تيسير السعدي (1917 – 11 تشرين الأول 2014)، ممثل ومخرج سوري من مواليد دمشق. يعد من أبرز مؤسسي الدراما الإذاعية في سوريا خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي. عاصر المسرح السوري في جميع مراحل تطوره من خيال الظل (كراكوز وعيواظ) إلى آخر أشكال المسرح الحديث، ولقب بالحكواتي، وعميد الفنانين السوريين، وشيخ كار الممثلين الإذاعيين.
كرم الراحل خلال فعاليات “دمشق عاصمة للثقافة العربية” عام 2018، وقدمّت الاحتفالية ضمن إصداراتها كتاباً خاصّاً عن تجربته بعنوان “تيسير السعدي.. ممثل بسبعة أصوات” من تأليف ميسون علي. فقد كان يجيد تقليد الأصوات بمهارة عالية حيث كان يعمل بدلاً عن زملاءه في حال تأخرهم أو غيابهم في الأعمال الإذاعية.
بعد هذا التكريم؛ دخل السعدي مجدداً في دائرة الغياب، وسط انتقادات كثيرة طالت الممثلين السوريين لتقصيرهم بحّق روّاد الفن السوريّ، ووقتها توجّه وفدٌ منهم لزيارته، ضم جمال سليمان، وأيمن زيدان، وآخرين، وكان ذلك مطلع تشرين الثاني 2010، وأواخر الشهر ذاته كرمّته جائزة “أدونيا” السوريّة بنسختها الأخيرة.
سجّل تيسير السعدي آخر ظهور تلفزيوني له؛ عبر برنامجٍ “المضحك المبكي”، الذي بث خلال شهر رمضان 1435 هجري، وروى فيه تجربته على حلقات، وكان بمثابة الشهادة الأخيرة.
حياته الشخصية
ولد في حي ساروجا، ومنطقة ساروجة في ذاك الزمن كانت تحيط بها المقاهي ودور السينما والمسارح وخيمة الكراكوز التي كان يعمل فيها الكراكوزاتي “علي حبيب” الذي تتلمذ على يديه رائد المسرح السوري أبو خليل القباني، وكان المختص في هذا الفن يتقن الموسيقى والأدوار والموشحات. ووسط هذه الأجواء نشأ تيسير فكان يسمع أصوات المطربين ليلا من منزله، ومنذ طفولته أُغرم بفن الكراكوز وخيال الظل، وتتلمذ على يد أبناء الكراكوزاتي، إذ كان يحضر باستمرار فصول خيال الظل منذ كان في السابعة من عمره وحتى الرابعة عشر، وقد جذبته كثيرا شخصية المدلّل الذي يحمل اسما عكس مواصفاته، فهو يتيم، عاش طفولة مشرّدة وتجارب بائسة، كان يرويها للأطفال في حفلات بعد الظهر.
درس المرحلة الابتدائية بالكتَاب في البزورية حيث كان هناك بيت لإحدى السيدات جعلته كتًابا أو “خجا” وهو اليوم مكان المدرسة “الأمينية” حيث تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، بعد ذلك تابع تعليمه في المدرسة الرشدية الإعدادية في منطقة البحصة التي أقامها الأتراك وأصبحت مدرسة إبتدائية وكان مديرها “عبد الرحمن الإمام”.
والده “حمدي السعدي” كان يعمل خبازاً ويملك فرنين الأول بسوق الخيل والآخر بالسنجقدار، جده “يوسف” أتى من الأناضول وهو شيخ من مشايخ الصوفيين وهو شيخ الطريقة السعدية وقد ورث أولاده منه المشيخة لاسيما والده، وكان الجد قد نقل معه صناعة الخبز الإفرنجي من الأناضول لسورية.
عندما تم تسجيلي بالمدرسة الابتدائية سألوا كم عمري؟ قال والدي من دخول الشريف فيصل لدمشق وكان 1917، في تلك الفترة كان هناك مدارس أجنبية خاصة “كالفرير واللاييك” وقد تم تسجيلي فيها حيث أخذني أحد الجيران في الحي لذلك وكان رسم التسجيل ليرة ذهبية.
مسيرته الفنية
البداية
في مدرسة اللاييك التي آثر والده تسجيله فيها لأنها علمانية، كان تيسير مبهورا بما يتعلمه من فنون المسرح الغربي والفن التشكيلي والموسيقى الكلاسيكية، إضافة إلى اللغة الفرنسية والمواد الأخرى، والجلوس جنبا إلى جنب مع الفتيات السافرات في فترة ساد فيها الحجاب، وفي هذه المدرسة خاض تيسير تجربته الأولى في المسرح عام 1934.
حيث شارك في عرض «أوديب ملكا» الذي قدمته فرقة «الكوميدي فرانسيز» على مسرح مدرسة اللاييك وهو طالب في المرحلة الإعدادية حين وقف أمام الممثل الفرنسي جان أوليفييه بدور (ابن أوديب)، ثم ما لبث أن مارس التمثيل في عدة فرق مسرحية للهواة، إلى أن انضم إلى «نادي الفنون الجميلة» الذي كان يديره وصفي المالح، وفي عام 1941 لعب تيسير دور قيس في مسرحية «مجنون ليلى» التي قدمها النادي.
مرحلة مصر
على إثر نجاحه على مسارح دمشق أُوفد إلى القاهرة للدراسة في المعهد العالي لفن التمثيل العربي عام 1945، حيث انضم إلى فرقة نجيب الريحاني بدار الأوبرا المصرّية، وهناك تعرف على العديد من الفنانين المصريين، مثل: (ويوسف وهبة، جورج أبيض، ونجيب الريحاني).
كما عمل في الصالات الفنية كصالة بديعة مصابني وكازينو «دي باري» لمدام مارسيل، إضافة إلى عمله في شركة «لوتس» التي أسستها آسيا داغر وزكي رستم، ليتخرج في العام 1947 ويشارك في بطولة فيلم “الهانم” (تأليف وإخراج هنري بركات 1947) إلى جانب الفنانة المصرية فاتن حمامة.
يقول عن تجربته في مصر: «في العام 1945 سافرت بالقطار إلى مصر لمتابعة الدراسة الأكاديمية الفنية، وأذكر وقتها أن الأديب “شكيب الجابري” أعطاني كتاب توصية لصديقه الممثل “سليمان نجيب” مدير الأوبرا المصرية آنذاك، وعندما قابلته وأعطيته الكتاب قام بالاتصال مع مدير المسرح “زكي طليمات” من أجل الاهتمام بي، ومن الفنانين الذين كانوا أثناء دراستي “فاتن حمامة، سميحة أيوب، سعيد أبو بكر”. طبعا خلال فترة الدراسة التي استمرت أربع سنوات لم يكن عندي المال الكافي مما اضطرني للعمل كومبارس لسد احتياجاتي»
الفرقة السورية للتمثيل والموسيقى
بناء على نصيحة من الفنان محمد عبد القدوس، عاد السعدي بعدها إلى دمشق حيث أسس (الفرقة السورية للتمثيل والموسيقى) بصفته مخرجا وممثلا، والتي تعتبر أول فرقة مسرحية سورية تحمل مواصفات المسرح الحديث. بينما كان رئيسها الكاتب والممثل والصحفي ممتاز الركابي، ومؤلف نصوصها المحامي عبد الهادي الدركزللي، وأمين سرها عباس الحامض، وموثق أعمالها يوسف فهدة، إلى جانب المونولوجست سامي أبو نادر، والممثلان أنور البابا وعبد السلام أبو الشامات، وبعد فترة وجيزة حلّ الكاتب الشعبي حكمت محسن مكان الدركزللي، كما انضم إليهم الممثلان نجاح حفيظ ورفيق السبيعي، واستمرت الفرقة حتى عام 1972، وقد قدّمت خلال ذلك مئات التمثيليات الإذاعية، إضافة إلى عدد من العروض المسرحية، مثل: «أم كامل في الجبهة» 1948 و«يوم من أيام الثورة» عام 1961.
ويسجّل لصالح «الفرقة السورية للتمثيل والموسيقى» أنها عكست في أعمالها المتغيرات الاجتماعية والسياسية في مرحلة ما بعد الاستقلال، وقدّمت لأول مرة العرض المسرحي المتكامل، بعد أن كان المسرح يُقدّم كفاصل كوميدي قصير يلي فقرات الغناء والرقص والمونولوغ، كما أنها في فترة الخمسينات تأثرت بالأفكار الاشتراكية، وتناولت مشكلات الشرائح الاجتماعية المسحوقة.
ومن محطات حياته المهمة تقديمه برنامجا عن المسرح بعنوان «انسي همومك» وهو برنامج منوعات تمثيلي فكاهي وغنائي كان يبث مرة واحدة في الأسبوع، وكان مع (حكمت محسن، سامي الكسم، حسن المليجي، فيلمون وهبة) إضافة للرحابنة كملحنين، أما قائد الأوركسترا فكان توفيق الباشا، وكانت الفنانة فيروز تغني في الكورس.
في الإذاعة
شغل منصب رئيس دائرة المنوعات لفترة من الزمن، لكن نشاطه الأكثر كان في الإذاعة تمثيلاً وإخراجاً، حيث شكل الراحل مع القصاص الشعبي والكاتب حكمت محسن ثنائياً فنياً وقدما العديد من الأعمال الدرامية الإذاعية في تلك الفترة. واشتهر السعدي بعدها في نهاية الستينات وطيلة سبيعينيات وثمانينيات القرن الماضي بتقديم البرنامج التمثيلي “صابر وصبرية” (تأليف وليد مارديني) مع زوجته الفنانة الراحلة صبا المحمودي (توفيت عام 2005) وبث منه نحو 3000 حلقة في إذاعتي دمشق ولندن. ويسجل للسعدي أكثر من خمسة آلاف تمثيلية إذاعية في رصيده الفني.
في التلفزيون
عمل الفنان الكبير مع نجوم الشاشة السورية الأوائل دريد لحام ونهاد قلعي في “صح النوم” و”الدنيا مضحك مبكي” و”زواج على الطريقة المحلية” (تأليف داوود شيخاني وفيصل الياسري إخراج مروان عكاوي، 1978) بدور أبو زهير.
ومن أبرز أعماله “تجارب عائلية” (إخراج علاء الدين كوكش 1981) بدور أبو أحمد. “الطبيبة” (إخراج فردوس أتاسي 1988).
الوفاة
توفي تيسير السعدي صباح 11 تشرين الأول 2014، في منزله بدمشق عن عمر ناهز 97 عاماً. أمضى 62 منها في العمل الفني قبل أن يتوقف في العام 1992 حين قدم آخر أدواره (المنجد أبو ضاهر) في مسلسل “أيام شامية” (تأليف أكرم شريم وإخراج بسام الملا).
فيلموجرافيا
العمل | سنة العرض | الدور | العمل | سنة العرض | الدور |
الزير سالم | 2000 | الراوي | حارة الملح | 1980 | |
أيام شامية | 1992 | أبو ضاهر | الحكاية الرابعة من سيرة بني هلال: الزناتي خليفة | 1979 | الراوي |
الزاحفون | 1990 | صقر قريش – عبدالرحمن الداخل | 1979 | ||
المكافأة | 1989 | المدير أبو أسعد | الحكاية الأولى من سيرة بني هلال: جابر وجبير | 1978 | الراوي
|
الدنيا مضحك مبكي | 1988 | الحكاية الثالثة من سيرة بني هلال: مغامرة الأميرة الشّماء | 1978 | الراوي
|
|
الطبيبة | 1988 | الحكاية الثانية من سيرة بني هلال: الأميرة الخضراء | 1978 | الراوي
|
|
المجنون طليقا | 1984 | محمود الفطين | زواج على الطريقة المحلية (فيلم) | 1978 | ابوزهير |
تجارب عائلية | 1981 | أبو أحمد | صح النوم ج2 | 1973 | |
تلفزيون المرح | 1981 | ضيف شرف | الهانم (فيلم) | 1947 |