أعلام وشخصياتضباط وقادة عسكريون

عبد الله عطفة

أول رئيس أركان للجيش السوري (1945-1948)

اللواء عبد الله عطفة
اللواء عبد الله عطفة

عبد الله عطفة (1897-1976)، مؤسس الجيش السوري ورئيس أركانه من سنة 1945 ولغاية استقالته من المنصب في أعقاب حرب فلسطين الأولى سنة 1948. أيد انقلاب حسني الزعيم على الرئيس شكري القوتلي وعُيّن ووزيراً للدفاع في حكومة الدكتور محسن البرازي أولاً ثم في حكومة هاشم الأتاسي الثانية والأخيرة من 14 آب ولغاية 14 كانون الأول 1949. اصطدم مع العقيد أديب الشيشكلي إبان انقلابه على اللواء سامي الحناوي وفي 31 كانون الأول 1949، سُرح نهائياً من الخدمة العسكرية.

البداية

ولد عبد الله عطفة قرية خربة غزالة التابعة لمحافظة حوران. درس في مدارس دمشق والكلية الحربية في إسطنبول، وعند تخرجه فيها يوم 1 تموز 1915 التحق بالجيش العثماني. فرزته القيادة العسكرية إلى الفرقة الثالثة في فلسطين ثم إلى الفرقة السادسة عشرة، ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى وانسحاب القوات العثمانية عن سورية، عاد إلى دمشق وبايع الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على البلاد.

معركة ميسلون والانتداب الفرنسي

شارك في تأسيس الجيش السوري مع وزير الحربية يوسف العظمة وخاض معه معركة ميسلون، فارساً في لواء الخيالة، يوم 24 تموز 1920. استشهد العظمة في ميسلون وسقط الحكم الفيصلي مع فرض الانتداب الفرنسي على سورية. أما عبد الله عطفة، فقد التحق بجيش الشرق التابع للسلطات الفرنسية وفي 10 تشرين الثاني 1921 أرسل إلى باريس لإتباع دورة عسكرية مُكثفة في مدرسة أركان الحرب العليا.

في زمن الانتداب الفرنسي (1920-1945)

أثناء تواجده في فرنسا أبحر في دراسات الحروب الأوروبية وأصبح مرجعاً في سياسات نابليون العسكرية. وتدرج عند عودته في جميع الرتب العسكرية وصولاً إلى ترفيعه إلى رتبة “مقدم” في جيش الشرق سنة 1936. كان أول ضابط سوري يصل إلى منصب قائد كتيبة في زمن الانتداب ومع بداية الحرب العالمية الثانية عام 1939، عُيّن رئيساً لأركان المنطقة الشرقية ثم قائداً لفوج الدفاع عن شواطئ سورية ولبنان.

رئيساً لأركان الجيش السوري

وعند وقوع العدوان الفرنسي على مدينة دمشق في 29 أيار 1945، انشق عطفة عن جيش الشرق وانضم إلى صفوف الثوار، تلبية لنداء رئيس الجمهورية شكري القوتلي. حكمت عليه فرنسا بالإعدام ولكن القوتلي أعجب بشجاعته وفي 5 آب 1945 – أي بعد خمسة أيام من تأسيس الجيش السوري – أصدر مرسوماً بتسميته رئيساً للأركان بالوكالة. وعند جلاء القوات الفرنسية عن سورية، عينه القوتلي رئيساً بالأصالة في 1 أيار 1947.

اللواء عبد الله عطفة
اللواء عبد الله عطفة

حرب فلسطين سنة 1948

أولى تحديات الزعيم عطفة كانت في تجهيز الجيش وتدريبه للمشاركة في حرب فلسطين، مع وضع أساسات وطنية لكلية حمص العسكرية التي ورثتها الدولة السورية عن فرنسا. شهد عهده تأسيس مدرسة الطيران وتسلّم المطارات العسكرية والثكنات من الفرنسيين. بقيادة الزعيم عطفة دخل الجيش السوري ميدان المعركة في 15 أيار 1948، يوم إعلان دافيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل.

كلفته القيادة العربية المشتركة بوضع المخطط الحربي لجبهات القتال كافة، ورفعه إلى ملك الأردن لأخذ الموافقة النهائية عليه باعتباره أكثر الزعماء العرب دراية بالشؤون الحربية منذ مشاركته في معارك الثورة العربية الكبرى مع أبيه سنة 1916. أستهدف مدينة تل أبيب في مخططه وأراد احتلالها، مستغلاً نقاط الضعف في المناطق المؤدية إليها. وبعد بدء الهجوم وتقهقر القوات الصهيونية أمام تقدم الجيوش العربية أبرق الملك عبد الله إلى عطفة بطلب إليه تعديل خطة الهجوم على الجبهة السورية وإلزام الجيش السوري بالهجوم فقط من منطقة سمخ. وحين استلم عطفة البرقية القادمة من عمّان توجه بها على الفور إلى القصر الجمهوري ليضع رئيس الجمهورية ووزير الدفاع بصورتها. كان حوابهم واحد: “الملك عبد الله يتحمل المسؤولية وحده بصفته قائد الجيوش العربية،” فرد وقال إنها تحمل في طيّاتها “ضياع فلسطين.”

نجت القوات السورية في احتلال مستعمرة سمخ وما حولها، ولكنّها توقف عند مستعمرتي دغانيا آ ودغانيا ب، بانتظار تعزيزات عسكرية من الحلفاء. شنّت إسرائيل هجوماً معاكساً أفقد الجيش السوري كل مكتسباته الأولية في المعركة. خرجت مظاهرات حاشدة بدمشق، تطالب باستقالة رئيس الحكومة جميل مردم بك ووزير الدفاع أحمد الشرباتي ورئيس الأركان عبد الله عطفة. رفض مردم بك الاستجابة لمطالب المتظاهرين ولكن الشرباتي وعطفة استقالوا من مناصبهم في 23 أيار 1948. حاول البعض النيل من سمعة قائد الجيش وقالوا إنه كان على تواصل مع عبد الله للإطاحة بنظام سورية الجمهوري. شُكلت لجنة خاصة للتحقيق في كل الاتهامات الموجهة إليه، ومنها شراء سلاح قديم للجيش السوري وإطعام جنوده طعاماً فاسداً. وبعد انتهاء التحقيق قررت اللجنة تبرئته والشرباتي من كل التهم.

وزيراً للدفاع (حزيران – كانون الأول 1949)

أدت هذه الاتهامات إلى شرخ كبير في علاقة عطفة مع الطبقة السياسية الحاكمة، وكان على رأسها رئيس الجمهورية شكري القوتلي ورئيس حكومته خالد العظم الذي لم يُدافع عن قائد الجيش ولم يتدخّل لإنصافه في ظلّ الحملة الإعلامية والبرلمانية الشرسة التي أطلقت ضده. وبذلك أيد عبد الله عطفة الانقلاب العسكري الذي أطاح بالقوتلي والعظم في 29 أيار 1949 وكان بقيادة حسني الزعيم، خليفته في رئاسة الأركان. أعاده الزعيم إلى الخدمة العسكرية في 13 نيسان 1949 ورفعه إلى رتبة “لواء” قبل تعيينه وزيراً للدفاع في حكومة الدكتور محسن البرازي يوم 26 حزيران 1949. ولكن هذه الحكومة لم تستمر إلا أسابيع معدودة فقط وسقطت مع سقوط حكم الزعيم وإعدامه مع الدكتور البرازي في 14 آب 1949. حاول الزعيم استرضاء الجنود الذين اقتحموا منزله – بحسب ما جاء في مذكرات رئيسهم فضل الله أبو منصور – وتنصّل من تهمة تسريح رفاقهم العسكريين وقال إن هذه القرارات التعسفية كانت تصدر عن عبد الله عطفة.

اللواء عبد الله عطفة (يمين) مع مهندس الانقلاب سامي الحناوي والأمير سعيد الجزائري في 15 آب 1949.
اللواء عبد الله عطفة (يمين) مع مهندس الانقلاب سامي الحناوي والأمير سعيد الجزائري في 15 آب 1949.

تحالف عطفة مع مهندس الانقلاب، اللواء سامي الحناوي، وبعد ساعات من إعدام الزعيم والبرازي، سمّي وزيراً للدفاع مرة ثانية، في حكومة الرئيس هاشم الأتاسي. ولكن هذه الحكومة، مثلها مثل حكومة البرازي، لم تستمر طويلاً وسقطت في 19 كانون الأول 1949، عند قيام أديب الشيشكلي بانقلابه الأول داخل المؤسسة العسكرية واعتقال سامي الحناوي والكثير من أعوانه. نظراً لمكانته الرمزية كمؤسس للجيش السوري لم تطله اعتقالات الشيشكلي ولكن الأخير أصدر مرسوماً بتسريحه من الجيش في 31 كانون الأول 1949.

الوفاة

غاب عبد الله عطفة من بعدها عن أي منصب سياسي أو عسكري، ليقضي سنوات تقاعده الطويلة بدمشق وفيها توفي عن عمر ناهز 79 عاماً سنة 1976.

المناصب

رئيساً لأركان الجيش السوري (5 آب 1945 – 23 أيار 1948)
وزيراً للدفاع (26 حزيران 1949 – 14 كانون الأول 1949)

 

 

 

 

المصدر
1. جورج فارس. من هم في العالم العربي (دمشق 1957)، 4302. صبحي العمري. ميسلون: نهاية عهد (دار رياض نجيب الريّيس، لندن 1991)، 1723. جورج فارس. من هم في العالم العربي (دمشق 1957)، 4304. فضل الله أبو منصور. أعاصير دمشق (دمشق)، 70

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !