مباني تاريخيةمدارس

مكتب عنبر

أول مدرسة ثانوية بدمشق

مكتب عنبر، مدرسة حكومية أنشأت شرق الجامع الأموي في ثمانينيات القرن التاسع عشر وتخرج منها عدد كبير من الشخصيات الثقافية والسياسية، وفي مقدمتها رئيس الجمهورية شكري القوتلي، ويعتبر المكان مكتب عنبرمن أجمل البيوت الدمشقية وأحد معالم مدينة دمشق الأثرية التي لم يطرأ عليها أي تغير نتيجة العوامل الطبيعية والبشرية.

تاريخ المكتب

يعود بناء المكتب إلى سنة 1872، عندما شُيّد على يد الثري اليهودي الدمشقي يوسف عنبر، وهناك من يقول أن تاريخ البناء يعود إلى سنة 1867. قام عنبر بالتخلي عن المشروع بسبب تكاليفه العالية (بعد أن أنفق على إنشائه 43 ألف ليرة عثمانية) وفي عام 1887 قامت الدولة العثمانية بمصادرته لقاء دين لها وأكملت بناءه وأضافت له جناحين، ثم حولته إلى مدرسة لتعليم الأولاد. وبعد انسحاب العثمانيين من سورية سنة 1918 قامت حكومة رضا الركابي بتحويل المبنى إلى مدرسة للبنات باسم “معهد التجهيز والفنون النسوية.”

مواصفات البناء

يعد البناء نموذجاً للبيت الدمشقي، شكله مستطيل بمساحة 5000 متر مربع مقسم لثلاثة أقسام رئيسية، وقد أضيف إليه قسم رابع في وقت لاحق. كل قسم له باحته الخاصة التي تحيط بها الغرف، ويبلغ مجموعها 40 موزعة على طابقين، وتحتوي كلٌ من الباحات الثلاثة على نافورة وبحرة، وتتجلى أهمية باحة الرجال الوسطى بإعطاءها نافورة مزخرفة، وحديقة طبيعية. وعلى البوابة الرئيسية لوحة رخامية كُتب عليها “مكتب إعدادية ملكية”وفي أعلاها الطغراء السلطانية.

وهناك باحة مركزية كبيرة تطل عليها غرفة استقبال الرجال والإيوان، وخلف هذا الجزء يوجد القسم الخاص بالنساء ويطل على باحة غير مركزية، أما الجزء الخلفي من المنزل فيحتوي على ثلاث غرف مخصصة للخدم، والغرف منظمة حول باحة خاصة ومدخل خلفي. وتُحيط الأجنحة بفناء كامل يوفر مدخلاً للطريق ولمنطقة الرجال، واحد من هذه الأجنحة يرتفع بمقدار طابقين.

العهد العثماني

بعد أن صادرته الدولة العثمانية، تم تحويله إلى مدرسة للأولاد أو كما سمي مكتب (مكان الكتابة أو الدراسة) وكانت الدراسة فيه تصل إلى الصف التاسع فقط وكان أغلب طلابه من أبناء دمشق.

العهد التركي

بعد أن غدت اللغة التركية هي الرسمية، بُدل أعضاء الإدارة وهيئة التدريس فأصبحوا جميعهم أتراك، وكان مكتب عنبر الإعدادية الوحيدة في دمشق، ويتراوح عدد طلابها بين 500-600 طالب، وكان التعليم فيها مجاني، بينما كان القاطنون فيها يدفعون رسوم الإقامة والطعام. وكانت تقدم دروس في القرآن الكريم، العلوم الدينية، الفقه، اللغة العربية، ترجمة اللغة التركية، الفارسية، علم الاقتصاد، علم الجغرافيا والفلك، وجغرافية الدولة العثمانية، تاريخ الدولة العثمانية، الحساب، الجبر، الزراعة، الرسم، الخط، الكيمياء والفيزياء والميكانيكا، علم طبقات الأرض، النباتات والحيوانات.

عهد الملك فيصل

بدأت مؤسسات الدولة بالعودة للعربية لتكون اللغة الرسمية للبلاد في عهد الملك فيصل الأول عام 1919 بعد تحررها من الدولة العثمانية، وكان مكتب عنبر من أول المؤسسات المعربة، ودرس فيها فيها نخبة من المربين العرب منهم: الشيخ عبد القادر المبارك، جودت الهاشمي، محمد البزم، كامل نصري، عبد الرحمن سلام، محمد الداودي، محمد علي الجزائري، رشيد بقدونس، شكري الشربجي، أبو الخير القواص، سليم الجندي، مسلم عناية، جميل صليبا، جودت الكيال، يحيى الشماع، عاصم البخاري، وكان لهم اليد لمحو الآثار التركية، وعودة العربية، وبعث التراث العربي، وسمي المكتب آنذاك مدرسة التجهيز ودار المعلمين.

الانتداب الفرنسي

كان كل من الضابط المتقاعد شريف رمو، ومصطفى تمر، وجودت الهاشمي، عبد الحميد الحراكي، شكري الشربجي، مدراء عليها بعد الحرب العالمية الأولى، وكان المكتب مدرسة التجهيز ودار للمعلمين، وموئل للوطنية ومصدر الحركات الشعبية ومنها انطلقت الثورة السورية الكبرى عام 1925، وتم في عام 1935 تأهيل مجموعة من المعلمين المؤقتين، وتدريسهم أصول التربية والتعليم وعلم النفس فأحدث في المكتب صف سمي صف «التعليم العالي» عُين له الدكتور خالد شاتيلا مديراً، وتم في العام نفسه إنجاز مبنى مدرسة التجهيز «ثانوية جودت الهاشمي- اليوم» فنقل إليه طلاب «مكتب عنبر»، الذي تحول بعد ذلك إلى مقر لقصر الثقافة العربية، تقام فيه الندوات الثقافية والمعارض الفنية.

الجمهورية العربية السورية

اتخذت الحكومة من المبنى مقراً لمعهد التجهيز والفنون النسوية ومن ثم هُجر، وكان المبنى المهجور متضرر جداً وعلى وشك الانهيار الكامل، وقامت وزارة الثقافة بشراء المبنى بهدف الحفاظ عليه من الانهيار فقط، ومن بعدها قامت بتحويله إلى مقر للثقافة العربية في عام 1976، فقامت الوزارة بإجراء الإصلاحات فأعادت للبناء رونقه وبهاءه، وتم إلغاء المطبخ ومطعم الطلاب الليلي، وتحوت قاعة الكيمياء والفيزياء الكبيرة إلى قاعة محاضرات، وصار مدخلها من الباحة الأولى، وتم إنشاء عريشة في الباحة الأولى وزرع بها أشجار الكرمة والزينة، وأُعيد ترميم الحمام وفتحه للزائرين، وفصلت الدار التي ألحقت بالمكتب والتي كانت معدة للطلاب ودار المعلمين وصالة المرسم وملعب الرياضة حيث سُلمت لجمعيات خيرية في عام 1980، واكتملت أعمال الترميم وافتتح بمسمى قصر الثقافة العربية وأحتوى على متحف وقاعة عرض ومكتبة، ومنذ عام 1988 أصبح مقراً لمديرية دمشق القديمة التي تُعنى بكل ما يتعلق بالمدينة القديمة داخل السور، وبه الآن قاعة للمكتبة ومتحف وورش للعمل اليدوي.

في عام 2012 افتتحت محافظة دمشق مركزاً لخدمة المواطن في مكتب عنبر، ويتضمن عمل المركز معاملات ترخيص، خدمات وشكاوى، وإخراج قيود وتراخيص وسجلات إدارية، وتقديم معاملات تخص الأبنية الواقعة ضمن المدينة القديمة داخل السور وخارجه، والمباني الأثرية.

مديرو وخريجو المكتب

  • عبد القادر المبارك، عضو مجمع اللغة العربية.
  • سليم الجندي، أديب وشاعر سوري.
  • محمد البزم، شاعر سوري.
  • جودت الهاشمي، معلم سوري من أصل جزائري.
  • مصطفى وهبي التل، شاعر وسياسي أردني.
  • جميل صليبا، أديب ومعلم من أصل لبناني.
  • علي الطنطاوي، أديب وفقيه سوري سعودي.
  • كاظم الداغستاني، أديب سوري.
  • عبد الكريم الكرمي، شاعر فلسطيني.
  • شكري القوتلي، سياسي سوري شغل منصب رئيس الجمهورية السورية الأولى.
  • حسني سبح، طبيب ولغوي سوري.
  • وجيه السمان، مهندس ولغوي سوري، شغل منصب وزير الصناعة سنة 1958م في الجمهورية العربية المتحدة.
  • رياض العابد، رئيس ونقيب المحامين
  • بدوي الجبل، شاعر سوري.
  • سعيد الغزي، عضو الجمعية التأسيسية التي وضعت أول دستور سوري عام 1928، ورئيس الوزراء عام 1954.
  • نزيه الحكيم
  • محمد بطاح المحيسن كاتب أردني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !