الشهر: يناير 2021

  • جميل مردم بك

    الرئيس جميل مردم بك
    الرئيس جميل مردم بك

    جميل بن عبد القادر مردم بك (1895 – 28 آذار 1960)، زعيم وطني سوري من دمشق وأحد الآباء المؤسسين للدولة السورية الحديثة، كان أحد مؤسسي الجمعية العربية الفتاة المعارضة للحكم العثماني، ومن قادة الكتلة الوطنية التي حاربت الانتداب الفرنسي. شارك في الثورة السورية الكبرى وفي مفاوضات باريس وكان أحد الموقعين على معاهدة عام 1936. سمّي رئيساً للوزراء في 21 كانون الأول 1936 وشهد عهده سلخ منطقة لواء إسكندرون عن سورية ورفض البرلمان الفرنسي التصديق على معاهدة عام 1936، ما أدى إلى استقالته من رئاسة الحكومة في 23 شباط 1939. عاد إلى الحكم وزيراً للخارجية في عهد الرئيس شكري القوتلي سنة 1943 وشارك في تأسيس جامعة الدول العربية وفي المفاوضات النهائية مع فرنسا التي أسفرت عن جلاء القوات الفرنسية في 17 نيسان 1946.  وفي عهد الاستقلال شارك في تأسيس الحزب الوطني وكان حاكماً عرفياً على سورية في أثناء حرب فلسطين قبل اعتزاله العمل السياسي والانتقال للعيش في مصر. شَكّل جميل مردم بك خمس حكومات في حياته، كانت الأولى سنة 1936 والأخيرة سنة 1948، ويعد أحد الآباء المؤسسين للدولة السورية الحديثة.

    البداية

    ولِد جميل مردم بك بدمشق وهو سليل أُسرة سياسية عريقة، تعود أصولها إلى جدها الأكبر مصطفى لالا باشا فاتح قبرص في القرن السادس عشر. أمّا جدّه المباشر فهو عثمان مردم بك، الذي أسهم في إخماد فتنة عام 1860 بدمشق. كان عثمان مردم بك رجلاً مُقتدراً، يملك كامل قرية حوش المتبن في غوطة دمشق، وخان الزيت في سوق مدحت باشا، وكامل قرية خان الشيح، إضافة لأراضٍ زراعية واسعة في حوش الصالحية (منطقة بستان الرئيس اليوم).

    الجمعية العربية الفتاة

    دَرّس جميل مردم بك في مدارس دمشق والتحق بمعهد العلوم السياسية في باريس، حيث عمل مع مجموعة من الطلاب العرب على تأسيس الجمعية العربية الفتاة الرامية إلى تحرير سورية من الحكم العثماني. شارك في تنظيم المؤتمر العربي الأول في فرنسا سنة 1913 فحُكم عليه بالإعدام من قبل جمال باشا، قائد الجيش العثماني الرابع في سورية. وكان من المفترض أن يُشنَق في ساحة المرجة مع بقيّة شهداء 6 أيار 1916، لولا وجوده خارج سورية يومها.

    في بلاط الملك فيصل

    عاد إلى دمشق مع سقوط الحكم العثماني وعُيّن مترجماً خاصاً للأمير فيصل، حاكم سورية الجديد. وفي كانون الثاني 1919 سافر معه إلى فرنسا للمشاركة بمؤتمر السلم وكان حاضراً في مباحثاته مع جورج كليمنصو، رئيس وزراء فرنسا. وعند تتويج فيصل ملكاً على سورية في 8 آذار 1920 انتقل مردم بك إلى العمل في وزارة الخارجية وسمّي معاوناً للوزير الدكتور عبد الرحمن الشهبندر.

    مردم بك والثورة السورية الكبرى

    بعد سقوط الحكم الملكي وفرض الانتداب الفرنسي على سورية سنة 1920 انضم جميل مردم بك إلى صفوف الحركة الوطنية التي كان يقودها الشهبندر، وفي سنة 1925 عمل معه على تأسيس حزب الشعب، أول حزب سياسي ظهر في مرحلة الانتداب. أشهِر حزب الشعب  في 5 حزيران 1925 وانتُخب مردم بك عضواً في لجنته التنفيذية، ولكن قراراً بحلّه صدر في نهاية شهر تموز بعد انضمام الشهبندر إلى الثورة السورية الكبرى.  عَمل جميل مردم بك مع الشهبندر وقادة حزب الشعب على نقل الثورة من جبل الدروز إلى دمشق، واشترى السلاح وهرّبه إلى ثوار الغوطة. أمرت فرنسا باعتقاله في سجن أرواد، ومن بعدها نفته إلى يافا ليكون بعيداً عن الحركة الوطنية حتى انحسار الثورة والقضاء عليها منتصف عام 1927.

    مع الكتلة الوطنية

    وفي سنة 1932 انضم جميل مردم بك إلى الكتلة الوطنية التي أسسها هاشم الأتاسي لمحاربة الانتداب بطرق سياسية، رافعاً شعار “التعاون المُشرف” مع فرنسا لأجل تحقيق الاستقلال التام وغير المشروط. ولدت الكتلة بعد فشل الثورة السورية الكبرى وعلى الفور ظهر خلاف شديد في صفوف الوطنيين، بين المنادين باستمرار النضال المسلّح، الممثلين بالشهبندر وسلطان باشا الأطرش، والمُطالبين بإلقاء السلاح، المُمثلين بجميل مردم بك ورفاقه.

    وزيراً في حكومة حقي العظم

    وفي المؤتمر الكبير المنعقد في حمص يومي 3-4 تشرين الثاني 1932 انتُخب جميل مردم بك عضواً في مجلس الكتلة الوطنية الدائم، مع كل من شكري القوتلي وسعد الله الجابري، ممثلين عن جيل الشباب في الحركة الوطنية. دعاه حقي العظم للمشاركة في حكومته الثانية في 15 حزيران 1932، وسمّي مردم بك وزيراً للمالية والزراعة بالوكالة. غضب شيوخ الكتلة وطالبوه بالاستقالة، وعدّوا وجوده في حكومة العظم يعطي الوزارة ورئيسها شرعية وطنية لا يستحقونها نظراً لقرب العظم من فرنسا.

    حاول مردم بك تسويغ موقفه قائلاً إن وجود زعيم وطني واحد في هذه الحكومة أفضل من خلوّها بالكامل من أية شخصية وطنية. جاء إبراهيم هنانو غاضباً من حلب وتوجه إلى دار شقيقة جميل مردم بك بدمشق وأمر بحضوره فوراً من السراي الكبير. وعندما وصل مردم بك مستفسراً سبب هذا الاستدعاء، وجد هنانو جالساً خلف طاولة عليها كتاب استقالة ومُسدس. طلب إليه هنانو أن يختار: إما الاستقالة أو الموت. فضّل مردم بك الاستقالة في 19 نيسان 1933 وفور مغادرته الحكم قام بزيارة السعودية للاجتماع مع الملك عبد العزيز آل سعود، مذكراً خصومه وأصدقاءه معاً أن له علاقات واسعة في الوطن العربي، ما يجعل الاستغناء عنه محالاً بالنسبة لشيوخ الكتلة الوطنية.

    الإضراب الستيني

    توفي إبراهيم هنانو في 21 تشرين الثاني 1935 واندلعت مواجهات عنيفة بين الكتلة الوطنية ورجال الشرطة في أثناء جنازته، أدت إلى اعتقال سعد الله الجابري في حلب وفخري البارودي بدمشق. ردت الكتلة بإطلاق إضراب عام في المدن السورية كافة، استمر ستين يوماً، وقد تولّى مردم بك الإعلان عنه رسميّاَ من على منبر الجامع الأموي يوم 21 كانون الثاني 1936. اعتُقل فوراً ونُفي إلى بلدة إعزاز على الحدود السورية – التركية، قبل أن يطلق سراحه عند توصل هاشم الأتاسي إلى اتفاق مع الفرنسيين، يقضي بإنهاء الإضراب الستيني مقابل سفر وفد رفيع من الكتلة الوطنية إلى فرنسا للتفاوض على مستقبل سورية.

    مفاوضات باريس عام 1936

    سافر أعضاء الوفد إلى باريس في 26 آذار 1936 وكان الوفد مؤلفاً من هاشم الأتاسي (رئيساً) وعضوية جميل مردم بك وسعد الله الجابري وفارس الخوري. وفي 9 أيلول 1936 وُقّعت معاهدة عام 1936 في مقر وزارة الخارجية الفرنسية في باريس، بحضور رئيس الوزراء الفرنسي ليون بلوم. نصّت المعاهدة على توسيع صلاحيات الحكومة السورية واستعادة حقائب الدفاع والخارجية الملغاة منذ سنة 1920، مع ضمان وحدة الأراضي السورية وإنهاء الحكم الذاتي القائم في جبل الدروز ودولة جبل العلويين منذ بدأ الانتداب الفرنسي. وسمحت فرنسا بأن يكون للسوريين جيش وطني بدلاً من الجيش الفيصلي الذي وحُلّ إبان معركة ميسلون سنة 1920، شرط أن أن تتكفّل باريس بتدريبه وتسليحه.

    توقيع معاهدة عام 1936 في مبنى وزارة الخارجية بباريس.
    توقيع معاهدة عام 1936 في مبنى وزارة الخارجية بباريس.

    وقد ضمنت معاهدة عام 1936 قاعدتين عسكريتين دائمتين للقوات الفرنسية على الساحل السوري، مع تسهيلات عبور البضائع والصادرات الفرنسية. ووافق الطرفان على اتفاقية دفاع مشترك بينهما، تعطي الجيش الفرنسي حق الانتفاع من البر والجو والبحر في سورية في حال نشوب حرب عالمية جديدة في أوروبا.

    رئيساً للحكومة (21 كانون الأول 1936 – 23 شباط 1939)

    عاد وفد الكتلة الوطنية من باريس واستقال رئيس الجمهورية محمد علي العابد من منصبه، فاتحاً المجال أمام إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة، تماشياً مع روح المعاهدة. فازت الكتلة بغالبية مقاعد المجلس النيابي وانتُخب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية وفارس الخوري رئيساً لمجلس النواب. كُلف جميل مردم بك بتشكيل حكومته الأولى يوم 21 كانون الأول 1936، وذهبت كل حقائبها إلى رفاقه في الكتلة الوطنية. عُيّن سعد الله الجابري في وزارة الخارجية المستحدثة، إضافة لمنصبه وزيراً للداخلية، وسمّي شكري القوتلي وزيراً للدفاع، إضافة إلى منصبه وزيراً للمالية.

    جميل مردمبك ورئيس وزراء لبنان خير الدين الأحدب.
    جميل مردمبك ورئيس وزراء لبنان خير الدين الأحدب.

    فور توليه الحكم، أرسل جميل مردم بك معاهدة عام 1936 إلى المجلس النيابي الذي صادق عليها بالإجماع. ولكنّ البرلمان الفرنسي لم يتعامل بالمثل وردّ المعاهدة بسبب حملة ممنهجة أقيمت ضدها في الصحف الفرنسية الكبرى ومن قبل معظم المؤسسات الاقتصادية الفرنسية التي كان لها وجود في سورية والشرق الأوسط. جميعهم طالبوا البرلمان الفرنسي برفض المعاهدة، إمّا خوفاً من تمادي النفوذ البريطاني في المنطقة، أو تحسباً لأي حرب مقبلة في أوروبا. وقال آخرون إن الجمهورية الفرنسية عليها ألا تنسحب من سورية صوناً لحقوق الأقليات ومنعاً لانتشار الشعور القومي في مُستعمراتها في شمال أفريقيا، وذلك لضمان خطوط التجارة والاتصالات مع شرق آسيا.

    في حزيران 1937 استقالة حكومة ليون بلوم وعاد إدوار دالادير إلى الحكم في فرنسا، رافعاً شعار “التمسّك بالإمبراطورية الفرنسية.” في تشرين الثاني 1937، سافر جميل مردم بك إلى باريس ووقّع على ملاحق إضافية للمعاهدة، منها إعطاء فرنسا حق التنقيب عن النفط في المنطقة الشرقية وإلحاق مستشارين فرنسيين دائمين بالدولة السورية.

    لم تنجح تنازلاته في إقناع المشرعين الفرنسيين بالعدول عن موقفهم الرافض للمعاهدة، وفي آب 1937 عاد مردم بك إلى باريس وبقي فيها ثلاثة أشهر متواصلة، وقّع فيها على تنازلات إضافية مثل صون مكانة اللغة الفرنسية في المناهج التربوية السورية. وقد وصل به الأمر إلى حد اقتراح إلغاء المعاهدة بشكل كامل والعودة إلى حكم فرنسي مباشر، شرط أن يُضم لبنان إلى سورية، ولكن هذا العرض قوبل بالرفض من قبل الحكومة الفرنسية والبرلمان الفرنسي معاً.

    معارضة الشهبندر

    بموجب العفو العام الذي صدر في بداية عهد الكتلة الوطنية عاد عبد الرحمن الشهبندر إلى سورية بعد منفى دام قرابة الاثنتي عشرة سنة، وفور وصوله دمشق فتح نيرانه على معاهدة عام 1936 ورأى أنها لم تُلبّي المطالب الوطنية السورية وأنها أعطت فرنسا الكثير من التنازلات غير المسوّغة. انزعج مردم بك من هذا النقد اللاذع، وغاب هو وكل رجالات حكمه عن جميع المناسبات التي أُقيمت احتفالاً بعودة الشهبندر إلى سورية.

    في أحاديثه الصحفية وخُطبه الجماهيرية وجّه الشهبندر لوماً شديداً إلى الحكومة المردمية، وقال إنها جاءت إلى الحكم على دماء شهداء الثورة السورية الكبرى. وفي إحدى المناسبات قال الشهبندر: إنّ هذه المعاهدة كلها سُموم ويحاول السيد جميل مردم بك تبليعها أبناء سورية وطليها بالعسل، ولكن أبناء البلاد سيطحنون جرعة المعسول بالعقل ليروا السموم المدسوسة فيه.”

    ردّاً على الشهبندر وحملته رَفض مردم بك إعطاؤه ترخيصاً لممارسة العمل السياسي وأمر بوضعه تحت الإقامة الجبرية في داره. واعتقل عدداً من مُناصريه بتهمة عقد اجتماعات سياسية غير مرخصة في حيّ الميدان، جرى فيها “التحريض على الدولة ونظامها الجمهوري.”

    سلخ لواء اسكندرون

    ومن أخطر التحديات التي واجهت جميل مردم بك كانت قضية لواء إسكندرون، الذي سُلخ عن سورية وضُمّ إلى أراضي تركيا على مراحل، ضماناً لحيادها في الحرب العالمية المقبلة. عجز مردم بك عن حماية اللواء، ما فجّر هجوماً عنيفاً ضده من قبل الشهبندر وغيره من السياسيين السوريين. وقد زاد من نقمة خصومه عليه أنه توقف في أنقرة عند عودته من فرنسا في إحدى المرات وقضى ليلة في ضيافة الرئيس التركي كمال أتاتورك.  انتشرت إشاعة في الأوساط السياسية يومها أن جميل مردم بك “باع اللواء” إلى تركيا وقد تبنتها الصحافة الموالية للشهبندر وروّجت لها.

    مشاكل داخلية

    داخلياً حصل خلاف بين جميل مردم بك ووزير المالية شكري القوتلي، كان سببه إصرار رئيس الحكومة على تجديد اتفاق مصرف سورية ولبنان القائم منذ سنة 1922، على الرغم من معارضة وزير المالية. انتظر مردم بك سفر القوتلي إلى السعودية للقيام بمناسك الحج وجدّد الاتفاق في غيابه، ما أدى إلى استقالة القوتلي غضباً في 27 آذار 1938.

    وفي نهاية عهد الحكومة المردمية ظهرت قضية قانون تنظيم الأحوال الشخصية في سورية، الذي سمح لأي مواطن سوري بلغ سن الرشد أن يختار دينه وأن يتنقل بحرية من طائفة إلى أخرى، أو من دين إلى دين، دون إعلام مجلس الملّة أو الكنيسة أو دار الإفتاء. وسمح القانون لأي امرأة مسلمة أن تتزوج من مسيحي. كان جميل مردم بك، المعروف بتوجهاته العلمانية منذ أن كان طالباً جامعياً في باريس، ميّالاً للمصادقة على القانون الفرنسي ولكنّه أدرك سريعاً استحالة هذا الأمر وتراجع عنه تحت ضغط هائل من الشارع الديني وتهديد مباشر من الشيخ كامل القصّاب. وفي 14 حزيران 1938 تعرض جميل مردم بك إلى محاولة اغتيال وهو في طريقه إلى افتتاح مرفأ بيروت، قيل إنها كانت من تدبير كامل القصّاب ورفاقه.

    بعد إعطاء موافقته الأولية على قانون الأحوال الشخصية تنصّل منه جميل مردم بك وأعطى أمراً معاكساً للمحاكم السورية بعدم تطبيقه إلا بعد أخذ موافقة مجلس النواب. وفي 23 شباط 1939 استقال مردم بك من منصبه بحجة قانون الأحوال الشخصية، ولكن السبب الحقيقي كان أبعد من ذلك بكثير، ويعود إلى فشله في تمرير معاهدة عام 1936 ومنع سلخ لواء إسكندرون. قبل مغادرته السراي الكبير شكّل مردم بك لجنة لإعادة دراسة قانون الأحوال الشخصية، قررت طيّه إلى أجل غير مُسمّى.

    اغتيال الشهبندر

    وفي 6 حزيران 1940، اغتيل عبد الرحمن الشهبندر في عيادته الطبية بدمشق، ووجهت أصابع الاتهام إلى جميل مردم بك ورفاقه في الكتلة، سعد الله الجابري ولطفي الحفار. كان هذا الاتهام السريع ناتجاً عن الخصومة التاريخية بينهم وبين الشهبندر وقبل ساعات قليلة من صدور مذكرة الاعتقال، هرب ثلاثتهم إلى العراق. جرت محاكمتهم غيابياً بدمشق بتهمة التحريض على القتل وأفاد أحد الجناة بأن جميل مردم بك هو الذي مول عملية الاغتيال وخطط لها عن طريق مدير مكتبه عاصم النائلي. ولكن المحكمة المختصة بقضية الشهبندر أصدرت حكماً ببراءة مردم بك والجابري والحفار، فعادوا إلى دمشق بعد إسقاط جميع التهم الموجهة إليهم.

    الرئيس جميل مردم بك
    الرئيس جميل مردم بك

    وزيراً للخارجية (1943-1945)

    عاد جميل مردم بك إلى نشاطه السياسي ورشح نفسه في انتخابات عام 1943، ليفوز مجدداً بالنيابة عن دمشق. وفي 17 آب 1943 انتخب زميله شكري القوتلي رئيساً للجمهورية وعُيّن مردم بك سفيراً في مصر للإشراف على تأسيس جامعة الدول العربية. سمّي بعدها وزيراً للخارجية في حكومة سعد الله الجابري وفي 14 تشرين الأول 1944، تسلّم حقائب الاقتصاد والدفاع في حكومة الرئيس فارس الخوري، إضافة إلى حقيبة الخارجية. وعند سفر الخوري إلى الولايات المتحدة للمشاركة في تأسيس منظمة الأمم المتحدة في نيسان 1945، ناب عنه جميل مردم بك في رئاسة الحكومة.

    قصف دمشق في 29 أيار 1945

    وفي 29 أيار 1945، دعا رئيس مجلس النواب سعد الله الجابري إلى جلسة برلمانية للاستماع إلى شرح مفصل من جميل مردم بك حول آخر التطورات المتعلقة بالمفاوضات مع فرنسا. حضر مردم بك إلى مجلس النواب، فوجد عدداً كبيراً من الجنود السنغال، وهم عناصر جيش الشرق الفرنسي في سورية، محيطين بالبناء ومنتشرين في جادة الصالحية وشارع العابد. علِم أن الجلسة قد أجّلت بسبب عدم توفر نصاب قانوني، فاستأذن وعاد إلى مكتبه في السراي الحكومي، مستعملاً الباب الخلفي لمبنى البرلمان. بعد دقائق بدأ القصف الفرنسي على مجلس النواب، اقتحمه الجنود بنية اعتقال مردم بك والجابري، الذي كان قد غادر المبنى من الباب الخلفي نفسه. وعندما لم يجدوهما أحرقوا المبنى وصادروا أوراق رئيسه. ثم توجهت نيران المدافع إلى السراي، بعد وصول مردم بك إليه.

    بقي مردم بك صادماً حتى قدوم الليل وغادر دار الحكومة تحت جنح الظلام متجهاً إلى قصر الرئيس خالد العظم في سوق ساروجا، الذي فتح أبوابه أمام الضيوف الهاربين من النيران الفرنسية، من وزراء ونواب وعناصر من الشرطة والدرك. وعندما عرف الفرنسيون مكان وجوده قصفوا ساروجا من الجو، مخلفين دماراً كبيراً في أبنيته التاريخية.

    بعث مردم بك برسائل إلى دول الجوار مناشداً دعم العرب لمواجهة العدوان، وسافر سعد الله الجابري إلى القاهرة للاحتجاج أمام مجلس جامعة الدول العربية. وفي 1 حزيران 1945، صدر إنذار عن رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، طالب بوقف العدوان الفرنسي وبدء انسحاب الفرنسيين عن سورية. قاد جميل مردم بك المفاوضات النهائية مع فرنسا لتسلّم المصالح المشتركة من سلطة الانتداب، من مطارات مدنية وعسكرية وثكنات ومؤسسات اقتصادية كمصلحة التبغ وشركة الكهرباء. وفي 17 نيسان 1946، احتفلت سورية بجلاء القوات الفرنسية عن أراضيها وشارك جميل مردم بك بالعيد الوطني كأحد الآباء المؤسسين للدولة السورية الحديثة.

    الرئيس مردم بك مع الملك عبد الله والرئيس رياض الصلح سنة 1948.
    الرئيس مردم بك مع الملك عبد الله والرئيس رياض الصلح سنة 1948.

    الحكومة المردمية الثالثة (28 كانون الأول 1946 – 6 تشرين الأول 1947)

    وفي مطلع عهد الاستقلال، عاد مردم بك إلى صدارة المشهد السياسي عبر مشاركته في تأسيس الحزب الوطني، وهو الحزب السياسي الذي أنشئ على أنقاض الكتلة الوطنية، وكان برئاسة سعد الله الجابري. وفي كانون الأول 1946 كلفه القوتلي بتشكيل حكومة جديدة إثر مرض الجابري، الذي توفي بعدها بأشهر قليلة. عُدّل الدستور السوري للسماح للقوتلي بولاية رئاسية جديدة، ما أثار حفيظة الطبقة السياسية في حلب وساهم في ولادة حزب الشعب المناهض للحزب الوطني. حاول مردم بك استيعاب قادة حزب الشعب وعرض عليهم المشاركة في حكومته الرابعة ولكنهم رفضوا.

    وقد شهدت هذه الحكومة صدور قرار تقسيم فلسطين وإنشاء جيش الإنقاذ قبل الإعلان عن ولادة دولة إسرائيل في 14 أيار 1948 ودخول الجيش السوري إلى ميدان المعركة، بعد تسمية مردم بك حاكماً عرفياً على سورية. وكان  مردم بك أول من أقرّ التجنيد الإجباري نهاية العام 1946، تحسباً لدخول سورية الحرب الفلسطينية، وعند استقالة وزير الدفاع أحمد الشرباتي من منصبه في 25 أيار 1948، تسلّم حقيبة الدفاع بنفسه لغاية خروجه من الحكم نهاية ذلك العام.

    الحكومة المردمية الخامسة والأخيرة (22 آب 1948 – 16 كانون الأول 1948)

    عدّل مردم بك حكومته يوم 22 آب 1948، مستحدثاً منصب نائب رئيس الوزراء، الذي ذهب إلى صديقه القديم لطفي الحفار، أحد أركان الحزب الوطني.  وجهت اتهامات إلى الحكومة المردمية الخامسة بالتقصير في حرب فلسطين وعدم تسليح الجيش للقيام بمهامه. اصطدم مردم بك ببعض الضباط، وبناء على الأحكام العرفية، عطّل عدد من الصحف اليومية وأمر باعتقال بعض المعارضين والمحرضين ضده، وفي مقدمتهم ميشيل عفلق، مؤسس حزب البعث.

    الرئيس جميل مردم بك في مصر سنة 1944.
    الرئيس جميل مردم بك في مصر سنة 1944.

    أدت هذه التصرفات إلى استقالة نائب رئيس الحكومة لطفي الحفار ووزير الداخلية صبري العسلي من مناصبهم في 9 تشرين الثاني 1948، وتبعهم بعد عشرة أيام وزير المالية وهبي الحريري، ما أفقد الحكومة نصابها الدستوري. وفي 16 كانون الأول 1948، قدم جميل مردم بك استقالة حكومته إلى رئيس الجمهورية شكري القوتلي، معلناً اعتزاله العمل السياسي نظراً لهزيمة الجيوش العربية، ورأى أنه يتحمل جزءاً من مسؤولية ما حدث في فلسطين.

    السنوات الأخيرة

    عاش جميل مردم بك سنواته الأخيرة في القاهرة حيث تعرف على الرئيس جمال عبد الناصر. حاول عبد الناصر إقناعه بالعودة إلى سورية والترشح لرئاسة الجمهورية سنة 1955، ولكنه رفض ونشر تصريحاً في الصحف السورية والمصرية مشدداً على اعتزاله العمل السياسي بشكل قاطع ونهائي. وكان آخر ظهور له في شباط 1958، عندما دُعي إلى حضور مراسيم توقيع ميثاق الجمهورية العربية المتحدة في القاهرة، حيث وقف خلف عبد الناصر وصديقه القديم الرئيس شكري القوتلي.

    الوفاة

    توفي جميل مردم بك في القاهرة عن عمر ناهز 65 عاماً يوم 28 آذار 1960، وأعيد جثمانه إلى دمشق حيث ووري الثرى في مدافن الأُسرة المردمية.

    أوراق جميل مردم بك

    ترك جميل مردم بك مجموعة من الأوراق والمُذكّرات، نشرت ابنته الوحيدة سلمى مردم بك بعضاً منها في كتاب أوراق جميل مردم بك الصادر سنة 1994. تُرجم الكتاب إلى اللغة الإنجليزية، وتقدمت به سلمى مردم بك لنيل شهادة الماجستير من جامعة أوكسفورد، ولكنها رحلت سنة 1996 قبل نشر بقية المذكرات والأوراق.

     المناصب

    وزيراً للمالية (15 حزيران 1932 – 19 نيسان 1933)
    • سبقه في المنصب: توفيق شامية
    • خلفه في المنصب: شاكر نعمت الشيباني
    وزيراً للزراعة بالوكالة (15 حزيران 1932 – 19 نيسان 1933)
    رئيساً للحكومة السورية (21 كانون الأول 1936 – 23 شباط 1939)
    وزيراً للخارجية (19 آب 1943 – 24 آب 1945)
    وزيراً للدفاع (14 تشرين الثاني 1944 – 7 نيسان 1945)
    وزيراً للاقتصاد (14 تشرين الثاني 1944 – 7 نيسان 1945)
    رئيساً للحكومة السورية (28 كانون الأول 1946 – 16 كانون الأول 1948)
    وزيراً للدفاع (25 أيار– 16 كانون الأول 1948)
    حاكم سورية العرفي (25 أيار – 16 كانون الأول 1948
    • سبقه في المنصب: لا يوجد
    • خلفه في المنصب: لا يوجد
  • جريدة فتى العرب

    فتى العرب، صحيفة يومية سياسية أطلقها الأديب معروف الأرناؤوط بدمشق سنة 1920 واستمرت بالصدور لغاية قيام الوحدة السورية المصرية سنة 1958. كانت من أطول الصحف السورية عمراً وتأثيراً، وعاشت أطول من صاحبها الذي توفي سنة 1948. صدر عددها الأول يوم 18 شباط 1920 وكانت محسوبة على فيصل الأول بعد تتويجه ملكاً على البلاد يوم 8 آذار 1920. صدرت بداية بأربع صفحات من الحجم المتوسط ثم تحولت إلى القطع الكبير قبل أن ينخفض عدد صفحاتها بسبب الارتفاع العالمي بسعر الورق أثناء الحرب العالمية الثانية. وبعد صاحبها سنة 1948 انتقل امتياز صحيفة فتى العرب إلى صلاح شيخ الأرض، عديل معروف الأرناؤوط، وظلّت تصدر لغاية عام 1958.

  • توفيق قباني

    توفيق قباني
    توفيق قباني

    توفيق قباني (توفي 1954)، صناعي سوري من دمشق، كان عضواً في الكتلة الوطنية وممولاً لنشاطتها المعارض للانتداب الفرنسي. أسس أول معمل للملبّس في سورية وكان مساهماً رئيسياً في عدد من المشاريع الصناعية الكبرى، وهو والد الشاعر نزار قباني، وشقيقه الدكتور صباح قباني مؤسس التلفزيون العربي السوري وسفير سورية في الولايات المتحدة الأمريكية.

    البداية

    ولد توفيق قباني في دمشق وسافر إلى مصر وهو في الخامسة عشرة من عمره، لمرافقة جده أبي خليل القباني، مؤسس المسرح في سورية، عند لجوء الأخير إلى القاهرة هرباً من تعصّب بعض رجال الدين الرافضين لنشاطه الفني، وإبان صدور فرمان من السلطان عبد الحميد الثاني بمنع التمثيل في ولاية سورية. وفي القاهرة، تعلّم من الجاليات الإيطالية والفرنسية طرق صناعة الملبّس والنوكا والشوكولا، الغريبة حتى ذلك الوقت عن المجتمع الدمشقي.

    أول مصنع للملبّس في سورية

    عندما عاد إلى دمشق أسس أول معمل لصناعة الملبّس بين سوق البزورية ومحلّة مئذنة الشحم، كُتب فوق مدخله “المؤسس الأول لمعمل الملبّس” في مُذكّراته، يصف الدكتور صباح قباني ابتكار والده ويقول إنها “أبهرت أهل الشّام بشكلها ومذاقها، وحيرتهم كيف يُمكن لحبة اللوز أن تدخل غلاف سكري محكم الإغلاق لتصبح الملبّس.”

    نشاطه في الكتلة الوطنية

    انتسب قباني إلى الكتلة الوطنية وله يعود الفضل في إنشاء عدد من المشاريع الصناعية الكبرى التي هدفت إلى تشغيل اليد العاملة وإيجاد مصدر دخل ثابت للكتلة وتحريرها من الاعتماد على التبرعات ورسوم العضوية. تعاون مع فارس الخوري وخالد العظم على تأسيس معمل الإسمنت في منطقة دمّر سنة 1932، ومع شكري القوتلي في معمل الكونسروة عام 1934 الذي انتُخب عضواً في مجلس إدارته.

    ترأس حملة مقاطعة البضائع الصهيونية القادمة من فلسطين إلى سورية، وفي شباط 1934 قام بجمعها وحرقها وسط سوق الحميدية. لعب دوراً محورياً في تنظيم الإضراب الستيني سنة 1936 وبعدها بثلاث سنوات اعتقل وسجن في تدمر أولاً ثم رحل إلى سجن الرمل في بيروت، بتهمة التمويل والتخطيط لأعمال مناهضة للانتداب الفرنسي. تعرض لضرر جسدي مزمن في السجون الفرنسية، وفي تعليق نزار قباني على نشاط أبيه الوطني: “كان أبي إذاً يصنع الحلوى ويصنع الثورة. وكنت أُعجب بهذه الازدواجية فيه، وأُدهش كيف يستطيع أن يجمع بين الحلاوة والضراوة.”

    شهادة نزار قباني

    وفي كتاب قصتي مع الشعر، يضيف نزار:

    وإذ أردتُ تصنيف أبي، أصنفه دون تردد بين الكادحين، لأنه أنفق خمسين عاماً من عمره، يستنشق روائح الفحم الحجري، ويتوسّد أكياس السُكر وألواح خشب السحاحير…وكان يعود إلينا من عمله في زقاق معاوية كلّ مساء، تحت مياه المزاريب الشتائية كأنه سفينة مثقوبة. وإنني لا أذكّر وجه أبي المطلي بهباب الفحم وثيابه الملطّخة بالبقع والحروق، كلّما قرأت كلام من يتهمونني بالبرجوازية والانتماء إلى الطبقة المرفهة، والسلالات ذات الدم الأزرق. أي طبقة، وأي دم ازرق هذا الذي يتحدثون عنه؟ إن دمي ليس ملكياً، ولا شاهانياً، وإنما هو دم عادي كدم آلاف الأًسر الدمشقية الطيّبة التي كانت تكسب رزقها بالشرف والاستقامة والخوف من الله.

    الوفاة

    توفي الحاج توفيق قباني بدمشق سنة 1954.

  • توفيق شامية

    توفيق شامية
    توفيق شامية

    توفيق بن جبران شامية (1885-1963)، سياسي سوري وأحد أعيان مدينة دمشق، كان عضواً مؤسساً في حزب الشعب مع عبد الرحمن الشهبندر سنة 1925 والكتلة الوطنية مع هاشم الأتاسي سنة 1928. تسلّم مناصب وزارية عدة في زمن الانتداب الفرنسي وعُيّن محافظاً على منطقة الجزيرة عام 1937، وعلى مدينة حماة عام 1941.

    البداية

    ولِد توفيق شامية في دمشق وهو سليل إحدى أعرق وأغنى العائلات المسيحية التي كانت تملك أراضي زراعية شاسعة في منطقة القلمون وفي بعلبك. وكان قصرها الفاخر في منطقة باب توما مقراً لإقامة غليوم الثاني، إمبراطور ألمانيا، في أثناء زيارته دمشق سنة 1898. دَرَس توفيق شامية في الجامعة الأميركية في بيروت وبدأ حياته المهنية مديراً للمطبوعات في عهد الملك فيصل عام 1920 ثمّ معاوناً لوزير الخارجية عبد الرحمن الشهبندر، زميل الدراسة في الجامعة الأميركية.

    مع الشهبندر

    وعندما أسس الشهبندر حزب الشعب في 5 حزيران 1925، تعاون مع توفيق شامية على صياغة الأهداف والمبادئ، وفي شهر تموز من العام نفسه، التحق كلاهما بصفوف الثورة السورية الكبرى التي انطلقت من جبل الدروز ضد الانتداب الفرنسي. حُكم عليهما بالإعدام، فهرب الشهبندر إلى مصر وألقي القبض على توفيق شامية وسُجِن في جزيرة أرواد قبل نفيه إلى مدينة الحسكة. ولكن الفرنسيين اكتفوا بالاعتقال والنفي ولم ينفذوا الحكم الصادر بحقه.

    مع الكتلة الوطنية

    بعد خروجه من السجن سنة 1928، انضمّ توفيق شامية إلى صفوف الكتلة الوطنية التي جاءت على أنقاض حزب الشعب، والتي كانت تهدف إلى تحرير سورية بطُرق سلمية وسياسية بعيداً عن النضال المسلّح الذي كان قد نادى به الشهبندر. عُيّن وزيراً للأشغال العامة في حكومة تاج الدين الحسني الأولى سنة 1928، ممثلاً عن الكتلة الوطنية. وفي 14 آب 1930 سمّي وزيراً للمالية في حكومة الشيخ تاج الثانية.

    وعندما وصلت الكتلة الوطنية إلى الحكم في كانون الأول 1936، عيّنه رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي محافظاً على منطقة الجزيرة. كانت الأوضاع مضطربة جداً في المنطقة الشرقية عشية وصول المحافظ الجديد، حيث إن الآشوريين المسيحيين نفّذوا عصياناً ضد الدولة السورية، مطالبين بحكم ذاتي. حاول توفيق شامية ترويضهم ومفاوضة زعمائهم، ولكنّ مساعيه لم تنجح فمنعه الآشوريون من دخول دار الحكومة، قبل خطفه وإرساله مُهاناً إلى دمشق. رفضت الحكومة السورية عودته إلى الجزيرة، حفاظاً على سلامته الشخصية، وظلّ توفيق شامية خارج الحكم حتى سنة 1941، عندما جاء تعيينه محافظاً على مدينة حماة في عهد الرئيس تاج الدين الحسني، الذي استمر لغاية 17 كانون الثاني 1943.

    في عهد الرئيس القوتلي

    في سنة 1943 رَشح توفيق شامية نفسه للمقعد الأورثودوكسي في البرلمان السوري، ولكنه انسحب بطلب من زعيم الكتلة الوطنية ومرشحها لرئاسة الجمهورية شكري القوتلي، الذي فضّل أن يذهب المقعد الأورثودوكسي لشخصية سياسية من حلب. تجاوب شامية مع طلبه، وعند انتخاب القوتلي رئيساً في 17 آب 1943، سُمّي شامية وزيراً للزراعة والتجارة بالوكالة في حكومة سعد الله الجابري الأولى. وفي عام 1948، انتُخب توفيق شامية عضواً في المجلس الملّي الأورثودوكسي بدمشق، ليتقاعد من العمل السياسي في أعقاب الانقلاب الأول سنة 1949، الذي قاده حسني الزعيم ضد الرئيس القوتلي.

    الوفاة

    توفي توفيق شامية في دمشق عن عمر ناهز 78 عاماً سنة 1963. وقد اشتهر أكبر أبنائه من بعده وهو جبران شامية الذي درس في الجامعة الأميركية في بيروت مثل أبيه ودرّس فيها قبل أن يُصبح مستشاراً في وزارة الخارجية السورية.

    قصر آل شامية

    يُعد قصر عائلة شامية من أجمل قصور دمشق وأفخمها، وقد حُوّل جزء منه إلى مقر لمنظمة الصليب الأحمر في الحرب العالمية الأولى، قبل بيعه من قبل توفيق شامية للمغترب عبد الله جرجس خياطة سنة 1924، والذي حوّله إلى وقف لصالح الكنيسة الأورثودوكسية.

    المناصب

    وزيراً للأشغال العامة (15 شباط 1928 – 14 آب 1930)
    • سبقه في المنصب: رشيد المدرّس
    • خلفه في المنصب: فؤاد العادلي
    وزيراً للمالية (14 آب 1930 – 19 تشرين الثاني 1931)
    وزيراً للزراعة والتجارة (19 آب 1943 – 14 تشرين الأول 1944)
    • سبقه في المنصب: الأمير مصطفى الشهابي في وزارة الاقتصاد التي تولّت شؤون الرزاعة والتجارة
    • خلفه في المنصب: جميل مردم بك في وزارة الاقتصاد التي تولّت شؤون الرزاعة والتجارة
  • تاج الدين الحسني

    الرئيس تاج الدين الحسني
    الرئيس تاج الدين الحسني

    محمد تاج الدين بن بدر الدين الحسني (1885 – 17 كانون الثاني 1943)، رئيس جمهورية سوري أسبق، ورجل دولة، كان رئيساً لأربع حكومات قبل تعيينه رئيساً للجمهورية من 16 أيلول 1941 ولغاية وفاته يوم 17 كانون الثاني 1943. هو ابن المحدّث الأكبر الشيخ بدر الدين الحسني، أحد أشهر علماء بلاد الشّام، وقد تأثر به كثيراً. عمل في التدريس الديني والقضاء الشرعي، قبل أن يصبح عضواً في مجلس الشورى ويشارك في وضع دستور سورية الجمهوري الأول سنة 1928. لُقّب بالرئيس المِعمار لشدّة اهتمامه بالتطوير والبناء، وفي عهده نالت سورية استقلالها عن الانتداب الفرنسي سنة 1941، ولكنّ انسحاب القوات الفرنسية بقي مشروطاً بنهاية الحرب العالمية الثانية في أوروبا.

    البداية

    ولِد تاج الدين الحسني في دمشق ودرس علوم الشريعة واللغة العربية على يد والده العلّامة الشيخ بدر الدين الحسني، الذي تعود أصوله إلى المغرب العربي. ودَرَس الفقه الإسلامي على يد الشيخ محمد رشيد العطّار. وفي سنة 1912، عُيّن مُدرساً في المدرسة السلطانية بدمشق وعضواً في مجلس إصلاح المدارس.

    العمل في الصحافة

    اختاره جمال باشا، حاكم سورية العسكري أثناء الحرب العالمية الأولى، ليكون رئيساً لتحرير جريدة الشرق التي أسسها لتغطية أخبار جبهات القتال العثمانية. تعاون الشيخ تاج مع الأمير شكيب أرسلان، الذي عُيّن نائباً لرئيس التحرير، وصدر العدد الأول من الشرق في 27 نيسان 1916. وبعد استقالة الأمير شكيب من منصبه احتجاجاً على إعدامات جمال باشا في 6 أيار 1916، كُلّف محمد كرد علي بإدارة تحرير الجريدة، وظلّت الشرق تصدر بشكل منتظم حتى انسحاب الجيش العثماني من سورية في 26 أيلول 1918.

    مع الملك فيصل الأول

    بعد انتهاء الحكم العثماني بايع الشيخ تاج الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على سورية في 3 تشرين الأول 1918، واضعاً نفسه تحت تصرفه وتصرف والده الشريف حسين بن عليّ، قائد الثورة العربية الكبرى. اجتمع الشيخ تاج بالأمير فيصل وقدّم له شرحاً مُفصلاً عن ظروف المدارس الشرعية في سورية واحتياجاتها، فأُعجب الأمير بفصاحته وبلاغته، وقام بتعيينه دوناً عن غيره من شباب دمشق مُديراً للقصر الملكي في منطقة المهاجرين. وسُمّي عضواً في محكمة التمييز الشرعية وفي مجلس شورى الدولة.

    في سنوات العهد الفيصلي (1918-1920)، انتسب الشيخ تاج إلى الحزب السوري الوطني المنادي بوحدة الأراضي السورية واستقلالها التام تحت عرش الأسرة الهاشمية، وفي سنة 1919 انتُخب نائباً عن دمشق في المؤتمر السوري العام وشارك في مراسيم تتويج الأمير فيصل ملكاً على سورية يوم 8 آذار 1920. وبعد سقوط حكم الملك فيصل وفرض الانتداب الفرنسي على سورية سنة 1920، سافر الشيخ تاج إلى باريس حيث تعرف على المسؤولين عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية. عرضوا عليه تولّي رئاسة الحكومة السورية نهاية عام 1925، ولكنه رفض بسبب الاحتقان السّياسي واشتعال الثورة السورية المسلّحة في غوطة دمشق وجبل الدروز. وقد وضع شروطاً تعجيزية لقبول المنصب، منها إصدار عفو عام عن المعتقلين والمبعدين وانضمام سورية إلى عصبة الأمم.

    معارضاً لحكم الداماد

    وفي السنوات 1926-1928 ترأس المعارضة ضد رئيس الدولة الداماد أحمد نامي، واتخذ من دار الحديث الأشرفية في منطقة العصرونية مقراً له، حيث ضمت مجموعته الوزير السابق واثق مؤيد العظم والصحفي معروف الأرناؤوط وزميله نجيب الريّس وغيرهم.

    الشيخ تاج رئيساً للحكومة سنة 1928
    الشيخ تاج رئيساً للحكومة سنة 1928

    وزارة الشيخ تاج الأولى سنة 1928

    بعد أشهر قليلة من انتهاء الثورة وعودة الاستقرار أُعيد تكليفه برئاسة الحكومة، وشكل وزارته الأولى في 15 شباط 1928، خلفاً لحكومة الداماد. كانت حكومة الشيخ تاج مؤلفة من ستة وزراء، من بينهم وزيران من الكتلة الوطنية المعارضة لفرنسا، وهم توفيق شامية الذي عين وزيراً للأشغال العامة، وعبد القادر الكيلاني، الذي سمّي وزيراً للزراعة.

    أصدرت حكومة الشيخ تاج عفواً عن السياسيين المبعدين منذ سنة 1920 – لم يشمل قادة الثورة السورية الكبرى – وأشرفت على انتخابات الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع أول دستور جمهوري للبلاد، بدلاً من الدستور الملكي الذي سقط مع نهاية الحكم الفيصلي سنة 1920. جرت هذه الانتخابات في يوم 24 نيسان 1928، وقيل إن تزويراً كبيراً قد حصل من قبل رجال الشرطة في دمشق، وتحديداً في أحياء الشاغور وباب شرقي. ووجَّهت المعارضة الممثلة بالكتلة الوطنية اتهاماً مباشراً وصريحاً للشيخ تاج، بأنه حاول شراء أصوات سكان ريف دمشق عبر إرسال 600 ليرة عثمانية لكل قرية من قرى الغوطة الشرقية. رد الشّيخ تاج على هذه الاتهامات قائلاً إن المبالغ المذكورة كانت مخصصة للعائلات المتضررة من الثورة السورية الكبرى ولا علاقة لها بالعملية الانتخابية.

    مع ذلك فقد توصل الشيخ تاج إلى تحالف انتخابي مع قادة الكتلة الوطنية، بحيث يكون هو مرشحهم للمجلس النيابي مقابل دعمه للوائحهم في دمشق. وضع رئيس الحكومة اسمه على جميع القوائم الانتخابية في العاصمة السورية، وصار يُعرف بلقب “شيخ القوائم” فازت الكتلة الوطنية يومها بثمانية مقاعد عن العاصمة، وكان المقعد التاسع من نصيب الشّيخ تاج، أمّا بقية حلفائه من قوائم الحكومة، ومنهم وزير الداخلية سعيد محاسن، فقد هُزموا جميعاً في تلك الانتخابات.

    دستور عام 1928

    عقدت الجمعية التأسيسية أولى جلساتها في 9 حزيران 1928، برئاسة هاشم الأتاسي، رئيس الكتلة الوطنية. وفي مدة قياسية لم تتجاوز الأسبوعين تمكن أعضاء الجمعية من وضع دستور عصري للدولة السورية، لم يرد فيه ذكر لا لنظام الانتداب ولا لحدود سورية القائمة على أساس اتفاقية سايكس بيكو. وقد أعطى الدستور صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية السورية المُنتخب، بدلاً من المفوض السامي الفرنسي المعيّن من باريس، الذي غاب ذكره أيضاً عن مسودة الدستور. طلبت المفوضية الفرنسية العليا في بيروت شطب بعض مواد الدستور أو تعديلها والاعتراف بشرعية الانتداب الفرنسي على سورية. رفض هاشم الأتاسي ذلك بشدّة، ولكنّ الشيخ تاج قبل به وطلب إلى زملائه النواب أن يقبلوا، تفادياً لأي صدام مع فرنسا. وقد تعرض الشيخ تاج يومها إلى هجوم عنيف من نائب دمشق فخري البارودي (أحد قادة الكتلة الوطنية) الذي اعتلى منبر المجلس ووصفه بالخائن، فقام الشيخ تاج بالانسحاب من الجلسة، غضباً واحتجاجاً. ونظراً لإصرار زعماء الكتلة على موقفهم الرافض للتعديلات المقترحة، قامت فرنسا بحلّ الجمعية التأسيسية وتعطيل الدستور إلى أجل غير مسمّى، ليُفرَض سنة 1930، بعد إضافة المواد الجديدة، دون العودة إلى السلطة التشريعية المنتخبة.

    الرئيس المعِمار

    كان الشّيخ تاج فخوراً جداً بالإنجازات العمرانية التي حصلت في عهده، سواء عندما كان رئيساً للحكومة أو بعد توليه رئاسة الجمهورية، وقد طلب إلى مطبعة الحكومة وضع كتاب عنها سنة 1931. وقد ضمّت هذه المنجزات إنشاء مستشفى ابن رشد للأمراض السارية في حلب ومستشفى الرازي للأمراض الجلدية والعينية، إضافة لمشفى الأمراض العقلية في القصير ومشفى آخر في مدينة دير الزور. ودُشّنت في عهده أربع وعشرون مدرسة للذكور وأربع مدارس للبنات وثلاث مدارس للبدو، ومعها المدرسة العليا للآداب في دمشق، قام الشّيخ تاج بافتتاحها يوم 9 تشرين الثاني 1929. ويعود له الفضل أيضاً في شقّ طريق دمشق – حلب وطريق القنيطرةبانياس، وإنشاء سرايا الحكم في كل من حلب وإدلب والقامشلي ورأس العين وعفرين والباب ومنبج وجرابلس وقطنا ودوما. وأخيراً شيّد مقر المجلس النيابي الحالي وسط مدينة دمشق على أنقاض سينما قديمة، والذي يُعدّ من أهم منجزات الشيخ تاج المعمارية وأكبرها.

    العودة إلى الحكم سنة 1934

    انتخب الشيخ تاج نائباً عن دمشق سنة 1932 وفي 11 حزيران رشح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية، ولكنه هزم لصالح المرشح المستقل محمد علي العابد، الذي قام بتعيينه رئيساً للحكومة سنة 1934. تغيرت سياسة الشّيخ تاج هذه المرة ولم يعتمد على أي من حلفائه التقليديين، باستثناء صديقه الوفيّ جميل الألشي، الذي عُيّن وزيراً للأشغال العامة. أمّا بقية الحقائب فقد ذهبت إما لشخصيات مستقلة أو محسوبة على الخط الوطني مثل حسني البرازي، الذي سمّي وزيراً للمعارف، وعطا الأيوبي، الذي عُيّن وزيراً للعدلية.

    الرئيس العابد مع رئيس الحكومة تاج الدين الحسني
    الرئيس العابد مع رئيس الحكومة تاج الدين الحسني

    ومع ذلك، تعرضت حكومة الشيخ تاج الجديدة إلى هجوم كبير من قبل الكتلة الوطنية، التي أمرت بإغلاق أسواق دمشق احتجاجاً على عودته إلى الحكم. عند وفاة زعيم حلب وقائد ثورة الشمال إبراهيم هنانو في تشرين الثاني 1935. خرجت معظم القوى السّياسية في جنازته وأطلقت هتافات معادية لرئيس الجمهورية والشّيخ تاج، فردت سلطة الانتداب باعتقال المتظاهرين وزجّهم في السجون، مما أشعل مظاهرات أكبر وأوسع في المدن السورية كافة. حاول الشّيخ تاج احتواء الموقف، وطلب إلى الفرنسيين التروي وعدم اللجوء إلى العنف ولكنهم رفضوا الاستجابة وأمروا باقتحام منزل هنانو ومصادرة جميع الأوراق والمستندات الموجودة فيه، وقاموا باعتقال صديق هنانو وخليفته سعد الله الجابري في حلب.  وعندما زار الشيخ تاج حلب برفقة الرئيس العابد، تعرض للشتم ومنعه المتظاهرون من دخول الجامع الكبير، بعد احتلال السدّة المخصص له ولرئيس الجمهورية.

    وفي 21 كانون الثاني 1936، تأزم الموقف كثيراً بسبب اعتقال النائب الكتلوي فخري البارودي، وتحولت المظاهرات إلى إضراب عام دام ستين يوماً، لم ينته إلّا  بسقوط حكومة الشّيخ تاج وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين.

    في صفوف المعارضة

    عارض الشّيخ تاج المعاهدة السورية الفرنسية التي وقّعت في باريس في 9 أيلول 1936، وقال إن وفد الكتلة الوطنية المفاوض كان قد أعطى الفرنسيين الكثير من التنازلات ولم يأخذ بالمقابل وعداً صريحاً بالاستقلال التام وغير المشروط. وعند عودة وفد الكتلة من فرنسا، استقال الرئيس محمد علي العابد من منصبه وأجريت انتخابات أوصلت قادة الكتلة الوطنية إلى الحكم وانتُخِب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية في كانون الأول 1936. انتقل الشّيخ تاج فوراً إلى صفوف المعارضة، وسافر إلى فرنسا حيث ظلّ مقيماً حتى سقوط حكم الأتاسي سنة 1939.

    رئيساً للجمهورية 1941-1943

    في الحرب العالمية الثانية هزمت فرنسا على يد الجيش الألماني وأصبحت سورية جزءاً من جمهورية فيشي الموالية للزعيم النازي أدولف هتلر. وفي سنة 1941 دخلت قوة عسكرية بريطانية إلى الأراضي السورية لتحريرها من فيشي، بالتعاون مع قوات فرنسا الحرة التابعة للجنرال شارل ديغول. وبعد تحقيق النصر وطرد فيشي من سورية، جاء ديغول إلى دمشق ووعد الشعب السوري باستقلال قريب ولكنه مشروط بنهاية العمليات القتالية في أوروبا. دُعي هاشم الأتاسي للعودة إلى رئاسة الجمهورية ولكنه رفض، فوقع خيار ديغول على الشّيخ تاج ليكون رئيساً للدولة.

    وقد اشترط الشّيخ تاج بدوره على شارل ديغول توحيد البلاد السورية عند وصوله إلى الرئاسة، وضمّ كلّ من دولة العلويين ودولة الدروز إلى أراضي الجمهورية السورية.  وقال الشيخ تاج: “كوني رئيساً مُعيناً ولست منتخباً، بإمكانكم التخلي عني بشطبة قلم…ولذلك أرغب أن يتم دعوتي رسمياً لتسلّم زمام الأمور في بلادي، تماماً كما دعت حكومة صاحب الجلالة الملك فيصل الأول لتولي عرش العراق سنة 1921.” وافق ديغول على طلب الشّيخ تاج وبعث برسالة خطيّة له، يدعوه فيها رسمياً لتسلّم رئاسة الجمهورية يوم 12 أيلول 1941. بدأت الرسالة بمخاطبة الشّيخ تاج بصفة “دولة الرئيس” كونه رئيس وزراء أسبق، وانتهت بعبارة: “مع فائق الاحترام يا فخامة الرئيس.”

    الرئيس الحسني مع الجنرال ديغول بدمشق
    الرئيس الحسني مع الجنرال ديغول بدمشق

     

    لكسب شرعية مضافة، طلب الشّيخ تاج إلى حسن الحكيم، أحد أكثر السّياسيين السوريين نزاهة وأخبرهم في إدارة شؤون الدولة، أن يكون أول رئيس حكومة في عهده. وتعاون أيضاً مع بعض رجال الكتلة الوطنية أمثال فائز الخوري (شقيق فارس الخوري) الذي سمّي وزيراً للخارجية، وفيضي الأتاسي (أحد أقرباء الرئيس هاشم الأتاسي) الذي عُيّن وزيراً للمعارف. ومن الملفت أيضاً تعاون الشّيخ تاج مع الأقليات ودعوتهم لتسلّم مناصب سياسية في عهده، لتكون هي المرة الأولى في تاريخ سورية التي تدخل فيها شخصيات علوية ودرزية الحكومة السورية. جاء بمنير العباس من أبناء الطائفة العلوية إلى وزارة الأشغال العامة وكلّف عبد الغفار باشا الأطرش من الموحدين الدروز بحقيبة الدفاع، وهو أحد قادة الثورة السورية الكبرى.

    الرئيس الحكيم مع رئيس الجمهورية تاج الدين الحسني سنة 1941
    الرئيس حسن الحكيم مع رئيس الجمهورية تاج الدين الحسني سنة 1941

    استقلال سورية

    في 12 كانون الثاني 1942، أُقيم حفل كبير في السراي الحكومي وسط ساحة المرجة، بمناسبة ضمّ الجبلين إلى سورية، وصدر طابع بريدي بهذه المناسبة، حمل رسم الشّيخ تاج. بعدها أبرق وزير الخارجية فائز الخوري إلى عواصم العالم، معلناً استقلال سورية عن الانتداب الفرنسي باسم “فخامة رئيس الجمهورية محمد تاج الدين أفندي الحسني.”

    طابع استقلال سورية في عهد الشيخ تاج.
    طابع استقلال سورية في عهد الشيخ تاج.

    وقد جاءت ردود رسمية من الملوك والرؤساء، أضفت شرعية دولية على العهد الجديد ورئيسه، كان من بينها رسالة تهنئة من ملك مصر فاروق الأول والملك السعودي عبد العزيز آل سعود وملك بريطانيا جورج السادس. وتبعتهم زيارة رسمية قام بها ملك اليونان جورج الثاني إلى دمشق، الذي حلّ ضيفاً على رئيس الجمهورية.

    الشيخ تاج الدين الحسني رئيساً للجمهورية سنة 1941.
    الشيخ تاج الدين الحسني رئيساً للجمهورية سنة 1941.

    ولكن علاقة الشّيخ تاج برئيس وزرائه حسن الحكيم لم تبق على حالها وقد تدهورت سريعاً بسبب إصرار الأخير على إعادة فتح ملف التحقيق في جريمة اغتيال عبد الرحمن الشهبندر، وهو ما رفضه الشّيخ تاج خوفاً من إحراج الفرنسيين. استقال الحكيم من منصبه في 17 نيسان 1942 وكُلّف حسني البرازي بتشكيل الحكومة الجديدة، ولكنها أيضاً لم تستمر بسبب الصراع الدائر بين رئيسها ورئيس الجمهورية. وفي حكومة البرازي عُيّن الدكتور منير العجلاني، صهر الشيخ تاج، وزيراً لشؤون الرياضة والشباب، وهي حقيبة مستحدثة خصيصاً له وأُلغِيت يوم استقالة وزارة البرازي.

    الأسرة

    تزوج الشيخ تاج من مسرة المدني، وهي من طالبات أبيه الشيخ بدر الدين الحسني، وله منها ستة أولاد. أكبر أولاده وأقربهم إليه كان ضياء الذي لم يتزوج وهاجر إلى الولايات المتحدة حيث توفي في حياة أبيه. ثانيهم شمس الدين تزوج من سيدة مسيحية من آل توما، أما الأصغر سعد الدين فقد تزوج من شقيقة منير العجلاني. وكان للشيخ تاج ثلاث بنات: إسعاف زوجة فريد الخاني، وأميرة زوجة رفيق دياب وإنعام، زوجة منير العجلاني.

    جنازة الشيخ تاج الدين الحسني سنة 1943.
    جنازة الشيخ تاج الدين الحسني سنة 1943.

    الوفاة

    في 8 كانون الثاني 1943 اختار الشيخ تاج صديقه القديم جميل الألشي ليكون ثالث رئيس حكومة في عهده، دون الإدراك أنه سيكون هو الأخير أيضاً. فبعد أيام قليلة من تشكيل الحكومة، توفي الشيخ تاج عن عمر ناهز الثامنة والخمسين عاماً يوم 17 كانون الثاني 1943، ليكون أول رئيس جمهورية يُفارق الحياة وهو في الحكم، ويبقى هو الأخير حتى وفاة الرئيس حافظ الأسد سنة 2000.

    شيعت دمشق الرئيس تاج الدين الحسني بجنازة رسمية وشعبية، شارك بها الرئيس اللبناني إميل إده مع عدد من الدبلوماسيين العرب، ممثلين عن حكوماتهم. وقيل يومها إن الشّيخ تاج مات مسموماً وإنّ وفاته لم تكن طبيعية، ولكن الفرنسيين رفضوا تشريح الجثة أو فتح تحقيق بهذه الفرضية.

    المناصب

    رئيساً للحكومة السورية (15 شباط 1928 – 19 تشرين الثاني 1931)
    رئيساً للحكومة السورية (17 آذار 1934 – 24 شباط 1936)
    رئيساً للجمهورية السورية (12 أيلول 1941 – 17 كانون الثاني 1943)
  • بهيرة الدالاتي

    السيدة الأولى بهيرة الدالاتي
    السيدة الأولى بهيرة الدالاتي

    بهيرة بنت سعيد الدالاتي (1909 – 4 نيسان 1989)، حرم رئيس الجمهورية شكري القوتلي وسيدة سورية الأولى في فترة رئاسته الأولى (1943-1948) والثانية (1948-1949) والثالثة (1955-1958).

    البداية

    ولِدت بهيرة الدالاتي في دمشق وكان والدها من المعارضين للحكم العثماني، سجن في الحرب العالمية الأولى وتعرف سجنه إلى الشاب المعتقل شكري القوتلي. زارت الدالاتي والدها في السجن حيث شاهدها القوتلي لأول مرة طفلة صغيرة وبعدها بسنوات، رتب زواج تقليدي بينهما دون أن تراه، يوم كان منفياً في القاهرة سنة 1928.

    الزواج والأولاد

    أنجبت بهيرة الدالاتي ستة أولاد، توفي أولهم هيثم وهو رضيع، أما البقية فهم:

    • حسان القوتلي (مهندس بترول خريج جامعة ستانفورد الأمريكية)
    • محمود القوتلي
    • هدى القوتلي
    • هناء القوتلي
    • هالة القوتلي

    نضالها الوطني

    شاركت بهيرة الدالاتي في معركة الاستقلال ضد الفرنسيين وفي تهريب السلاح والمؤن لثوار غوطة دمشق أثناء الثورة السورية الكبرى. وقدمت دعماً نفسياً ومادياً لعائلات الشهداء والجرحى أيام الإضراب الستيني الذي قاده زوجها ضد الانتداب الفرنسي، وكان لها نشاط ملحوظ في كافة الجمعيات الخيرية السورية، وفي مقدمته جمعية نقطة الحليب.

    سيدة سورية الأولى

    ومع انتخاب القوتلي ريساً للجمهورية في 17 آب 1943 أصبحت بهيرة الدالاتي سيدة سورية الأولى حيث لعبت دوراً هاماً في دعم القضية الفلسطينية وفي تأمين اللاجئين الفلسطينيين القادمين إلى سورية بعد احتلال بلادهم سنة 1948. غادرت دمشق مع زوجها إبان الانقلاب الأول الذي قاده حسني الزعيم سنة 1949 وعاشت معه في جنيف أولاً ثم في مدينة الإسكندرية. ثم عادت إلى سورية مع إعادة انتخاب زوجها رئيساً سنة 1955، وسافرت معه في رحلته الشهيرة إلى آسيا عام 1957 حيث استقبلت من قبل زوجات رؤساء الباكستان والهند، لتكون أول سيدة سورية تظهر في المحافل الدولية.  وكانت إلى جانبه أثناء زيارته الأولى إلى موسكو يوم وقوع العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956.

    السنوات الأخيرة والوفاة

    غادرت بهيرة الدالاتي دمشق في نيسان 1964 واستقرت مع زوجها وأولادها في بيروت لغاية وفاة القوتلي عام 1976. انتقلت بعدها إلى باريس وفيها توفيت عن عمر ناهز 80 عاماً يوم 3 نيسان 1989. نقل جثمانها إلى مسقط رأسها بدمشق ليوارى الثرى في مقبرة الباب الصغير، إلى جانب قبر الرئيس شكري القوتلي.

    المناصب

    سيدة سورية الأولى (17 آب 1943 – 29 آذار 1949)
    سيدة سورية الأولى (5 أيلول 1955 – 22 شباط 1958)
    • سبقها في المنصب: لا يوجد
    • خلفها في المنصب: تحية كاظم
  • بشير العظمة

    الرئيس الدكتور بشير العظمة
    الرئيس الدكتور بشير العظمة

    بشير بن حسن العظمة (1911 – 5 نيسان 1962)، طبيب وسياسي من دمشق، كان رئيساً للحكومة السورية في عهد الانفصال من 16 نيسان ولغاية 17 أيلول عام 1962 ثم نائباً للرئيس خالد العظم في حكومته الخامسة والأخيرة.

    البداية

    ولَد بشير العظمة في حي القيمرية وهو سليل أسرة سياسية عريقة أنجبت وزير الحربية يوسف العظمة الذي استشهد في مواجهة الجيش الفرنسي في معركة ميسلون سنة 1920. دَرس في مدرسة الملك الظاهر في باب البريد وفي مكتب عنبر، قبل التحاقه بكلية الطب في جامعة دمشق وتخرجه سنة 1934. سافر بعدها إلى فرنسا وتخصص بالأمراض الصدرية ثم عاد إلى سورية وعَمل مُدرساً في جامعة دمشق حتى قيام الوحدة مع مصر سنة 1958.

    وزيراً للصحة سنة 1958

    عُيّن بشير العظمة وزيراً مركزياً للصحة في الجمهورية العربية المتحدة، ولكنه استقال من منصبه في آب 1960، اعتراضاً على تفرد الرئيس جمال عبد الناصر بالقرارات وهيمنته على السلطة التنفيذية. وفي مذكراته يعترف العظمة أنه كان متحمساً للوحدة في بداياتها وأنه شارك في “تزوير الاستفتاء” على الدستور وعلى رئاسة جمال عبد الناصر. ويضيف أنه حاول الاعتذار عن وزارة الصحة قائلاً للرئيس: “أنا بعيد جداً عن أجواء وممارسات الدواوين والإدارة وأخشى الفشل…قضيت شهوراً عدة بل سنتين تقريباً من دون عمل ولا مسؤولية.”

    رئيساً للحكومة سنة 1962

    بعد انهيار جمهورية الوحدة في 28 أيلول 1961 شارك بشير العظمة بإصدار بيان إدانة بحق عبد الناصر، يوم 2 تشرين الأول 1961 وبارك الانقلاب العسكري الذي أطاح بالجمهورية العربية المتحدة. وفي 28 آذار 1962، وقع انقلاب ضد رئيس الجمهورية ناظم القدسي، قاده عبد الكريم النحلاوي اعتراضاً على سياسات الرئيس المناهضة له. اعتُقل القدسي ورئيس حكومته معروف الدواليبي ولكن قيادة الجيش تمردت على قائد الانقلابالنحلاوي وأمرت بإطلاق سراحهم في 1 نيسان 1962. استقال الدواليبي من منصبه وكلف بشير العظمة برئاسة الحكومة، لكونه مستقلّاً وغير محسوب على أي من الأحزاب السياسية، وأكثر قبولاً من الجيش.

    حاول العظمة الاعتذار، وقال للرئيس القدسي: “ليست لدي إمكانات ولا مؤهلات ولا رغبة في تحمل مسؤوليات في الظروف الشاذة القائمة. لم أمتهن السياسة ولا أعرف السياسيين.” ولكنه تراجع وشكل حكومته الأولى والأخيرة في 16 نيسان 1962، لتكون جاهزة لحضور الاستعراض العسكري الذي أقيم في شارع الرئيس شكري القوتلي بمناسبة عيد الجلاء. معظم الوزراء كانوا من المستقلين، غير المحسوبين على أي تيار سياسي، باستثناء رشاد برمدا من حزب الشعب، الذي سُمّي نائباً لرئيس الحكومة ووزيراً للمعارف، وعبد الله عبد الدائم من حزب البعث، الذي عُيّن وزيراً للإعلام. وجاء باللواء عبد الكريم زهر الدين من رئاسة الأركان وعينه وزيراً للدفاع، أملاً أن يُرضي ذلك بقية ضباط الجيش، وعيّن الأديب عبد السلام العجيلي وزيراً للثقافة والإرشاد القومي.

    الرئيس العظمة مع رئيس الجمهورية ناظم القدسي وأعضاء الحكومة سنة 1962.
    الرئيس بشير العظمة مع رئيس الجمهورية ناظم القدسي وأعضاء الحكومة سنة 1962.

    حاول الدكتور العظمة تقريب وجهات النظر مع مصر ووعد باستعادة الوحدة ضمن شروط جديدة يُتّفق عليها بالتشاور بين دمشق والقاهرة. وسمح للصحف والمجلّات المصرية بأن تدخل إلى سورية وأرسل وزير الخارجية عدنان الأزهري إلى مصر للتفاوض مع الرئيس عبد الناصر. وعند فشل مساعيه قدم العظمة شكوى رسمية ضد جمهورية مصر أمام جامعة الدول العربية، مُتهماً عبد الناصر بالتدخل في شؤون سورية الداخلية.

    الدكتور بشير العظمة مع ولي عهد السعودية الأمير فيصل بن عبد العزيز آل سعود سنة 1962.
    الدكتور بشير العظمة مع ولي عهد السعودية الأمير فيصل بن عبد العزيز آل سعود سنة 1962.

    وجهت انتقادات كثيرة لحكومة العظمة، بأنها غير دستورية لأنها جاءت في ظلّ انقلاب عسكري وحكمت البلاد من دون دستور أو مجلس نيابي. وقد دعا رئيس الحكومة الأسبق خالد العظم أعضاء المجلس النيابي المُنحل إلى اجتماع في داره وطالب بعودة الحكم الدستوري وتفعيل السلطة التشريعية المعطلة بموجب انقلاب آذار 1962. على أثر ذلك، قدم بشير العظمة استقالة حكومته في منتصف شهر أيلول من العام 1962، ولكنه عاد إلى الحكم في تشرين الأول 1962، نائباً لرئيس الحكومة خالد العظم.

    نشاطات أخرى

    شارك بشير العظمة في تأسيس جمعية مكافحة السل السورية عام 1954 وانتُخب نقيباً للأطباء سنة 1961. أسس المجلّة الطبية العربية وكان رئيس تحريرها حتى عام 1976، وفي سنوات التقاعد وضع مُذكّرات بعنوان جيل الهزيمة بين الوحدة والانفصال، صدرت في لندن سنة 1991.

    الوفاة

    توفي بشير العظمة بدمشق عن عمر ناهز 82 سنة يوم 5 نيسان 1992.

    المناصب

    وزيراً للصحة (7 تشرين الأول 1958 – 16 آب 1961)
    • سبقه في المنصب: أسعد هارون
    • خلفه في المنصب: الدكتور شوكت القنواتي
    نقيب أطباء دمشق (1960-1962)
    رئيس الحكومة السورية (16 نيسان – 17 أيلول 1962)
    نائب رئيس الحكومة السورية (1962)
    • سبقه في المنصب: رشاد برمدا
    • خلفه في المنصب: أُلغي المنصب

    َ

  • بسيم مراد

    بسيم مراد
    بسيم مراد

    محمد بسيم بن توفيق مراد (1911 – 25 كانون الأول 1975)، صحفي سوري من دمشق، أسس جريدة الأخبار اليومية وظلّ يصدرها من سنة 1941 ولغاية انقلاب 8 آذار 1963.

    البداية

    درس بسيم مراد في مدارس دمشق الحكومية وبدأ حياته المهنية مراسلاً لعدة صحف سورية ولبنانية قبل إطلاق مشروعه الأول، جريدة الخازوق الأسبوعية الهزلية سنة 1928. تبعتها مجلّة “الأسبوع المصوّر” وفي عام 1941 أصدر جريدة يومية باسم الأخبار، تعاون في إصدارها مع زميله نشأت التغلبي.

    جريدة الأخبار

    توقفت الأخيار سنة 1949 بقرار من حسني الزعيم بعض رفض صاحبها تأييد الانقلاب العسكري ضد رئيس الجمهورية شكري القوتلي. وبعد الإطاحة بالزعيم ومقتله عادت إلى الصدور لغاية دمجها مع جريدة النصر سنة 1952، بقرار من  العقيد أديب الشيشكلي. صدرت بإسم النصر الجديد لغاية 30 كانون الأول 1953 يوم استعادة شكلها وهويتها القديمة. توقفت ثانية وبشكل نهائي في مطلع عهد البعث وذلك لدعمها للانقلاب العسكري الذي أطاح بجمهورية الوحدة مع مصر سنة 1961.

    الوفاة

    اعتزل بسيم مراد العمل الصحفي من بعدها وتوفي بدمشق عن عمر ناهز 64 عاماً يوم 25 كانون الأول 1975.

  • بستان الرئيس

    منزل الرئيس شكري القوتلي في بستان الرئيس.
    منزل الرئيس شكري القوتلي في بستان الرئيس.

    بستان الرئيس، حي سكني عريق في مدينة دمشق تحت ساحة الجسر الأبيض ويمتد إلى منطقة الطلياني، كان في زمن الحكم العثماني يُعرف بحيّ المحمّديات. تعود ملكية مُعظم أراضيه إلى الوجيه الدمشقي عُثمان باشا مردم بك (جدّ رئيس الوزراء جميل مردم بك) وقد لُقب ببسان “الرئيس” نسبة لمنزل رئيس الجمهورية شكري القوتلي الذي أقام فيه منذ انتخابه سنة 1943 ولغاية انقلاب حسني الزعيم عليه في 29 آذار 1949. وفي كثير من الأحيان تسقط كلمة “بستان” من الاسم ويُشار إلى الحيّ بكلمة “الرئيس” فقط، ومن أشهر سكانه عائلات مردم بك والقوتلي وشخاشيرو والعلبي.

  • بديع مؤيد العظم

    بديع مؤيد العظم
    بديع مؤيد العظم

    بديع مؤيد العظم (1870-1965)، سياسي سوري من دمشق، كان عضواً في مجلس المبعوثان العثماني سنة 1914 وفي مجلس الحكم الانتقالي سنة 1918 (حكومة الأمير سعيد الجزائري). عُيّن عضواً في مجلس الشورى في عهد الملك فيصل الأول عام 1919، ورئيساً للمجلس التمثيلي في دولة دمشق ونائباً لرئيس اتحاد الدول السورية (1922-1924). تسلّم حقائب وزراية عدة في زمن  الانتداب الفرنسي، وكان رئيساً بالوكالة للحكومة السورية من 19 تشرين الثاني ولغاية 11 حزيران 1832.

    البداية

    ولِد بديع مؤيد العظم في دمشق وهو سليل أُسرة سياسية عريقة. دَرس في معهد الحقوق العثماني في إسطنبول وعُين في الديوان العام للإدارة المركزية لولاية سورية، ثمّ كاتباً للواردات في شعبة المفوضية العامة، ومديراً سنة 1897. وفي سنة 1905 عُيّن ناظراً للديوان العمومي في ولاية الموصل، وبعدها بست سنوات، نُقل إلى إسطنبول مفتشاً في هيئة الجمارك العثمانية. ترشّح لعضوية مجلس المبعوثان سنة 1914 وفاز بالنيابة عن دمشق. وقد تحالف مع جمعية الاتحاد والترقي الحاكمة حتى نهاية الحرب العالمية الأولى سنة 1918.

    حكومة دمشق الانتقالية

    بعد سقوط الحكم العثماني في سورية وانسحاب آخر جندي تركي في 26 أيلول 1918 تألف مجلس حكم انتقالي من الأعيان، كان برئاسة الأمير سعيد الجزائري، وقد اشترك به بديع مؤيد العظم مع رفاقه النوّاب فارس الخوري وعطا الأيوبي. أشرفوا على انسحاب القوات العثمانية وحمايتها من أية عمليات انتقامية، ورفعوا علم الثورة العربية الكبرى فوق دار البلدية وسط ساحة المرجة، معلنين تحرير سورية من العثمانيين وقيام حكومة عربية مستقلة تحت راية الحسين بن عليّ، شريف مكة وقائد الثورة العربية الكبرى. ولكنّ حكومة الأمير سعيد لم تستمر أكثر من ثلاثة أيام فقط، وعُزِلت من قبل الضابط البريطاني توماس إدوارد لورنس عند دخوله دمشق في 1 تشرين الأول 1918، بحجة أنها لم تكن مُكلّفة بحكم المدينة لا من جيوش الحلفاء ولا من الشريف حسين.

    في عهد الملك فيصل 1918-1920

    في 3 تشرين الأول 1918 بايع بديع مؤيد العظم الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على سورية وعُين عضواً في مجلس الشورى. وشارك في تأسيس الحزب السوري الوطني الذي خاض الانتخابات النيابية سنة 1919.

    وزيراً للمعارف والعدل 1920-1922

    بعد هزيمة الجيش السوري في معركة ميسلون في 24 تموز 1920، وقبيل سقوط الحكم الفيصلي، سمّي بديع مؤيد العظم وزيراً للمعارف في حكومة علاء الدين الدروبي، وهي آخر حكومة شُكّلت في عهد الملك فيصل. وفي 6 أيلول 1920، عُيّن وزيراً للعدل في حكومة الرئيس جميل الألشي، وكان ذلك بعد فرض الانتداب الفرنسي على سورية. وقد تولّى مؤيد العظم مهمة التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الدروبي في قرية خربة غزالة، التي وقعت في 21 آب 1920. وقد استمر مؤيد العظم في عمله لغاية استقالة حكومة الألشي في 30 تشرين الثاني 1920.

    قسّمت فرنسا البلاد السورية وعينت حقي العظم حاكماً على دولة دمشق، الذي شكّل حكومة جديدة أسندت فيها حقيبة العدل مجدداً إلى بديع مؤيد العظم في 1 كانون الأول 1920. وفي هذه المرة، أشرف على التحقيقات حول محاولة اغتيال المندوب السامي الفرنسي  هنري غورو في أثناء زيارته إلى مدينة القنيطرة في 23 حزيران 1922، وقد بقي مؤيد العظم في منصبه لغاية استقالة حكومة العظم في 22 حزيران 1922.

    نائباً لرئيس الدول ورئيساً لبرلمان دمشق 1922-1925

    وفي 28 حزيران 1922 جُمعت دول دمشق وحلب وجبل العلويين في كيان جديد أطلق عليه اسم اتحاد الدول السورية، ذهبت رئاسته في 11 كانون الأول إلى صبحي بركات، الذي سمّى بديع مؤيد العظم نائباً له ورئيساً للمجلس في دولة دمشق من تشرين الثاني 1923 ولغاية 31 كانون الأول 1924.

    رئيساً للحكومة بالوكالة (19 تشرين الأول 1931- 11 حزيران 1932)

    غاب بديع مؤيد العظم من بعدها عن أي نشاط سياسي ليعود في 27 تشرين الأول 1930 وزيراً للزراعة في حكومة تاج الدين الحسني الثالثة. استقال رئيس الحكومة في 19 تشرين الثاني 1931، وكُلّف بديع مؤيد العظم برئاسة الحكومة بالوكالة للإشراف على الانتخابات النيابية والرئاسية سنة 1932. وعند انتخاب محمد علي العابد رئيساً للجمهورية في 11 حزيران 1932، انتهت مهمته وأعلن عن تقاعده من العمل السياسي.

    الوفاة

    عاش بديع مؤيد العظم طويلاً من بعدها ولم يتسلّم أي منصب سياسي، وقد توفي في دمشق عن عمر ناهز 95 عاماً سنة 1965.

    المناصب

    وزيراً للمعارف (25 تموز 1920 – 21 آب 1920)
    وزيراً للعدلية (6 أيلول 1920 – 30 تشرين الثاني 1920)
    • سبقه في المنصب: جلال زهدي
    • خلفه في المنصب: بديع مؤيد العظم
    وزيراً للعدلية (1 كانون الأول 1920 – 28 حزيران 1922)
    • سبقه في المنصب: بديع مؤيد العظم
    • خلفه في المنصب: عطا الأيوبي
    نائباً لرئيس الدولة (11 كانون الأول 1922 – 31 كانون الأول 1924)
    • سبقه في المنصب: لا يوجد
    • خلفه في المنصب: أُلغي المنصب
    رئيس برلمان دولة دمشق (12 تشرين الثاني 1923 – 31 كانون الأول 1924)
    • سبقه في المنصب: لا يوجد
    • خلفه في المنصب: أُلغي المنصب
    وزيراً للزراعة (27 تشرين الأول 1930 – 11 حزيران 1932)
    رئيساً بالوكالة للحكومة السورية (19 تشرين الثاني 1931 – 11 حزيران 1932)
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !