السنة: 2022

  • حكومة هاشم الأتاسي الأولى

     

    هاشم الأتاسي رئيساً للمؤتمر السوري العام سنة 1919.
    هاشم الأتاسي رئيساً للمؤتمر السوري العام سنة 1919.

    حكومة هاشم الأتاسي الأولى، شُكّلت بتكليف من الملك فيصل الأول للتصدي للعدوان الفرنسي المرتقب على مدينة دمشق. وكان الأتاسي وحتى ذلك التاريخ يشغل منصب رئيس المؤتمر السوري العام منذ سنة 1919.

    بعد يومين على التأليف، في 5 أيار 1920، جرى تعديل طفيف على حكومة الأتاسي، بطلب من الملك فيصل، واستبدل رضا الصلح بعلاء الدين الدروبي في رئاسة مجلس الشورى، وعُيّن الصلح وزيراً للداخلية. كما تم إعفاء جورج زرق الله من منصبه وعيّن يوسف الحكيم وزيراً للتجارة والأشغال والزراعة. وفي عهد هذه الحكومة، أرسل الجنرال الفرنسي هنري غورو من بيروت إنذاراً إلى الملك فيصل في يوم 14 تموز 1920 يطلب منه ما يلي:

    1 – وضع سكة حديد رياقحلب وتمديداتها تحت تصرف الجيش الفرنسي

    2- تسليم مدينة حلب دون مقاومة

    3- حلّ الجيش السوري وإلغاء التجنيد الإجباري

    4- قبول التداول بالعملة الورقية التي أصدرتها فرنسا

    5- تأديب أعداء فرنسا وملاحقة المحرضين ضدها

    6 – قبول الانتداب الفرنسي على سورية

    ناقشت الحكومة السورية هذه المطالب وقررت تبنيها على مضض، مع تحفظ كامل الأعضاء على إنذار غورو وفي مقدمتهم الرئيس هاشم الأتاسي. حدد الجنرال غورو مهلة زمنية للاستجابة لمطالبه، تنتهي في منتصف ليل 17 تموز 1920، ثم قام بتمديدها حتى 21 تموز مع إضافة مطلب جديد وهو إقالة حكومة الأتاسي. قبِل الملك فيصل بالشروط الأولية وأمر بحلّ الجيش السوري، ما أدى إلى استقالة وزير الحربية يوسف العظمة اعتراضاً على قبول الإنذار. ولكن الفرنسيين اعتبروا أن ردّ الحكومة السورية جاء متأخراً وأكملوا في زحفهم نحو العاصمة دمشق قادمين من سهل البقاع بهدف احتلالها عسكرياً وفرض الانتداب الفرنسي على سورية.

    عادت حكومة الأتاسي عن قرارها بحلّ الجيش وبناء عليه تراجع يوسف العظمة عن استقالته، وبدأت حملة تجنيد منظمة في صفوف المواطنين بمساعدة علماء الدين والأئمة. وقعت المواجهة العسكرية في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920، التي أدت إلى هزيمة الجيش السوري واستشهاد يوسف العظمة. هرب الملك فيصل إلى منطقة الكسوة بريف دمشق، برفقة كامل الفريق الحكومي، وفي 25 تموز 1920 جرى احتلال دمشق عسكرياً. من مقرّه المؤقت، أمر الملك فيصل بإقالة حكومة الأتاسي وتعيين علاء الدين الدروبي رئيساً للوزراء، مكلفاً بالتفاوض مع الفرنسيين للوصول إلى تسوية تُعيد له عرشه المسلوب بدمشق.

    معلومات عامة

  • حكومة رضا باشا الركابي الثانية

     

    الرئيس رضا باشا الركابي
    الرئيس رضا باشا الركابي

    حكومة الفريق رضا باشا الركابي الثانية والأخيرة، جاءت بتكليف من الملك فيصل الأول بعد يوم واحد من تتويجه ملكاً على سورية في 8 آذار 1920. كانت ثالث تجربة للركابي في الحكم بعد تعيينه رئيساً لحكومة مؤقتة وحاكماً عسكرياً من بين 4 تشرين الأول 1918 – 4 آب 1919، ثم نائباً لحكومة المديرين (حكومة الأمير فيصل) من 4 آب 1920 ولغاية 22 تشرين الثاني 1920. واستمرت لغاية 3 أيار 1920.

    تولّت هذه الحكومة مهمة وضع أساسات الدولة السورية الحديثة، بما في ذلك تعريب المناهج المدرسية والعسكرية، والإشراف على لجنة وضع الدستور الملكي التي كانت برئاسة هاشم الأتاسي.

    معلومات عامة

  • حكومة الأمير زيد الأولى والأخيرة

    الأمير زيد بن الحسين
    الأمير زيد بن الحسين

    حكومة المديرين الثانية برئاسة الأمير زيد بن الحسين، جاءت بتكليف من أخيه الأمير فيصل بن الحسين في 26 كانون الثاني 1920، خلفاً للحكومة الأولى التي ترأسها الأمير فيصل بنفسه ما بين آب 1919 – كانون الثاني 1920. وكان الأمير زيد قد تسلّم رئاسة الدولة من قبل، نيابة عن أخيه خلال فترة تواجد الأمير فيصل في فرنسا لحضور مؤتمر الصلح في كانون الثاني 1919.

    تولّت حكومة الأمير زيد مهمة التحضير لحفل تتويج الأمير فيصل ملكاً على البلاد السورية يوم 8 آذار 1920.

    معلومات عامة

  • حكومة رضا باشا الركابي الأولى

     

    الرئيس رضا باشا الركابي
    الرئيس رضا باشا الركابي

    حكومة الفريق رضا باشا الركابي الأولى، وهي حكومة مؤقتة وانتقالية، شُكّلت بتكليف من الأمير فيصل بن الحسين بعد تعيين الركابي حاكماً عسكرياً يوم 1 تشرين الأول 1918. جميع الوزراء لم يحملوا حقيبة معيّنة وشكّلت الوزارة الركابيّة الأولى على النحو التالي:

    الفريق علي رضا باشا الركابي (رئيساً للحكومة وحاكماً عسكرياً على سورية)

    استمرّت حكومة الركابي في العمل حتى 4 آب 1919، وقد شهد عهدها انطلاق أربع ثورات: ثورة إبراهيم هنانو في الشمال، ثورة الشيخ صالح العلي في الساحل، ثورة عمر البيطار في منطقة صهيون شرق اللاذقية، وثورة صبحي بركات في أنطاكية، جميعها موجهة ضد الوجود العسكري الفرنسي في سورية. في عهد حكومة الركابي احتل الفرنسيون مدينة اللاذقية مع كامل الساحل السوري وأعيد افتتاح معهد الطب، بعد إغلاق دام منذ سنة 1917، مع تعيين الدكتور رضا سعيد عميداً لهُ.

    معلومات عامة

  • صفوح شغالة

    صفوح شغالةصفوح شغّالة (3 آذار 1956 – 13 كانون الأول 2022)، شاعر غنائي سوري من حلب، يُعد من أبرز شعراء الأغنية السورية الذين قدموا أعمالاً باللهجات السورية المتنوعة ومختلف لهجات الوطن العربي، غنى له كبار مطربي الوطن العربي، أمثال، نجوى كرم، جورج وسوف، عاصي الحلاني، وائل كفوري، فلّة الجزائرية، إليسا، وغيرهم الكثير.

    أعماله

    كان صفوح شغّالة حريصاً على الكتابة باللهجة الحلبية المحكية ونقلها بقصائد غنائية غناها كبار مطربي حلب، وبعضها بات جزءاً من الفلكلور السوري الشفهي، أمثال طول البنية – قوموا لنرقص عربية، وغيرها.

    وكانت “تسلميلي يا حلب” أول أغنية كتبها عام 1992 وغناها المطرب الحلبي سمير جركس، وخلال الحرب كتب أغنية “شهبا وش عملوا فيكِ” التي غناها المطرب شادي جميل.

    أبرز أغانيه الحاضرة ليومنا هذا، “طول البنية”، “تخسر رهانك”، ماندم عليك”، “فرصة عمر”، “أمانيه”، “الحبيب”، “ارجع للشوق”، “ليلي ويالالي”، “مكتوبلي”، “حسمت الأمر”، “ينبوع الهوى”، “ولاحتى ثانية”، “تشكرات”، “لالي ليل”، “الزمن عدى” والكثير غيرها.

    تعاون “شغالة” مع أهم الملحنين العرب والسوريين أمثال “شاكر الموجي”، صلاح الشرنوبي”، “طارق أبوجودة”، “وسام الأمير”، “نهاد نجار”، فيما تجاوز رصيده الغنائي الألف وستمئة أغنية.

    تكريمات

    حظي الشاعر شغّالة بتكريم الرئاسة السورية مرات عدّة خلال مسيرته الفنية، وكان آخرها دعوته للمشاركة في حضور مراسم تقليد الدكتورة نجاح العطار وسام أميّة الوطني ذا الرصيعة. ونال تكريمات رفيعة المستوى من جهات محليّة وعربية عدّة، تقديراً لما قدّمه من أعمال غنائية ووطنية على مدى عقود طويلة.

    الوفاة

    توفي صفوح شغّالة مساء الثلاثاء 13 كانون الأول 2022، في مدينته حلب من دون سابق إشارة أو أي عارض مرضيّ طارئ عن عمر ناهز 66 عاماً، وشيع جثمانه في اليوم التالي عقب صلاة الظهر في جامع التوحيد، ودفن في مقبرة الشيخ جاكير بحلب.

  • حكومة الأمير سعيد الجزائري

    الأمير محمد سعيد مع صورة لجده الأمير عبد القادر الجزائري

    حكومة الأمير محمد سعيد الجزائري المؤقتة، جاءت إثر انسحاب القوات العثمانية عن  دمشق يوم الخميس في 26 أيلول 1918. نَصّب الأمير سعيد نفسهُ حاكماً مدنياً على مدينة دمشق وشكّل حكومة مصغرة من خمس وزراء، دون تكليف أي منهم بحقيبة معينة:

    تولّت حكومة الجزائري المؤقتة مهمة حفظ الأمن في مدينة دمشق وحماية حزينة الدولة من النهب. صدرت عنها مجموعة من القرارات الإدارية، كتعيين أمين التميمي مديراً للأمن العام ومعروف الأرنأؤوط مديراً للبرق والبريد. ومن منجزاتها إعلان استقلال البلاد عن الدولة العثمانية ورفع علم الثورة العربية الكبرى فوق السراي الحكومي في ساحة المرجة بدمشق. أطيح بها مساء يوم الثلاثاء 3 تشرين الأول 1918 بأمر من الضابط البريطاني توماس لورانس، الذي اعتبرها حكومة فاقدة للشرعية لأنها لم تحصل على توكيل من الشريف حسين بن عليّ، قائد الثورة العربية الكبرى.

    معلومات عامة

     

  • معرض دمشق الدولي

    معرض دمشق الدولي، هو معرض دولي يُقام في دمشق سنوياً منذ عام 1954، وهو من أقدم وأعرق وأكبر المعارض في الشرق الأوسط، تشارك في دوراته عشرات الدول ومئات الشركات السورية والعالمية. انطلقت دورته الأولى في عهد الرئيس هاشم الأتاسي سنة 1954 وتوقف لسنوات خلال الحرب السورية، ليعود مجدداً ابتداء من العام 2016. كان افتتاح معرض دمشق الدولي حدثاً دولياً اقتصادياً كبيراً حقق نجاحاً فاق كل التوقعات، ليس فقط على المستوى الاقتصادي والتجاري وكذلك على المستوى السياسي والسياحي.

    لمحة تاريخية

    عند انتخاب محمد علي العابد أول رئيس للجمهورية عام 1932، ازداد الاهتمام الرسمي بالتجار والصناعيين، بحكم أن الرئيس نفسه كان رجل أعمال مرموقاً وثرياً، وقد قرر العابد إقامة معرض سنوي للصناعات الدمشقية، يهدف إلى تعريف التجّار المحليين بالعالم الخارجي وتقديم منتجاتهم إلى الأسواق العالمية. عُين الأمير مصطفى الشهابي مديراً للمعرض، وسمّي القاضي عارف النكدي وكيلاً للمعرض. استغرق الإعداد لهذا المعرض عشرة أشهر وافتُتح تحت رعاية الرئيس العابد وبحضوره يوم 31 أيار 1936.

    فيما بعد طالب المشاركون في المعرض من الحكومة السورية تحويله إلى فعالية سنوية تُقام تحت رعاية غرفة تجارة دمشق. لم تسمح الظروف بذلك، بسبب استقالة الرئيس العابد من منصبه بعد أشهر قليلة ودخول سورية في دوامة اضطرابات ما قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية في عام 1939. بعد خروج الفرنسيين، قرّر تجار دمشق إحياء الفكرة مجدداً، ولكنّ الحرب الفلسطينية منعتهم من ذلك، ثم جاءت الانقلابات العسكرية وبقي الموضوع معلقاً حتى وصول العقيد أديب الشيشكلي إلى الحكم عام 1953. كلّف الشيشكلي وزير الاقتصاد في عهده منير دياب وضع دراسة عن معرض سنوي يهدف إلى الترويج للمنتجات الوطنية وجلب استثمارات دولية وعربية في كافة القطاعات، على أن يُقام في أحد أكبر ميادين دمشق، المعروف بمحلّة مرج الحشيش، أو المرج الأخضر، وهو وقف قديم من زمن الدولة الأيوبية، بات يعرف منذ ذلك التاريخ بأرض معرض دمشق الدولي.

    المؤسسون

    شُكِّلت لجنة إدارية لإقامة المعرض الجديد، مؤلفة من مديره العام الدكتور خالد بوظو، ونائبه الشاعر سليم الزركلي، مع عدد من الأعيان، منهم رئيس غرفة التجارة مسلم السيوفي ونائب دمشق فخري البارودي. قرروا نقل الملعب البلدي الكبير ومضمار سباق الخيل من جوار الجامعة السورية والتكية السليمانية إلى آخر نقطة فارغة كانت موجودة هناك، بالقرب من ساحة الأمويين، تمهيداً لإنشاء أرض المعرض في مكانهما، بعد الحصول على موافقة من مديرية الأوقاف. الموقع كان استثنائياً بكل المقاييس، واسعاً وخلاباً، مطلاً على شارع الرئيس شكري القوتلي، الواصل بين ساحتي المرجة والأمويين.

    نُقل الملعب البلدي القديم، الذي شيّد عام 1925، إلى أرض قريبة تقع إلى جانب مسرح المعرض الجديد، وأضيف إليه المسبح البلدي. بنى المؤسسون أجنحة دائمة للدول المشاركة في المعرض، تمتد على طول نهر بردى من جوار متحف دمشق الوطني، وصولاً إلى مطعم الشرق الملاصق للمسرح. كذلك شيدت بحيرة البط الشهيرة ونوافير مياه ملوّنة، ومعها مجسمات هندسية بأشكال مختلفة، وأعمدة إنارة نيون أبيض ومكبرات صوت ضخمة وزعت على كافة أرجاء أرض المعرض. أُقيمت قوس كبيرة عند مدخل المعرض، ومقابلها أعمدة رُفع عليها أعلام الدول المشاركة.

    ألحّ مدير الشؤون الإنشائية يومها حسن مراد، على المهندس شكيب العمري أن يضع قوساً كبيرة للمعرض على شكل قوس قزح، تكون قواعده شبيهة بقواعد برج إيفل، تمتدّ من بوابة المعرض إلى حديقة كازينو دمشق الدولي (التي أصبحت اليوم مقرّ فندق الفورسيزنز). شُيد القوس بحضور أديب الشيشكلي، الذي أطيح بحكمه في شباط 1954، أي قبل سبعة أشهر من بدء فعاليات المعرض. وبقيت القوس شاهدة على كل سنوات المعرض إلى أن أُزيلت عام 2005 عند افتتاح فندق الفورسيزنز، بعد سنتين من نقل أرض المعرض إلى مدينة المعارض على طريق مطار دمشق الدولي.

    قوس المعرض في الستينيات.
    قوس المعرض في الستينيات.

    معرض دمشق الدولي في دورته الأولى سنة 1954.
    معرض دمشق الدولي في دورته الأولى سنة 1954.

    الدورة الأولى

    بحضور رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي، أقيمت الدورة الأولى لمعرض دمشق الدولي في 2 أيلول 1954، واستمرت شهراً كاملاً. فاق عدد زواره المليون زائر من مختلف الدول، وقد شاركت في الدورة الأولى ستة وعشرون دولة عربية وأجنبية إضافة لعدد من المؤسسات والشركات الصناعية والتجارية السورية.

    نُصب جسر مؤقت يصل بين ضفتي نهر بردى للوصول إلى وزارة المعارف (السياحة اليوم) دون الحاجة لاستعمال جسر المتحف الوطني، مع وجود منافذ أخرى لدخول الزوار تخفيفاً للضغط على البوابة الرئيسية. سُمح للسيارات، بالرغم من قلتها سنة 1954، بالوقوف على ضفاف النهر خلال الفعاليات، ولكن السير توقف كلياً في يوم الافتتاح، ابتداءً من بوابة المعرض، وصولاً إلى طلعة الجبخانة، المعروفة اليوم بطلعة قصر الضيافة. في يوم الافتتاح خطب مدير المعرض خالد بوظو، قائلًا: “إنه برهان ملموس على ما بلغته جهود أمة فتية ناشئة لم يمضِ على تحريرها بالكامل عقد واحد من السنين، في بعث حضارتها ومسايرة ركب المدنية في التقدم والعمران.” ثم ألقى نائبه سليم الزركلي قصيدة جاء في مطلعها: “اليوم عيدك يا شام فهللي وتفتحي عن عالم جنان.”

    الرئيس هاشم الأتاسي يجول على الأجنحة يوم افتتاح معرض دمشق الدولي.
    الرئيس هاشم الأتاسي يجول على الأجنحة يوم افتتاح معرض دمشق الدولي.

    فعاليات المعرض الفنية

    لم يقتصر نشاط المعرض على أجنحة الدول المشاركة والشركات الصناعية والتجارية، بل كانت تقام فعاليات فنية وثقافية خلال انعقاد دوراته السنوية، ومن أشهرها حفلات أم كلثوم  سنتي 1957-1958، وفيروز التي غنّت على مسرح المعرض للمرة الأولى سنة 1960 وبقيت تظهر إما بحفلات منفردة أو ضمن مسرحيات الأخوين رحباني حتى سنة 1977 مع غياب واحد سنة 1965 يسبب حملها بابنتها ريما الرحباني. كما غنى الكثير من المطربين العرب على خشبة المعرض، منهم وديع الصافي ونجاح سلام وصولاً إلى عبد الحليم حافظ في دورة عام 1976.  

    الرئيس هاشم الأتاسي يجول على الأجنحة يوم افتتاح معرض دمشق الدولي.
    اعلانات لحفلات فيروز خلال فعاليات معرض دمشق الدولي.
    مسرحيات الأخوين رحباني على مسرح المعرض.
    مسرحيات الأخوين رحباني على مسرح المعرض.

    المقر الجديد

    تقع أرض معرض دمشق القديم في وسط مدينة دمشق والتي تمتد من جسر الرئيس ومتحف دمشق الوطني حتى ساحة الأمويين بمحاذاة نهر بردى. مع توسع العمران وازدياد عدد السكان والازدحام، قررت الحكومة السورية نقل المعرض إلى فناء أوسع وأبعد عن وسط المدينة. تم بناء مدينة مخصصة للمعارض على طريق مطار دمشق الدولي وجرى افتتاحها سنة 2003. وقد أقفل المعرض أبوابه وتوقفت نشاطاته بسبب الحرب السورية من سنة 2011 وحتى سنة 2016، وتوقف ثانية بسبب جائحة كورونا سنة 2020 ومازال لتاريخه بسبب الأوضاع الاقتصادية.

  • المهاجرين


    المهاجرين، أحد أهم وأشهر أحياء مدينة دمشق، يقع على سفح جبل قاسيون من الجهة الغربية في منطقة كانت مُلكاً لآل المؤيد العظم حتى مطلع القرن العشرين. فيها أقيم قصر الوالي ناظم باشا والوجيه مصطفى باشا العابد في مطلع القرن العشرين، ما حول المحلّة إلى منطقة سكنية مرغوبة، قبل تحويل قصر ناظم باشا إلى قصر ملكي في عهد الملك فيصل الأول سنة 1920 وقصر العابد إلى قصر جمهوري في عهد محمد علي العابد عام 1932. وبعد مد خط الترامواي إلى المهاجرين سنة 1911 أصبحت منطقة إدارية (بلدية) تضم عدة أحياء.

    البداية

    أطلق على المنطقة اسم “المهاجرين” منذ جاءتها مجموعات من الوافدين والمهاجرين من الأتراك والشركس والأكراد والبقلان، وهم أول من سكن المنطقة سنة 1890. تبعهم هجرات من جزيرة كريت سنة 1900، وقرر الوالي العثماني ناظم باشا إقامة قصر فيها مُطل على المدينة سنة 1905، أصبح لاحقاً قصراً للأمير فيصل بن الحسين يوم دخوله دمشق إبان انسحاب القوات العثمانية مع نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918. وفي سنة 1943 تحول قصر الملك فيصل إلى قصر جمهوري في عهد الرئيس شكري القوتلي وأقام فيه كل رؤساء سورية لغاية عام 1978. وكان إلى جواره قصراً ثانياً للوجيه الدمشقي مصطفى باشا العابد، شيّد في الفترة الزمنية نفسها وأقام فيه ابن أخيه محمد علي العابد عند انتخابه رئيساً للجمهورية سنة 1932 وتبعه كل من الرئيس هاشم الأتاسي سنة 1936 والرئيس تاج الدين الحسني عام 1941.

    معالم منطقة المهاجرين

    سكان منطقة المهاجرين

    رجال دولة

    أدباء وفنانين

     

  • مفاوضات باريس

    توقيع معاهدة عام 1936 في مبنى وزارة الخارجية بباريس.
    توقيع معاهدة عام 1936 في مبنى وزارة الخارجية بباريس.

    مفاوضات باريس، هي مباحثات سياسيّة عُقدت في العاصمة الفرنسية في الفترة ما بين آذار وأيلول 1936، وكانت نتيجتها التوقيع على المعاهدة السورية – الفرنسية بين الحكومة الرئيس ليون بلوم، والكتلة الوطنية الممثلة برئيسها هاشم الأتاسي. جاءت المفاوضات بعد إضراب عام دعت له الكتلة الوطنية مطلع العام 1936 استمر ستون يوماً، احتجاجاً على سياسات فرنسا التعسفية واعتقالها لعدد كبير من الشباب والسياسيين، في مقدمتهم نائب دمشق فخري البارودي.

    دخلت الكتلة الوطنية في مفاوضات مع الفرنسيين وتوصلت معهم إلى حل يقضي بإنهاء الإضراب الستيني مقابل إطلاق سراح المعتقلين، وسفر وفد من الكتلة إلى باريس لمناقشة استقلال سورية. وعدت معاهدة عام 1936 بتوسيع صلاحيات الحكومة السورية واستعادة وزارتي الخارجية والدفاع، مع ضمّ جبلي العلويين والدروز إلى أراضي الجمهورية والاعتراف باستقلال سورية على مراحل، مقابل مجموعة من الامتيازات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي واقف وفد الكتلة على منحها إلى الجمهورية الفرنسية في سورية.

    عند عودة الوفد السوري من باريس، استقال رئيس الجمهورية محمد علي العابد من منصبه ودعا إلى انتخابات نيابية ورئاسية مبكرة، فازت بها الكتلة الوطنية بغالبية مقاعد البرلمان السوري وأنتُخِب هاشم الأتاسي رئيساً. ولكن رفض البرلمان الفرنسي المصادقة على المعاهدة أدى إجهاضها واستقالة الأتاسي من الرئاسة في 8 تموز 1939.

    أعضاء الوفد السوري

    سافر الوفد السوري إلى فرنسا يوم الأحد 22 آذار 1936، وكان يضم:

    وقد عيّن الأتاسي أثناء فترة غيابه زميله شكري القوتلي رئيساً بالوكالة للكتلة الوطنية في سورية.

    هاشم الأتاسي ورياض الصلح وسعد الله الجابري في باريس سنة 1936.
    هاشم الأتاسي ورياض الصلح وسعد الله الجابري في باريس سنة 1936.

    الانتخابات الفرنسية

    بعد بدء المفاوضات بمدة قصيرة، أعلن في فرنسا عن انتخابات نيابية عامة في 26 نيسان 1936، وكان الاتجاه الشعبي العام يرجع فوز الجبهة الاشتراكية بقيادة زعيم المعارضة ليون بلوم. توقفت المفاوضات السورية ريثما يتّضح المشهد السياسي في فرنسا، وعادت بعد فوز بلوم برئاسة الحكومة، خلفاً للرئيس إدوار دالادييه، وتعيين بيير فيينو رئيساً للوفد الفرنسي المفاوض مع السوريين.

    الرئيس هاشم الأتاسي
    الرئيس هاشم الأتاسي

    الموضوع اللبناني

    استأنفت المفاوضات في 23 حزيران 1936، وطلب فيينو من الأتاسي عدم التطرق إلى مستقبل الكيان اللبناني والتركيز فقط على المسائل المعلقة بالجمهورية السورية. وجه له الأتاسي رداً مفصلاً في 6 تموز 1936، جاء فيه أن قرار فرنسا بإحداث دولة لبنان الكبير هو بالأساس غير قانوني و”غير ديمقراطي” مطالباً بإجراء استفتاء في الأقضية الأربعة (بعلبك والبقاع وحاصبيا وراشيا) لمعرفة مشاعر أهالي تلك المناطق ورغبتهم الحقيقية في الاستقلال أمّ الانضمام إلى الدولة السورية. ردّ فيينو بالرفض القاطع، ولمّح إلى إنهاء التفاوض في حال أصر الأتاسي على موقفه. أقترح أعضاء الوفد السوري إمكانية إنشاء اتحاد فيدرالي بين سورية ولبنان، ولكن المقترح رُفض مجدداً من قبل الفرنسيين واكتفى الطرفان بألا تتضمن المعاهدة أي اعتراف سوري بوجود لبنان مستقل منفصل عن سورية.

    المطالب السورية

    وبالمقابل وافقت فرنسا على معظم مطالب الوفد السوري، كتأسيس جيش وطني ونقل إدارة الأمن العام والشرطة إلى السوريين، ومعها مديريات القبائل والضرائب والآثار والأوقاف والخط الحديدي الحجازي. وحصل وفد الكتلة على موافقة مكتوبة لتأسيس وزارة الخارجية السورية، تكون لها صلاحية تعيين سفراء في الخارج وإقامة علاقات دبلوماسية مع دول العالم كافة – بما فيها فرنسا – وبعدها يتم تحويل التمثيل الدبلوماسي الفرنسي بدمشق من “مفوض سامي” إلى مرتبة “سفير” ووافقت فرنسا على استعادة وزارة الدفاع السورية، المنحلّة منذ معركة ميسلون سنة 1920، وضم جبل العلويين وجبل الدروز إلى الدولة السورية، بعد حكم ذاتي دام منذ بداية الانتداب.

    نص المعاهدة

    المادة الأولى: يسود بين فرنسا وسورية سلم وصداقة دائمان ويقوم تحالف توثيقاً للصلات التي تجمع بينهما وتضمن مصالحهما المشتركة.

    المادة الثانية: تتشاور الحكومتان في كل أمر من شأنه أن يمس مصالحهما المشتركة وتقفان إزاء الدول الأجنبية موقفاً يلائم تحالفهما مع تجنب كل ما يسيء إلى علاقتهما مع تلك الدول وتقيم كل منهما لدى الآخر ممثلاً سياسياً.

    المادة الثالثة: يتخذ الطرفان المتعاقدان جميع التدابير اللازمة لنقل الحقوق والواجبات الناجمة عن المعاهدات والاتفاقيات التي عقدتها فرنسا باسم سورية أو فيما يخصها إلى الحكومة السورية يوم زوال الانتداب عنها.

    المادة الرابعة: إذا وقع بين سورية ودولة أخرى خلاف قد يؤدي إلى قطع العلاقات بينهما تتداول الحكومتان الفرنسية والسورية في أمر تسوية ذلك الخلاف بالطرق السلمية وفاقاً لأحكام ميثاق عصبة الأمم. وإذا اشتبك أحد الطرفين المتعاهدين بنزاع، بادر الطرف الثاني إلى نجدته وفي حالة وجود خطر محدق يتداولان فوراً أمر اتخاذ تدابير الدفاع الضرورية. وتنحصر معونة الحكومة السورية في أن تقدم إلى حليفتها فرنسا في الأراضي السورية كل ما في وسعها من التسهيلات والمساعدات بما في ذلك استعمال السكك الحديدية ومجاري المياه والمرافئ والمطارات وسائر وسائل المواصلات.

    المادة الخامسة: تقع على الحكومة السورية مسؤولية حفظ النظام في سورية والدفاع عن أراضيها وتقدم لها الحكومة الفرنسية المساعدة العسكرية مدة المعاهدة وفاقاً لنصوص الاتفاق الملحق. وتسهيلاً لقيامها الواجب المترتب عليها بموجب المادة السابعة، تعترف لها الحكومة السورية باستمرار التنقلات الجوية التي تجتاز الأراضي السورية وصيانتها في جميع الظروف لمصلحة التحالف.

    المادة السادسة: عقدت هذه المعاهدة لمدة خمسة وعشرين سنة، تشمل الاتفاقيات والعقود الملحقة، وتفتتح المفاوضات الجديدة بشأن المعاهدة أو تعديلها إذا طلب ذلك إحداهما بعد مرور عشرين سنة على وضعها موضع التنفيذ.

    المادة السابعة: تبرم المعاهدة بأسرع ما يمكن وتبلغ إلى عصبة الأمم وتوضع موضع التنفيذ يوم قبول سورية في عصبة الأمم.

    المادة الثامنة: حال وضع هذه المعاهدة موضع التنفيذ، تسقط عن الحكومة الفرنسية المسؤوليات المترتبة عليها فيما يتعلق بسورية وتنتقل تلقائياً إلى الحكومة السورية.

    المادة التاسعة: كتبت هذه المعاهدة بالفرنسية والعربية والمعلول على النص الفرنسي.

    إذا وقع خلاف بشأن تفسير المعاهدة وتطبيقها ولم يمكن حله نهائياً بطريق المفاوضة المباشرة بين الطرفين المتعاقدين، يلجأ إلى أصول التحكيم والمصالحة المنصوص عليها في ميثاق عصبة الأمم

    باريس في 9 أيلول 1936

    وقد ألحق بالمعاهدة الأساسية اتفاقاً عسكرياً مؤلفاً من المواد التالية:

    المادة الأولى: تأخذ الحكومة السورية تحت مسؤوليتها بحلوها محل السلطة الفرنسية، القوة العسكرية المنظمة مع تكاليفها وواجباتها.

    المادة الثانية: الحد الأدنى الذي يجب أن تحويه القوة العسكرية السورية هو فرقة مشاة ولواء خيالة مع المصالح التابعة لها.

    المادة الثالثة: تتعهد الحكومة الفرنسية بمنح الجمهورية السورية بناء على طلبها التسهيلات الآتية على أن تعود نفقاتها على الحكومة السورية.

    أ‌- توضع بعثة عسكرية فرنسية تحت تصرف الحكومة السورية، تحدد مهمتها بالاتفاق بين الحكومتين وتتعهد الحكومة السورية بأن لا تَستخدِم سوى الفرنسيين بصفة معلمين واختصاصيين.

    ب‌- ترسل الحكومة السورية من تشاء من رجال قواتها المسلّحة إلى المدارس ومراكز التعليم الفرنسية وعلى ظهر السفن البحرية الفرنسية وتحتفظ بحرية إرسالهم إلى بلد آخر إذا لم يكن باستطاعة تلك المدارس قبولهم.

    المادة الرابعة: تؤمن الحكومة الفرنسية جميع احتياجات القوى المسلحة السورية من أسلحة وعتاد وسفن وطائرات وتجهيزات من أحدث طراز.

    المادة الخامسة: تضع الحكومة السورية تحت تصرف الحكومة الفرنسية لمدة التحالف مواقع لقاعدتين جويتين وتقدم لها حرساً خاصاً للتعاون مع الاختصاصيين من القوى الفرنسية وتبقى القوة الفرنسية في جبل الدروز وبلاد العلويين مدة خمس سنين اعتباراً من نفاذ المعاهدة دون أن يمس بقاءها بحقوق السيادة السورية.

    المادة السادسة: تضع الحكومة السورية تحت تصرف الحكومة الفرنسية جميع المواقع والأمكنة والتجهيزات التي تحتاج إليها القوى الفرنسية بما في ذلك استعمال السكك الحديدية والمطارات والمرافئ والهاتف والطرق والمواصلات البرية والبحرية والجوية.

    توقيع المعاهدة

    وقعت المعاهدة السورية – الفرنسية في الساعة الواحدة ظهراً من يوم 9 أيلول 1936، بحضور رئيس الحكومة ليون بلوم ورئيس الوفد المفاوض بيير فيينو والمفوض السامي الفرنسي هنري دي مارتيل. غادر الوفد الكتلة باريس عائداً إلى سورية في 17 أيلول 1936 وتوقف في جنيف أولاً ثم في إسطنبول، قبل أن يصل مرفأ بيروت في 27 أيلول. وفي 29 حطّ هاشم الأتاسي ورفاقه بدمشق، وخرجت المدينة في استقبالهم ورُفعت فوق مبانيها الحكومية أعلاماً سورية وفرنسية. استقال رئيس الجمهورية محمد علي العابد من منصبه ودعا إلى انتخابات رئاسية ونيابية مبكرة، فازت بها الكتلة الوطنية بغالبية مقاعد المجلس النيابي وانتخب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية في 21 كانون الأول 1936. عُيّن جميل مردم بك أول رئيس حكومة في عهد الكتلة الوطنية، مسؤولاً عن متابعة وتنفيذ بنود معاهدة عام 1936، التي تبناها مجلس النواب السوري بغالبية مطلقة.

    الرئيس جميل مردم بك
    الرئيس جميل مردم بك

    التراجع الفرنسي

    ولكن البرلمان الفرنسي رفض المصادقة عليها وأجبر مردم بك على التوجه إلى باريس للتوقيع على ملاحق إضافية، أعطى بموجبها الفرنسيين حق التنقيب عن النفط في شمال سورية وضمن لهم قواعد عسكرية ثابتة في الساحل السوري. ولكن كل ذلك لم يُقنع المشرعين الفرنسيين، فما كان أمام مردم بك إلا الاستقالة من منصبه في شباط 1939، قبل خمسة أشهر من استقالة الرئيس هاشم الأتاسي.

    قيل في معاهدة عام 1936

    وصف فارس الخوري معاهدة عام 1936 بالقول: “إنها معجزة القرن العشرين” وقال جميل مردم بك إنها “عروسة الشرق” أما سعد الله الجابري فقد صرّح وقال: “لم يبق على فرنسا إلا أن تعطينا مارسيليا” ولكن الخوري تراجع عن كلامه بعد رفض البرلمان الفرنسي المصادقة على المعاهدة ووصفها بالمبتورة، وقال إنها كانت “عرجاء ومشوّهة” أما زعيم المعارضة الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، فقد عارض المعاهدة بشدة قائلاً: “إنّ هذه المعاهدة كلها سُموم ويحاول السيد جميل مردم بك تبليعها أبناء سورية وطليها بالعسل، ولكن أبناء البلاد سيطحنون جرعه المعسول بالعقل ليروا السموم المدسوسة فيه.”

  • الإضراب الستيني

    الإضراب الستيني، هو إضراب عام في جميع المدن السورية، نظمته الكتلة الوطنية في الفترة ما بين شهري كانون الثاني وآذار عام 1936، رداً على اعتقال نائب دمشق فخري البارودي. كانت نتيجة الإضراب إقالة حكومة الشيخ تاج الدين الحسني المحسوبة على فرنسا والدخول في مفاوضات مباشرة مع قادة الكتلة، أدت إلى سفر وفد إلى باريس برئاسة هاشم الأتاسي، لمناقشة مستقبل الانتداب الفرنسي في سورية. استغرقت المفاوضات أشهر طويلة وفي نهايتها وقع الأتاسي باسم الكتلة الوطنية معاهدة عام 1936 مع الحكومة الفرنسية، التي وعدت السوريين باستقلال تدريجي ولكنّها لم تُطبق بسبب رفض البرلمان الفرنسي المصادقة عليها، خوفاً من قرب وقوع حرب عالمية جديدة في أوروبا.

    البداية

    تعود جذور الإضراب الستيني في سورية إلى المظاهرات الحاشدة المنددة بالانتداب الفرنسي التي قادتها الكتلة الوطنية في حلب يوم وفاة إبراهيم هنانو في 21 تشرين الثاني 1935. شارك أكثر من 150 ألف شخص في جنازة هنانو ورفعت فيها شعارات جريئة مطالبة بالاستقلال وتنحي رئيس الجمهورية محمد علي العابد ورئيس الحكومة تاج الدين الحسني. اعتقلت السلطات الفرنسية مئة من المشيعين، كان من بينهم النائب سعد الله الجابري، خليفة إبراهيم هنانو في حلب. وبعد الانتهاء من الدفن، اقتحمت القوات الفرنسية منزل هنانو في حلب وصادرت ما في داخله من أوراق ووثائق، ما أشعل المزيد من المظاهرات والاعتقالات، طالت 160 شاباً من أنصار الكتلة الوطنية في شمال سورية. استمرت المظاهرات في الأشهر الأخيرة من العام 1935 وفي 18 كانون الثاني 1936 اعتقلت السلطات الفرنسية نائب دمشق فخري البارودي بتهمة التحريض، وقالت إنه هو المسؤول عن كل أعمال الشغب التي شهدتها سورية منذ وفاة هنانو.

    توسع رقعة المظاهرات والإضراب

    تزامناً مع اعتقال البارودي قامت سلطة الانتداب بإغلاق مكاتب الكتلة الوطنية في دمشق وحلب، فعرض عارف الحلبوني، رئيس غرفة التجارة أن يقوم بوساطة بين الفرنسيين وهاشم الأتاسي. وعندما فشلت مساعيه، دعت الكتلة إلى إضراب عام في المدن السورية كافة ابتداء من صباح يوم 27 كانون الثاني 1936، ورفع الأتاسي برقية إلى عصبة الأمم مسوغاً موقفه بالقول:

    أغلقت مكاتب الكتلة الوطنية في سورية بعد إبعاد النائب فخري البارودي وسجن مئات من الشباب والطلاب بدون حكم. أحتل الجند شوارع المدن السورية، أطلقت النار على الطلاب وقُتل منهم عدد كبير، خُرقت حرمة المنازل، خُطف الأطفال لإرهاب العائلات هذه التدابير تؤدي البلاد إلى مجازفة مخيفة. نرجوكم العمل لوضع حدّ لهذه السياسة الخرقاء، ساعدونا على مطالبنا الحقّة.

    ردت سلطة الانتداب بمنع قادة الكتلة بدمشق من المشاركة بالإضراب ووضعت شكري القوتلي ولطفي الحفار ونسيب البكري قيد الإقامة الجبرية في منازلهم، مع نفي جميل مردم بك إلى بلدة أعزاز على الحدود السورية – التركية وطرد فارس الخوري من الهيئة التدريسية في الجامعة السورية وإعفاء شقيقه فائز الخوري من عمادة كلية الحقوق.

    وعلى الرغم من كل هذه التدابير الصارمة بحق الكتلة الوطنية، إلا أن قادتها تمكنوا من حشد الشارع الدمشقي داخل الجامع الأموي وعند محاولة الشبّان الخروج في مظاهرة إلى سوق الحميدية، أطلق عليهم النار واستشهد أربعة منهم. أغلقت كل متاجر دمشق احتجاجاً على لجوء الفرنسيين للرصاص الحيّ في تفريق المتظاهرين، وأضربت مدينة حمص تضامناً ودعماً لأهالي دمشق وحلب. قُتل ثلاثة متظاهرين في حمص، وامتد الإضراب بسرعة إلى بقية المدن السورية ووصل إلى حماة واللاذقية، ثم إلى مدينة دير الزور على ضفاف نهر الفرات، التي دخلت الإضراب رسمياً في 10 شباط 1936. وحدها الأفران بقيت تعمل في كل هذه المدن لتأمين حاجة المواطنين اليومية من الخبز، بطلب من هاشم الأتاسي.

    حدد الأتاسي مطالب الكتلة الوطنية وشروطه لوقف الإضراب:

    • إطلاق سراح المعتقلين، وفي مقدمتهم فخري البارودي.
    • إصدار عفو عام عن المبعدين السياسيين.
    • إبطال قرار طرد الطلاب من مدارسهم وجامعتهم بسبب مشاركتهم في الإضراب.
    • فتح مكاتب الكتلة الوطنية في دمشق وحلب.
    هاشم الأتاسي وعطا الأيوبي يوم انتهاء الإضراب الستيني في 2 آذار 1936.
    هاشم الأتاسي وعطا الأيوبي يوم انتهاء الإضراب الستيني في 2 آذار 1936.

    نهاية الإضراب

    أدركت فرنسا حجم الضرر الذي لحق لسمعتها ومصالحها الاقتصادية في سورية بسبب الإضراب وأوعزت إلى مندوبها السامي هنري دي مارتيل بفتح قناة تواصل مع هاشم الأتاسي. قال دي مارتيل أن حكومة بلاده قبلت بمطالب الكتلة وأنها ستتفاوض معها على هذا الأساس. أعفى المندوب الفرنسي رئيس الحكومة تاج الدين الحسني من منصبه وعيّن السياسي المستقل عطا الأيوبي – المقبول من الأتاسي والكتلة الوطنية – رئيساً للحكومة السورية.

    توجه معه الأتاسي إلى بيروت لمفاوضة دي مارتيل، واتفق الطرفان على إنهاء الإضراب وفتح المتاجر مقابل إطلاق سراح البارودي وصحبه وسفر وفد رفيع من الكتلة الوطنية إلى باريس للتفاوض على مستقبل الانتداب الفرنسي في سورية.  وفي 2 آذار 1936 أصدر الأتاسي بياناً يدعو فيه الشعب إلى فتح المتاجر ونزل بنفسه إلى سوق الحميدية، أكبر أسواق دمشق التجارية، لقصّ الشريط الأخضر الذي وضع على مدخله، معلناً إنهاء الإضراب الستيني. رسالة الأتاسي كانت واضحة: وحدها الكتلة الوطنية قادرة على إغلاق الأسواق، ووحدها الكتلة الوطنية قادرة على فتحها.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !