ولِد محمّد فوزي العظم في دمشق وهو سليل أسرة سياسيّة عريقة حَكمت المدينة في القرن الثامن عشر، وكان والده محمد باشا العظم عضواً في مجلس ولاية سورية. دَرس محمد فوزي العظم في المدارس العثمانية الحكومية، وفي سنة 1879 عُين كاتباً في مجلس الولاية. وقد حافظ على وظيفته دون أي انقطاع حتى عام 1885.
وفي سنة 1911، سمّي محمد فوزي باشا العظم رئيساً لبلدية مقاطعة بك أوغلي التركية الواقعة في القسم الأوروبي من العاصمة إسطنبول، وقد ظلّ في هذا المنصب حتى سنة 1912، يوم انتخابه نائباً في مجلس المبعوثان. وفي 21 تموز 1912، عُيّن الباشا ناظراً للأوقاف في حكومة أحمد مختار باشا ولكن هذه الوزارة لم تَدُم أكثر من ثلاثة أشهر، فانتُخب مجدداً في مجلس المبعوثان سنة 1914. وبعد سقوط الحكم العثماني في سورية مع نهاية الحرب العالمية الأولى سنة 1918، عاد إلى دمشق وانتُخب رئيساً للمؤتمر السوري العام، أول هيئة تشريعية عرفتها سورية في عهد استقلالها الأول عن الدولة العثمانية.
الوفاة
توفي محمّد فوزي باشا العظم بدمشق عن عمر 61 عاماً يوم 14 تشرين الثاني 1919. شيعته دمشق بجنازة رسميّة تقدمها الملك فيصل الأول، وانتقلت زعامة الأُسرة من بعده لابنه الوحيد خالد العظم، الذي تولّى رئاسة الحكومة السورية خمس مرات ما بين 1941-1963. وقد صُودِر قصر محمد فوزي باشا العظم في سوق ساروجا بعد انقلاب سنة 1963 وحوّلته الدولة السورية إلى متحف للصناعات الدمشقيّة، وفيه اليوم مقرّ جمعية أصدقاء دمشق.
محمّد عطا الله الكسم (1844 – 7 آب 1938)، عالم دين وفقيه سوري من دمشق، كان مفتياً على الديار الشّامية من سنة 1918 وحتى وفاته سنة 1938. عارض إعدامات جمال باشا في 6 أيار 1916 وتسلّم منصبه في مطلع عهد الملك فيصل الأول، خلفاً للمفتي الشيخ محمد أبو الخير عابدين. حاول إحياء الخلافة الإسلامية بعد إلغائها في إسطنبول سنة 1924 وكان عضواً في جمعية الهداية الإسلامية. وهو والد عبد الرؤوف الكسم، رئيس وزراء سورية في ثمانينيات القرن العشرين.
في منتصف الحرب العالمية الأولى عين الكسم عضواً في مجلس ولاية سورية وطُلب منه تأييد أحكام الإعدام التي صدرت بحق مجموعة من المثقفين والسياسيين، الذين شنقوا في ساحة المرجة بدمشق يوم 6 أيار 1916. مع أن الإعدامات جاء بأمر من جمال باشا، قائد الجيش العثماني الرابع في سورية، إلى أن الشيخ عطا الله الكسم رفض التصديق عليها ومباركتها، معتبراً أن هؤلاء المعتقلين كانوا ضحايا مؤامرة دولية ضد الإسلام، رتبت لها دول أوروبية. وقد حذر من خطورة إعدامهم نظرة لمكانتهم الرفيعة في المجتمع السوري، قائلاً إنه سوف يضر بمصالح الدولة العثمانية.
في 8 آذار 1920، أشرف المفتي الكسم على مراسيم تتويج الأمير فيصل ملكاً على البلاد، وعندما رفضت فرنسا الاعتراف بشرعية حكمه وزحفت قواتها باتجاه دمشق، دعا إلى جهادٍ مقدس للوقوف في وجهها. لعب الكسم دوراً محورياً في جمع التبرعات وجال بنفسه على المدن السورية كافة، برفقة وزير الحربية يوسف العظمة، لتشجيع الشباب على التطوع في الجيش السوري. على يده تم تجنيد العشرات من أئمة المساجد والخطباء للذهاب إلى المواجهة العسكرية في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920، الذي سقط خلالها العظمة شهيداً ودخلت القوات الفرنسية دمشق لفرض الانتداب الفرنسي على سورية. على الرغم من معارضته الشديدة للانتداب، بقي المفتي الكسم في منصبه ولم يتمكن المندوب السامي الفرنسي هنري غورو من عزله، نظراً لمكانته الرفيعة في المجتمع السوري.
توفي المفتي الشّيخ عطا الله الكسم في دمشق عن عمر ناهز 94 عاماً يوم 7 آب 1938. وقد رثاه كلاً من رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي وأمين الفتوة الشّيخ عبد المحسن الأسطواني الذي كتب فيه قصيدة جاء مطلعها:
اشتهر ثلاثة من أبناء المفتي عطا الله الكسم من بعده، وكان أولهم المفكر والفيلسوف الدكتور بديع الكسم، تلاه الدكتور عبد الرؤوف الكسم، الذي أصبح رئيساً لوزراء سورية في عهد الرئيس حافظ الأسد. أمّا ابنه الثالث فهو الدكتور بدر الكسم الذي عمل في الأمم المتحدة وله عدد من الأبحاث القانونية والسّياسية والتاريخية.
محمد عطا بن محمد علي الأيوبي (1874 – 29 كانون الثاني 1950)، سياسي سوري من دمشق، عُيّن رئيساً للدولة السورية في الفترة الفاصلة بين وفاة الرئيس تاج الدين الحسني وانتخاب شكري القوتلي رئيساً (25 آذار – 17 آب 1943). أشرف بنفسه على الانتخابات التي أوصلت القوتلي إلى الحكم كما كان قد أشرف على الانتخابات التي أوصلت هاشم الأتاسي إلى الرئاسة سنة 1936، عندما كان هو رئيساً للحكومة في عهد الرئيس محمد علي العابد. وكان قبلها عضواً في الحكومة الانتقالية التي ترأسها الأمير سعيد الجزائري بعد انسحاب القوات العثمانية ودخول القوات العربية إلى دمشق في الفترة ما بين 26 أيلول – 1 تشرين الأول 1918. عُرف الأيوبي بسياسته الوسطية وقربه من قادة الحركة الوطنية في مرحلة الانتداب الفرنسي.
البداية
ولد عطا الأيوبي في دمشق وكان والده محمد علي الأيوبي من الأعيان. دَرس العلوم السياسية والإدارية في المعهد الشاهاني الملكي في إسطنبول والتحق بالعمل الحكومي في الدولة العثمانية. عيّن متصرفاً على مدينة اللاذقية، ونقل بعدها إلى الكرك قبل انتخابه في مجلس المبعوثان سنة 1912.
رفض أهالي حوران دفع هذه الغرامة وشُكّل وفد حكومي رفيع لمفاوضتهم، برئاسة علاء الدين الدروبي وعضوية عطا الأيوبي ورئيس مجلس الشورى عبد الرحمن باشا اليوسف. توجه أعضاء الوفد إلى سهل حوران في 21 آب 1920، وعند توقفهم في قرية خربة غزالة، تعرضوا لهجوم عنيف أدّى إلى مقتل الدروبيواليوسف. أما الأيوبي فقد نجا من الموت بفضل تاجر دمشقي كان موجوداً في محطة القطار، أخذه إلى مكان آمن، لكيلا تطاله يد الثوار.
وكان الأتاسي صديقاً قديماً للأيوبي منذ دراستهما معاً في إسطنبول قبل سنوات طويلة. مع أنه لم يكن عضواً في الكتلة الوطنية إلا أنه كان مقرباً من قادتها الكبار وقد عمل معهم على تأسيس معمل الأسمنت في منطقة دمّر، الذي خُصّص جزء من أرباحه لتمويل أنشطة الكتلة الوطنية، وقد انتُخب عضواً في مجلس إدارته سنة 1931، وكان أيضاً رئيس مجلس إدارة معمل الكونسروة الذي أسسه زعيم الكتلة شكري القوتلي بدمشق في منتصف الثلاثينيات.
بعد مباحثات دامت قرابة ستة أشهر، توصل أعضاء الوفد إلى معاهدة مع حكومة الرئيس ليون بلوم في 9 أيلول 1936، وعدت بإعطاء الشعب السوري استقلالاً مشروطاً وتدريجياً مقابل سلسلة من الامتيازات الاقتصادية والسياسية والعسكرية في سورية. وعند عودة الوفد إلى دمشق أُعلن عن انتخابات نيابية ورئاسية مبكرة إثر استقالة رئيس الجمهورية محمد علي العابد. أشرف الأيوبي على هذه الانتخابات وكانت نتيجتها حصول الكتلة الوطنية على غالبية مقاعد البرلمان وانتخاب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية في 21 كانون الأول 1936.
ولكن الشيخ تاج توفي وهو في سدّة الحكم يوم 17 كانون الثاني 1943 وتسلّم رئاسة الدولة بالوكالة جميل الألشي حتى 25 آذار 1943، تاريخ صدور قرار من المفوضية الفرنسية العليا في بيروت بتسمية عطا الأيوبي رئيساً للدولة والحكومة معاً، مكلفاً بالإشراف على الانتخابات النيابية والرئاسية المقبلة.
كان جميل الألشي قد واجه مظاهرات شعبية عارمة احتجاجاً على ارتفاع أسعار الخبز بأمر من الفرنسيين، وذلك للمساهمة في تمويل معارك جيشهم في الحرب العالمية الثانية. كانت مدينة دمشق تستهلك 117 طناً من الطحين شهرياً، عجز جميل الألشي عن تأمينها وكان هذا هو السبب الرئيسي لتخلّي الفرنسيين عنه والإتيان بالأيوبي، الذي عالج أزمة الخبز بالتعاون مع سلطان باشا الأطرش. عقد الأيوبي مؤتمراً صحفياً في السراي الكبير لشرح الخطوات التي ستقوم بها الحكومة لتأمين الخبز بسعر مدعوم من الدولة، ثم قال للصحفيين: “إني أحب النزاهة وأتمنى أن أكون نزيهاً، ولكنني شديد التعصب لحيادي ولا أستند إلى حزب معين بل إلى جميع الأحزاب، وأتمنى أن تكون جميع الأحزاب متفقة على خدمة المصلحة العامة، فالأشخاص زائلون والحكومة ثابتة، وعلينا أن نعمل لنكوّن للحكومة قوتها.”
رفض الرئاسة مرة ثانية عام 1943
سعى الرئيس الأيوبي لتأسيس مجلس أعيان في سورية، يتولّى زمام الأمور في حال شغور السلطة التشريعية والرئاسية معاً، كما حدث عند وفاة الشيخ تاج. وفي أثناء التحضيرات لانتخابات عام 1943، حاول ابنه خالد جمع أصوات عدد كبير من النواب لترشيح أبيه لرئاسة الجمهورية، بدلاً من شكري القوتلي، مرشح الكتلة الوطنية. جرى هذا الأمر دون عِلم الرئيس أو مباركته، وقد نجح خالد الأيوبي بجمع 72 توقيعاً لصالح ترشح والده. وعندما وصل الأمر إلى مسامع القوتلي اتصل بالأيوبي معاتباً وعرض عليه سحب ترشيحه في حال كان الأخير راغباً بالرئاسة. اعتذر الأيوبي عن تصرف ابنه وقال: “إن مصلحة الوطن تقضي بأن يكون شكري القوتلي رئيساً للجمهورية وحده ودون غيره، وأنا لا يمكن أن أتقدم عليه.”
الوفاة
غاب عطا الأيوبي عن المشهد السياسي من بعدها ولم يظهر إلّا في مناسبات اجتماعية دعماً لابنته سنيّة، وهي من رائدات العمل النسائي الخيري بدمشق ونائب رئيس جمعية نقطة الحليب. وقد زار السراي الكبير للمرة الأخيرة في تموز 1949 لتهنئة صديقه محسن البرازي على تعيينه رئيساً للحكومة. توفي عطا الأيوبي بعدها بستة أشهر عن عمر ناهز ستة وسبعين عاماً يوم 29 كانون الثاني 1950. شيعته دمشق بجنازة رسمية تقدمها رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي، وأطلقت أمانة العاصمة (محافظة دمشق) اسم عطا الأيوبي على شارع أنيق في منطقة نوري باشا، حيث مكان قصره.
في كتابه عن عبقريات سورية، قال الصحفي عبد الغني العطري عن عطا الأيوبي إنه: “جمّ الأدب، رفيع التهذيب، رقيق الحاشية، لا يثور ولا يغضب ولا يحقد على أحد، كثير الحياء والخجل، شديد الوفاء للصديق.”
أحمد بن محمد حسن عبيد (1893 – 13 آذار 1989)، ناشر ومحقق تاريخي سوري من دمشق، أسس داراّ للنشر في سوق الحميدية، سمّي بالمكتبة العربية، وترأس تحرير مجلّة أنفس النفائس في زمن الحرب العالمية الأولى. عُرف بالتزامه المهني في الأوساط الأدبية، ومن أشهر إصداراته سيرة الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز والطبعة الأولى من كتاب الأعلام للصحفي السوري خير الدين الزركلي، إضافة لروزنامة التقويم الهاشمي التي بدأت سنة 1918 وهي لا تزال تصدر بانتظام في دمشق حتى اليوم. وهو مؤسس فرقة أحمد عبيد المسرحية، أول فرقة فنية بدمشق بعد فرقة أبي خليل القباني في الربع الأخير من القرن التاسع عشر.
البداية الفنية
ولِد أحمد عبيد في دمشق وبدأ حياته فناناً هاوياً سنة 1915 قبل انتقاله إلى عالم الكتابة والنشر. أسس أول فرقة مسرحية في سورية بعد فرقة أبي خليل القباني وحصل على رعاية من الملك فيصل الأول سنة 1919. ضمّت فرقته عدداً من الوجهاء الشباب المولعين بالمسرح، مثل الصيدلاني عبد الوهاب القنواتي، وخلال تجربتها الفنية القصيرة، شاركت فرقة أحمد عبيد في مسرحيات عالمية مثل تاجر البندقية للكاتب المسرحي الكبير وليام شيكسبير التي عُرضت على مسارح دمشق سنة 1920. ولكن فرقة أحمد عبيد المسرحية لم تستمر طويلاً بسبب تفرّق شمل أعضائها وانشغالهم بهموم الحياة اليومية التي أبعدتهم عن بريق المسرح.
المكتبة العربية
بعدها أسس أحمد عبيد داراّ للنشر في سوق الحميدية، سمّي بالمكتبة العربية. تحول مقره سريعاً إلى محج للمفكرين والأدباء والشعراء الدمشقيين وأصدر صاحب الدار مجلّة دورية بعنوان “أنفس النفائس.” ومن أشهر ما قامت به المكتبة العربية كان طباعة روزنامة التقويم الهاشمي، التي كانت تحتوي على أبلغ الطرائف والحكم. بدأت الروزنامة بالصدور مطلع العام 1918 وهي مستمرة حتى اليوم، بعد مئة عام ونيف على إصدارها الأول.
الشّيخ طاهر بن صالح الجزائري (12 كانون الثاني 1852 – 5 كانون الثاني 1920)، عالم ومُجدد في الدين والسياسة، أطلق نهضة تعليمية في دمشق وشارك في افتتاح أولى المدارس الحكومية في عهد الوالي مدحت باشا نهاية سبعينيات القرن التاسع عشر. وضع منهاج المدارس بنفسه مع كل مقرراتها العلمية، وعُيّن مفتشاً عاماً عليها وعلى معارف دمشق. وبعد سقوط الحكم العثماني سنة 1918 عُيّن أميناً للمكتبة الظاهرية في عهد الملك فيصل وانتُخب عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق. يعد الشيخ طاهر الجزائري من رواد التجدد في سورية وهو أحد أبرز المفكرين في العصر الحديث، تتلمذ على يده عدد كبير الشخصيات السياسية الفكرية ومنها محمد كرد عليّوشكري العسليوفخري الباروديوالدكتور عبد الرحمن الشهبندر.
البداية
ولِد طاهر الجزائري بدمشق وهو سليل عائلة من العلماء هاجرت من الجزائر إلى سورية في أربعينيات القرن التاسع عشر وتولّى أبناؤها إفتاء المذهب المالكي. درس على يد والده وقرأ في حلقة العلّامة الشّيخ عبد الغني الميداني الذي علّمه أصول الفقه والشريعة، إضافة لمواد التاريخ والفلك والرياضيات. أكمل تحصيله العلمي في المدرسة الجقمقية حيث برع في تعلّم اللغات، ومنها الفارسية التي كان يَنظُم بها الشِعر، كما ألمّ بالبربريّة والعبرانيّة والحبشيّة.
مع مدحت باشا
وفي سنة 1878، عُيّن الشّيخ طاهر الجزائري مُدرساً في المدرسة الظاهرية، قبل أشهر قليلة من وصول الوالي العثماني مدحت باشا إلى سورية. التقى الجزائري بمدحت باشا وولدت بينهما صداقة متينة، أثمرت عن تعاون في إحداث نهضة عِلمية شاملة في دمشق. بدلاً من الكُتّاب والزوايا الدينيّة المنتشرة بكثرة في حارات المدينة وتحديداً في منطقة الصالحية على سفح جبل قاسيون، عمل الوالي مع الجزائري على تأسيس مدارس حكومية حديثة.
أطلقوا معاً جمعيّة خيريّة لجمع الأموال المطلوبة لإنشاء هذه المدارس، برئاسة الجزائري وعضوية مفتي دمشق الشّيخ محمود الحمزاوي. وفي 5 شباط 1879 افتتحوا أول مدرسة حديثة في دمشق، تلتها مدرسة ثانية مع نهاية شهر شباط، اجتمع فيها 106 طالباً من الذكور. جمعاً، أطلق الجزائري – بالتعاون مع مدحت باشا – ثلاثين مدرسة حكومية في ولاية سورية، من ضمنها مدرسة خاصة للبنات ومدرسة صناعية ومدرسة للأيتام.
وضع الجزائري مناهج هذه المدارس وكتب معظم مقرراتها العلمية، مثل كتاب الجواهر الكلاميّة في العقيدة الإسلاميّة و”مدخل الطلّاب إلى فنّ الحساب.” بعضها أقيم في باحات المساجد، وفرضت عقوبة مالية على الأهالي الذين رفضوا إرسال أولادهم للدراسة فيها. أحد تلك المساجد كان جامع تنكز في محلّة السنجقدار الذي تم تحويله إلى مدرسة عسكرية بأمر من الوالي، وكان من بين أوائل طلابها رضا الركابي، الذي أصبح أول رئيس وزراء في سورية سنة 1918، بعد تحريرها من الحكم العثماني. ولكي يتمكن الجزائري من إنجاز مشروعه العلمي بشكل كامل، عينه الوالي مُفتشاً عاماً على المدارس الابتدائية ومديراً لمعارف دمشق سنة 1880.
تنوع توجهات أعضاء حلقة طاهر الجزائري الفكرية، بين مؤيد الدولة العثمانية ومعارض لها، ما جعله في صدام مع السلطات المحلية. انزعجت الدولة من المواضيع الحساسة التي نُقشت في حلقة الجزائري، عن ضرورة الإصلاح السياسي والتجديد، ما أدى إلى ملاحقته أمنياً وإعفائه من مديرية المعارف سنة 1902.
وخلال سفره إلى القدس، داهمت السلطات العثمانية منزله بدمشق وصادرت الكثير من الأوراق والمستندات. وُجهت إليه تهمة التعاطف مع صديقه القديم مدحت باشا، الذي أُدين بجريمة قتل السلطان عبد العزيز وسُجن في مدينة الطائف وفيها قتل سنة 1888. عاد الجزائري إلى دمشق ليلاً وبطريقة سرية إنقاذ ما أمكن من مكتبته وأوراقه، قبل أن يشدّ الرحال إلى القاهرة بعد منحه حق اللجوء السياسي من الخديوي عباس حلمي الثاني.
وبعد سقوط الحكم العثماني في سورية عاد طاهر الجزائري إلى دمشق في تشرين الأول 1918 وعُيّن أميناً للمكتبة الظاهرية والتي من رحمها ولد مجمع اللغة العربيةفي 30 تموز 1919. وفي 7 تشرين الأول 1919، انتخب الجزائري عضواً في المجمع، قبل وفاته بثلاثة أشهر.
الوفاة
توفي الشّيخ طاهر الجزائري عن عمر ناهز 68 عاماً يوم 5 كانون الأول 1920 ودُفن على سفح جبل قاسيون، تنفيذاً لوصيته. وقد أُطلق اسمه على شوارع رئيسية في القاهرةوالإسكندريةوعمّانوجدة، وسمّيت مدرسة باسمه بدمشق.
مؤلفاته
وضع الشيخ الجزائري ستة وعشرين كتاباً في حياته، كان أهمها:
علي بن عبد الوهاب بوظو (1916 – 14 كانون الأول 1985)، سياسي سوري من دمشق وأحد مؤسسي حزب الشعب، كان أحد مشرعي دستور عام 1950 وتولّى عدة حقائب وزارية في مطلع عهد الاستقلال، منها الاقتصاد والداخلية. بدأ حياته السياسية موالياً للعراق ومُطالباً بوحدة فيدرالية تكون تحت عرشها الهاشمي، ولكنّه سرعان ما غيّر من موقفه المؤيد للأسرة الهاشمية الحاكمة في بغدادوعمّان بعد انتقاله في المعسكر العروبي الذي كان بقيادة الرئيس المصري جمال عبد الناصر في نهاية الخمسينيات.
بدأ علي بوظو حياته السياسية سنة 1948، عضواً مؤسساً في حزب الشعب مع رشدي الكيخياوناظم القدسي. هدف الحزب إلى تحقيق وحدة عربية شاملة، تكون بداياتها بين سورية والعراق، وكان معارضاً لرئيس الجمهورية شكري القوتلي. شكل بوظو خلية دمشقية داخل حزب الشعب، كانت تضمّ نسيب البكريورشاد جبريوزكي الخطيب، ولكن قيادة الحزب ومركز ثقله السياسي بقيت في حلب. وخلال الانتخابات النيابية التي جرت سنة 1947، طعن علي بوظو في تصرفات خصومه من الحزب الوطني (المحسوبين على رئيس الجمهورية)، وقال إن تزويراً قد حصل في مدينة دمشق لصالح القوائم المدعومة من قبل شكري القوتلي. فدعاه القوتلي للمشاركة في مراقبة تلك الانتخابات، ممثِلاً عن المعارضة.(1)
مع حسني الزعيم
انتُخب علي بوظو عضواً في اللجنة المركزية لحزب الشعب، وسارع لتأييد الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم القوتلي في 29 آذار 1949. دعا مهندس الانقلاب حسني الزعيم قادة حزب الشعب إلى اجتماع وعرض عليهم التعاون مع العهد الجديد، نظراً لخلافهم الكبير مع شكري القوتلي. مؤسس الحزب رشدي الكيخيا رفض التعاون ولكنه لم يمنع أعضاء حزب الشعب من العمل مع حسني الزعيم بصفتهم الشخصية لا الحزبية. كان علي بوظو أول الموافقين، وقد عُيّن مستشاراً سياسياً للزعيم، الذي فكر أيضاً بتسميته سفيراً في بغداد.(2) ولكن علاقة الود بين علي بوظو وحسني الزعيم لم تستمر طويلاُ، بعد قرار الأخير قطع علاقة سورية مع من العراقوالأردن ودخوله في تحالف مع حكام السعوديةومصر. استقال علي بوظو من منصبه قبل أسابيع قليلة من انقلاب سامي الحناوي في دمشق يوم 14 آب 1949، الذي أطاح بالزعيم وأدى إلى إعدامه. وقد كان اللواء الحناوي محسوباً على العراق ومقرباً من قادة حزب الشعب.
دستور 1950
طلب الحناوي من المدنيين استلام زمام الأمور في سورية، تاركاً لنفسه مهمة قيادة الجيش السوري. وقد دعا إلى اجتماع كبير في مبنى الأركان العامة بدمشق، حضره علي بوظو وجميع قادة حزب الشعب، تقرر فيه عودة الرئيس هاشم الأتاسي إلى الحكم للإشراف على وضع دستور جديد للبلاد بدلاً من الدستور القديم الذي كان حسني الزعيم قد أمر بتعطيله قبل بضعة أشهر. انتُخب علي بوظو مشرعاً في لجنة دستور عام 1950 وتوجهت سورية رسمياً نحو تحقيق وحدة فيدرالية مع العراق، بدعم من الرئيس هاشم الأتاسي ومن حزب الشعب، الذي فاز أعضائه بغالبية مقاعد اللجنة الدستورية. وفي 8 أيلول 1950، سمّي علي بوظو وزيراً للزراعة في حكومة الدكتور ناظم القدسي، حيث أصدر قانوناً لتحديد الملكية الزراعية في سورية وتوزيع أراضي الدولة على الفلاحين.(3)
العودة إلى صفوف المعارضة
وفي 28 تشرين الثاني 1951، كُلِّف علي بوظو بحقيبة الاقتصاد في حكومة الدكتور معروف الدواليبي، المحسوبة أيضاً على حزب الشعب. ولكن هذه الحكومة سقطت بعد 24 ساعة من تشكيلها، نتيجة انقلاب جديد جاء بقيادةالعقيد أديب الشيشكلي، المعادي لحزب الشعب والرافض لمشروع الوحدة السورية – العراقية. تم اعتقال جميع وزراء حكومة الدواليبي، بما فيهم علي بوظو، وبدأت مرحلة حكم عسكري بقيادة الشيشكلي، استمرت حتى سقوطه في شباط 1954. انضم بوظو إلى صفوف المعارضة مع جميع قادة حزب الشعب وكان أحد أعضاء المؤتمر الذي عُقد في دار هاشم الأتاسي في حمص، الذي تقرر فيه عدم الاعتراف بشرعية حكم الشيشكلي والمطالبة بإسقاطه بكل الطرق المتاحة سياسياً وعسكرياً.
اعتزل علي بوظو العمل السياسي عند وصول حزب البعث إلى الحكم في 8 آذار 1963، ومع ذلك فقد تم اعتقاله عشية انقلاب صلاح جديد على رئيس الدولة أمين الحافظ في 23 شباط 1966، علماً أنه لم يكن بعثياً ولا علاقة له بالصراع الدائر يومها بين أجنحة البعث. سُجن في سجن المزة الذي كان أُودع فيه قبل خمسة عشرة سنة يوم انقلاب الشيشكلي سنة 1951، وبقي معتقلاً دون محاكمة حتى لغاية عام 1967، عندما أطلق سراحه مع بقية السياسيين القدامى إثر هزيمة العرب في حزب حزيران.
الوفاة
توفي علي بوظو في دمشق عن عمر ناهز 69 عاماً يوم 14 كانون الأول 1985.
شفيق بن درويش جبري (19 كانون الثاني 1898 – 23 كانون الثاني 1980)، شاعر وأديب سوري من دمشق، يعد من أشهر الأدباء السوريين والعرب في النصف الأول من القرن العشرين. انتُخب عضواً في مجمع اللغة العربية وكان عميداً لكلية الآداب في الجامعة السورية سنة 1947.
البداية
ولد شفيق جبري في حيّ الشاغور بدمشق وكان والده من أغوات الشّام، عمل في تجارة الأغنام وحقق ثروة كبيرة. دَرَس جبري في المدرسة العازارية في منطقة باب توما وعمل موظفاً في أول حكومة عربية أقيمت بدمشق بعد انسحاب القوات العثمانية سنة 1918. عينه رئيس الحكومة رضا الركابي مترجماً ومفتشاً على المطبوعات الحكومية وسمّي بعدها أميناً عاماً لوزارة الخارجية في عهد الوزير عبد الرحمن الشهبندر (أيار – تموز 1920) وعند فرض الانتداب الفرنسي نُقل جبري إلى وزارة المعارف، مديراً لمكتب الوزير محمد كرد علي في أيلول 1920.
النتاج الأدبي
وفي سنة 1924 عُيّن شفيق جبري مديراً لمدرسة الآداب العليا في دمشق، وبعد تحويلها إلى كلية وضمها إلى الجامعة السورية سنة 1947 بات عميداً لها. نظّم الشعر باكراً في حياته وكان ينشر أشعاره ومقالاته الأدبية في جريدة المهذّب اللبنانية ومجلّة الرسالة المصرية ابتداء من العام 1933. أعجب النقّاد بشعره وأثنوا عليه، وتحديداً بعد رثائه للملك فيصل الأول سنة 1933 والملك فؤاد الأول سنة 1936. وفي زمن الوحدة السورية – المصرية عُين عضواً في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وكان له موقف لافت في تأييد ومباركة الانقلاب العسكري الذي أطاح بجمهورية الوحدة سنة 1961، عندما هجا الرئيس جمال عبد الناصر بقصيدة عصماء، أدّت إلى منع تداول أشعاره في مصر حتى سنة 1971.
توفي شفيق جبري عن عمر ناهز 82 عاماً في 19 كانون الثاني 1980. تكريماً له ولمنجزاته الأدبية، أطلق اسمه على أحد مدرجات جامعة دمشق وسمّي شارع باسمه وسط العاصمة السورية.
ولِد زكي المحاسني بدمشق وهو سليل أسرة دمشقيّة عريقة، وكان والده كاتباً في المحكمة الشرعيّة بدمشق وتوفي عندما كان ولده طفلاً. درس في مكتب عنبر وعند تخرجه سنة 1928، التحق بالجامعة السورية ونال شهادة بالحقوق سنة 1931. عمل محامياً لفترة وجيزة ثم انتقل إلى التدريس وعُيّن مدرساً للغة العربية في مدينة أنطاكية ثم في التجهيز الأولى بدمشق حتى سنة 1943. تزوّج من الأديبة وداد سكاكيني، إحدى رائدات الرواية النسائيّة في الوطن العربي، وسافر معها إلى مصر لإكمال دراسته في جامعة الملك فؤاد الأول، وحصل على شهادة الدكتوراة عام 1947، وكان موضوعها عن شعر الحرب في العصر الأموي.
الشاب الظريف: شمس الدين محمد بن عفيف التلمساني شاعر العصر السابع للهجرة (بيروت 1972)
الوفاة
توفي زكي المحاسني في دمشق عن عمر ناهز 63 عاماً يوم 23 آذار 1972 وأطلقت الحكومة السورية اسمه على الساحة المجاورة لجامع الإيمان بحيّ المزرعة. وفي سنة 2004، صدر كتاب مرجعي عن حياته بعنوان زكي المحاسني: المربي الأديب والشاعر الفذ، وضعته ابنته سماء محاسني.
جودت الهاشمي (1887-1955)، عالم رياضيات سوري من أصول جزائرية كان مديراً على مدرسة مكتب عنبر من سنة 1919 ولغاية تعيينه مديراً مؤسساً لمدرسة التجهيز الأولى سنة 1928. افتتحت المدرسة في عهده وكانت من أشهر مدارس دمشق في القرن العشرين، وتحول اسمها بعد رحيله إلى ثانوية جودت الهاشمي.
البداية
ولِد جودت الهاشمي في حيّ باب سريجة وهو من عائلة جزائريّة هاجرت إلى بلاد الشّام واستوطنت دمشق سنة 1867. كان والده يملك متجراً لبيع وتجليد الكتب في ساحة المسكية، مقابل الجامع الأموي. عاش الهاشمي طفولة بائسة بسبب تشوّه خلقي في عاموده الفقري وقصر في أحد طرفيه. دَرّس في الكتّاب وتتلمذ على يد الشّيخ سعيد الشريف، الذي نمّى لديه حبّ الرياضيات وأرسله إلى إسطنبول لمتابعة دراسته على نفقة الحكومة العثمانية. سافر بعدها إلى فرنسا حيث نال شهادة جامعية في الرياضيات وعند تخرجه سنة 1913 عُيّن مدرّساً في مدرسة المقاصد الخيرية في بيروت ثم في المدرسة الصلاحية في القدس.
مديراً في مكتب عنبر (1919-1928)
ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى سنة 1918 عاد إلى سورية وعُيّن مديراً لمدرسة مكتب عنبر، أشهر وأعرق مدارس دمشق في حينها. ساند الثورة السورية الكبرى عند اندلاعها سنة 1925، وكان ابن أخته إبراهيم صدقي أحد رموزها في جبال القلمون، وقد استغل الحصانة التي كانت تتمتع بها مكتب عنبر لإيواء الطلّاب الهاربين من بطش الفرنسيين، وقال قال أنّ أرض المدارس “مُحرّمة على العسكر، مثلها مثل المساجد والكنائس.”
مدرسة التجهيز الأولى (1928-1943)
وبعد تجربته الناجحة في إدارة مكتب عنبر، درس فترة وجيزة في المدرسة التجارية الإيطالية في منطقة عرنوس، قبل تكليفه من قبل وزارة المعارف بتأسيس مدرسة التجهيز الأولى بدمشق، وكان ذلك بعد تولّي الشيخ تاج الدين الحسني رئاسة الحكومة السورية سنة 1928. انطلقت الأعمال الإنشائية وافتتحت المدرسة بحضوره سنة 1936. وفي سنة 1943، عُيّن جودت الهاشمي أميناً عاماً لوزارة المعارف في عهد الوزير نصوحي البخاري، ثم مديراً للتعليم الابتدائي والثانوي سنة 1946.
مؤلفاته
وضع جودت الهاشمي مجموعة من الكتب المدرسية كان أبرزها كتاب “الجبر الابتدائي” (بالمشاركة مع بركات هبراوي، دمشق 1938).
الوفاة
توفي جودت الهاشمي في دمشق عن عمر ناهز 68 عاماً سنة 1955. وقد أطلقت الحكومة السورية اسمه على مدرسة التجهيز الأولى التي ما زالت حتى اليوم تُعرف بثانوية جودت الهاشمي.
عزت بن محمد خير حصرية (1914 – 4 تشرين الثاني 1975)، صحفي سوري من دمشق أسس جريدة العَلَم اليومية وترأس تحريرها من سنة 1944 ولغاية عام 1963. اشتهر بمقالاته الوطنية وبدعمه لحقوق العمال، وكان أحد مؤسسي اتحاد نقابات العمال سنة 1932 وعضواً في لجنته التنفيذية. وبعد تعاقده من الصحافة سنة 1963 رفض مغادرة سورية كبقية زملائه الصحفيين وعمل على ترمين البيوت القديمة والأضرحة والحفاظ على أحياء مدينة دمشق القديمة.
بدأ مسيرته الصحفية بكتابة عمود أسبوعي في صحيفة الشعب اليومية، وكانت معظم مواضيعه تدور حول حقوق العمال والطبقة الكادحة، إضافة لقضية استقلال سورية عن الانتداب الفرنسي. شارك في تأسيس اتحاد نقابات العمال سنة 1932 وانتخب غضواً في مجلسه التنفيذي.
العمل السياسي
كان عزت حصرية من أشدّ المعجبين بالدكتور عبد الرحمن الشهبندر، الزعيم الوطني الأشهر في ثلاثينيات القرن العشرين. عمل مع الشهبندر وفي صفوف حركته المعارضة للكتلة الوطنيةوحكومة الرئيس جميل مردم بك في الفترة ما بين 1936-1939. وفي سنة 1942 أنضم إلى جريدة الاستقلال العربي المعارضة للكتلة، بعد وفاة صاحبها توفيق جانا، وعُيّن رئيساً للتحرير. أطلق بعدها مطبوعة خاصة به باسم مجلّة الأنوار، كانت تعنى بالشؤون الفكرية والأدبية ولكنها لم تستمر طويلاً.
جريدة العَلَم
وفي سنة 1944 أسس جريدة العَلَم اليومية التي تميزت بخطها الوطني المعارض للفرنسيين. وبعد تحرير البلاد وجلاء القوات الفرنسية عن سورية سنة 1946 أشترى مطبعة حديثة في شارع خالد بن الوليد وحوّل غلاف صحيفته من الأبيض والأسود إلى الملوّن. حققت العَلَم نجاحاً كبيراً في أوساط المثقفين الشباب واشتُهرت بدعمها للعمال والفلاحين والحرفيين، ما جعلها صحيفة شعبية لكل الناس وليس فقط للنخب. دخل الحصري في مغامرة سنة 1954، يوم قرر دمج صحيفته مع صحيفة القبس بعد وفاة صاحبها نجيب الريّس، وأصدر مع عائلته صحيفة يومية بإسم القبس العلم، لم تنجح ولم تستمر إلا أسابيع محدودة. وبعد إغلاقها، عادت “العلم” إلى شكلها القديم وهويتها المستقلة.
أدين عزت عصرية بدعم الانفصال وجُرّد من حقوقه المدنية، ومع ذلك رفض مغادرة دمشق مثل معظم زملائه الصحفيين كما رفض أيضاً التقاعد المبكر وتوجه إلى العمل الأهلي. كان قد انتخب عضواً في مجلس دمشق البلدي منذ عهد الرئيس أديب الشيشكلي في مطلع الخمسينيات، وبعدها بعشر سنوات ونيّف، أصبح عضواً في لجنة المقامات والأضرحة ولجنة صندوق مقابر المسلمين ولجنة أحياء مدينة دمشق القديمة ولجنة تجميل وتسمية شوارع العاصمة السورية. ساهم في ترميم جامع الشيخ رسلان الدمشقيوجامع بلال الحبشي وجامع الكزبري في سهل الزبداني الذي أنشأه عمّه والد زوجته، الصناعي محمد رفيق الكزبري.