الحزب السوري القومي الاجتماعي، أسسه المفكر اللبناني أنطون سعادة في بيروت سنة 1932 وكان له تأثير كبير في الحياة السياسية السورية في خمسينيات القرن العشرين. نادى بالقومية السورية وبتوحيد سورية الكبرى في كيان سياسي قوي وموحد عاصمته دمشق، يهدف لنسف الحدود الاصطناعية التي فُرضت على بلاد الشّام منذ اتفاقية سايكس بيكو سنة 1916. عارض وعد بلفور بشدة ورفض الانتداب الفرنسي في سورية ولبنان والبريطاني في فلسطين والعراق، كما طالب بزوال الكيان اللبناني القائم على محاصصة طائفة وعمل جاهداً لإجهاض الميثاق الوطني المبرم بين رئيس الجمهورية اللبنانية بشارة الخوري ورئيس الحكومة رياض الصلح سنة 1943.
تعرض الحزب لعدة ضربات سياسية كان أبرزها إعدام سعادة من قبل السلطات اللبنانية في تموز 1949 وتورط بعد أنصاره في جريمة اغتيال العقيد عدنان المالكي بدمشق سنة 1955. أدّت حادثة المالكي إلى اعتقال جميع أعضاع الحزب في سورية وحظر نشاطه حتى سنة 2005، عندما عاد إلى العمل العلني في عهد الرئيس بشار الأسد ودخل في الجبهة الوطنية التقدمية التي يقودها حزب البعث العربي الاشتراكي. ويعد الحزب السوري القومي الاجتماعي اليوم أكبر حزب سياسي في سورية بعد حزب البعث.
نشأة الحزب وهيكليته الإدارية والسياسية
بدأ أنطون سعادة بالترويج لأفكاره السياسية بين طلاب وأستاذة الجامعة الأميركية في بيروت قبل إطلاق الحزب بشكل سري يوم 16 تشرين الثاني 1932. لاقى الحزب استحسان الأقلية الدينية والاثنية وأوساط الطلاب والبرجوازية الصغرى في سورية ولبنان. وبعد مدة انتقل سعادة إلى العمل العلني سنة 1935، وقال إن حزبه الجديد عبارة عن “دولة” تقوم على أربعة دعائم: الحرية والواجب والنظام والقوة، وهذه العناصر الأربعة هي ما ترمز إليها الأطراف الأربعة للزوبعة الحمراء التي اتخذها الحزب رمزاً له في علمه.
وأشار سعادة أن نظام الحزب السوري القومي ليس نظاماً هتلرياً أو فاشياً بل هو نظام سوري بحت، لكن هذا لا يمنع من وجود بعض المظاهر التي تشبه النظامين المذكورين في الزعامة والانضباط والتحية الخاصة وإشارة الزوبعة التي تشبه الصليب المعكوف الذي اتخذه أدولف هتلر رمزاً للحزب النازي في ألمانيا.
شكل سعادة نظاماً هرمياً لحزبه بقيادته، يليه المجلس الأعلى ثم مجلس العمد ثم المنفذيات العامة فالمديريات، وهم قاعدة الهرم الحزبي. جعل نظام الحزب نظاماً تسلسلياً منعاً للفوضى في داخله واتقاء نشوء المنافسات والخصومات وتسهيلاً لتنمية النظام. وأعطى دستور الحزب وصلاحيات واسعة لسعادة، الذي لقّب بالزعيم وتمتع من يومها بزعامة مطلقة.
المبادئ الأساسية
- المبدأ الأول: سورية للسوريين والسوريون أمة تامة. وضع سعادة هذا المبدأ لأنه وجد أن أي عمل قومي لابد أن يبدأ بالإجابة على سؤال فلسفي وهو: من نحن؟، وبعد التنقيب كانت إجابته: نحن سوريون ونحن أمة.
- المبدأ الثاني: (القضية السورية هي قضية قومية قائمة بنفسها مستقلة كل الاستقلال عن أية قضية أخرى). يمثّل هذا المبدأ فكرة أنّ جميع المسائل الحقوقية والسياسية التي لها علاقة بأرض سورية أو جماعة سورية هي أجزاء من قضية واحدة غير قابلة للتجزئة أو الاختلاط بشؤون خارجية يمكن أن تلغي فكرة المصالح السورية ووحدة الإرادة السورية.
- المبدأ الثالث: (القضية السورية هي قضية الأمة السورية الوطن السوري). إن الترابط بين الأمة والوطن هو المبدأ الوحيد الذي تتم به وحده الحياة.
- المبدأ الرابع: (الأمة السورية هي وحدة الشعب السوري المتولدة من تاريخ طويل يرجع إلى ما قبل الزمن التاريخي الجلي). إنّ مبدأ القومية السورية ليس مؤسساً على مبدأ وحدة سلالية، بل على مبدأ الوحدة الاجتماعية الطبيعية لمزيج سلالي متجانس، وهو المبدأ الوحيد الجامع لمصالح الشعب السوري، الموحد لأهدافه ومثله العليا، المنقذ للقضية القومية من تنافر العصبيات الدموية البربرية والتفكك القومي. ومن خلال هذا التجانس يمكننا أن نفهم أسباب تفوّق السوريين النفسي الذي لا يعود إلى المزيج المطلق بل إلى نوعية المزيج المتجانس الممتاز مع نوعية البيئة. ولا يتنافى هذا المبدأ مطلقا أن تكون الأمة السورية إحدى أمم العالم السامي أو العربي أو إحدى الأمم العربية.
- المبدأ الخامس: (الوطن السوري هو البيئة الطبيعية التي نشأت فيها الأمة السورية). تمتد من جبال طوروس في الشمال الغربي، وجبال البختياري في الشمال الشرقي، إلى قناة السويس والبحر الأحمر في الجنوب، شاملة شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة، ومن البحر السوري في الغرب، شاملة جزيرة قبرص، إلى قوس الصحراء العربية وخليج العجم في الشرق، ويُعبّر عنها بلفظ عام: الهلال السوري الخصيب ونجمته جزيرة قبرص. إنّ سورية الطبيعية تشمل جميع هذه المناطق التي تكوّن وحدة جغرافية وزراعية واقتصادية واستراتيجية لا يمكن قيام قضيتها القومية الاجتماعية بدون اكتمالها.
- المبدأ السادس: (الأمة السورية مجتمع واحد). يقوم هذا المبدأ على الوحدة الاجتماعية حيث تضمحل العصبيات المتنافرة والعلاقات السلبية، وتنشأ العصبية القومية الصحيحة، التي تتكفل بإنهاض الأمة.
- المبدأ السابع: (تستمد النهضة السورية القومية الاجتماعية روحها من مواهب الأمة السورية وتاريخها الثقافي السياسي القومي). يقوم هذا المبدأ على تأسيس الاستقلال الروحي، الذي يمثّل الشخصية القومية السورية بمزاياها ومثلها العليا وأهدافها
- المبدأ الثامن: (مصلحة سورية فوق كل مصلحة). ويقصد بها المصلحة المحسوسة المعيّنة التي تشارك فيها حاجات ملايين السوريين وحالات حياتهم.
المبادئ الإصلاحية
- فصل الدين عن الدولة.
- منع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء القوميين.
- إزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب.
- إلغاء الإقطاع وتنظيم الاقتصاد القومي على أساس الإنتاج وإنصاف العمل وصيانة مصلحة الأمة والدولة.
- إعداد جيش قوي يكون ذا قيمة فعلية في تقرير مصير الأمة والوطن.
موقف الحزب من العروبة
العرب بنظر الحزب كما هم بنظر سعادة فاتحون كغيرهم، وهم من الأمم التي مرت بهذه البلاد ويرى نتيجة لذلك أنه لا يقتضي الفتح تغيير الهوية القومية في سورية، بل يرى أن اندماج القومية السورية في القضية العربية كان بسبب وقوع البلاد العربية غير السورية تحت التسلط التركي مما ساعد على تولد فكرة إجماع أمم العالم العربي المخضعة لتركيا على القيام بحركة تحريرية مشتركة وعرفت تحت عوامل دينية بالقضية العربية أدت إلى فوضى في النظريات السياسية.
موقف الحزب من فكرة الطبقات
تشكل هذا الموقف من اندماج المبدأ الأساسي الخامس الذي يعتبر الأمة هيئة اجتماعية موحدة مع المبدأ الإصلاحي الذي يعتبر الإنتاج أساساً للاقتصاد القومي. فالعمل برأي الحزب هو حق وواجب وبذل طاقة الفرد في الأمة هو مجرد إمكانية اجتماعية يجب استثمارها لمصلحة المجتمع، فإقامة العدل الاجتماعي الحقوقي والعدل الاقتصادي الحقوقي أمر ضروري لنجاح النهضة السورية القومية الاجتماعية. كما يجد الحزب أنه علينا أن نزيد من حجم المنتجين في المجتمع، كما لا يمكننا أن نعامل المنتج كمعاملة غير المنتج وهو بذلك لا يدعو إلى إلغاء رأس المال بل يمنع الاستبداد به ضد مصلحة الجموع، فلا ينكر الحزب إذن النظام الرأسمالي كله بل يجمع الرأسمال تحت حماية الدولة.
لا يقر الحزب نظام النقابات المكافحة عن حقوقها إذ انه يعتبر النظام الاقتصادي كفيلاً بحل المشاكل الاقتصادية ولكنه يقر نظام النقابات التي تهدف إلى إنماء الخبرة ولا يجيز الإضراب لأنه مضر بالإنتاج.
تاريخ الحزب
عُقد الاجتماع الحزبي الثاني في 1 حزيران 1935 وفيه شرح سعادة مبادئ حزبه، ما أدى إلى اعتقاله وأعضاء مجلس العمد من قبل السلطات الفرنسية. أودعوا في سجن الرمل في بيروت مدة ستة أشهر، تلاه مدة احتجاز ثانية سنة 1938 قبل صدور مرسوم بحظر نشاط الحزب في سورية ولبنان في آذار 1939. سوغت السلطات الفرنسية قرار منع الحزب بأنه أُلف بطريقة سريّة وغير قانونية ولغرض غير مباح يمس النظام والأمن العام. سافر سعادة إلى أمريكا اللاتينية وأمضى فيها قرابة تسع سنوات، ليعود إلى بيروت سنة 1947، بعد زوال الانتداب الفرنسي عن سورية ولبنان.
أزمة الحزب مع حكومة رياض الصلح
عارض أنطون سعادة الميثاق الوطني المبرم بين رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة رياض الصلح سنة 1943، والذي وزع المناصب السياسية في لبنان على أسس طائفية فكانت رئاسة الجمهورية للموارنة ورئاسة الحكومة للمسلمين السنّة. أخذ يقارع الحكومة اللبنانية في الصحف والمهرجانات الشعبية، مطالباً بإبطال الميثاق الوطني وتوحيد سورية ولبنان في كيان سياسي واحد، رافضاً الاعتراف بشرعية الدولة اللبنانية. وقعت مواجهات متقطعة بين أعضاء حزبه وقوات الأمن اللبناني، تفاقمت في حزيران 1949 عندما حصل صدام دام في حيّ الجميزة ببيروت، بين أنصار سعادة وأعضاء حزب الكتائب اللبنانية المدافع عن الكيان اللبناني، بقيادة الشيخ بيار جميّل. تدخلت السلطة اللبنانية لصالح حزب الكتائب وطاردت السوريين القوميين بتهمة التآمر على النظام العام، وصدر قرار بسحب رخصة الحزب واعتقال قيادته وأعضاءه. لجأ سعادة بعدها إلى دمشق في 12 حزيران 1949 وطلب اللجوء السياسي من حاكم سورية الجديد حسني الزعيم، الذي كان قد وصل إلى السطلة فبل أشهر إثر انقلابه على رئيس الجمهورية شكري القوتلي.
أنطون سعادة وحسني الزعيم
رحب الزعيم بأنطون سعادة وقدم له مسدسه الخاص، عربوناً للوفاء والصداقة. كانت علاقة الزعيم متوترة مع لبنان بسبب رفض قادته الاعتراف بشرعية انقلابه وتمسكهم بالرئيس الأسبق شكري القوتلي. قرر الاستفادة من وجود سعادة على الأراضي السورية وعرض عليه فكرة القيام بثورة شعبية في لبنان، تُطيح ببشارة الخوري ورياض الصلح معاً وبميثاقهم الوطني. سَخَّرَ كل من الزعيم وسعادة الآخر للعمل لمصلحته، فرأى الزعيم في سعادة أداة لتحطيم القيادة اللبنانية ورأى سعادة في الزعيم أداة ليحقق أيديولوجيته والإطاحة بالكيان اللبناني الذي طالما نادى بإزالته.
ولكنّ حسني الزعيم نكث بوعده وتفاهم سراً مع السطلات اللبنانية على تسليم سعادة مقابل الاعتراف بشرعية حكمه بدمشق. دُبّر الأمر بواسطة رئيس الحكومة السورية محسن البرازي، وهو قريب رياض الصلح وصديقه، بعد إعلان سعادة للثورة القومية الاجتماعية في لبنان، بمساعدة المخابرات السورية ودعم مباشر من حسني الزعيم. كان سعادة مطمئناً للزعيم لأنه وعده خيراً عند لجوئه إلى دمشق وأهداه مسدسه الشخصي عربون صداقة، لم يدرك أن الوضع قد تغير تماماً بعد اتصالات الزعيم السرية بالقيادة اللبنانية. ولكن سوء التخطيط والتنفيذ في ثورته أدى لاعتقال أو تصفية معظم كوادرها، فاتصل سعادة بالزعيم وطلب موعداً للاجتماع به في القصر الجمهوري في منطقة المهاجرين.
حُدد له موعداً للقائه ولكن بدلاً من نقله إلى القصر الرئاسي تم تسليمه إلى السلطات اللبنانية في 6 تموز عام 1949. أحضر سعادة مخفوراً إلى بيروت وأُعدم بمحاكمة صورية سريعة في 8 تموز 1949، بتهمة “الخيانة العظمى” والسعي لقلب النظام الحكم في لبنان. وعندما سأل كامل مروة صاحب جريدة الحياة الزعيم: “لماذا سلّمت انطون سعادة إلى لبنان؟ أجابه: “إن سورية لا تتحمل زعيمين.”
تلت حداثة تسليم سعادة تداعيات كثيرة، ففي سورية حيث كانت نسبة كبيرة من العسكريين والضباط أعضاء في الحزب القومي، وقع انقلاب ضد حسني الزعيم في 14 آب 1949. معظم القائمين على الانقلاب كانوا إما أعضاء في حزب سعادة، مثل أديب الشيشكلي وعلم الدين القواس، أو متعاطفين معه، مثل مهندس الانقلاب اللواء امي الحناوي. أعدم الزعيم ومعه محسن البرازي رمياً بالرصاص من قبل عسكريين منتمين إلى الحزب القومي، وقام الشيشكلي بأخذ قميصه الملطخ بالدم وقدمه لأرملة سعادة الموجودة في دير صيدنايا. وفي 16 تموز 1951، اغتيل رياض الصلح في أثناء زيارته إلى الأردن، انتقاماً لأنطون سعادة.
الحزب بعد أنطون سعادة
عمل الحزب في سورية مع سائر الأحزاب السياسية، وانتخب المحامي الشاب عصام المحايري رئيساً له، وهو من أصدقاء سعادة وأنصاره المقربين. كما أصبح المحايري عضواً في الجمعية التأسيسية التي وضعت دستور عام 1950 ونائباً عن دمشق في البرلمان السوري. وفي 12 أيلول 1950 أطلق صحيفة الجيل الجديد التي اعتُبرت بمثابة الجريدة الرسمية للحزب السوري القومي الاجتماعي في سورية. وفي سنة 1954 أطلق الحزب صحيفة البناء الجديد التي باتت ناطة بإسمه لغاية عام 1955. ساند الحزب أديب الشيشكلي في صعوده التدريجي إلى الحكم، ابتداء من انقلابه الأول في كانون الأول 1949 وصولاً إلى الانقلاب الثاني في تشرين الثاني 1951. أصدر الشيشكلي قراراً بمنع كل الأحزاب السياسية من العمل، واستثني منه الحزب القومي ورئيسه، الذي عُيّن مستشاراً سياسياً للشيشكلي. وخاض الحزب الانتخابات النيابي سنة 1953 إلى جانب حركة التحرير العربي التي أسسها الشيشكلي وتقاسما معه مقاعد المجلس النيابي. تمتع الحزب بجذور شعبية قوية ساعدته على المحافظة على نفوذه في سورية خاصة بعد سقوط حكم الشيشكلي ونفيه خارج البلاد سنة 1954.
الحزب وحادثة اغتيال عدنان المالكي
وفي 22 نيسان 1954، صدر قرار بحظر الحزب واعتقال جميع كوادره، وذلك بعد تورط بعض أعضائه في جريمة اغتيال العقيد عدنان المالكي في الملعب البلدي بدمشق. جُنّد رئيس الشرطة العسكرية أكرم الديري لتدبير عملية الاغتيال عبر عناصر قومية في شرطته، وكانت الخطة أن يطلق القاتل يونس عبد الرحيم الرصاص على المالكي ويقوم شرطي آخر بقتل يونس عبد الرحيم دون علم مسبق منه، ولكن الأخير أطلق النار على نفسه وسقط قتيلاً في الملعب البلدي.
وجهت الحكومة والقوى السياسية الرئيسية أصابع الاتهام للحزب السوري القومي الاجتماعي، وأثبتت التحقيقات أن وراء خطة الاغتيال جورج عبد المسيح الذي أصبح زعيماً للحزب في لبنان بعد أنطون سعادة، واتهم أيضاَ الضابط غسان جديد، وهو من أبرز القوميين السوريين في الجيش السوري. وقيل إن خلافاً نشب بين المالكي وجديد حول النفوذ بين ضباط الجيش، وأن المالكي كان يُهدد جورج عبد المسيح بالترحيل إلى لبنان حيث كان مطلوباً أمام القضاء بسبب جريمة مقتل رياض الصلح.
أصدر رئيس الحكومة صبري العسلي قراراً بحظر الحزب وبعد ستة أشهر أصدرت المحكمة العسكرية بدمشق أحكاماً بإعدام عدد من عناصر الحزب شملت ثلاثة من قادته الموقوفين، ومنهم عصام المحايري، وأربعة حُكموا غيابياً وبينهم جورج عبد المسيح. وصدرت أحكام بحق مائة سوري قومي منهم جوليت المير التي سجنت لمدة 13 سنة، ولوحق غسان جديد إلى بيروت حيث اغتيل على يد المخابرات السورية سنة 1956. أما المحايري فقد خفف حكمه إلى السجن المؤبد وبقي قيد الاعتقال لغاية 31 آب 1965، عندما أطلق سراحه في عهد الرئيس أمين الحافظ.
وفي كتابه الشهير الصراع على سورية يقول الصحفي البريطاني باتريك سيل:
أن اغتيال المالكي كان حدثاً وحيداً شكل نقطة تحول كبرى في تاريخ سورية المعاصر، لأنه أقصى الحزب السوري القومي المنافس الأكبر والوحيد لحزب البعث من الساحة ومنذ إقصاء الحزب القومي أصبح حزب البعث أكبر حركة سياسية في سورية والأعظم نفوذا في صفوف القوات المسلحة، لكن تصفية القوميين كانت سيف ذو حدين لأنها فسحت المجال أيضاً ليصبح الإخوان المسلمون التنظيم الثاني في سورية في وجه البعث.
الحزب بعد اغتيال المالكي
أدت الأحكام المتشددة والملاحقات الأمنية إلى انحدار كبير بشعبية الحزب في سورية، والتهب الغضب الشعبي السوريين القوميين وتولدت مشاعر دعم للقوميين العرب والبعثيين من أنصار الرئيس المصري جمال عبد الناصر. فرَ ما تبقى من السوريين القوميين مع أفراد عائلاتهم خارج سورية ومن هؤلاء عائلات بارزة لا علاقة لها بالحزب، كعائلة الشاعر بدوي الجبل الذي هرب إلى لبنان خوفاً من الاعتقال، وكذلك الشاعر أدونيس الذي خرج من سورية بعد مدة اعتقال على خلفية قضية المالكي. واصلت السلطة السورية حملتها ضد السوريين القوميين وأنصارهم في صفوف القوات المسلحة والإدارة العامة ففصلت الكثيرين، ما فتح الباب أمام عناصر حزب البعث والحزب الشيوعي للسيطرة على الشارع السوري. وقاد رئيس المكتب الثاني (للمخابرات العسكرية) عبد الحميد السراج حملة الاعتقالات والقمع ضد الحزب السوري القومي، وبقي الحزب محظوراً لغاية عام 2005، عندما سمح بمعاودة نشاطه في سورية سنة 2005، وذلك بعد خمس سنوات من وصول الرئيس بشار الأسد إلى الحكم. وقد انتخب المحايري مجدداً رئيساً للحزب وبقي في منصبه لغاية العام 2016.
محاولات انقلابية فاشلة
وفي سنة 1956، شارك بعض عناصر الحزب في محاولة انقلاب فاشلة في سورية جاءت بتمويل من الحكومة العراقية، ومنهم المفكر اللبناني سعيد تقي الدين والضابطان صلاح الشيشكلي (شقيق أديب الشيشكلي) وغسان جديد. وكان الهدف من الانقلاب التخلص من رئيس الجمهورية شكري القوتلي وضرب التحالف القائم بينه وبين الرئيس عبد الناصر، مع تصفية كل من عبد الحميد السراج والزعيم البعثي أكرم الحوراني ورئيس الحزب الشيوعي خالد بكداش. ولكنّ الانقلاب أجهض من قبل أجهزة المخابرات السورية وتم اعتقال معظم المشاركين فيه وفرار البقية إلى لبنان. وفي لبنان حاول الحزب القيام بانقلاب عسكري مماثل ليلة رأس السنة لعام 1961/1962 ضد الرئيس اللبناني فؤاد شهاب، المتحالف مع جمال عبد الناصر. أطلق على الانقلاب الفاشل اسم “الثورة القومية الاجتماعية،” وخطط له ضابطان في الجيش اللبناني، هما فؤاد عوض وشوقي خير الله، بالتنسيق مع قائد الحزب في حينها عبد الله سعادة.
أعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي
من أشهر السوريين المنتمين إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي
- الأمين عصام المحايري
- الشاعر محمد الماغوط
- الشاعر أدونيس
- الشاعر نذير العظمة
- الفنان سليم حانا
- الفنان رفيق سبيعي
- الفنان دريد لحام