يوسف زعيّن (25 كانون الثاني 1931 – 25 كانون الثاني 2016)، سياسي سوري من مدينة البوكمال، كان عضواً في القيادة القطرية لحزب البعث وتولّى رئاسة الحكومة السورية في عهد الرئيس أمين الحافظ أولاً ثم في عهد الرئيس نور الدين الأتاسي. عمل مع صلاح جديد وأيّد انقلابه في 23 شباط 1966، ليصبح أحد أركان الحكم في سورية في السنوات 1966-1970. وفي عهده كان التقارب الكبير في العلاقات السورية – السوفيتية وهزيمة حزيران سنة 1967. اعتقل زعيّن مع كل من نور الدين الأتاسيوصلاح جديد إبان الانقلاب العسكري الذي قاده وزير الدفاع حافظ الأسد في 16 تشرين الثاني 1970 وبقي سجيناً حتى سنة 1981. نُفي بعدها إلى أوروبا وفيها توفي سنة 2016.
حكومة زعيّن الأولى (23 أيلول – 27 كانون الأول 1965)
وبعد تسلم حزب البعث مقاليد الحكم في سورية، عُيّن الدكتور يوسف زعيّن وزيراً للإصلاح الزراعي في حكومة الرئيس أمين الحافظ يوم 12 تشرين الثاني 1963. كلّف بمصادرة ما تبقى من أراض زراعية لم يطلها قانون الإصلاح الزراعي الصادر في عهد الوحدة وفي 23 أيلول 1965 سمّي رئيساً للحكومة من قبل الرئيس أمين الحافظ، إضافة لانتخابه عضواً في القيادة القطرية.
أبدى زعيّن رغبة حقيقية بالانفتاح على مصر وطيّ صفحة الخلافات العائدة إلى فشل مفاوضات استعادة الوحدة في الأيام الأولى من عهد البعث سنة 1963. أعادت حكومة زعيّن العلاقات الدبلوماسية مع القاهرة وسمحت بعودة الصحف المصرية مع إلغاء سمات الدخول للمواطنين المصريين الراغبين بزيارة سورية.
الرئيس يوسف الزعيّن مع اللواء صلاح جديد والرئيس نور الدين الأتاسي.
وشهدت حكومته تقارباً ملحوظاً مع المعسكر الشرقي تمثل في تبادل السفراء مع فيتنام وتوقيع اتفاقية إنشاء سد الفرات مع الاتحاد السوفيتي في 22 نيسان 1966. وفي عهدها افتتح مرفأ طرطوس ووضعت أساسات المصرف العقاري. أمّا على الصعيد الإقليمي فقد كانت حرب حزيران سنة 1967، التي أدت إلى هزيمة العرب واحتلال هضبة الجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة سيناء.
ولِد علي عبد الكريم الدندشي في قرية باروحة القريبة من مدينة تلكلخ وهو سليل عائلة سياسية معروفة قادت ثورة مسلّحة ضد الانتداب الفرنسي في سورية. حفظ القرآن الكريم في صغره والتحق بعدها بالكلية الإسلامية في بيروت لنيل الشهادة الثانوية. وبعد تخرجه سنة 1924 دَرَس الحقوق في جامعة دمشق.
كشاف الغوطة
في دراسته الجامعية في بيروت انتسب علي عبد الكريم الدندشي إلى الكشّاف المسلم العثماني، وهو أول تنظيم كشفي في الوطن العربي، المتعارف عليه دولياً منذ سنة 1922. وعند عودته إلى دمشق نقل التجربة الكشفية إلى سورية وأسس كشّاف الغوطة في تموز 1927، مع رفاقه الطلبة أحمد الشهابي وفائز الدالاتي. حفاظاً على استقلالية المنظمة الكشفية، رفض الدندشي ربطها بالكتلة الوطنية، فأطلقت عبر زعيمها فخري البارودي تنظيم كشفي منافس لكشّاف الغوطة، أطلق عليه اسم “كشّاف أميّة.”
قائداً لكشاف سورية
في سنة 1929 حصل كشّاف الغوطة على اعتراف من منظمة الكشّاف المسلم في بيروت، ما فتح المجال أمام الدندشي لحضور مؤتمرات كشفية دولية، ممثلاً عن سورية. وفي سنة 1931، أسّس اتحاد الكشّاف السوري وانتُخب رئيساً له. في عهده وصل عدد المنتسبين إلى التنظيمات الكشفية في سورية إلى 3000 شخص سنة 1933، وتمكن الدندشي من رفعهم إلى 15 ألفاً، بعد فتح أبواب المنظمة الكشفية أمام المسيحيين واليهود. ومع نهاية العقد الثالث من القرن العشرين، توسع النشاط الكشفي في سورية، مع إنشاء فرع خاص بالأشبال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 7-12 سنة، ووصل عدد أعضاء الكشّاف السوري إلى 38 ألف عضو منظّم.
عرّف الدندشي الكشفية بأنها “المؤسسة القومية لشباب الأمة، المحافظة على القيم والأخلاق والأهداف الوطنية، والمتميزة بالفضائل والقدرة على حسن التكييف.” وقد شارك الدندشي مع رفاقه في تشييع فوزي الغزي، عضو الكتلة الوطنية وواضع أول دستور جمهوري في سورية، الذي اغتيل سنة 1929. وكان ذلك بعد طيّ صفحة الخلاف بين الدندشي وزعماء الكتلة، ودخول كشّاف أمية في صفوف فرق الدندشي وانصهارها مع كشّاف الغوطة. وشارك الدندشي في المؤتمر الكشفي العالمي في هولندا سنة 1937 وأقام أول مؤتمر كشفي عربي في بلدة بلودان بريف دمشق سنة 1938، الذي عُقد تحت رعاية رئيس الحكومة جميل مردم بك.
النشاط السياسي
انتسب علي عبد الكريم الدندشي في شبابه إلى عصبة العمل القومي التي ظهرت سنة 1933 وكانت بقيادة ابن عمّه الدكتور عبد الرزاق الدندشي. وبعد تراجع نشاط العصبة بسبب وفاة مؤسسها سنة 1935، عمل الدندشي في صفوف الحركة الوطنية وكان له دور هام في الإضراب الستيني الذي أطلقته الكتلة الوطنية سنة 1936، احتجاجاً على اعتقال فخري البارودي. وفي أثناء العدوان الفرنسي على دمشق في 29 أيار 1945، تسلل الدندشي إلى قلعة دمشق مع أعضاء من الكشّاف وتمكنوا من تجريد الجنود السنغال من سلاحهم والاستيلاء على ذخيرتهم مع عدد من الآليات العسكرية.
انتُخب علي عبد الكريم الدندشي نائباً عن مدينة تلكلخ مرتين، كانت الأول سنة عام 1949 والثانية سنة 1954، بعد زوال حكم العقيد أديب الشيشكلي. من داخل مجلس النواب شارك الدندشي في صياغة قانون الكشّاف السوري، وفي وضع المرسوم التشريعي رقم 119 الذي نظّم الحركات الكشفية والرياضية في سورية. وقد نال عدداً من الأوسمة العالمية تقديراً لعمله الكشفي، كان أبرزها الصقر الذهبي والذئب البرونزي، إضافة لوسام الاستحقاق السوري.
التجارة، حيّ سكني حديث ظهر في مدينة دمشق في نهاية الخمسينيات ويقع إلى شمال ساحة العباسيين. كانت المنطقة في الماضي عبارة عن بساتين وقد سمّيت بالتجارة نسبة لمدرسة التجارة التي تقع في داخلها. ومن معالمها اليوم شارعها الرئيسي الذي يُعرف بكورنيش التجارة.
بين السورين، حيّ دمشقي في الجهة الشمالية من المدينة القديمة، بين باب الفرجوباب الفراديس، تعود تسميته إلى موضعه الكائن بين السور الروماني القديم والسور المستحدث في زمن نور الدين الزنكي. ويوجد مكان آخر يحمل الاسم نفسه كان موضعها بين باب الجابيةوباب الصغير، ولكنه أزيل منذ زمن بعيد.
بين النهرين، محلّة في القسم الغربي من ساحة المرجة، كانت عبارة عن جزيرة تُحيط بها مياه نهر بردى حتى سنة 1866. كان نهر بردى في هذه المنطقة ينقسم إلى قسمين، يتوسطهم جزيرة تُحيط بها أشجار الصفصاف العالية، أقيمت عليها المقاهي وكانت منتزهاً شهيراً تغنى به الأديب المصري أبو البقاء البدري في كتابه نزهة الأنام في محاسن الشّام. أزيلت الجزيرة وسُقف النهر سنة 1866 بسبب كثرة الشكاوى التي قُدمت من أهالي دمشق إلى السلطات العثمانية، حول القمار الذي كان يجري ليلاً في منطقة بين النهرين.
عبد الرزاق الدندشي (1905-1 آب 1935)، سياسي سوري من مدينة تلكلخ، كان أحد مؤسسي عصبة العمل القومي سنة 1932.
البداية
ولد عبد الرزاق الدندشي في مدينة تلكلخ وهو سليل عائلة سياسي كبيرة قادت ثورة مسلّحة ضد الانتداب الفرنسي عند احتلال سورية سنة 1920. دَرَس في مدارس حمص الحكومية، حيث تعلم فنّ الخطابة من الشيخ عبد الرحمن البيروتي، وأكمل دراسته في جامعة بروكسل، التي نال منها شهادة دكتوراة في الحقوق. في أثناء دراسته الجامعية، انضم الدندشي إلى تنظيم سياسي سرّي في جنيف، مناهض للانتداب الفرنسي في سورية ولبنان، والاحتلال البريطاني في العراقوفلسطين. تعرّف على الطالب فريد زين الدين وتعاون معه في إنشاء حزب سياسي جديد في سورية لمحاربة المطامع الأوروبية في الشرق الأوسط.
عصبة العمل القومي
في آب 1933 دعا عبد الرزاق الدندشي للمؤتمر التأسيسي لعصبة العمل القومي في قرية قرنايلبجبل لبنان، بعد أن وضع معتقدات التنظيم النظرية وأهدافه السياسية بالتنسيق مع صديقه فريد زين الدين. انتُخب الدندشي أميناً للسر، وضمّت قائمة أعضاء العصبة نخبة من المثقفين السوريين، أمثال الدكتور قسطنطين زريقوزكي الأرسوزي، ومعهم شباب مثل صبري العسليوأحمد الشرباتي. أطلقوا جريدة باسم “العمل القومي،” وتنظيماً شبه عسكري يُدعى “أشبال العروبة،” وكان هدفهم الرئيسي تحرير البلاد العربية من الاستعمار وتوحيد الأمة العربية سياسياً واقتصادياً وجغرافياً.
اصطدم الدندشي ورفاقه بتنظيم الكتلة الوطنية الذي كان قد ظهر قبل سنوات في المدن السورية الكبرى، رافعاً شعار “سورية” أولاً بدلاً من “العروبة أولاً.” وقد عانت العصبة من قلّة الموارد المادية، وعدم حصولها على أي دعم سياسي من الحكّام العرب، باستثناء الملك فيصل الأول، ملك العراق، الذي توفي باكراً سنة 1933. مع ذلك، تمكنت عصبة العمل القومي من اختراق بعض شرائح المجتمع السوري، وتحديداً أبناء الطبقة الوسطى، بفضل شخصية عبد الرزاق الدندشي القيادية.
وقد وصفه أكرم الحوراني في مذكراته قائلاً: “كان الدكتور عبد الرزاق الدندشي شاباً مثقفاً وخطيباً مفوهاً تخرج من المعاهد الحقوقية وكان متقدماً بثقافته ووعيه على رجال الرعيل الأول. كانت نظرتنا له نحن الطلاب والشباب نظرة إعجاب وتقدير وكنّا نعقد آمالاً كباراً على حركته.”
الوفاة
توفي الدكتور عبد الرزاق الدندشي وهو في الثلاثين من عمره يوم 1 آب 1935، عندما اصطدم رأسه بعمود الكهرباء وهو يحاول قذف سيجارته من نافذة الترامواي عند مروره بحيّ الصالحية. وكان قبل وفاته يعمل على إنشاء شركة زراعية مساهمة لاستصلاح الأراضي الفلسطينية التي تعود ملكيتها إلى شركات أو أفراد سوريين، وقد تدخل مع رئيس الجمهورية محمد علي العابد لإصدار قرار يمنع أي مواطن سوري من بيع أرضه إلى الوكالة اليهودية. أما عن مصير عصبة العمل القومي، فقد انهارت بشكل تدريجي وسريع من بعده، ولم يعد لها أي وجود يُذكر مع بداية مرحلة الأربعينيات.
ومع جلاء القوات الفرنسية عن سورية في 17 نيسان 1946 عُيّن رئيساً لأركان المنطقة الشمالية قبل ترفيعه إلى رتبة “رئيس” وتعيينه قائداً لفوج المدفعية الرابع. اشترك في حرب فلسطين سنة 1948، حيث توطدت صداقته مع قائد الجيش حسني الزعيم الذي كان قد تعرف إليه في زمن الانتداب الفرنسي. أحبه الزعيم ووثق به فعينه مديراً لمكتبه العسكري في هيئة الأركان العامة. كلاهما كان ناقماً على الطبقة السياسية الحاكمة ومنزعجاً من كثرة الاتهامات التي وجهّت للمؤسسة العسكرية من قبل أعضاء مجلس النواب، وتحديداً فيصل العسلي، نائب الزبداني. اتهم العسلي رئيس الجيش بالتقصير والفساد وطالب بإحالته إلى القضاء العسكري للمحاكمة. ردّ عليه كلاس وقال: “لقد تمادوا في التشهير ولكن الجيش لن يسكت بعد الآن.”
الانقلاب الأول (29 آذار 1949)
في 13 شباط 1949 دعا الزعيم إلى اجتماع سري في منطقة القنيطرة، أعلن فيه نيته القيام بانقلاب عسكري ضد رئيس الجمهورية. أقسم بهيج كلاس اليمين على مساندة حسني الزعيم حتى النصر أو الممات وفي يوم الانقلاب شاركه احتلال دمشق ليلة 29 آذار 1949. رفعه الزعيم إلى رتبة “عقيد” وجدد تعيينه مديراً لمكتبه العسكري بعد توليه مهام الحاكم العرفي في سورية. وبعد حصولهم على استقالة خطية من الرئيس شكري القوتلي، أطلقوا سراحه من المستشفى العسكري في منطقة المزة وسمحوا له بمغادرة البلاد. في 28 حزيران 1949 رافقه بهيج كلاس من داره الكائنة في بستان الرئيس إلى سلّم الطائرة في مطار دمشق، وقدّم له التحية العسكرية حسب الأصول قبل سفره مع عائلته إلى جنيف. وسعى كلاس بعدها لإطلاق سراح ميشيل عفلق، مؤسس حزب البعث، المعتقل في سجن المزة.
الانقلاب الثاني (14 آب 1949)
كان بهيج كلاس من أقرب المقربين إلى حسني الزعيم في الأشهر الأولى من حكمه، ولكن نفوراً حصل بينهما بعد تسليم أنطون سعادة، مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي، إلى الحكومة اللبنانية. اقتيد سعادة إلى لبنان وأعدم في 8 تموز 1949، على الرغم من اللجوء السياسي الذي كان قد حصل عليه من الزعيم. أثارت هذه الحادثة اشمئزاز الكثير من الضباط، وفي مقدمتهم بهيج كلاس، الذي لم يكتم غضبه من تصرّف الزعيم، فقام الأخير بإبعاده عن مركز صنع القرار. واستمرت القطيعة بينهما لغاية مشاركته في الانقلاب العسكري الذي أطاح بالزعيم وأدى إلى مقتله رمياً بالرصاص في 14 آب 1949. وبعدها بساعات، سمّي بهيج كلاس عضواً في المجلس العسكري الذي شكّله مهندس الانقلاب اللواء سامي الحناوي لإدارة شؤون البلاد.
الاعتقال والتسريح
ولكن انقلاباً ثالثاً حصل في سورية نهاية عام 1949 قاده أديب الشيشكلي ضد سامي الحناوي. اعتقل الحناوي في سجن المزة – ومعه بهيج كلاس – وصدر أمر تسريحه من الجيش. أفرج عنه في كانون الثاني 1950، ليُعاد اعتقاله في شهر أيلول من العام نفسه، على خلفية محاولة انقلاب فاشلة ضد الشيشكلي، اتهم كلاس بتدبيرها مع نائب دمشق الدكتور منير العجلاني. وجهّت له تهمة التآمر على سلامة الدولة والسعي لإسقاط نظامها الجمهورية بتمويل وتخطيط من عبد الله الأول، ملك الأردن. ولكن القضاء السوري أمر بإطلاق سراحه في كانون الثاني 1951، نظراً لعدم توفر أدلة كافة على ضلوعه في محاولة الانقلاب.
التعويض والتقاعد
وفي محاولة منه للتعويض عما لحق كلاس من إهانة وأذى معنوي، عرض أديب الشيشكلي تعينه ملحقاً عسكرياً في السفارة السورية بواشنطن ولكنه رفض وفضّل التقاعد المبكر في سورية. ولكنّ الشيشكلي بقي مصراً على موقفه فقبل كلاس منصب مدير مؤسسة التبغ والدخان سنة 1951. وبعد انتهاء ولايته الإدارية غاب عن أي منصب سياسي واعتزل الناس إثر وفاة ابنه فارس، الذي توفي بحادث أليم في شباط 1964 يوم كان طالباً في كلية الهندسة في الجامعة اليسوعيةببيروت.
الوفاة
توفي بهيج كلاس عن عمر ناهز 58 عاماً في تشرين الثاني 1965.