية، أطلق اسمه على أحد شوارع دمشق الرئيسية.
المؤلفات التي نشرت بعد الوفاة
وقد صدرت عدة مؤلفات باسم خليل مردم بك بعد وفاته، حققها وجمعها ابنه الشاعر والأديب عدنان مرد بك ومنها:
- ديوان ابن الخياط – تحقيق (مجمع اللغة العربية بدمشق 1958)
- ديوان خليل مردم بك (مجمع اللغة العربية بدمشق 1960)
- جمهرة المغنين (مجمع اللغة العربية بدمشق 1964)
- كتاب الأعرابيات (مجمع اللغة العربية بدمشق 1965)
- الشعراء الشاميون (بيروت 1970)
- أعيان القرن الثالث عشر في الفكر والسياسة والاجتماع (بيروت 1971)
- شعراء الأعراب (بيروت 1978)
- دمشق والقدس في العشرينيات (دمشق 1978)
- رسائيل الخليل (بيروت 1979)
- ديوان علي بن الجهم (بيروت 1980)
- يوميات الخليل (بيروت 1980)
- تقارير الخليل الدبلوماسية (بيروت 1982)
- محاضرات الخليل في الإنشاء العربي (بيروت 1985)
- أبو نواس الحسن بن هانئ (بيروت 1986)
- ابن الرومي (بيروت 1988)
المؤلفات التي صدرت عنه
صدرت عدة كتب ودراسات عن حياة خليل مردم بك وكتب عن مسيرته المهنية والشعرية في موسوعة الأعلام للصحفي خير الدين الزركلي وموسوعة أعلام الأدب والفن للأديب أدهم الجندي سنة 1954. كما وردت ترجمة عن حياته في كتاب أعلام دمشق في القرن الرابع الهجري للشيخ محمد صالح فرفور سنة 1987 وكتاب العبقريات للصحفي عبد الغني العطري سنة 2000. ومن الكتب المخصصة عن حياة مردم بك:
- خليل مردم بك رئيس المجمع العلمي العربي بدمشق: دراسة في حياته ومؤلفاته للأدبية فادية المليح (1991)
- شاعر الشام خليل مردم بك لمحمد عبد المنعم الخفاجي (1992)
- خليل مردم بك: حياته وشعره للكاتب محمد فؤاد نعناع (2001)
أما عن الدراسات فقد نشرت كلها في مجلّة المجمع ومنها:
- “خليل مردم بك” لأديب سامي الدهان (المجلّد 34، 1959)
- “عهد الرئيسين محمد كرد علي وخليل مردم بك” للأديب سامي الدّهان (المجلّد 44، 1969)
- “خليل مردم بك” للمؤرخ والمحقق محمد كامل عياد (المجلّد 49، 1974)
أولاده
توفي ابنه هيثم وهو طالب فرثاه الخليل شعراً ونثراً، أما ابنه عدنان مرد بك فقد ورثت مقام أبيه وكان شاعراً مسرحياً لامعاً في الأوساط الأدبية العربية.
منزل خليل مردم بك
تحوّل منزل خليل مردم بك في سوق البورص إلى دار للثقافة والفنون سنة 2014، تحت إشراف أحفاده قتيبة ووضاح وحسّانة، أولاد عدنان مردم بك.
المناصب
وزيراً للمعارف (18 نيسان 1942 – 25 آذار 1943)
- سبقه في المنصب: فيضي الأتاسي
- خلفه في المنصب: فيضي الأتاسي
وزيراً للخارجية (19 تموز 1953 – 25 شباط 1954)
- سبقه في المنصب: ظاهر القاسمي
- خلفه في المنصب: فيضي الأتاسي
رئيس مجمع اللغة العربية (24 تشرين الأول 1953 – 21 تموز 1959)
- سبقه في المنصب: محمد كرد علي
- خلفه في المنصب: الأمير مصطفى الشهابي