توفيق نظام الدين (1912 – 29 كانون الأول 1998)، ضابط سوري من مدينة القامشلي وأحد مؤسسي الجيش السوري. تسلّم رئيساً لأركان في عهد الرئيس شكري القوتلي من 8 تموز 1956 ولغاية 17 آب 1957، وفي عهده عُقدت أول صفقة سلاح بين سورية والاتحاد السوفيتي.
البداية
ولِد توفيق نظام الدين في مدينة القامشلي ودَرَس في مدارسها وفي كلية الحربية بدمشق قبل نقلها إلى حمص. تخرج في 1 أيلول 1934 والتحق يجيش الشرق التابع لسلطة الانتداب الفرنسي ولكنه انشق عنه وانضم إلى صفوف الثوار بعد العدوان الفرنسي على مدينة دمشق في 29 أيار 1945. قاد مجموعة من الضباط المنشقين إلى مدينة البوكمال، وكانت نيتهم الزحف نحو العاصمة لتحريرها. حكمت عليه فرنسا بالإعدام وفي 1 آب 1945 كان في طليعة الضباط المنتسبين إلى الجيش السوري عند تأسيسه.
في عهد الاستقلال
سُمّي النقيب توفيق نظام الدين رئيساً للشعبة الثالثة في الجيش ورفّع إلى رتبة “عقيد” يوم 25 حزيران 1949. لم يُشارك بأي من الانقلابات العسكرية التي تعاقبت على سورية وفي شباط 1954، عينه اللواء شوكت شقير نائباً له في هيئة الأركان العامة. وعند تسريح شقير من الخدمة في شهر تموز من العام 1956، رُفّع توفيق نظام الدين إلى رتبة “لواء” وعُيّن رئيساً للأركان ابتداء من 1 آب 1956.
رئيساً للأركان العامة (تموز 1956 – آب 1957)
في عهده حصل تقارب كبير بين سورية والاتحاد السوفيتي وعُقدت اتفاقيات عسكرية واقتصادية منح بموجبها الجيش السوري سلاحاً روسياً بقيمة 700 مليون دولار. ولكنه وعلى الرغم من هذا التقارب، رفض اللواء نظام الدين قرارات الإعدام التي صدرت بحق مجموعة من السياسيين الكبار المعارضين للنفوذ الشيوعي في سورية، ومنهم عدنان الأتاسيومنير العجلانيوميخائيل إليان. أدينوا بمحاولة انقلاب ضد حلفاء الاتحاد السوفيتي، وطالب نظام الدين بتعديل الأحكام الصادرة بحقهم من الإعدام إلى السجن المؤبد.
عصيان قطنا
عارضه مدير المكتب الثاني عبد الحميد السراج، الذي كان يقود كتلة من الضباط المحسوبين على مصر ورئيسها جمال عبد الناصر. حاول اللواء نظام الدين التخلص منهم، وبالتنسيق مع رئيس الجمهورية شكري القوتلي أصدر قراراً سنة 1957 بتعيين السراج ملحقاً عسكرياً في الفاهرة، ليكون بعيداً عن مسرح الأحداث وعن قاعدته الشعبية في الجيش. ولكن قراره جُمّد إبان عصيان قطنا الذي قاده المقدم مصطفى حمدونوالمقدم عبد الغني قنوت، آمر كتيبة المدرعات في قطنا. هددوا بانقلاب عسكري لو لم يتراجع نظام الدين فما كان أمامه إلا سحب القرار بعد وساطة قام بها وزير الدفاع خالد العظم ورئيس الحكومة صبري العسلي.
التقاعد المبكر
تدخل السراج لدى رئيس الجمهورية وأقنعه بضرورة التخلّص من نظام الدين واستبداله بشخصية أقوى وأقرب من المعسكر الشيوعي في الحرب الباردة. وفي 17 آب 1957، أحيل توفيق نظام الدين على المعاش وهو في الخامسة والأربعين من عمره وبعد سنة واحدة فقط على تسلمه رئاسة الأركان، واستُبدل بالضابط الشيوعي عفيف البزري، القريب من الرئيس جمال عبد الناصر.
الوفاة
غاب توفيق نظام الدين من يومها عن أي نشاط سياسي أو عسكري وعمل في الزراعة حتى وفاته عن عمر ناهز 86 عاماً يوم 29 كانون الأول 1998.
المناصب
رئيساً لأركان الجيش السوري (8 تموز 1956 – 17 آب 1957)
شوكت بن فؤاد شقير (21 أيار 1912 – 2 تشرين الثاني 1982)، ضابط لبناني خدم في جيش بلاده أولاً ثم في الجيش السوري وأصبح رئيساً للأركان العامة من 16 تموز 1953 ولغاية 7 تموز 1956. عمل مع أربغ رؤساء جمهورية، وهم حسني الزعيموأديب الشيشكليوهاشم الأتاسيوشكري القوتلي، في عهده برئاسة الأركان حصل تقارب كبير بين سورية ومصر وشُكّلت قيادة عسكرية مشتركة سنة 1955. غادر سورية عائداً إلى لبنان بعد تسريحه من الجيش السوري وشارك في ثورة عام 1958 ضد الرئيس اللبناني كميل شمعون، بالتعاون مع صديقه وحليفه كمال جنبلاط.
البداية
ولِد شوكت شقير في قرية قرصونبجبل لبنان وهو ابن عائلة درزية معروفة. درس في المدرسة البطريركية في بيروت ثمّ في المدرسة العلمية الفرنسية، قبل الالتحاق بالمدرسة الحربية التابعة لجيش الشرق الفرنسي في سورية ولبنان. تخرج من الكلية الحربية في أيلول 1930 وانضم إلى الجيش اللبناني.
أعجب الزعيم بشجاعة شوكت شقير وعند وصوله إلى الحكم بعد الإطاحة بالرئيس شكري القوتلي في آذار 1949، ودعاه إلى دمشق وعرض عليه رئاسة المكتب العسكري في القصر الجمهوري. قبل شقير العرض واستقال من الجيش اللبناني لينضم فور وصوله دمشق إلى صفوف الجيش السوري، حيث مُنح الجنسية السورية وعُيّن برتبة “عقيد.” تسلّم مهامه في القصر وعمل مع الزعيم لغاية وقوع انقلاب 14 آب 1949، الذي أدى إلى عزل الزعيم ومقتله. قرر البقاء في سورية ولم يعم إلى لبنان، بعد زواجه من سيدة دمشقية تُدعى قمر وفائي.
رئيساً للأركان العامة في الجيش السوري
أثناء عمله في القصر الجمهوري استعاد شقير صداقته القديمة مع أديب الشيشكلي، وعندما أصبح الأخير رئيساً لأركان الجيش السوري سنة 1951، عينه معاوناً له ثم قائداً للمنطقة الوسطى. وبعد انتخابه رئيساً للجمهورية عيّن الشيشكلي شوكت شقير رئيساً لهيئة أركان الجيش في 16 تموز 1953.
أثار قرار تعيين لبناني في قيادة الجيش السوري حفيظة الكثير من الضباط السوريين، لكونه غير سوري أولاً ودرزي ثانية، وكان العرف في سورية أن تكون رئاسة الأركان من نصيب المسلمين السنة منذ تأسيس الجيش سنة 1945. قالوا للشيشكلي إنه سيكون ضعيفاً ومنبوذاً بين الضباط، وهذا ما عزز تمسك الشيشكلي به لأنه وبهذه الصفات، لن يتمكن من القيام بأي انقلاب ولن يكن له أتباع في المؤسسة العسكرية.
الحملة العسكرية على جبل الدروز سنة 1953
وفي نهاية عهد الشيشكلي أمر بقصف جبل الدروز وشن حملة اعتقالات في قراه، بعد اتهام الأمير حسن الأطرش بمحاولة انقلاب مدعومة من الأردن. استفاد الشيشكلي من وجود شوكت شقير في قيادة الجيش السوري، وكان يقول لمنتقديه أن ضابطاً درزياً يشرف على العمليات العسكرية في الجبل، لكيلا يقال أن مسلماً سنياً من حماة يقوم بقصف قرى وبلدات الطائفة الدرزية، نافياً تهمة الطائفية التي حاول خصومه إلصاقها به.
وفور إذاعة نبأ استقالة الشيشكلي، تسلم شوكت شقير زمام الأمور في سورية وأصدر بياناً موجهاً إلى الشعب السوري، يدعو فيه إلى الهدوء وتجنب الشغب وإثارة الفتن. ثم طلب إلى رئيس المجلس النيابي مأمون الكزبري تسلّم رئاسة الجمهورية بالوكالة، تماشياً مع مواد الدستور. وعلى الفور، حصل عصيان ضد شقير والكزبري، بقيادة النقيب عبد الحق شحادة، آمر الشرطة العسكرية، والنقيب حسين حدّة، آمر المدرعات في منطقة القابون. رفضوا تسلّم الكزبري رئاسة الجمهورية وتمردوا على اللواء شقير وأصدروا بياناً مزوراً باسمه، يدعون فيه الشعب السوري إلى التمسك بشرعية حكم الشيشكلي. أذيع بيانهم المزور عبر إذاعة دمشق صباح يوم 26 شباط 1954، مستغلين ذهاب رئيس الأركان إلى حمص للقاء الرئيس الأسبق هاشم الأتاسي ودعوته للعودة إلى دمشق وإكمال ما تبقى من ولايته الدستورية التي قطعت إبان انقلاب الشيشكلي الثاني سنة 1951. أشيع يومها أنهم خطفوا شقير واقتادوه إلى مكان مجهول، وقال آخرون أنهم بيانهم جاء بحضوره تحت تهديد السلاح. وعند عودته من حمص أمر بتسريح عبد الحق شحادة وحسين حدّة من مناصبهم وإلحاقهم بـسفارات سورية في لندنوباريس.
عودة الشرعية الدستورية
عاد هاشم الأتاسي إلى دمشق في 1 آذار 1954 وكان شوكت شقير في استقباله ورافقه إلى عتبة القصر الجمهوري في منطقة المهاجرين. أعاد الأتاسي العمل بالدستور القديم والمجلس النيابي المنحل منذ عام 1951، وأبطل معظم القرارات الصادرة في عهد الشيشكلي، باستثناء قرار تعيين شوكت شقير في رئاسة الأركان العامة.
وفي عهد الرئيس الأتاسي، اندفع شقير نحو القومية العربية وعارض بشدة حلف بغداد الذي طرح من قبل العراقوبريطانياوتركيا وغيرها من الدول، للوقوف أمام المد الشيوعي في المنطقة. عدّه شقير مشروعاً غربياً مشبوهاً يجب مقاومته بكل السبل المتاحة، ما أثار انتباه وإعجاب الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي قاد الحملة العربية المناهضة لخلف بغداد. علاقة شوكت شقير بعبد الناصر تعود إلى عملهم المشترك في حرب فلسطين، وتحولت مع مرور الوقت إلى تحالف متين واستراتيجي. في شباط 1955 أرسل عبد الناصر مدير المخابرات المصرية الصاغ صلاح سالم إلى دمشق ليلتقي بشوكت شقير بمكتبه بدمشق. تقرر يومها إنشاء قيادة عسكرية مشتركة بين سورية ومصر، قبل ثلاث سنوات من توحيد البلدين في الجمهورية العربية المتحدة.
اغتيال العقيد عدنان المالكي
في 22 شباط 1955 اغتيل العقيد عدنان المالكي، معاون شوكت شقير في رئاسة أركان ورئيس الشعبة الثالثة في الجيش السوري. كان المالكي ضابطاً نشطاً ومعروفاً، له أتباع كثر داخل المؤسسة العسكرية وخارجها، وهو سليل عائلة دمشقية معروفة، وكان شقير يعتمد عليه في المهام الصعبة، ويكن له الكثير من الاحترام بسبب نزعته العروبية. أصابه مقتل المالكي في الصميم، وعيّن عبد الحميد السراج مديراً للمكتبة الثاني (الاستخبارات العسكرية) للتحقيق في الجريمة وتعقب الجناة، وتبيع سريعاً أنهم منتمين إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي. بدعم مطلق من شوكت شقير ضرب السراج بيد من حديد، وقام باعتقال رئيس الحزب عصام المحايري وأمينته الأولى جوليت المير، أرملة أنطون سعادة. عاد الجيش – بقيادة شوكت شقير – إلى صدارة المشهد في سورية، بعد أشهر من التهميش الممنهج الذي تعرض له منذ سقوط الشيشكلي.
الانتخابات الرئاسية سنة 1955
تنامى سريعاً دور شوكت شقير في سورية، وبات له رأي في معظم القضايا السياسية الكبرى. في سنة 1955 تدخل في انتخابات رئاسة الجمهورية ووضع ثقله خلف رئيس الوزراء الأسبق خالد العظم، ولكنه لم يتمكن من إيصاله إلى الرئاسة وفاز عليه الرئيس الأسبق شكري القوتلي. وفي مذكراته، يقول العظم أنه تعرض لخديعة كبيرة من شوكت شقير الذي ادعى أنه لا يريد عودة القوتلي إلى السلطة ولكنّه ضمنياً كان مؤيداً له بسبب علاقة القوتلي المتينة بالرئيس جمال عبد الناصر. ويضيف العظم أن شقير أراد إفشال مساعيه الرئاسية بسبب موقفه الرافض لتدخلات الجيش في السياسة منذ سنة 1949.
ولِد حسن الخرّاط في حيّ المزار بمنطقة الشاغور وكان رجلاً بسيطاً وأميّاً، عمِل حارساً في بساتين الشاغور قبل انضمامه إلى الحرس الليلي التابع لمديرية شرطة دمشق سنة 1921.
وقد أثارت حادثة التهريب شكوك مدير شرطة دمشق خليل رفعت، الذي أمر بإحضار الخرّاط إلى مكتبه للاستجواب، نظراً لقربه من الأخوين نسيبوفوزي البكري. شعر حسن الخرّاط بالخطر وأن مدير الشرطة يريد اعتقاله، فهرب إلى غوطة دمشق في آب 1925 ومن ثمّ إلى جبل الدروز، واضعاً نفسه تحت تصرف سلطان الأطرشوالدكتور عبد الرحمن الشهبندر، زعيم الثورة في دمشق.(2) وفي شهر أيلول، طلب منه الشهبندر الاتصال بزعماء الأحياء الدمشقية، وتحديداً مع القبضايات، تمهيداً لنقل الثورة من السويداء إلى وسط العاصمة السورية.(3)
استشهد حسن الخرّاط بعد معركة دمشق بشهرين وهو يُقاتل الفرنسيين في بستان الذهبي بالقرب من مقبرة اليهود، ودُفن في بلدة ببيلا يوم 25 كانون الأول 1925. بعد ثمانية وعشرون شهراً من استشهاده قام أهالي الشاغور بنقل رفاته من ببيلا إلى مقبرة الشاغور، وفي عهد الاستقلال بعد جلاء القوات الفرنسية سنة 1946، خصص رئيس الجمهورية شكري القوتلي معاشاً شهرياً لأسرته بقيمة 50 ليرة سورية.(6) كما أطلقت الحكومة السورية اسم حسن الخرّاط على مدرسة للبنين في باب سريجة، وعلى شارع داخل منطقة باب الصغير بدمشق.
العائلة
تزوّج حسن الخرّاط بداية من عادلة الزكي، التي أنجبت له أكبر أولاده فخري، وهو الذي عمل مع أبيه في صفوف الثورة وأُعدم شنقاً وسط ساحة المرجة يوم 28 كانون الأول 1926. وكانت زوجة الخرّاط الثانية تُدعى خديجة سرادار، وهي أم نجله الثاني بشير، الذي توفي وهو في ريعان الشباب.(7)
رأيت حسن الخرّاط لأول مرة في هذه الثورة في قرية أم ضبيب من قرى جبل الدروز، في أوائل شهر سبتمبر (أيلول) سنة 1925، فإذا هو رجل ربعة، في نحو الخمسين من العمر، بوجه مستطيل وجبهة بارزة، وعينين شهلاوين تشتعلان ذكاء، ورأس أصلع، وقد خط الشيب شاربيه ورأسه والخفة ظاهرة كل الظهور في حركاته. ولعل ذلك ناشئ من تمرنه على ضرب العصي. وهو يعتم بالعمة الأغباني ويلبس القنباز وفوقه العباءة. كان أمياً، لم يفسد التعليم المدرسي…كما يقول أحد الأدباء…غرائزه الطبيعية.
وقد صرف شطراً من حياته حارساً في الأسواق وناطوراً في البساتين. ولا شك أن الباعث الأكبر الذي بعثه على الالتحاق بالثورة هو الوطنية الصحيحة. وقد حضر معارك متعددة امتاز في جميعها، منها معركة الزور الأولى والثانية. وكان قد كلّف بمهاجمة الشاغور وضرب مخفر الشّيخ حسن. واشتهر عنه أنه لم يقعد في متراس ولا احتمى بشجرة بل كان يحارب الأعداء واقفاً على أبعاد قد لا تتجاوز مئة متر. فقد ذكر لي أحد من رآه في معركة الزور أنه كان يصيح في وجه الأعداء وينادي: لا تفتشوا عني في بيوت الشّام، بل أمام استحكاماتكم. أنا حسن الخرّاط.(8)
ولِد حسن الكلّاوي بحيّ باب الجابية بدمشق وهو سليل أسرة كبيرة يعود نسبها إلى أبي بكر الصدّيق.(1) وكانت عائلة الكلّاوي قد جاءت إلى باب الجابية قادمة من منطقة الميدان، حيث كان رجالها يعملون بتجارة الحبوب مع سهل حوران. عمل أبو عليّ الكلّاوي بتجارة الخيول، وأصبح أحد أشهر فرسان دمشق في زمن الانتداب الفرنسي.(2) كما كان يعمل أيضاً على تدريب الشباب على ركوب الخيل والمشاركة في مسابقات الفروسيّة المحليّة. كان أبو علي الكلّاوي مقرباً من الزعيم الوطني نسيب البكري، وقد التحق به فور إعلان الثورة السورية الكبرى سنة 1925، مجاهداً في سبيل تحرير البلاد من الانتداب الفرنسي المفروض على سورية منذ سنة 1920.(3)
العلاقة مع الكتلة الوطنية
انتسب الكلّاوي في شبابه إلى الكتلة الوطنية المناهضة للانتداب الفرنسي، وعمل مع قادة مكتبها بدمشق على ترتيب المظاهرات والإضرابات، وكان له دور بارز في الإضراب الستيني الشهير سنة 1936، الذي جاء ردّاً على اعتقال نائب دمشق فخري البارودي. وعندما دُعي وفد من الكتلة الوطنية إلى باريس للتفاوض على مستقبل سورية في آذار 1936، رتّب الكلّاوي استعراضاً مهيباً من الخيّالة والفرنسان لوداع رئيس الكتلة هاشم الأتاسي والوفد المرافق له. وعند عودتهم في شهر أيلول أقام الكلّاوي استعراضاً مماثلاً، ما جعل ظهوره على الفرس في شوارع دمشق مرتبطاً في ذهن الناس بالمناسبات الوطنية الكبرى. وعند جلاء القوات الفرنسية عن سورية سنة 1946، شارك الكّلاوي بالاستعراض الكبير الذي أُقيم وسط العاصمة السورية، ممثلاً عن فرسان الثورة السورية الكبرى.
صالح بن عبد الرحمن الحيلاني (1882-1991)، ناشر سوري من دمشق وصاحب مطبعة الترقي التي صدرت عنها معظم الصحف اليومية في مرحلة الخمسينيات ومؤسس جريدة الإعلانات التجارية المتخصصة في عهد الملك فيصل الأول سنة 1919.
مطبعة الحيلاني
ولد صالح الحيلاني في حي القيمرية الدمشقي وبعد إتمام المرحلة الثانوية أسس مطبعة باسمه في زقاق سيدي عامود (الحريقة اليوم) قبل إطلاق مطبعة الترقي التي أوكل إليها طباعة مجموعة الصحف الدمشقية اليومية، مثل جريدة ألف باء إضافة لمجلة مجمع اللغة العربية. وقد عُرف عنها في زمن الانتداب الفرنسي رفض طباعة أي كتاب باللغة الفرنسية، وإصرار صاحبها على طباعة كتب علمية وأدبية باللغة العربية فقط.
صحيفة الإعلانات
وفي سنة 1919 أطلق صحيفة رائدة باسم الإعلانات، كانت مدعومة من غرفة تجارة دمشق وموجهة إلى الصناعيين والتجار وتتناول الموضوعات المشتركة بينهم وبين المستهلك ولكنّها توقفت مع بداية الانتداب الفرنسي عام 1920.
الوفاة
توفي صالح الحيلاني في دمشق عن عمر ناهز 110 سنوات سنة 1991.
وبعد عودته إلى دمشق كلّف الدكتور جودت الإمام بتأسيس مديرية الصحة المدرسية في وزارة المعارف سنة 1950، للإشراف على الصحة الجسدية والنفسية لدى الطلاب والأستاذة. وضع كتاباً عن الصحة المدرسية سنة 1952 بالتعاون مع الدكتور سهيل بدورة والدكتور إبراهيم حقي. وبعد تقاعده من الوظيفة الحكومية، عَمِل في عيادته الطبيّة الخاصة حتى وفاته سنة 2001.
البحصة، حيّ تجاري يقع غربي سوق ساروجا، بين ساحة المرجةوبوابة الصالحية، كان في الماضي القديم يُعرف بالبهنسية أو الطاووسية وأطلق على قسمها الجنوبي اسم “الحُسودية.” أمّا عن تسمية “البحصة” فهي مأخوذة عن العامية الدمشقية وتعني الحصاة (مفرد حصى)، وذلك لوقوع المنطقة على الحافة الشمالية من نهر بردى، حيث كان يظهر على ضفتيه تربة مفروشة بالحصى النهري. أقامت الدولة العثمانية فيها مدرستها الرشدية العسكرية نهاية القرن التاسع عشر وفي النصف الثاني من القرن العشرين تحولت المنطقة إلى سوق تجاري متخصص ببيع وصيانة الكمبيوترات وملحقاتها، فيه عدد من الفنادق متوسطة التصنيف.
ولد جميل زكريا في دمشق ودَرَس في الكلية الحربية في إسطنبول. وعند تخرجه فيها ضابطاً خيالاً التحق بالجيش العثماني وفُرز في اليونان سنة 1897. وفي سنة 1908 عُيّن مرافقاً عسكرياً للجنرال يحيى حياتي بك قبل تعيينه مرافقاً لجمال باشا، قائد الجيش الرابع في سورية سنة 1915. بقي مع العثمانيين ورفض الانشقاق مثل الكثير من الضباط العرب عند إعلان الثورة العربية الكبرى سنة 1916. وعند سقوط الحكم العثماني في دمشق في أيلول 1918، قرر الانفصال عن الأتراك والإتحاف بالجيش الوطني الذي أنشأه الأمير فيصل بن الحسين، حاكم سورية الجديد.
في العهد الفيصلي
عينه الأمير فيصل مدرساً في مدرسة الفروسية التي أقيمت على مشارف دمشق، بقيادة الضابط نزهت المملوك، وفي 24 تموز 1920 خاض معركة ميسلون مع وزير الحربية يوسف العظمة وأصيب بجروح بالغة. استشهد العظمة وهرب الملك فيصل إلى فلسطين، أما جميل زكريا فتم نقله إلى المستشفى الحميدي لتلقي العلاج، وقرر الاحتفاظ بالرصاصات التي أخرجت من جسده، وساماً لمقاومته الفرنسيين قبل احتلالهم دمشق. وقد بقيت هذه الرصاصات ضمن مقتنيات ابنه المؤرخ والفنان التشكيلي عاصم زكريا حتى وفاته بدمشق سنة 2020.
السنوات الأخيرة والوفاة
وعند خروجه من المستشفى، وجد نفسه مسرحاً من الخدمة العسكرية بعد أن قامت فرنسا بحلّ الجيش السوري، فانتقل زكريا إلى القضاء وعُيّن رئيساً لقضاء مدينة حمص العسكري. استقال من منصبه بعد مدة ودرس الحقوق في الجامعة السورية، ليعمل في المحاماة حتى وفاته سنة 1934.