محمد أبو الخير بن أحمد عابدين (1852 – 6 آذار 1925)، عالم دين سوري من دمشق من فقهاء المذهب الحنفي، عين مفتياً لمدينة دمشق من سنة 1903 ولغاية عام 1919. وهو والد الدكتور أبو اليسر عابدين، مفتي سورية في خمسينيات القرن العشرين.
في خطابٍ شهير له أمام الأمير فيصل في بهو دار البلدية بدمشق يوم 3 تشرين الأول 1918، قال الشيخ أبو الخير عابدين: “إن لكل أمير بطانتين، بطانة تزيّن له الحق وبطانة تزيّن له الباطل وتحضه عليه، فعليك ببطانة الخير!” لم تعجب كلماته الأمير فيصل، وحرض رجاله ضد الشيخ عابدين وقالوا إنه “عثماني الهوى.” شُنّت حملة واسعة النطاق ضده من قبل أنصار الثورة العربية الكبرى، الذين طالبوا الأمير فيصل بعزله بسبب موقفه من إعدامات ساحة المرجة في 6 أيار 1916. رضخ فيصل لطلبهم وأقصى الشيخ عابدين عن المنصب في 11 أيار 1919.
السنوات الأخيرة والوفاة
عاد أبو الخير عابدين إلى الخطابة في جامع الورد حتى سقوط العهد الفيصلي وفرض الانتداب الفرنسي على سورية في صيف العام 1920. عُيّن بعدها مميزاً للأحكام التي كانت تصدر عن المحاكم الشرعية في دمشق وتوفي في بيروت عن عمر ناهز 73 عاماً يوم 6 آذار 1925. خلفه في خطابة جامع الورد وزعامة الأسرة نجله الطبيب أبو اليسر عابدين الذي عُيّن مفتياً على سورية سنة 1954.
لوريس بنت وانيس ماهر (1910-1970)، طبيبة أطفال سورية من دمشق درست في الجامعة السورية وكانت أول سيدة تتخرج من كلية الطب سنة 1930. أسست معملاً لإنتاج أغذية الأطفال أثناء الحرب العالمية الثانية وهي زوجة الصحفي السوري جورج فارس.
مسيرتها المهنية
ولِدت لوريس ماهر في دمشق وكان والدها مدير صيدلية المستشفى الوطني التابع للجامعة السورية. دَرست في مدرسة الفرنسيسكان أولاً ونالت شهادة من الجامعة السورية – اختصاص طب أطفال – سنة 1930 لتكون أولى طبيبة في سورية. تزوجت الصحفي جورج فارس، أحد مؤسسي جريدة بردى، وفتحت عيادة طبية بالقرب من حديقة السبكي وظلّت تمارس عملها فيها حتى أيامها الأخيرة. وفي زمن الحرب العالمية الثانية أسست معمل لإنتاج أغذية الأطفال، رداً على الحصار المفروض على سورية من قبل دول الحلفاء بعد وقوعها تحت حكم فيشي الفرنسي الموالي للزعيم النازي أدولف هتلر.
مؤلفاتها
وضعت الدكتورة لوريس ماهر كتابين في حياتها وهم:
معالجة الأطفال (دمشق 1938)
تغذية الطفل الرضيع والطفل المريض (دمشق 1940)
الوفاة
توفيت الدكتورة لوريس ماهر بدمشق عن عمر ناهز 60 عاماً سنة 1970.
لطفي بن حسن الحفار (1885 – 4 شباط 1968)، سياسي سوري من دمشق وأحد الآباء المؤسسين للدولة السورية الحديثة. كان أحد قادة الكتلة الوطنية ومن مشرعي دستور عام 1928، وقد تولّى رئاسة الحكومة سنة 1939 وشارك في تأسيس جامعة الدول العربية، وفي المفاوضات النهائية التي أدت إلى جلاء القوات الفرنسية عن سورية سنة 1946. في مرحلة الاستقلال شارك في تأسيس الحزب الوطني وانتخب نائباً لرئيسه، وكان نائباً لرئيس غرفة تجارة دمشق في مرحلة سابقة من حياته، وصاحب مشروع جرّ مياه عين الفيجة إلى العاصمة السورية.
كان الحفار أحد مؤسسي جمعية النهضة العربية سنة 1906 التي حاولت إنشاء غرف قراءة لليافعين بدلاً من زوايا الكُتّاب المخصصة لتحفيظ القرآن والمنتشرة بكثرة يومها في منطقة الشّيخ محييّ الدين وحيّ الصالحية. وضع أبحاثاً عن مسرح شكسبير وقضى سنوات الحرب العالمية الأولى وهو يكتب في الصحف العربية، إضافة لعمله التجاري.
في 5 أيار 1926 عُيّن لطفي الحفار وزيراً في حكومة الداماد أحمد نامي، بعد سبعة أشهر فقط من قصف العاصمة السورية. اشترك في الحكومة على أمل وقف القتال في غوطة دمشق وإصدار عفو عام عن المبعدين والمعتقلين السياسيين، مع شرط انضمام سورية إلى عصبة الأمم وتحديد مدّة زمنية لإنهاء الانتداب. بعد شهر واحد من مشاركته في الحكم، صدر أمر باعتقاله مع زملائه الوزراء فارس الخوريوحسني البرازي، بتهمة التواصل بالثوار وحثهم على عدم إلقاء السلاح قبل تحقيق المطالب الوطنية. نُفي الحفار إلى الحسكة مع رفاقه ثم إلى لبنان، حيث بقوا قيد الإقامة الجبرية في بلدة أميون الكورة حتى سنة 1928.
الانضمام إلى الكتلة الوطنية
فور عودته إلى دمشق انضم لطفي الحفار إلى صفوف الكتلة الوطنية الرامية لإنهاء الانتداب بطرق سياسية بدلاً من النضال المسلّح. وفي سنة 1928 انتخب مشرعاً في الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع أول دستور جمهوري للبلاد، التي كانت برئاسة هاشم الأتاسي، مؤسس الكتلة الوطنية.
مشروع مياه عين الفيجة
في أثناء زيارته إلى مصر أُعجب الحفار بشبكة المياه المتطورة في القاهرةوالإسكندرية، فقرر دراسة التجربة المصرية وتطبيقها في دمشق. عاد إلى سورية وعرض الفكرة على رئيس غرفة التجارة عارف الحلبوني الذي تبناها على الفور، وتقرر إنشاء شركة أهلية مساهمة لجر مياه نبع عين الفيجة إلى العاصمة السورية وتحرير المدينة من الاعتماد على مياه نهر بردى للشرب والأغراض الزراعية. إضافة للحفار والحلبوني ضمّت شركة مياه عين الفيجة عدداً من التجّار والصناعيين والأعيان، منهم فارس الخوريوسامي باشا مردم بك. قدّرت تكاليف المشروع بما لا يقل عن 150 ألف ليرة ذهبية وتقرر بيع المتر الواحد من الماء بقيمة 30 ليرة ذهبية.
بعد إتمام دستور عام 1928 عمل الحفار مع رفاقه في الكتلة الوطنية على إطلاق الإضراب الستيني سنة 1936، احتجاجاً على اعتقال زميلهم فخري البارودي. ردّت فرنسا بوضع الحفار قيد الإقامة الجبرية في منزله ولم يطلق سراحه إلا بعد توصل هاشم الأتاسي إلى اتفاق مع سلطة الانتداب، يقضي بإنهاء الإضراب مقابل الإفراج عن كل المعتقلين، وسفر وفد رفيع من الكتلة الوطنية إلى باريس للتفاوض على مستقبل سورية.
وفي 9 أيلول 1936 جرى التوقيع على معاهدة بين الأتاسي وحكومة الرئيس ليون بلوم في باريس، تعطي البلاد استقلالاً تدريجياً مقابل سلسلة من الامتيازات العسكرية والسياسية الفرنسية في سورية. انتُخب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية وفي تموز 1938، سمّي لطفي الحفار وزيراً للمالية في حكومة جميل مردم بك الثانية.
في سنة 1940 اتُهم الحفار بجريمة اغتيال الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، خصم الكتلة الوطنية وأحد أشد المعارضين لمعاهدة عام 1936. استنكر الاتهامات التي وجهت له ولرفاقه جميل مردم بكوسعد الله الجابري، وهرب ثلاثتهم إلى العراق قبل صدور مذكرات اعتقال من الفرنسيين. وقد بقوا في بغداد حتى صدور قرار براءة بحقهم من قبل المحكمة الفرنسية المخصصة للنظر في الجريمة، ولكن الحادثة أثرت نفسياً في الحفار بسبب الظلم الذي تعرض له ولأنه كان وحده دوناً عن غيره من قادة الكتلة على صداقة متينة مع الشهبندر منذ أن عملا معاً في صفوف حزب الشعب سنة 1925. وقد وضعت ابنته سلمى الحفار كتاباً عن تجربة أبيها أثناء حادثة اغتيال الشهبندر، حمل عنوان يوميات هالة.
في 22 آب 1948 سمّي الحفار نائباً لرئيس مجلس الوزراء جميل مردم بك، ولكنه استقال من منصبه اعتراضاً على أداء الحكومة في أثناء حرب فلسطين. وعند وقوع الانقلاب الأول في 29 آذار 1949 رفض الاعتراف به وبقي متمسكاً بشرعية الرئيس المنُتخب شكري القوتلي. طلب إلى زملائه النواب معارضة مهندس الانقلاب، حسني الزعيم، بكل الطرق القانونية، وفي اجتماع لهم في مبنى وزارة الخارجية (بعد أن كان الزعيم قد حلّ مجلس النواب)، تحدث الحفار قائلاً:
إنّ نواب هذه الأمة، نواب هذا المجلس، أقسموا اليمين على احترام الدستور والمحافظة على أحكامه. الانقلاب الذي جرى أمس هو خرق للدستور وعدوان صارخ عليه وعلى سلطة البلاد. إن اعتقال رئيس الجمهورية جريمة لا يجوز السكوت عليها أبداً وأنا أطلب من إخواني الحفاظ على القسم المقدس.
وصل كلام الحفار إلى مسامع حسني الزعيم، فأمر باعتقاله ووضعه قيد الإقامة الجبرية في داره. ولم يتم الإفراج عنه إلا بعد تدخل من رئيس الحكومة اللبنانية عبد الحميد كرامي. جاء كرامي إلى دمشق للتوسط للحفار، وقال له الزعيم: “لو وافق النواب لطفي الحفار لكانوا خربوا بيتي، ومع ذلك أقول لك بأنني أحترم ذلك الرجل لأنه شريف ولأنه جريء.”
الانتخابات الرئاسية سنة 1955
فكر لطفي الحفار جدّياً بالترشح لانتخابات الرئاسة سنة 1955، ولكنه انسحب باكراً عند عودة شكري القوتلي من منفاه في مصر والإعلان عن رغبته بالعودة إلى رئاسة الجمهورية. وبعد انتخاب القوتلي رئيساً وتسلّمه الحكم في أيلول 1955، عرض على الحفار أن يكون أول رئيس حكومة في عهده، ولكن حزب البعث العربي الاشتراكي اعترض على هذا التكليف بشدة، لأن لطفي الحفار كان يمثل أقصى أنواع الرأسمالية التي يسعى الاشتراكيون إلى تدميرها وإبعادها عن الحكم. اعتذر الحفار عن التكليف وأعلن تقاعده عن العمل السياسي بحجة بلوغه سن السبعين. تفرغ لأسرته وللكتابة وصار يستضيف ندوة ثقافية في داره كل يوم أربعاء.
الحفار وعبد الناصر
لم تعجبه الطريقة العشوائية التي قامت بها الوحدة السورية المصرية في شباط 1958 وفي مجالسه الخاصة، كان شديد الانتقاد للضباط السوريين الذين سافروا إلى القاهرة لمفاوضة الرئيس جمال عبد الناصر، دون موافقة رئيس الجمهورية وعلمه. اعترض أيضاً على قرار عبد الناصر بحلّ الأحزاب السياسية، ومنها الحزب الوطني، ونقل العاصمة من دمشق إلى القاهرة، ما أدى إلى منعه من دخول سورية في أثناء وجوده في لبنان في آذار 1958.
أقام في بيروت عشرة أشهر متواصلة أُجبر فيها على الاستقالة من منصبه كمراقب عام في مؤسسة عين الفيجة بدمشق، الذي كان قد اتخذه في سنوات التقاعد لسدّ العجز المالي الذي كان يمر به. منعت السلطات المصرية عنه راتبه التقاعدي، فقام برفع دعوى أمام القضاء لاسترداد حقوقه من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
وافق الحفار على هذا الطلب وعاد إلى دمشق لقضاء سنوات التقاعد في ضيق مادي كبير اضطره لبيع منزله الكائن في شارع أبي رمانة لصديقه صلاح شيخ الأرض. في أوراقه الخاصة، اعترف الحفار بأنه استدان 1600 ليرة ذهبية من أشقائه، وخمسين ليرة ذهبية من زوجته وخمساً وأربعين ليرة ذهبية من أبناء عمومه، وكان يخصم مبلغاً من راتبه النيابي في مطلع كل شهر لتسديد ديون جميع هؤلاء. حتى عند شرائه متراً واحداً من ماء الفيجة لمنزله القديم في سوق الصوف، فضّل التقسيط لأنه لم يكن يملك الثلاثين ليرة المطلوبة يومئذ.
الحفار والانفصال
في عهد الانفصال وبعد سقوط حكم عبد الناصر في سورية سنة 1961 تعرض الحفار لحملة دعائية كبيرة من القاهرة، حيث قالت إذاعة صوت العرب إنه “عميل للغرب” ووصفته جريدة الأهرام بأحد “كبار الإقطاعيين القدماء المعروف عنه أنه كان دائماً من الموالين للاستعمار وللقوى الرجعية” ردّ لطفي الحفار بهدوئه المعروف وقال: “لم يترك جمال عبد الناصر أحداً من شره وأكاذيبه، ولكنني لم أهتم لما ورد في خطابه من كذب وافتراء ولم أبال به وعولت على عدم الإجابة”
اعتقال الحفار سنة 1962
في 28 آذار 1962 وقع انقلاب عسكري بدمشق قام به المقدم عبد الكريم النحلاوي على رئيس الجمهورية ناظم القدسي. أمر النحلاوي باعتقال جميع رؤساء الوزراء السابقين، ومنهم لطفي الحفار. اقتحمت مجموعة من الجنود داره وقال أحدهم: “أرجو يا سيدي أن ترافقني حالاً وألا تؤاخذني على إزعاجك، فأنا عبد مأمور ونحن أولادكم.”
ردّ الحفار بغضب: ” لا…لستم أولادنا لأننا لم نربِ أولادنا على اقتحام دور المواطنين وتوقيفهم دون مذكرة ولا على اللعب بالأوطان ونسف القوانين، أمهلني قليلاً لأحضر أدويتي” نُقل بعدها إلى سجن المزة وهو يرتجف من البرد القارس، وصاح: “أنا مريض، أنا بردان…ارحمونا يا ناس” بقي الحفار معتقلاً لغاية 11 نيسان 1961، حيث أُطلق سراحه مع رئيس الجمهورية بعد تمرد قيادة الجيش على عبد الكريم النحلاوي ونفيه خارج البلاد.
الوفاة
توفي لطفي الحفار بدمشق عن عمر ناهز 83 عاماً يوم 4 شباط 1968 وخرجت له جنازة محترمة ولكنها صغيرة، غابت منها مراسيم تشييع رؤساء الحكومات السابقين.
تزوّج لطفي الحفار من السيدة مسرّة السقطي وله منها ابن واحد يُدعى بشر وثلاث بنات. ابنتهم الكبرى سلمى الحفار اشتهرت في الأوساط الأدبية العربية وبدأت نشاطها الأدبي من الخمسينيات بتشجيع كامل من أبيها. وكانت شقيقتها لميس الحفار مديرة لدار السعادة للمسنين في دمشق حتى وفاتها عام 2018. أما حفيدة لطفي الحفار، رشا الكزبري، فهي فنانة تشكيلية مقيمة بدمشق، متزوجة من رجل الأعمال بسّام الخجا.
المناصب
وزيراً للأشغال العامة والتجارة (5 أيار – 12 حزيران 1926)
سليم بن كامل الزركلي (1903 – 13 آذار 1989)، شاعر وأديب سوري من دمشق، عمل في الإذاعة المحلية التي أطلقتها فرنسا في عهد الانتداب وكان أول مدير لإذاعة دمشق عند تأسيسها في مطلع عهد الاستقلال سنة 1947. وفي أيلول 1954 سمّي معاوناً لمدير معرض دمشق الدولي في دورته الأولى.
شمله العفو الصادر في سورية سنة 1928 فعاد إلى دمشق وعٌيّن أميناً لسر وزارة المعارف في حكومة حقي العظم الثانية عام 1932. وبعدها بعشر سنوات نُقل إلى أمانة سر مجلس الوزراء وعُيّن رئيساً لديوان السراي في عهد رئيس الحكومة جميل مردم بك.
بقي في منصبه أثناء حرب فلسطين وعند وصول حسني الزعيم إلى الحكم سنة 1949 أمر بنقله إلى إدارة مكتب المطبوعات الحكومية. وفي سنة 1953 اختاره وزير الاقتصاد منير دياب ليكون أحد المشرفين على إنشاء معرض دمشق الدولي، وبعد افتتاحه في أيلول 1954 سمي نائباً لرئيسه ونظّم قصيدة عن دمشق جاء في مطلعها: “اليوم عيدك يا شام فهللي وتفتحي عن عالم جنان.”
مؤلفاته
عرف سليم الزركلي بأشعاره التي صدرت بديوان دنيا على الشّام سنة 1968 وقد وصفها الشاعر الكويتي عبد العزيز البابطين بالقول: “هيمن عليها الحسّ التاريخي والشعور القومي…وفيها غنائية وتدفق ومحاولة توافق بين الإيقاع (البحر الشعري) وامتداد المعنى.” غنى شعره المطرب السوري رفيق شكري ولحّن حليم الرومي قصيدته ومضة على ضفاف النيل التي سجّلت في القدس سنة 1947.
الوفاة
توفي سليم الزركلي عن عمر ناهز 86 عاماً يوم 13 آذار 1989.
أمجد بن حسني الطرابلسي (13 أيار 1916 – 28 كانون الثاني 2001)، عالم لغوي وأُستاذ جامعي سورية من دمشق، كان وزيراً للتربية والتعليم في زمن الوحدة السورية المصرية وعضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق.
شارك أمجد الطرابلسي في تأسيس كلية الآداب في الجامعة السورية سنة 1946 وعُيّن رئيساً لقسم اللغة العربية فيها قبل أن انتخابه عميداً في منتصف الخمسينيات. وفي 7 تشرين الأول 1958 سمّي وزيراً للمعارف في الجمهورية العربية المتحدة، لكونه عروبي الهوى ومُستقل، غير منتم إلى أي حزب من الأحزاب السياسية. عارض حكم الانفصال وغادر سورية متوجها إلى المغرب، حيث عمل مُدرّساً في جامعة الملك محمد الخامس في الرباطوجامعة سيدي محمّد بن عبد الله في فاس. وعند تقاعده من التدريس، تفرّغ للبحث الأكاديمي والكتابة في مجمع اللغة العربية بدمشق، الذي كان قد أنتُخب عضواً فيه منذ سنة 1960. ولكنه وبسبب عمله في المغرب لم ينضم إلى هيئة المجمع حتى سنة 1971.
المؤلفات
كان الدكتور أمجد طرابلسي مُقلّاً في نتاجه الأدبي، نظراً لتفرغه للتدريس والإشراف على رسائل تخرج طلاب الدراسات العليا في كل من دمشق والرباط. ومن مؤلفاته:
محمد رفيق بن أبى الخير الكزبري (1901-1960)، صناعي سوري، عمل في صناعة الورق وأسس جريدة الجزيرة سنة 1932.
البداية
ولِد رفيق الكزبري في دمشق وكان والده أبو الخير الكزبري من تجّار المدينة المعروفين. دَرَس في مدارس دمشق وعَمل في صناعة الورق وتصديره إلى الدول المجاورة. تعاون مع غرفة تجارة دمشق على تطوير بلدة مضايا وعمِل على تأهيل وتشجير بلدة الزبداني عبر استيراد أشجار مثمرة من الولايات المتحدة الأمريكية.
ظلّت الجزيرة تصدر بانتظام حتى نقلها إلى العاصمة الأردنية عمّان سنة 1939. وكانت وخلال عمرها القصير في سورية مناصرة للزعيم الوطني عبد الرحمن الشهبندر، صديق رفيق الكزبري وحليف رئيس التحرير منير العجلاني.
عائلة الكزبري
عُرف في عالم الصحافة صهره عزت حصرية، مؤسس جريدة العَلَم الدمشقية، أما ابنه رجل الأعمال نبيل الكزبري فقد خلف أباه في صناعة الورق.
الوفاة
توفي محمد رفيق الكزبري عن عمر ناهز 59 عاماً سنة 1960.
الجزيرة، صحيفة ثقافية أصدرها الصناعي محمد رفيق الكزبري بدمشق وصدر عددها الأول في 10 كانون الأول 1932. صدرت بثماني صفحات من القطع المتوسط وكانت أسبوعية حتى سنة 1938 ثم تحوّلت إلى يومية وكانت أول مطبوعة في سورية تهتم بالفنون الجميلة وتتابع النشاط المحلي والعالمي في الرسم والنحت. سمّي الدكتور منير العجلاني رئيساً للتحرير قبل نقلها إلى الأردن سنة 1938.
عبد الرؤوف بن أبو طوق (1914- 13 آذار 1998)، خطيب وداعية سوري من دمشق، شارك في تأسيس رابطة العلماء وانتخب نائباً في البرلمان السوري سنة 1954، ممثلاً عن جماعة الإخوان المسلمين. وفي زمن الوحدة السورية المصرية كان عضواً في مجلس الأمة لغاية عام 1961.
البداية
ولد عبد الرؤوف أبو طوق في منطقة الكسوة – مسقط رأس أمه – وهو سليل أسرة تعود أصولها إلى الإمام أحمد الرفاعي الحسيني، مؤسس الطريقة الرفاعية. تلقى علومه الشرعية في جامع الكسوة على يد الشيخ محمد الغنيمي ولازم الشيخ علي الدقر في دمشق وأخذ العلوم عن المحدّث الأكبر الشيخ بدر الدين الحسني. ويقول الشيخ أبو طوق: “لا زلت أذكر الشيخ بدر الدين في جامع حران العواميد وهو ينظر إلىّ مبتسماً وأنا أرقى المنبر لأول مرة، وأشعر بإمداده الروحي والقلبي.”
انتسب في شبابه إلى جماعة الإخوان المسلمين وانتخب نائباً عن الغوطتين في أول مجلس نيابي منتخب بعد سقوط حكم أديب الشيشكلي سنة 1954. لم ينجح من قوائم للإخوان المسلمين في تلك الانتخابات إلا نائبين فقط وهما الشّيخ أبو طوق محمد المبارك. اتخذ من مقعده النيابي منبراً لمحاربة التحرر في المجتمع الدمشقي وأيد الوحدة السورية المصرية عند قيامها سنة 1958. وفي زمن الجمهورية العربية المتحدة انتخب نائباً عن دمشق في مجلس الأمة لغاية وقوع انقلاب الانفصال يوم 28 أيلول 1961.
الوفاة
توفي الشّيخ عبد الرؤوف أبو طوق عن عمر ناهز 84 عاماً يوم 13 آذار 1998.
ممدوح الشريف (1885-1934)، خطاط دمشقي مختص بالخط الكوفي، له أثار في المكتبة الظاهرية ومسجد البصراوي ومدرسة الإسعاف الخيري والمدرسة اليوسفية بدمشق. أسس مدرسة في الخط العربي ومن أشهر تلامذته الخطاط السوري المعروف بدوي الديراني.
المسيرة المهنية
درس محمود الشريف على يد الخطاط التركي الشهير يوسف رسا، الذي جاء دمشق ضمن لجنة مرسلة من إسطنبول لترميم الجامع الأموي بعد الحريق الذي تعرض له سنة 1893. تعلّم منه قواعد النسخوالثلثوالخط الكوفي وفتح مكتباً للتخطيط في سوق مدحت باشا وصار يُدرّس الخط العربي في مكتب عنبر والمدرسة الكاملية والكلية العلمية الوطنية. تعاقدت معه الحكومة السورية ليكون خبير خطوط في محاكم دمشق وتتلمذ على يده خطاط الشّام الشهير بدوي الديراني الذي لازمه سبع عشرة سنة.
من أشهر أعماله
اللوحات الثلاث لجمعية الإسعاف الخيري بدمشق بخط الثلث.
لوحة “هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون” بخط التعليق في مسجد الحسني.
لوحة “يا حافظ” بخط الثلث ضمن تكوين بيضوي وتحمل توقيعه الموضوع في منتصف الجهة اليسرى من اللوحة.
الوفاة
توفي ممدوح الشريف عن عمر ناهز 49 عاماً سنة 1934 ودُفن في مقبرة باب الصغير بجوار الصحابي بلال الحبشي. على قبره شاهدة كتب عليها تلميذه حلمي حباب أبياتاً من الشعر:
جاد الرضا رمساً أودعت أقلامنا مع ملكها روحها فاسترسلت أعيننا بالبكا حزناً وبات القلب مجروحها والفضل نادى آسفا أرّخوا بكت فنون الخط ممدوحها
عصام بن عبد الله المحايري (1918 -14 حزيران 2022)، سياسي سوري من دمشق وأحد القادة التاريخيين للحزب السوري القومي الاجتماعي. انتُخب رئيساً للحزب في فترات متقطعة ما بين 1949-2016 وكان عضواً في الجمعية التأسيسية التي وضعت دستور عام 1950، قبل أن يتم اعتقاله على خلفية اغتيال العقيد عدنان المالكي بدمشق في 22 نيسان 1955. بقي سجيناً لغاية 31 آب 1965 وعاد إلى العمل السياسي في سورية سنة 2005، بعد إدخال حزبه في صفوف الجبهة الوطنية التقدمية الحاكمة منذ عام 1972.
البداية
ولِد عصام المحايري بدمشق وهو سليل أسرة تجارية. دَرَس في القاهرة وفي مدرسة اللاييك بدمشق، ونال شهادة الحقوق من الجامعة السورية سنة 1949. لمع نجمه في سنوات الشباب كلاعب كرة قدم، حيث شارك في تأسيس النادي الأهلي الرياضي وعَمل في بداية حياته موظفاً في المصرف الزراعي قبل أن يتفرغ كلياً للعمل السياسي.
مع أنطون سعادة
تأثر المحايري بفكر أنطون سعادة وفي سنة 1944 انتسب رسمياً إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي. وعندما لجأ سعادة إلى دمشق هرباً من الاعتقال في لبنان سنة 1949، توطدت العلاقة بينه وبين المحايري، وتعاونا معاً لأجل إطلاق ثورة شعبية في لبنان، تُطيح بنظام الميثاق الوطني المُبرم بين رئيس الجمهورية اللبنانية بشارة الخوري ورئيس حكومته رياض الصلح. حصل الحزب على دعم سياسي ومالي وعسكري من حسني الزعيم، الذي كان يُريد أيضاً قلب نظام الحكم في لبنان بسبب رفض الرؤساء الخوريوالصلح الاعتراف بشرعية انقلابه في سورية. شُكلت مجموعات مسلحة للدخول إلى الأراضي اللبنانية والقيام بثورة، ولكن حسني الزعيم غدر بهم أولاً ثم بأنطون سعادة وقام بتسليمه إلى السلطات اللبنانية مقابل اعتراف رياض الصلح بشرعية حكمه بدمشق. تمّت محاكمة سعادة صورياً في لبنان وأعدم رمياً بالرصاص بأمر من رياض الصلح في 8 تموز 1949.
المحايري مشرعاً ونائباً (1949-1951)
ثار عصام المحايري غضباً من خيانة الزعيم، وكان أحد أبرز مؤيدي الانقلاب العسكري الذي أطاح به وأدى إلى مقتله في 14 آب 1949. أنتخب المحايري رئيساً لفرع الحزب في سورية وعضواً في مجلسه الأعلى في لبنان، كما فاز بعضوية الجمعية التأسيسية المُكلّفة بوضع دستور جديد للبلاد سنة 1949. وبعد إتمام مهمتها تحوّلت الجمعية إلى مجلس نيابي بصلاحيات تشريعية كاملة، وكان المحايري عضواً فيه. وعندما طُلب من أعضاء المجلس الوقوف دقيقة صمت على روح رياض الصلح، الذي كان قد قُتل على يد السوريين القوميين في عمّان سنة 1951، رفض المحايري الاستجابة وخرج من القاعة غاضباً.
عهد الشيشكلي (1951-1954)
أسس عصام المحايري صحيفة أسبوعية بعنوان الجيل الجديد، كانت ناطقة بلسان حزبه وصدر عددها الأول في 12 أيلول 1950. وكان مقرباً من العقيد أديب الشيشكلي، المنتسب أيضاً إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، والذي وصل إلى سدّة الحكم بعد تنفيذ انقلاب عسكري ضد رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي في تشرين الثاني 1951. حكم الشيشكلي من خلف الستار من سنة 1951 ولغاية انتخابه رئيساً في تموز 1953، حيث كان المحايري بمثابة المستشار السياسي له، دون تكليف رسمي. وفي عهده، صدر قرار بحظر جميع الأحزاب السياسية في البلاد باستثناء حركة التحرير العربي التي كان قد الشيشكلي أطلقها سنة 1952 والحزب السوري القومي الاجتماعي. في عهد الشيشكلي سنة 1952 أطلق صحيفة البناء بالتعاون مع زميله فهمي المحايري وفي 26 كانون الثاني 1954، حولها إلى صحيفة البناء الجديد التي باتت ناطقة بلسان حزبه لغاية عام 1955.
مقتل عدنان المالكي
في 22 نيسان 1955 اغتيل العقيد عدنان المالكي في الملعب البلدي بدمشق ووجهت أصابع الاتهام إلى القوميين السوريين بسبب انتماء القاتل يونس عبد الرحيم إلى حزب المحايري. شنّت حملة اعتقالات واسعة في صفوف الحزب، طالت عصام المحايري والأمينة الأولى جوليت المير، زوجة أنطون سعادة، كما صدر قرار عن رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي بحظر نشاط الحزب في سورية. نفى المحايري علاقته بقضية المالكي، وكل ما قيل عن تقاضيه أموالاً من الولايات المتحدة الأميركية لتنفيذ الجريمة، ولكنّه بقي معتقلاً في سجن المزة من سنة 1955 ولغاية صدور عفو خاص عنه رئيس الحكومة صلاح الدين البيطار في 31 آب 1965. توجه عندها إلى لبنان حيث كان الحزب لا يزال نشطاً وفعالاً في الحياة السياسية، وتم انتخابه رئيساً للمجلس الأعلى سنة 1971. وفي عهده حصل انشقاق كبير في صفوف الحزب قاد المحايري أحد الأجنحة، وفي سنة 1987 أنتخب رئيساً لمجلس الطوارئ وحافظ على منصبه حتى عام 1998.
المحايري بعد سنة 2005
بعد غياب طويل، نجح عصام المحايري في استعادة رخصة حزبه في سورية سنة 2005، بعد عقد تحالف مع حزب البعث الحاكم منذ سنة 1963 ودخوله في صفوف الجبهة الوطنية التقدمية. أصبح الحزب ممثلاً في مجلس الشعب وفي الحكومة السورية، وانتخب المحايري رئيساً للمكتب السياسي ثم رئيساً لجناح الحزب في سورية سنة 2012. ساند الرئيس بشار الأسد بعد اندلاع الحرب السورية عام 2011، قبل أن يستقيل بسبب تقدمه في السن عام 2016.
الوفاة
توجه بعدها عصام المحايري إلى دبي لقضاء سنوات التقاعد بعيداً عن السياسة، وفيها توفي عن عمر ناهز 105 سنة يوم 14 حزيران 2022.