عاد إلى دمشق بموجب عفو سنة 1928 وشارك في تأسيس عصبة العمل القومي المعارضة للانتداب الفرنسي في سورية ولبنان والبريطاني في فلسطينوالعراق. أُسست العصبة في قرية قرنايل بجبل لبنان سنة 1932، وكُلّف العسلي بإنشاء فروع سريّة لها في بيروتوطرابلس. ولكنه اختلف مع قادتها بسبب موقفهم الرافض لأي مفاوضات مع فرنسا حتى لو كان هدفها الاستقلال التام، وفي سنة 1936 انشق عن العصبة وانضم إلى صفوف الكتلة الوطنية، بتشجيع ودعم من شكري القوتلي الذي تبناه سياسياً وشكّل تحالفاً معه استمر من يومها وحتى نهاية الخمسينيات.
نشاطه في الكتلة الوطنية
ترشّح صبري العسلي في الانتخابات البرلمانية على قوائم الكتلة الوطنية سنة 1936 وفاز بالنيابة عن دمشق. أبدى تعاطفاً مع الزعيم الألماني أدولف هتلر عند اندلاع الحرب العالمية الثانية واعتقل بتهمة الترويج للنازية سنة 1942. وعند خروجه من المعتقل في سجن راشيا ترشح مجدداً للنيابة على قوائم الكتلة وفاز بمقعده عن دمشق سنة 1943.
تحالف مجدداً مع القوتلي وعند انتخاب الأخير رئيساً للجمهورية سُمّي صبري العسلي وزيراً للداخلية في حكومة فارس الخوري الثانية في 7 نيسان 1945. كان العسلي على رأس عمله عندما وقع العدوان الفرنسي على مدينة دمشق في 29 أيار 1945، فأصدر قراراً موجهاً إلى جميع المواطنين السوريين العاملين في قوة الدرك والأمن العام، بضرورة ترك وظائفهم وحمل السلاح مع المقاومة الوطنية.
بعد أسابيع من بدأ المعارك في حرب فلسطين سمّي العسلي وزيراً للداخلية في حكومات جميل مردم بكالرابعةوالخامسة. اندلعت يومها مظاهرات غاضبة في طول البلاد وعرضها، احتجاجاً على تراجع أداء الجيش السوري في فلسطين وقبول الدولة السورية بالهدنة المفروضة على العرب من قبل الأمم المتحدة في 11 حزيران 1948. رد الوزير العسلي بفرض قانون الطوارئ واعتقال ميشيل عفلق، مؤسس حزب البعث، بتهمة التحريض على الدولة، ما عرّضه لمحاولة اغتيال على مدخل وزارة الداخلية عندما ألقيت قنبلة نحوه من قبل أحد المتظاهرين.
مع حسني الزعيم
في كانون الأول 1948 شُكّلت وزارة جديدة برئاسة خالد العظم، استبدل فيها بالعسلي عادل العظمة ممثلاً عن الحزب الوطني. كانت هذه الحكومة هي الأخيرة في عهد شكري القوتلي، وسقطت مع سقوط العهد في 29 آذار 1949 يوم انقلاب حسني الزعيم. كان العسلي قد قضى الليلة التي سبقت الانقلاب بصحبة الزعيم في فندق أميّة ولم يخطر في باله أن الأخير كان يُحضر لعملية عسكرية كبيرة تطيح برئيس الجمهورية. أمر الزعيم باعتقال شكري القوتلي ونقله إلى سجن المزة، وحلّ جميع الأحزاب السياسية، وعلى رأسها الحزب الوطني، بعد تعطيل البرلمان في الساعات الأولى من 1 نيسان 1949.
لم يرض العسلي عن الانقلاب ولكنّه لم يدخل في مواجهة مع حسني الزعيم وقرر التعاون معه. وقد أدى هذا التعاون إلى حدوث شرخ مؤقت بينه وبين الرئيس القوتلي، وتحديداً بعدما كلفه الزعيم بتمثيله في احتفالات الذكرى العاشرة لجلوس الملك فيصل الثاني على عرش العراق في 2 أيار 1949. وبعدها بشهرين، عُيّن العسلي عضواً في اللجنة الدستورية التي شكّلها الزعيم، وكانت برئاسة الدكتور محسن البرازي.
الانقلاب في موقف العسلي
وفي 14 آب 1949 وقع انقلاب عسكري جديد في دمشق، أدى إلى مقتل محسن البرازيوحسني الزعيم. دعا مهندس الانقلاب سامي الحناوي إلى اجتماع كبير في مبنى الأركان العامة وسط العاصمة السورية، حضره صبري العسلي ممثلاً عن الحزب الوطني وتقرر فيه عودة الحياة النيابية ودعوة الرئيس الأسبق هاشم الأتاسي لتولّي الرئاسة والإشراف على انتخاب مؤتمر تأسيسي تكون مهمته وضع دستور جديد لسورية بدلاً من الدستور القديم الذي كان الزعيم قد عطله قبل أشهر.
في مواجهة الشيشكلي
وبعد وصول أديب الشيشكلي إلى الحكم وانقلابه على حكم هاشم الأتاسي في تشرين الثاني 1951 انتقل صبري العسلي إلى صفوف المعارضة. أمر الشيشكلي بحلّ الحزب الوطني ودعا الأتاسي إلى اجتماع في داره بحمص، حضره العسلي وتقرر فيه عدم الاعتراف بشرعية العهد ومحاربته بكل الطرق المتاحة. رد الشيشكليباعتقال جميع المشاركين في مؤتمر حمص، ومنهم العسلي، ولم يستثنِ أحداً سوى هاشم الأتاسي نظراً لتقدمه بالسن ومكانته الرفيعة في المجتمع السوري. وجه القضاء العسكري تهمة التخابر مع دولة أجنبية إلى صبري العسلي، وتقاضي أموال من العراق لقلب نظام الحكم في سورية. وكان من المفترض إعدامه لولا الانقلاب الذي أسقط حكم الشيشكلي في شباط 1954 وأعاد الأتاسي إلى الرئاسة.
حكومة العسلي الأولى (آذار – حزيران 1954)
أعيد العمل بالدستور القديم – دستور عام 1950 – والمجلس النيابي المنتخب سنة 1949، وفي 1 آذار 1954 كُلف العسلي بتشكيل حكومته الأولى بطلب من رئيس الجمهورية. تعاون العسلي مع خصومه في حزب الشعب، لكونهم أكبر المعارضين للشيشكلي وأكثر المتضررين من حكمه، وقد أسند إليهم حقائب الخارجية والداخلية والدفاع والأشغال العامة. أما الحزب الوطني فقد كانت حصّته وزارات الصحة والاقتصاد فقط، إضافة إلى رئاسة الحكومة.
كان من المفترض أن تُشرف حكومة العسلي على الانتخابات النيابية والرئاسية المُقبلة، ولكنها سقطت بعد ثلاثة أشهر فقط من تأليفها في 19 حزيران 1954، بسبب مواجهة حصلت بينه وبين المؤسسة العسكرية. حاول العسلي يومها تقليم أظافر الضباط المحسوبين على أديب الشيشكلي، ما وحد العسكريين ضده، وشنّت الصحف اليومية حملة شرسة عليه عند استقباله نائب رئيس أركان الجيش الأمريكي أرثر ترودو في 8 أيار 1954، والذي جاء إلى سورية للتباحث معه حول كيفية العمل ضد تمادي النفوذ الشيوعي في الشرق الأوسط.
ومع قرب انتهاء ولاية هاشم الأتاسي توجه صبري العسلي إلى مصر يوم 9 نيسان 1954، على رأس وفد كبير من التجّار والسياسيين لدعوة الرئيس الأسبق شكري القوتلي إلى العودة إلى سورية والترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. أنهى هذا الاجتماع القطيعة القائمة مع القوتلي منذ انقلاب الزعيم سنة 1949، وعند عودته في 7 آب 1955، كان العسلي في مقدمة مستقبليه في مطار دمشق.
حكومة العسلي الثانية (شباط 1955 – أيلول 1955)
وكان هاشم الأتاسي وقبل انتهاء ولايته قد جدد التعاون مع صبري العسلي ودعاه لتشكيل حكومة جديدة في 13 شباط 1955، خلفاً لحكومة فارس الخوري الرابعة والأخيرة. في هذه المرة قاطع حزب الشعب الحكومة العسلية وشارك بها حزب البعث بوزيرٍ واحد، وحصل الحزب الوطني على أربع حقائب سيادية، منها وزارة الداخلية التي تولاها العسلي بنفسه. وفي كلمته أمام مجلس النواب، قال العسلي إن حكومته الثانية ترفض دخول سورية في صراعات الحرب الباردة وتجاذباتها، رافعاً شعار “الحياد الإيجابي” تجاه الدول العظمى. حاول العسلي الالتزام بهذا المبدأ ورفض الدخول في حلف بغداد، ولكنه وجد نفسه مجبراً على الميل باتجاه المعسكر المعادي للغرب بعد مقتل العقيد عدنان المالكي في نيسان 1955.
بقيت حكومة العسلي تعمل حتى 13 أيلول 1955، عندما قدمت استقالتها تماشياً مع الأعراف عند بدء ولاية شكري القوتليوانتهاء ولاية هاشم الأتاسي. وفي 14 حزيران 1956، كلّفه القوتلي برئاسة الحكومة للمرة الثالثة، وفي هذه المرة تعاون العسلي أكثر مع حزب البعث، على الرغم من انعدام الود بينه وبين ميشيل عفلق، وذلك نظراً لفوز البعثيين بسبعة عشر مقعداً من مقاعد المجلس النيابي في انتخابات عام 1954. كان حزب البعث داعماً للمعسكر الشرقي في الحرب الباردة، وموالياً للرئيس المصري جمال عبد الناصر. أما حزب الشعب فقد تراجعت حصته النيابية على الرغم من فوزه بما لا يقل عن 30 مقعداً من مقاعد المجلس، وذلك بسبب صداماته المتكررة مع ضباط الجيش.
لم يُشارك حزب الشعب في هذه الحكومة واقتصرت المشاركة على الحزب الوطنيوحزب البعث، الذي حصل على حقيبتي الاقتصاد الوطني والخارجية. في عهد صبري العسلي الأخير كُشِفت مؤامرة انقلابية بتخطيط من الوصي على عرش العراق الأمير عبد الله بن علي، تهدف إلى إسقاط كل رموز العهد، من رئيس الجمهورية إلى رؤساء الحكومة والبرلمان، بسبب قربهم من الاتحاد السوفيتيوجمال عبد الناصر.
حكومة العسلي الرابعة والأخيرة (31 كانون الأول 1956 – 6 آذار 1958)
أجريت محاكمة علنية لجميع المتهمين وصدر قرار إعدام بحق كل من الشيشكليوالعجلاني والأتاسي. ولكن تدخلاً عربياً أدى إلى تخفيف الأحكام إلى السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة. هزّت هذه المحاكمات الأوساط السياسية في سورية، وعلى أثرها أعاد العسلي تشكيل حكومته في 31 كانون الأول 1956، مستغنياً عن كل الوزراء المحسوبين على العراق ومكتفياً فقط بالمستقلين والقوميين العرب.
وفي 11 كانون الثاني 1958، توجه رئيس الأركان عفيف البزريإلى مصر على رأس وفد عسكري مؤلف من أربعة عشر ضابطاً ناصرياً، يرافقهم عبد المحسن أبو النور، الملحق العسكري المصري بدمشق. سافروا ليلاً دون إعلام رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة ولا حتى وزير الدفاع. وعندما قابلهم عبد الناصر طلبوا منه توحيد البلدين فوراً، متجاهلين القيادة السياسية السورية بالكامل. بدلاً من معاقبتهم وفصلهم عن الجيش، قرر القوتلي والعسلي مجتمعين مباركة وفد العسكر وعدم الاعتراض على طرحهم، تجنباً لأي انقلاب عسكري قد يحدثه هذا الرفض. قالوا إنهم دعاة وحدة عربية ولن يقفوا في وجهها على الرغم من تحفظاتهم على الطريقة التي جرت المطالبة بها.
أُرسل وزير الخارجية صلاح البيطار إلى مصر لإعطاء العسكر شرعية سياسية وتقوية موقفهم أمام عبد الناصر. وبعدها سافر القوتلي والعسلي إلى القاهرة للتفاوض على الوحدة باسم الدولة السورية، دون أي قيد أو شرط.
وافقوا على حلّ جميع الأحزاب في سورية وعلى نقل العاصمة من دمشق إلى القاهرة، وقبلوا بأن تكون الوحدة اندماجية لا فيدرالية، كما كان يفضلها صبري العسلي. وعند إقامة جمهورية الوحدة في شباط 1958، تنازل شكري القوتلي عن منصبه طوعياً لصالح جمال عبد الناصر، وعُيّن صبري العسلي نائباً لرئيس الجمهورية العربية المتحدة.
بارك صبري العسلي الانقلاب العسكري الذي أسقط جمهورية الوحدة يوم 28 أيلول 1961 وشارك في إصدار بيان من منزل أحمد الشرباتي يوم 2 تشرين الثاني، متهماً عبد الناصر بمصادرة الحريات وتدمير الصناعة وإقامة حكم ديكتاتوري في سورية. ترشّح العسلي في أول انتخابات أقيمت في عهد الانفصال وفاز بالنيابة عن دمشق ولكنّه غاب عن أي منصب حكومي، محتفظاً لنفسه بزعامة الحزب الوطني.
حافظ العسلي على مقعده النيابي حتى انقلاب حزب البعث يوم 8 آذار 1963، حين صدر قرار عزل مدني بحقه واتهم بمساندة عهد الانفصال. وصدر مرسوم من مجلس قيادة الثورة بحلّ الحزب الوطني وجميع الأحزاب القائمة في البلاد.
الوفاة
توفي الرئيس صبري العسلي بدمشق عن عمر ناهز 73 عاماً يوم 13 نيسان 1976. لم يتزوج في حياته ولم يكن له أولاد.
المناصب
أمين عام الحزب الوطني (27 آذار 1947 – 8 آذار 1963)
صبحي بن أحمد العمري (1898 – 29 أيلول 1973)، ضابط سوري من دمشق، خدم في الجيش العثماني وفي الثورة العربية الكبرى وشارك في معركة ميسلون مع وزير الحربية يوسف العظمة يوم 24 تموز 1920. ساهم في تأسيس الجيش الأردني سنة 1922 والجيش العراقي عام 1924، قبل عودته إلى سورية وتسلّمه قيادة الشرطة والأمن العام سنة 1946. انتُخب مشرعاً في الجمعية التأسيسية التي وضعت دستور عام 1950 وبعدها بست سنوات اعتقل بتهمة محاولة انقلاب فاشلة لصالح العراق في سورية، وبقي سجيناً حتى سنة 1960.
غادر الأردن متجهاً إلى العراق، الذي كان الملك فيصل قد ولّي حاكماً عليه منذ سنة 1921. وفور وصوله بغداد مُنح جواز سفر عراقي وعُيّن ضابطاً في الجيش المملكة الهاشمية العراقية. ولكن حظوته في العراق تراجعت بعد وفاة الملك فيصل عام 1933، ووجهت إليه اتهامات بالسعي لانقلاب عسكري ضد ابنه الملك غازي الأول. اعتُقل العمري ومثل أمام محكمة عسكرية في بغداد أمرت بترحيله إلى سورية، حيث كان لا يزال حكم الإعدام سارياً بحقه منذ سنة 1920. وعند وصوله الأراضي السورية، اعتُقل من قبل الفرنسيين ونُقل فوراً في سجن المية ميه القريب من صيدا.
العودة إلى دمشق
بقي العمري سجيناً طيلة عشرة أشهر، وعند إطلاق سراحه بعد إسقاط حكم الإعدام، قرر الاستقرار بدمشق. وفي سنة 1943 ومع انتخاب شكري القوتلي رئيساً للجمهورية، عُيّن مديراً للإعاشة ثم قائداً للشرطة والأمن العام ابتداء من 8 آب 1946، وذلك بعد أربعة أشهر من جلاء القوات الفرنسية عن سورية.
العمري وحسني الزعيم
في 29 آذار 1949، وقع انقلاب عسكري في سورية، قاده حسني الزعيم ضد رئيس الجمهورية. اعتقل القوتلي وحلّ المجلس النيابي بأمر من الزعيم، ودعُي العمري إلى مكتبه وعُرض عليه التعاون. ولكنه رفض ونصحه – بصفته ضابط متقاعد – بضرورة ابتعاد العسكر عن السياسة وعودة الجيش إلى ثكناته. أمسكه الزعيم من قميصه وقال: أنا لم أقم بانقلاب على القوتلي لأعود بالجيش إلى ثكناته.”
دستور عام 1950
غاب العمري عن المشهد أثناء الأشهر المعدودة التي قضاها حسني الزعيم في الحكم، وبعد الانقلاب عليه ومقتله في 14 آب 1949، ترشح لعضوية الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع دستور جديد للبلاد، بدلاً من دستور عام 1928 الذي كان الزعيم قد عطله. فاز صبحي العمري في هذه الانتخابات وشارك في كتابة دستور عام 1950
المؤامرة العراقية
تفرغ بعدها للعمل التجاري وأسس مع شقيقه شركة لاستيراد السيارات والمعدات الثقيلة. اعتقل مجدداً لمعارضته حكم أديب الشيشكلي سنة 1953 وكان الاعتقال الثالث والأخير سنة 1956، عند اتهامه بالضلوع في محاولة انقلاب عسكري، بتخطيط وتمويل من أجهزة المخابرات العراقية. كان ذلك بعد عودة شكري القوتلي إلى الحكم وتخالفه مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر.
جاء في قرار الاتهام أن العمري ورفاقه أرادوا تشكيل قوة عسكرية في لبنان لتعبر الحدود مع سورية وتقوم بسلسلة اغتيالات ضد شخصيات محسوبة إما على مصر أو الاتحاد السوفيتي، مثل رئيس مجلس النواب أكرم الحوراني ومدير المكتب الثاني عبد الحميد السراج. إضافة لصبحي العمري، شملت الاعتقالات عدداً كبيراً من الشخصيات، مثل منير العجلانيوسامي كبارة، والدكتور عدنان الأتاسي، ابن الرئيس السابق هاشم الأتاسي. وبعد محاكمة علنية على مدرّج الجامعة السورية، بثت جلساتها مباشرة عبر أثير إذاعة دمشق، أدينوا بالخيانة العظمى وحُكم عليهم بالإعدام. توسط عدد من الزعماء العرب لأجلهم، وفي مقدمتهم الملك الأردني الحسين بن طلال، فتم تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد.
عاد صبحي العمري إلى سورية سنة 1971، إبان صدور عفو عنه من الرئيس حافظ الأسد، ولكنه اعتزل السياسية من يومها اعتزالاً كاملاً وتوفي بعدها بسنتين، يوم 29 أيلول 1973.
ولد عبد القادر المغربي في مدينة اللاذقية حيث كان والده يعمل قاضياً، وهو سليل أسرة تعود أصولها إلى المغرب العربي وكان جده إمام الأحناف في تونس. تولّى والده الشيخ مصطفى المغربي نيابة القضاء في اللاذقيةوطرابلس الشام قبل تعيينه رئيساً لمحكمة الميدان الشرعية بدمشق. درس المغربي على يد والده واتنقل معه سنة 1892 إلى إسطنبول حيث لازم الشيخ جمال الدين الأفغاني. سافر بعدها إلى مصر وتعلّم على يد الشّيخ محمد عبده، ليعود بعدها إلى طرابلس ويُعيّن عضواً في مجلس معارفها لغاية عام 1893 عندما ألقي القبض عليه بسبب أفكاره المناهضة لسياسات السلطان عبد الحميد الثاني ودعوته للإصلاح الديني ومطالبته ِبالتجديد وصون حرية التعبير والتفكير.
قرر عبد القادر المغربي البقاء في دمشق وبايع الأمير فيصل حاكماً عربياً على سورية في 3 تشرين الأول 1918. عينه الأمير فيصل عضواً في مجلس المعارف، الذي تحوّل إلى وزارة المعارف في المملكة السورية. وفي 30 تموز 1919 انضم الشّيخ المغربي إلى مجمع اللغة العربية كما أصبح سنة 1923 عضواً في الهيئة التدريسية في الجامعة السورية عند تأسيها. وبعدها بسنوات، عُيّن مشرفاً على دار الكتب الوطنية وانتُخب نائباً لرئيس المجمع محمّد كرد علي في 15 آب 1941، وظل ّ يشغل هذا المنصب إلى حين وفاته.
ألقى في المجمع سبعين محاضرة في مواضيع مختلفة ومنها:
صفحة من تاريخ أدبنا الاجتماعي
مخطوط تاريخي دمشقي
نبأ عجب من أنباء العرب
فصحاء الأعراب
سائح يصف العالم الإسلامي
يهود الشام منذ مئة عام
شهداء النساء في نشأة الإسلام
الأولاد وتربيتهم
عثرات الأفمام
حقوق المرأة في الإسلام
مناظرة عالمين في مجلس المأمون
بلاغة الجاحظ
اليابان: هل يعرفها العرب، وبماذا كانوا يسمونها؟
ابن خلدون في المدرسة العادلية الكبرى
أمثال العرب مرآة أخلاقهم
الكتب والتأليف في الإسلام
الثقالة والثقلاء
بين الأدبين: القديم والحديث
كما نشر في مجلّة المجمع، بدءًا من المجلد الأول سنة 1921 ولغاية المجلد الحادي والثلاثين سنة 1956، مقالات وبحوث ومحاضراته وفتاواه اللغوية واستدراكاته وتصحيحاته اللغوية، إضافة إلى تراجم الأعلام وصدر له ضمن مطبوعات المجمع كتابان:
وفي سنة 1932 اختير الشيخ عبد القادر المغربي عضواً عاملًا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وأسهم بنصيب وافر في أعماله ونشر مقالات وبحوثًا في مجلته. ومن أهم مواقفه في الدفاع عن لغة الضاد ثورته العارمة ردًّا على اقتراح عبد العزيز فهمي استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية. وفي سنة 1949 اختير عضوًا في المجمع العلمي العراقي.
مؤلفاته
وضع الشّيخ المغربي مجموعة من الكتب القيمة عن اللغة العربية، منها:
البيّنات (مقالات ورسائل في الإصلاح الديني والنقد والأدب – القاهرة 1925)
سليم عنحوري (11 أيار 1856 – 1 تموز 1933)، كاتب وصحفي سوري من دمشق، أسس عدة مطبوعات بين سورية ومصر، مثل جريدة “مرآة الشرق” ومجلّة “مرآة الأخلاق” وكان رئيساً لتحرير جريدة دمشق الخاصة وصحيفة المشكاة شبه الحكومية. انتخب عضواً في مجلس شورى الدولة وكان أحد مؤسسي مجمع اللغة العربية سنة 1919.
البداية
ولِد سليم عنحوري في دمشق وهو سليل أُسرة مسيحية معروفة. خطف من منزل أبيه في أثناء الأحداث الدامية التي شهدتها دمشق في تموز 1860، عندما انتفض بعض المسلمين ضد سكان الحارات المسيحية. وبعد العثور عليه سالماً أرسله والده إلى بيروت لإكمال دراسته ريثما يعود الهدوء إلى أحياء دمشق المسيحية. عاد بعدها إلى مدينته ودرس في المدرسة البطريركية للروم الكاثوليك ولكنّه أُجبر على تركها بعد وفاة أبيه والعمل في وظيفة حكومية. تدرج في وظائف الدولة العثمانية حتى أصبح رئيساً لقلم الجنايات في مجلس عكا التمييزي، نقل بعدها إلى سهل حوران كاتباً في ديوان المحاسبة.
وعند تعيينه والياً على سورية سنة 1778، طلب مدحت باشا من سليم عنحوري العودة إلى دمشق وعينه محرراً لمقالات مجلس ولاية سورية، أي أميناً للسر. لازم أستاذة القانون وعمل فترة بالمحاماة، وفي سنة 1885 أسس مجلّة “مرآة الأخلاق” وتولّى رئاسة تحرير جريدة دمشق التي كان يصدرها الوجيه الدمشقي أحمد عزت باشا العابد. وصار يقضي أشهر الشتاء في القاهرة، هرباً من برد دمشق القارص، وفيها أطلق جريدة باسم “الشتاء.” وفي سنة 1912 عين رئيساً لتعارض في مقالاته دخول العثمانيين الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا القيصرية، فصدر أمر من جمال باشا، قائد الجيش الرابع في سورية، بمنعه من الكتابة ونفيه إلى الأناضول.
في العهد الفيصلي (1918-1920)
وضع قيد الإقامة الجبرية، بعيداً عن وطنه، لغاية انتهاء الحرب وانسحاب القوات العثمانية عن دمشق سنة 1918. عاد وبايع الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على سورية، وفي عهده شارك العنحوري في تأسيس مجمع اللغة العربية يوم 30 تموز 1919. وفي سنة 1921، عُيّن عضواً في مجلس الشورى حتى سنة 1924.
مؤلفاته
أشهر كتب سليم عنحوري كان الكنز الناظم ومصباح الهايم الذي طبع أيضاً بعنوان “القلائد الدرّية في فرائد اللغة العربيّة” وصدر في ثماني مجلّدات سنة 1878. ووضع العنحوري مجموعة من الدواوين الشعرية، ومنها:
أنيس بن ناصيف سلّوم (1862- 10 كانون الأول 1931)، أديب ومُدرس وواعظ سوري من حمص وأحد مؤسسي مجمع اللغة العربية بدمشق ومن الآباء المؤسسين لديوان المعارف. وهو ابن عم الشاعر رفيق سلّوم، أحد شهداء 6 أيار 1916.
شارك أنيس سلّوم في تأسيس الشعبة الأولى للترجمة والتأليف التي تحولت بتاريخ 12 شباط 1919 إلى ديوان المعارف. وكان أحد مؤسسي مجمع اللغة العربية في 30 تموز 1919 وانتخب نائباً لرئيسه محمد كرد علي. ألقى سلّوم في ردهة المجمع خمس عشرة محاضرة، منها:
ألف بضعة كتب مختصرة في الصرف والنحو والبيان والمنطق، وله موجز في علم الاجتماع، وآخر في علم النفس، وغيره في علم الاقتصاد، وأكثرها فُقِدَ خلال نفيه إلى الأناضول. ونشر في مجلة المجمع 17 مقالًا في المدة 1922-1925، ضمَّن بعضها فوائد لغوية وعرَّف في سائرها بعشرة كتب.
الوفاة
أصيب أنيس سلوم بداء تصلب الشرايين، أوقفه عن العمل وأقعده في داره منذ سنة 1926، وتوفي إثر نزيف دماغي أصابه يوم 10 كانون الأول 1931.
عاد بعدها إلى دمشق وتفرّغ للتدريس في مسجد الميدان، ليصبح أحد أعيان الحيّ عشية سقوط الحكم العثماني وإقامة حكومة عربية بقيادة الأمير فيصل بن الحسين سنة 1918. لبّى الشيخ الأشمر نداء وزير الحربية يوسف العظمة وأنضمّ إلى صفوف المجاهدين السوريين للمشاركة في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920. كان هدفهم وقف زحف الجيش الفرنسي تجاه مدينة دمشق، ولكنّ نتيجة المعركة جاءت عكس التوقعات الوطنيّة، فقد استشهاد الوزير العظمة وسقط الحكم الفيصلي. تم احتلال مدينة دمشق عسكرياً صباح يوم 25 تموز 1920، مع فرض الانتداب الفرنسي على جميع الأراضي السوريّة.
نجى الأشمر من الموت يومها، وعاد إلى غوطة الشرقية للمشاركة في معارك يلدا وبستان باكير وبستان البندقة الميدان وقرية كفرسوسة. كما لعب دوراً في معركة مئذنة الشحم داخل أسوار مدينة دمشق القديمة، وفي معركة جسر تورا على اطريق المؤدي إلى بلدة دوما بريف دمشق.
عاد الأشمر إلى دمشق وعاش فيها حتى سنة 1936، عندما شدّ الرحال إلى فلسطين لحمل السلاح مع صديقه سعيد العاص ومفتي القدسالحاج أمين الحسيني. خدم بمعيّة فوزي القاوقجي وكانت منطقة نشاطه مثلث نابلس، وخاصّة منطقة طولكرم. عُيّن الأشمر قائداً المفرزة الشاميّة، إلى حاربت إلى جانب المفرزة العراقيّة والمفرزة الدرزيّة، ومن أشهر معارك في فلسطين: معركة بلعا، ومعركة جبع، ومعركة بيت إمرين. وعندما أثمرت جهود الملوك العرب على إنهاء الثورة يوم 11 تشرين الأول 1936، سلّم الأشمر سلاحه إلى الحاج أمين الحسيني، وعاد إلى دمشق.(2)
المواجهة مع حكومة الجابري سنة 1944
بعد انتهاء الثورة الفلسطينية عاد محمد الأشمر إلى صدارة المشهد السوري في أيار 1944، إثر صِدام بينه وبين رئيس الحكومة السورية سعد الله الجابري. وجه الأشمر انتقاداً لاذعاً لحكومة الجابري بسبب دعمها لحركات التحرر وسماحها للنساء بالخروج من منازلهن سافرات. وقد صبّ الأشمر غضبه على حفل خيري كانت حكومة الجابري تنوي إقامته في نادي الشرق، تحت رعاية حرم وزير المعارف نصوحي البُخاري. اجتمع الأشمر مع وزير الداخلية لطفي الحفار وطلب منه منع نساء دمشق من دخول الحفل، ولكن الحفار رفض الاستجابة لطلبه، فقرر الأشمر نقل المعركة إلى الشارع في أول مواجهة من نوعها بين المشايخ والكتلة الوطنية الحاكمة منذ سنة 1943. من على منبر مساجد الميدان، نادى الأشمر باسقاط حكومة الجابري لأنها وبحسب تعبيره، كانت تُشجع الناس على الفسق والفجور. قاد مظاهرة حاشدة بعد صلاة الجمعة، شارك فيها آلاف الشبّان، قتل منهم أثنان برصاص قوى الأمن. كما ردت الحكومة السورية باعتقاله ونقله مخفوراً إلى سجن تدمر بتهمة إثارة الفتن وتشجيع الأهالي على العصيان المسلّح.(3) ولكن سرعان ما تم إطلاق سراحه بعد تدخل من رئيس الجمهورية شكري القوتلي.
توفي الشيخ محمد الأشمر بدمشق يوم 3 آذار 1960 وكرمته الحكومة السورية بإطلاق اسمه على عدّة أماكن، منها ساحة في مسقط رأسه بحيّ الميدان، إضافة إلى مسجد ومدرسة في حيّ الزاهرة.
قالوا في الشّيخ الأشمر
تحدّث قاضي دمشق الشيخ علي الطنطاوي عن جهاد الشيخ محمد الأشمر، وكيف تنكر الساسة السوريون له بعد الاستقلال. وقد جاء في كلمة الطنطاوي يوم تأبين الأشمر:
كان الشّيخ الأشمر من الصالحين الذين ثاروا على الفرنسيين، وأبلوا في قتالهم البلاء المبين، وكانت داره حمى لمن دخلها، لم يجرؤ فرنسي أن يدنو منها، فيدخل عليه فيها، فلما كان عهد الاستقلال، وكان رئيس الوزراء سعد الله الجابري، أمر باقتحام دار الشيخ الأشمر، وبسحبه منها إلى السجن.(4)
كان الأشمر مثالاً للمجاهد الشجاع الجريء الذي يقتحم غمار الموت ويهزأ بالأخطار تسعى بين يديه ومن خلفه، كما كان مثالاً للرجل المؤمن التقي الذي كان يلقي بالمواعظ على إخوانه المجاهدين متنقلاً من مكان إلى مكان يبث فيهم روحه المؤمنة القويّة كل معاني الثقة بالله وبعدالة الحق الذي خرجوا للدفاع عنه. وأضاف: كان يكفيه من الأمجاد والخلود ما قام به في الثورة السوريّة من بطولات وتضحيات.
ولِد شكري القوتلي في حيّ الشاغور داخل مدينة دمشق القديمة وهو سليل أُسرة عريقة وكبيرة جاءت من الحجاز واستوطنت دمشق في مطلع القرن الثامن عشر. عمل أبناء عائلة القوتلي بالتجارة والزراعة وعرفوا بقامتهم الطويلة وبنيتهم القويّة، ولقّبوا بالقوتلي. كان والده محمود القوتلي من الأعيان وقد توفي سنة 1914، وكذلك جدّه عبد الغني القوتلي، وهو من كبار المحسنين في مدينة دمشق الذي قال عنه محمد كرد علي في مُذكّراته: “قد تلد الولادة مثل عبد الغني القوتلي ولكن أعظم منه بالأخلاق وكرمه فلا.”
وقد عُرف من أبناء عائلة القوتلي كلّ من حسن باشا القوتلي، رئيس غرفة تجارة دمشق في نهاية القرن التاسع عشر، ومحمّد سعيد باشا القوتلي، وكيل أعمال الأمير عبد القادر الجزائري بدمشق الذي حَضر معه افتتاح قناة السويس عام 1869. أما والدة شكري القوتلي، ناجية بنت محمد عطا القدسي، فهي من عائلات دمشق العريقة التي يعود نسبها إلى النبي محمّد. كان شديد التعلق بها وقد توفيت حزناً على غيابه في أثناء وجوده في المعتقل إبان الانقلاب العسكري الأول سنة 1949 ومنع من الخروج من السجن للمشاركة في جنازتها.
انتسب القوتلي في مرحلة الشباب إلى الجمعية العربية الفتاة التي أُنشأت في باريس على يد مجموعة من الطلاب العرب سنة 1911، وكانت تهدف إلى تحرير العرب والنهوض بالأمة العربية. أيّد الثورة العربية الكبرى عند انطلاقها من الحجاز عام 1916، وشارك في نقل السلاح والمال إلى الثوار، فاعتُقِال بأمر من جمال باشا، قائد الجيش الرابع في سورية. تعرض القوتلي لشتى أنواع التعذيب لكي ينطق بأسماء رفاقه في العربية الفتاة، ولكنّه ظلّ متمسكاً بصمته، وعندما اشتد به التعذيب خاف من أن تضعف عزيمته وفضّل الانتحار على الخنوع والاستسلام.
محاولة الانتحار
أحضر القوتلي شفرة صغيرة تمكن من إدخالها إلى السجن داخل رغيف خبز، وقام بقطع شرايين يده اليسرى. ولكنّ محاولة الانتحار لم تنجح، وقد أُسعِف من قبل أحمد قدري المُعتقل في زنزانة مجاورة، وهو أحد مؤسسي العربية الفتاة. أنقذ الدكتور قدري حياة القوتلي وتم نقله إلى المستشفى الحميدي في منطقة البرامكة، حيث قضى شهراً كاملاً في العلاج تحت حراسة مشددة، ليُعاد بعدها إلى السجن حتى سقوط الحكم العثمانية بدمشق في 26 أيلول 1918.
عاد شكري القوتلي إلى دمشق بعد صدور عفو عنه سنة 1923 والتحق بالثورة السورية الكبرى عند انطلاقها من جبل الدروز في صيف العام 1925. باع أملاكه في غوطة دمشق التي كان قد ورثها عن أبيه واشترى بثمنها سلاحاً للثوار، وقد تولّى دفع رواتبهم التي وصلت إلى ليرتين ذهبيتين في الشهر الواحد. جمعاً وصلت قيمة تبرعات شكري القوتلي إلى نصف مليون ليرة ذهبية خلال السنوات 1925-1927، وعمل على جمع تبرعات لصالح الثورة من الجاليات العربية المقيمة في المغترب. سافر إلى مصر للاجتماع بسعد باشا زغلول، زعيم حزب الوفد، الذي قدم دعماً مالياً للثورة السورية الكبرى عن طريق شكري القوتلي. ردّت فرنسا بقصف دار القوتلي في منطقة سيدي عامود يوم العدوان على مدينة دمشق في 18 تشرين الأول 1925 وصدر قرار إعدام جديد بحقه. عاد القوتلي إلى القاهرة وبقي مقيماً فيها حتى صدور عفو عام 1932.
عمله في الصناعة
بعد قمع الثورة وتفريق شمل قادتها، تأسست الكتلة الوطنية في سورية بقيادة هاشم الأتاسي يوم 25 تشرين الأول 1927، وكان الهدف منها محاربة الاحتلال بالطرق السياسية لا العسكرية. وانضم إليها شكري القوتلي فور عودته إلى دمشق وانتُخب عضواً في مجلسها الدائم سنة 1934. عمل القوتلي في هذه الفترة من حياته بالصناعة وأسس معملاً للكونسروة لتمويل نشاط الكتلة الوطنية ودفع رواتب موظفيها وعائلات المعتقلين من أنصارها. حُدد رأس مال الشركة بثلاثين ألف ليرة عثمانية ذهبية، وزِّعت على خمسة عشر ألف مساهماً، وجال القوتلي على المدن السورية الكبرى لبيع هذه الأسهم بقيمة ليرتين ذهبيتين للسهم الواحد.
ومع نهاية الثلاثينيات وصل عدد موظفي شركة الكونسروة إلى 200 عامل، وبلغ إنتاجها السنوي خمسة ًوعشرين طناً من المعلبات، تُصدّر إلى الدول العربية كافة. وقد رفض القوتلي بيع أسهم في شركته في أي مصرف أجنبي، وأصر أن يجري الاكتتاب العام إمّا في فرع دمشق من بنك مصر أو عبر البنك العربي. وكانت من عادته إهداء أسهم في شركة الكونسروة للأصدقاء والحلفاء عند عقد قرانهم أو رزقهم بمولود جديد. ذهبت رئاسة مجلس إدارة شركة الكونسروة للدكتور أحمد منيف العائدي، وبقيت أسهمها في التداول في سوق البورص المتفرع عن سوق الحميدية حتى سنة 1965، عندما جرى تأميمها مع كبرى الشركات السورية في عهد الرئيس أمين الحافظ.
توجه الوفد برئاسة الأتاسي إلى باريس في 26 آذار 1936، وكان مؤلفاً من سعد الله الجابريوفارس الخوريوجميل مردم بك. أمّا شكري القوتلي، فقد بقي في دمشق وعُيّن رئيساً بالوكالة للكتلة الوطنية، ممثلاً عن الأتاسي ومسؤولاً عن متابعة مجريات الثورة الفلسطينية التي كانت قد انطلقت من القدس بقيادة صديقه القديم المفتي أمين الحسيني. توصل وفد الكتلة إلى معاهدة مع رئيس الحكومة الفرنسية ليون بلوم، أعطيت بموجبها الجمهورية السورية استقلالاً تدريجياً ومشروطاً، مقابل امتيازات عسكرية واقتصادية وثقافية للجمهورية الفرنسية في سورية. وفي نهاية شهر أيلول من العام 1936، عاد وفد الكتلة الوطنية إلى دمشق رافعاً شعار النصر، وقدم رئيس الجمهورية محمد علي العابد استقالته، داعياً إلى انتخابات نيابية ورئاسية مُبكرة. خاضت الكتلة الوطنية تلك الانتخابات بكامل ثقلها السياسي وفاز شكري القوتلي بمقعد نيابي عن دمشق وانتُخِب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية في 21 كانون الأول 1936.
القوتلي وزيراً
كُلّف جميل مردم بك بتشكيل حكومة الكتلة الوطنية الأولى، وعُيّن القوتلي وزيراً للدفاع والمالية. كانت حقيبة الدفاع هي إحدى الامتيازات التي منحتها معاهدة عام 1936، بعد أن كانت فرنسا قد ألغتها منذ هزيمة الجيش السوري وحلّه بعد معركة ميسلون سنة 1920، وقد تسلمها القوتلي شكلياً فقط لأن سلطة الانتداب منعت السوريين من تأسيس أي جيش وطني واكتفت بقوة الأمن الداخلي والشرطة.
أولى مهام الحكومة المردمية كان المصادقة على معاهدة عام 1936، ولكن البرلمان الفرنسي قام برفضها تحسباً لاحتمال اندلاع حرب عالمية جديدة، بعد تنامي طموحات الزعيم الألماني أدولف هتلر الجغرافية والسياسية في أوروبا. أُجبر جميل مردم بك على السفر إلى باريس للتوقيع على ملاحق إضافية للمعاهدة، أملاً أن يساهم ذلك في إقناع المشرعين الفرنسيين لقبولها، وفي غيابه المتكرر عن دمشق كان القوتلي ينوب عنه بصفة رئيس وزراء بالوكالة.
ولكن صداماً وقع بين القوتلي ومردم بك في شباط 1937، عند إصرار الأخير على تجديد عقود اقتصادية مع فرنسا، حول التنقيب عن النفط في المنطقة الشرقية وإصدار عملة سورية الورقية عبر مصرف سورية ولبنان. كان القوتلي رافضاً لتجديد هذه الاتفاقيات، وقد استغل مردم بك سفره إلى السعودية لأداء فريضة الحج وقام بتوقيعها. غَضب القوتلي من هذا التجاوز له ولصلاحياته كوزير مالية، وفي 22 آذار 1937، قدم استقالته إلى رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي. وفي بيان الاستقالة الذي وزِّع على الصحف السورية، قال إنه غادر الحكم لأسباب صحية، رافضاً انتقاد جميل مردم بك بشكل علني وصريح لكيلا يُضر بسمعة العهد الوطني.
الحرب العالمية الثانية
سقط عهد الكتلة الوطنية في صيف العام 1939، إثر فشله في تمرير معاهدة عام 1936 والحفاظ على منطقة لواء إسكندرون، التي سُلخت عن سورية وضُمّت إلى الأراضي التركية لضمان حيادها في الحرب العالمية الثانية. وعند اندلاع الحرب في 1 أيلول 1939 أُشيع أن شكري القوتلي كان مؤيداً لألمانيا النازية، نظراً لكرهه الشديد لسياسات فرنسا الاستعمارية في الشرق الأوسط، وقد اجتمع مع عدد من الشخصيات النازية بدمشق، ما أدى إلى نفيه خارج البلاد سنة 1940، بتهمة التعاطف مع هتلر وتقاضي أموال من الرايخ الثالث.
وفي 14 حزيران 1940 سقطت باريس تحت الحكم النازي، وقاد الجنرال شارل ديغول مقاومة وطنية ضد الاحتلال الألماني لبلاده، بمساعدة عسكرية وغطاء سياسي من رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل. بعدها بعام، دخلت قوات الحلفاء إلى سورية لتحريرها من الحكم النازي، ودارت معارك طاحنة على الأراضي السورية، فازت بها بريطانياوفرنسا الحرة. وعد ديغول بإنهاء الانتداب، وأعلن منح سورية استقلالها ولكنّه اشترط بقاء القوات الفرنسية حتى انتهاء المعارك في أوروبا. وعند قدومه إلى سورية اجتمع ديغول مع هاشم الأتاسي وعرض عليه العودة إلى الرئاسة ولكنّ الأخير رفض بسبب سوء تجربته السابقة مع فرنسا وعدم مصادقة برلمانها على معاهدة عام 1936. وعندما وصل ديغول إلى طريق مسدود مع الكتلة الوطنية قام بتعيين الشيخ تاج الدين الحسني في الرئاسة، الذي توفي وهو في سدّة الحكم يوم 17 كانون الثاني 1943. دعت فرنسا إلى انتخابات نيابية ورئاسية، خاضها القوتلي بعد عودته من المنفى، وفي 17 آب 1943 رشح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية وفاز بغالبية أصوات البرلمان.
وفي شباط 1945، توجه القوتلي إلى مصر للاجتماع مع الرؤساء روزفلتوتشرشل، بعد عودتهما من مؤتمر يالطا. رُتب هذا اللقاء من قبل الملك عبد العزيز، وكان بضيافة الملك فاروق وحضور هيلا سلاسي، إمبراطور إثيوبيا. لم يتمكن الرئيس روزفلت من حضور القمة نظراً لتدهور حالته الصحية، وجرى اللقاء بين القوتلي وتشرشل في القاهرة يوم 17 شباط 1945. طلب تشرشل إلى الرئيس السوري عقد معاهدة جديدة مع فرنسا، فرد القوتلي بالقول: “فرنسا جسم غريب في منطقتنا. لن أعترف بها… لن أمد لها يدي…ولن أتفق معها مهما كانت الأسباب والظروف. والله ثم والله لن أرتكب هذه الجريمة بحق وطني، ولن أرضخ لأي ضغط ولو أصبحت مياه البحر حمراء قانية.”
أجابه تشرشل: “لقد قُلت لك إن لفرنسا مصالح في بلادكم فاعملوا معها معاهدة ثقافية، وأنا كفيلها بكل ما تطلبون.” رد القوتلي: “ليس لها أملاك سوى دار واحدة بمنطقة الجسر الأبيض، وأنا مستعد أن أشتريها منها وأسكنها لأني لا أملك داراً للسكن في دمشق بعد أن أحرقت فرنسا داري ودار أجدادي كما دمّرت الحيّ الدمشقي بأكمله الذي كان بيتنا فيه.” وقد انتهى الاجتماع بموافقة القوتلي على إعلان الحرب على دول المحور وتقديم دعم للمجهود الحربي البريطاني مقابل دعوة سورية لحضور مؤتمر تأسيس الأمم المتحدة كان من المقرر عقده في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية في نيسان 1945.
في 19 أيار 1945، عقدت قمة سورية – لبنانية في بلدة شتورا، جمعت بين الرئيس القوتلي ونظيره اللبناني بشارة الخوري، تقرر فيها تجميد المفاوضات مع فرنسا إلى أن يتم تحديد فترة زمنية لإنهاء الانتداب وجلاء الجيوش الأجنبية عن سورية ولبنان. أرسلت فرنسا تعزيزات عسكرية إلى شواطئ بيروت، نُقلت فوراً إلى دمشق، تمهيداً للعدوان الذي وقع عصر يوم 29 أيار 1945. وقد جاءت أوامر قصف المدينة من الكولونيل أوليفيا روجيه، حاكم دمشق العسكري المُعين حديثاً من قبلشارلديغول. أراد اعتقال القوتلي وجميل مردم بكوسعد الله الجابري، بصفتهم “أعداء” فرنسا الحرة.
أُحرقت مناطق كاملة من دمشق، منها سوق ساروجا، وقُصف القلعة ومبنى البرلمان في شارع العابد. جاء السفير البريطاني تيرانس شون إلى منزل القوتلي في جادة الرئيس وعرض عليه الخروج الآمن من سورية، تحت حماية بريطانية، وقال إن فرنسا تنوي اعتقاله أو قتله. كان القوتلي مقعداً في فراشه يومها، بأمر من طبيبه الخاص حسني سبح، يُعاني من نزيف حاد بالمعدة بسبب قرحة مزمنة. نهض وخاطب السفير البريطاني بغضب: “ألمثلي يُقال هذا؟ أنا لم أغادر دمشق ولن أغادر دمشق، وأريد أن تنقلوا سريري وتضعوه على أبواب المجلس النيابي، لكي أستشهد هناك مع هؤلاء الأبطال.” ثم طَلب إحضار والدته وزوجته وأولاده وخاطب السفير شون قائلاً: “ما عندي أغلى من ديني ووطني وهؤلاء؟ والله لو قطعتم أصابعي بعد أن دمّر الفرنسيون بلدي، لن أوقع لهم ما يريدون.”
أعلن الرئيس شكري القوتلي يوم 1 آب 1945 عيداً وطنياً لتأسيس الجيش السوري وفي 17 نيسان 1946، أقيم عيد الجلاء الأول بمشاركة عربية واسعة. رفع شكري القوتلي علم سورية فوق سماء دمشق، قائلاً إنه لن يرفع أي عَلم فوق هذه الراية إلّا علم الوحدة العربية. وقد جاء في خطاب القوتلي يوم عيد الجلاء الأول:
بني وطني…
هذا يوم تشرق فيه شمس الحرية الساطعة على وطنكم، فلا يخفق فيه إلا علمكم، ولا تعلو فيه إلا رايتكم. أهنئ اليوم هذه الأمة، شباباً وشيباً، هلالاً وصليباً. أهنئ ذلك الفلاح، دعاه داعي الوطن فلباه، هجر مزرعته وتنكب بندقيته، وراح يذود عن أمته ويثأر لكرامته. أهنئ العامل الكادح، يجعل من نفسه لوطنه الفداء، وهو فيما يصيبه لمن السعداء. أهنئ ذلك الطالب، تتأجج روحه حماسة، ويغلي مرجلة إباء.
أهنئ الأستاذ يبث العزة القومية، والشاعر يهز الروح الوطنية، والكاتب ينافح عن الحق ويشدد العزائم. أهنئ ذلك التاجر طالما غادر متجره احتجاجاً على ظلم صارخ، ودفعاً لعدوان نازل. أهنئ رجل الأحياء تثيره النخوة ويستجيب للحمية. وأبارك للسيدة تؤدي واجبها جهداً وثباتاً وصبراً.
توجه القوتلي إلى مدينة انشاص المصرية لحضور أول قمة عربية في 28-29 أيار 1946 حيث ناقش الأوضاع العامة في فلسطين ودعا لعقد مؤتمر خاص بالقضية الفلسطينية في بلدة بلودان السورية. ووقف فارس الخوري في وجه قرار تقسيم فلسطين الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947، ووصفه الرئيس السوري قائلاً: “لن يمر ولن يقبل به العرب.”
وقد أدت هزيمة القوات السورية في فلسطين إلى نقمة في صفوف العسكر، وتحديداً لدى الضباط الموجودين على الجبهة. استغل حسني الزعيم هذه النقمة للقيام بانقلابه على شكري القوتلي ليلة 29 آذار 1949. أمر باعتقال القوتلي ووضعه في سجن المزة، قبل نقله إلى مستشفى الشهيد يوسف العظمة بسبب تدهور حالته الصحية. فرض الزعيم نفسه حاكماً عسكرياً على سورية، وتقدم القوتلي باستقالته من الرئاسة في يوم 6 نيسان 1949 عبر وساطة قام بها رئيس المجلس النيابي فارس الخوري. كُتب نص الاستقالة بخطّ اليد، ووجهه القوتلي إلى الشعب السوري وليس إلى حسني الزعيم: “أقدم إلى الشعب السوري الكريم استقالتي من رئاسة الجمهورية السورية، راجياً له العز والمجد.”
سنوات المنفى (1949-1954)
سمح الزعيم للقوتلي بمغادرة سورية إلى منفى اختياري فتوجه إلى سويسرا أولاً ثم إلى مصر، ليحل ضيفاً على صديقه القديم الملك فاروق. وفي سنوات المنفى لم يمارس القوتلي أي نشاط سياسي واكتفى بكتابة مقدمة كتاب عن استقلال سورية للصحفي سعيد تلّاوي (صاحب جريدة الفيحاء)، ومقدمة كتاب 55 ألف كيلومتر على دراجة نارية للرحالة السوري عدنان تللو.
رفضت معظم الدول العربية الاعتراف بحكم حسني الزعيم في بدايته، ولكنها سرعان ما غيرت من موقفها وقبلت به كأمر واقع، وكان في مقدمتها مصر التي زارها الزعيم في نيسان 1949 والتقى بالملك فاروق. واعترفت به السعوديةوجامعة الدول العربية، وبقي لبنان وحده بين دول المنطقة رافضاً الاعتراف بشرعية الزعيم ومتمسكاً بالقوتلي حتى تموز 1949. سقط حسني الزعيم من الحكم بعد 137 يوماً على استلامه الحكم وأعدم رمياً بالرصاص يوم 14 آب 1949. تعاقب على سورية من بعده ثلاثة حكام عسكريين: سامي الحناوي (14 آب – 19 كانون الأول 1949)، فوزي سلو (3 كانون الأول 1951 – 11 تموز 1953) وأديب الشيشكلي (11 تموز – 25 شباط 1954). لم يتدخل القوتلي في أي من هذه الانقلابات العسكرية وقرر العودة إلى دمشق بعد سقوط حكم الشيشكلي وعودة هاشم الأتاسي لتولّي الرئاسة إكمالاً لولايته الدستورية التي عطلت مع انقلاب عام 1951.
وقد تغيّر الحكم في مصر أيضاً بعد ثورة الضباط الأحرار على الملك فاروق ووصول جمال عبد الناصر إلى رئاسة الجمهورية في شباط 1954. تزامنت الثورة المصرية مع وجود القوتلي في الإسكندرية، وقد نشأت صداقة بينه وبين عبد الناصر، الذي كان يحترم ماضيه في محاربة الاستعمار في سورية. وقد أقنعه عبد الناصر بالعودة إلى سورية والترشح مجدداً لرئاسة الجمهورية. وفي 7 آب 1954 عاد القوتلي إلى دمشق كان في استقباله رئيس الحكومة صبري العسلي وحشد من المحبين والحلفاء القدامى، معلناً رغبته بالترشح للرئاسة وخلافة هاشم الأتاسي.
الولاية الدستورية الثالثة (أيلول 1955 – شباط 1958)
كانت معركة الرئاسة عام 1954 بين شكري القوتلي وخالد العظم، الذي عارض تجديد الدستور سنة 1947 وكان رئيساً للحكومة في نهاية حكم القوتلي الأول عشية انقلاب حسني الزعيم. وفي 18 آب 1954، فاز القوتلي على العظم بفارق تسعة وأربعين صوتاً من أصوات النواب الذي بلغ عددهم 142 نائباً. وفي 5 أيلول 1955، أقسم اليمين الدستوري، رئيساً للجمهورية لولاية ثالثة وأخيرة. وقد جرت مراسيم الاستلام بينه وبين الرئيس هاشم الأتاسي داخل مجلس النواب، بإشراف رئيسه الدكتور ناظم القدسي، هي المرة الأولى والأخيرة في تاريخ سورية التي يجري فيها تداول السلطة بهذا الشكل السلمي، دون استقالة أو إقالة أو انقلاب.
لم يقبل القوتلي بهذه القرارات ولكنّه لم يعارضها، خوفاً من نقمة المؤسسة العسكرية. وفي عهده اعتُقل الدكتور عدنان الأتاسي (ابن هاشم الأتاسي) سنة 1956 بتهمة تقاضي أموال من العراق لتنفيذ انقلاب عسكري، يُطيح بعبد الحميد السراج وبقية الضباط الموالين لجمال عبد الناصر في سورية. وبالنسبة للرئيس القوتلي، فقد كان أعضاء “المؤامرة العراقية” يريدون وضعه أمام خيار صعب: إمّا التخلّي عن الحكم أو عن علاقته بعبد الناصر. كشفت المؤامرة من قبل أجهزة السراج واعتُقل عدد من السياسيين الكبار، منهم نائب دمشق الدكتور منير العجلانيوالدكتور سامي كبارة، صاحب جريدة النضال المعارضة للقوتلي منذ سنة 1948. وقد صدرت عن المحكمة العسكرية التي تولّت محاكمتهم أحكام تراوحت بين الإعدام والسجن المؤبد، وحاول القوتلي التوسط لأجلهم، وتحديداً لعدنان الأتاسي، نظراً لصداقته القديمة مع أبيه، ولكنّ وساطته رفضت من قبل السراج. وكان آخر طلب له من مجلس النواب قبل مغادرة الحكم سنة 1958 هو الإفراج عن عدنان الأتاسي وصحبه ولكن رئيس المجلس أكرم الحوراني رفض الاستجابة.
وفي أثناء العدوان الثلاثي قامت سورية بقطع علاقتها الدبلوماسية مع كل من فرنساوبريطانيا، وأشرف عبد الحميد السراج على نسف أنابيب النفط البريطانية المارة عبر الأراضي السورية. وقد وقّعت في عهد القوتلي سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية مع الاتحاد السوفيتي، أبرمها وزير الدفاع خالد العظم في آب 1957. مُنحت سورية بموجبها سلاحاً روسياً بقيمة 570$ مليون دولار، تسدّد قيمته على مدى اثنتي عشرة سنة بالتقسيط المريح.
توجه وفد من الضباط السوريين إلى القاهرة يوم 11 كانون الثاني 1958، يتقدمهم رئيس الأركان عفيف البزري، للمطالبة بتوحيد سورية ومصر، تحت راية جمال عبد الناصر. لم يكن الرئيس السوري على علم بسفرهم، فقد استقلوا طائرة خاصة من مطار دمشق وسافروا إلى مصر برفقة الملحق العسكري المصري عبد المحسن أبو النور. حتى وزير الدفاع خالد العظم لم يُبلّغ وقد علِم بسفر الضباط في صباح اليوم التالي عبر نائب رئيس الأركان أمين النفوري. تأخر عبد الناصر في استقبالهم وعندما فعل، سألهم عن موقف الرئيس القوتلي من هذه الوحدة، مُؤَكِّداً أنه الوحيد المخول بالتفاوض باسم الشعب السوري والدولة السورية.
بدلاً من معاقبة الضباط وفصلهم عن الجيش بتهمة التآمر والسفر دون موافقة من القيادة، قرر القوتلي دعمهم في السعي نحو الوحدة العربية. قال إن هذه الوحدة كانت حلماً بالنسبة له منذ مرحلة الشباب، ولن يقف في وجهها حتى لو كان فيها تجاوز له ولصلاحياته الدستورية. عارضه خالد العظم وطالب بفصل الضباط ومحاكمتهم، ولكنّ القوتلي قام بإرسال وزير الخارجية صلاح البيطار إلى القاهرة للتفاوض رسمياً على الوحدة باسم الحكومة السورية.
اشترط عبد الناصر أن تكون الوحدة اندماجية لا فيدرالية، وأن تصبح عاصمتها القاهرة وليس دمشق، مع شرط ثالث وهو حلّ جميع الأحزاب السورية. وافق صلاح البيطار على كل هذه الشروط وعاد إلى دمشق لطرحها على جلسة حكومية طارئة، عُقدت بحضور القوتلي. وبعد أخذ موافقة المجلس النيابي الذي صوت بالإجماع لصالح الوحدة، سافر القوتلي إلى مصر لإعلانها مع عبد الناصر في شباط 1958. تنازل بعدها طوعياً عن رئاسة سورية لصالح جمال عبد الناصر الذي كرمه بلقب “المواطن العربي الأول” وقال إنه “الوجه العربي المُشرق لسورية.”
دعم الانفصال
قضى شكري القوتلي سنوات الوحدة متقاعداً عن العمل السياسي ومتنقلاً بين دمشق والقاهرةوجنيف، وظلّت أخباره تتصدر أولى صفحات الجرائد السورية، ما أزعج عبد الناصر كثيراً. وقد استدعى وزير الثقافة رياض المالكي وقال له: “الأضواء لا يجب أن تُسلّط بعد اليوم إلا على شخص سيادة رئيس الجمهورية، دون غيره من الشخصيات.”
اتسعت الهوة بين القوتلي وعبد الناصر بعد منع عزف النشيد الوطني السوري حماة الديار في المناسبات الوطنية وإلغاء احتفالات عيد الجلاء يوم 17 نيسان 1958، حيث عدّ الرئيس المصري أن للجمهورية العربية المتحدة عيداً واحداً فقط هو عيد ثورة يوليو. ثم جاء قانون الإصلاح الزراعي في أيلول 1958، تلاه قرار تأميم المصارف والمصانع في تموز 1961، الذي أسقط النخبة الاقتصادية السورية المتحالفة مع القوتلي منذ زمن الانتداب. وبطلب من أعضاء غرفة تجارة دمشق، ذهب القوتلي إلى مصر لزيارة عبد الناصر وقال له: “أخاف على الوحدة التي صنعناها معاً يا أبا خالد، أخاف عليها من هذه القرارات الاشتراكية الارتجالية وغير المدروسة.” طلب منه طيّ قرار التأميم، ولكن عبد الناصر لم يقبل وطمأن القوتلي بالقول: “لا تخف على الوحدة، ستستمر 100 عام بعون الله.”
بعدها بشهرين، سقطت جمهورية الوحدة إبان انقلاب عسكري بدمشق في 28 أيلول 1961 قام به المقدم عبد الكريم النحلاوي مع مجموعة من الضباط الدمشقيين. كان القوتلي يومها في سويسرا، وحاول عبد الناصر الاتصال به ولكنه لم يأخذ المكالمة. وفي 23 تشرين الأول 1961، أي بعد انقلاب الانفصال بقرابة الشهر، ظهر القوتلي على شاشة التلفزيون السوري وشنّ هجوماً عنيفاً على الوحدة والتجاوزات المصرية التي تخللتها. وقد جاء في كلمته المتلفزة:
لقد كان في أساس الأخطاء كلها قاعدة واحدة: تأمين الأقلية وتخوين الأكثرية، وتسليط هيئات مصطنعة وأفراد على تنفيذ اشتراكية تعاونية لا يؤمنون بها، ولا يعملون من أجلها، ولا يفهمون أي مبدأ من مبادئ العدالة والتعاون، وكان كل مدار الثقة بهم أنهم حاقدون يكرهون الناس، ويتطيرون من وجوه الخير.
أضاف القوتلي: “الوحدة لا تعني عملية ضم، والنظام الرئاسي لا يعني انعزال الراعي عن الرعية.” ووصف جهاز الحكم أيام المصري بجلّاد الشعب، وقال: “لو طال به (عبد الناصر) الزمان لآل مصير الجمهورية كلّها إلى مجموعة أقاليم يحكمها أفراد متنافرون. جهاز غريب عجيب، أنبت للجسم الواحد عدة رؤوس، وللرأس الواحد عدة ميول ونزوات وشهوات.”
وتطرّق القوتلي إلى انعدام الديمقراطية في عهد عبد الناصر بالقول: “ولطالما شكا النواب المعينون لمجلس الأمة من عدم جدوى وجودهم تحت قبة المجلس، لأنه ليس لهم من وظائف التمثيل النيابي سوى إقرار الشمروعات التي كتبها موظفو الدولة والتصويت عليها برفع الأيدي الصامتة.”
كلمتي الأخيرة إليكم إنكم أنتم وحدكم مسؤولون عن تقرير المستقبل، وأن القيادات في صفوفكم عناوين زائلة، وتبقون أنتم الشعب سطور البقاء والخلود. ولقد استطعت على خدمة نضالكم وجهادكم، مواطناً عادياً وجندياً مكافحاً، أكثر مما أتيح لي أن أتوفر لهذه الخدمة الشريفة، رئيساً وحاكماً ومسؤولاً. وإن أعظم ما أطمح إليه عامل في الحقل العام، عانق القضية المقدسة منذ مطلع هذا القرن: فتى وشاباً وشيخاً أن يستحق استمرار الرضى عنه في صفوف المواطنين العاديين، مواطناً صالحاً وجندياً أميناً.
فكر ضباط الانفصال جدياً بدعوة القوتلي للعودة إلى الحكم لمرة رابعة وأخيرة، مع الدستور القديم والمجلس النيابي المنتخب سنة 1954. وقد عدّ بعضهم أن عهد الوحدة لم يمر على سورية، كما جرى عند عودة هاشم الأتاسي بعد سقوط الشيشكلي. ولكن القوتلي رفض العودة إلى الرئاسة، وقال إن صحته لم تعد تتحمل أعباء الحكم.
الوفاة
في منتصف عام 1964، انتقل شكري القوتلي للعيش في بيروت، وفيها توفي عن عمر ناهز 75 عاماً يوم 30 حزيران 1967، بعد تعرضه لذبحة قلبية عند سماعه نبأ سقوط الجولان في يد إسرائيل. أُعيد جثمانه إلى دمشق بناء على وصيته، مُجللاً بالعلم السوري، وخرجت له جنازة شعبية مهيبة لم تشهد مثلها دمشق من قبل، صاح فيها المشيعون: “لا إله إلّا الله وشكري بك حبيب الله.” صلى عليه أهالي الشام في الجامع الأموي ووري الثرى في مدافن الأسرة في مقبرة الباب الصغير.
تخليد ذكرى القوتلي
أُطلق اسم الرئيس شكري القوتلي على شوارع رئيسية في جميع المدن السورية وفي القاهرة، وأصبح الشارع الذي يحمل اسمه في دمشق، الواصل بين ساحتي المرجةوالأمويين، مقراً لمعرض دمشق الدولي وعدد من الفنادق الفخمة، مثل المريديان والفورسيزنز. وأطلق اسمه على الحيّ الذي كان يسكن فيه قبل انقلاب 1949، والذي يُعرف من يومها ببستان الرئيس أو جادة الرئيس.
ولِد شكري الأيوبي في دمشق وهو سليل أُسرة سياسية عريقة. تلقى علومه الأولية في مدارس دمشق الحكومية ثمّ في الكلية الحربية في إسطنبول. وعند تخرجه عام 1871 عُين مُدرّساً في الكلية الحربية في إسطنبول ثمّ في الكلية العسكرية بدمشق قبل تعيينه مديراً لها مع ترفيعه إلى رتبة أمير لواء في الجيش العثماني.
مع جمعية الفتاة
شارك الأيوبي في تأسيس جمعية الإخاء العربي العثمانية التي ظهرت في إسطنبول وانتسب سراً إلى الجمعية العربية الفتاةالتي أُسست في باريس على يد مجموعة من الطلاب العرب سنة 1911. وتولّى مهمة إقامة فرع لها بدمشق، مُستغلاً الحصانة التي كان يتمتع بها كضابط رفيع في الجيش العثماني. أثارت تحركاته شكوك جمال باشا، قائد الجيش العثماني الرابع في سورية، الذي أمر باعتقاله مساء يوم 2 أيار 1916. نقل الأيوبي مخفوراً إلى سجن خان باشا بدمشق، بعد تسريحه من الجيش وطرده من وظيفته في الكلية الحربية.
في السجون العُثمانية
في مًذكّراته، يقول الرئيس فارس الخوري، الذي قضى أشهراً في نفس المُعتقل، أن شكري الأيوبي تعرض لأبشع أنواع التعذيب:
لم يتركوا نوعاً من أنواع التعذيب الجسدي إلّا وأقاموه به. قاموا بقلع أظافره وأدموا قدميه من الضرب، ثم وضعوا أغلالاً حديدية في رجليه وعلى منكبيه، وأكرهوه على التَّجوُّل تحت أثقالها في باحة السجن، وهو يرتدي بزة أمير لواء في الجيش العُثماني. كان يَصرخ في وجه السجّانين: “ليس العار عليّ بل عليكم أنتم أيها الأنذال!
ولم يكتفوا بهذا الحد من التعذيب والإهانة بل قاموا باعتقال أكبر أبنائه خالد الأيوبي، وهو ضابط شاب في الجيش العثماني، وأصغرهم فصيح الأيوبي. جُلد خالد الأيوبي 600 وأجبر على الوقوف 156 ساعة متواصلة، أملاً أن ينفع ذلك في انتزاع اعتراف من أبيه عن شركائه في العمل السرّي المناهض للدولة العثمانية. وعندما فشلت مساعيهم، اجتمع جمال باشا بالأيوبي وعَرض عليه الخروج من السجن والبراءة التامة من كل التهم الموجهة إليه، مع استعادة رتبته العسكرية والعودة وإلى عمله في الكلية الحربية، شرط أن إعطاء قائمة بأسماء جميع المنتسبين إلى الجمعية العربية الفتاة ولكنه رفض العرض وبقي سجيناً لغاية 26 أيلول 1918، يوم انسحاب آخر جندي عثماني عن دمشق.
ليلة سقوط الحكم العثمانية
هاجم الثوار سجن خان باشا وأطلقوا سراح شكري الأيوبي وأولاده، وكان يتقدمهم الشّيخ محمد الأشمر من حيّ الميدان والمُجاهد أحمد مريود من قرية جباتا الخشب في الجولان. توجه الأيوبي من سجنه إلى سجن القلعة، حيث أطلق بنفسه سراح أربعة آلاف سجين من العرب والسوريين، جميعهم مثله كانوا محتجزين بأمر عرفي من جمال باشا.
حكومة الأمير سعيد الجزائري
دعي الأيوبي يومها للمشاركة في الحكومة الانتقالية التي أُقيمت بدمشق برئاسة الأمير سعيد الجزائري، وفي 30 أيلول 1918، اجتمع بآخر مسؤول عُثماني في المدينة، هو المُفتش بهجت بك، وتسلّم منه مفاتيح السجون كافة وكل الثكنات العسكرية. ولكن الحكومة الانتقالية لم تستمر إلا أياماً معدودة فقط، وتمّت الإطاحة بها وعزل رئيسها من قبل الضابط البريطاني توماس لورنس (لورنس العرب). قال لورنس إن الأمير سعيد غير مفوّض ولا مخوّل بحكم دمشق، وبأن إدارة المدينة دمشق كان من المفترض أن تذهب إلى شكري الأيوبي، بحسب توجيهات الشريف حسين، قائد الثورة العربية الكبرى. وبناء عليه عُيّن الأيوبي حاكماً عسكرياً على دمشق يوم 2 تشرين الأول 1918.
حاكماً على بيروت والساحل
وبعدها بأسبوع، نُقل الأيوبي إلى بيروت، حاكماً عسكرياً ونائباً عن الأمير فيصل بن الحسين. توجه الأيوبي إلى عمله الجديد برفقة الضابط جميل الألشي، وقام برفع علم الثورة العربية فوق السراي الحكومي، مع تعيين الوجيه اللبناني حبيب باشا السعد، حاكماً مدنياً في بيروت. اعترضت فرنسا على تكليف الأيوبي، وقالت إن أن دولة لبنان الكبير كانت من حصتها وفق نظام المحاصصة المُثبت في اتفاقية سايكس بيكو. طلبت الحكومة الفرنسية إلى الإنكليز التدخل الفوري لعزل الأيوبي عن منصبه، فرضخ الأمير فيصل لطبهم وقام بنقله مجدداً – إلى حلب هذه المرة – ليكون حاكماً عسكرياً عليها. إكراماً له ولتضحياته الكبيرة، وللتعويض عن الطريقة المهينة التي سُحب فيها من بيروت، رافقه الأمير فيصل إلى حلب وأشرف بنفسه على تَسلّمه زمام الأمور فيها.
الوفاة
وبعد سقوط الحكم الفيصلي وفرض الانتداب الفرنسي على سورية، اعتزل شكري الأيوبي العمل السياسي وتوفي بدمشق عن عمر ناهز 71 عاماً سنة 1922.
ولِد شاكر الحنبلي في دمشق كان والده قاضياً في المحاكم العثمانية، عَمل في مدينة السلمية شرق مدينة حماة. دَرس الحقوق في المعهد الملكي في إسطنبول وفور تخرجه سنة 1898 التحق ابنه بالعمل الحكومي ووصَل إلى منصب مُتصرف في مدينة عكا الفلسطينية أولاً ثم في حماة، وفي العام 1912 انتقل إلى إسطنبول للعمل في الصحافة وأسس مع صديقه الشيخ عبد الحميد الزهراوي صحيفة الحضارة ناطقة باللغة العربية. ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914، عُين مديراً لقسم الدِراسات العِلمية في نظارة الأوقاف الإسلامية في إسطنبول، واستمر به لغاية تشرين الأول من العام 1916.
اعتُقل الأمير سعيد يومها ولكن الحنبلي انتقل إلى صفوف الحكم الجديد وعُيّن مُدرساً في معهد الحقوق ومحرراً في جريدة العاصمة الرسمية التي أطلقتها حكومة الفريق رضا الركابي. عينه الركابي مديراً عاماً للمراسلات ثمّ رئيساً لهيئة التفتيش وأميناً عاماً لمجلس الوزراء في عهد الملك فيصل الأول.
وزيراً في زمن الانتداب
ولكن الحكم الفيصلي لم يستمر طويلاً وسقط مع احتلال دمشق من قبل الجيش الفرنسي إبان معركة ميسلون في 24 تموز 1920. انتقل الحنبلي إلى العمل بالمحاماة وانتُخب نائباً في المجلس التمثيلي لدولة دمشق سنة 1923. رَفض الانضمام لأي حزب من الأحزاب السّياسية، وكان ضمن وفد الأعيان الذي توجه إلى بيروت لمطالبة المندوب السامي موريس ساراي بوقف العدوان الفرنسي على مدينة دمشق في 18 تشرين الأول 1925. بعدها بثلاثة أيام عُين وزيراً للمعارف في المرحلة الانتقالية ما بين استقالة رئيس الدولة صبحي بركات وتعين الداماد أحمد نامي خلفاً له. وفي حكومة الداماد الثانية يوم 12 حزيران 1926، سمّي مجدداً في وزارة المعارف. استقالت الحكومة في شهر شباط من العام 1928 وفي 14 آب 1930، اختاره الشيخ تاج الدين الحسني ليكون وزيراً للعدل في حكومته الثانية حتى حزيران 1932.
نشاطه في عهد الاستقلال
بعد جلاء القوات الفرنسية عن سورية في 17 نيسان 1946، اعتزل شاكر الحَنبلي العمل السّياسي وتفرغ للتأليف والترجمة والنشر، إضافة لعمله في الجامعة السورية الذي لم ينقطع منذ تأسيسها سنة 1923. ولكنه عاد إلى السياسية سنة 1949 يوم تكليفه بعضوية اللجنة المخصصة لكتابة دستور سورية الجديد في عهد حسني الزعيم.
مؤلفاته
وضع شاكر الحَنبلي عدداً من المؤلفات في حياته، أبرزها:
قانون الجزاء الجديد (دمشق 1909)
تلخيص التاريخ العثماني المصور (دمشق 1912)
الحقوق الإدارية (دمشق 1921)
موجز أحكام الأراضي والأموال (دمشق 1928)
أصول الإدارة الإسلامية (دمشق 1936)
أصول الفقه الإسلامي (دمشق 1948)
الوفاة
توفي شاكر الحَنبلي في دمشق عن عمر ناهز 82 عاماً سنة 1958.
المناصب
عضواً في حكومة الأمير سعيد الجزائري (26 أيلول – 1 تشرين الأول 1918)
وزيراً للمعارف (21 كانون الأول 1925 – 9 شباط 1926)
انتسب سهيل الخوري إلى الحزب الوطني عند تأسيسه سنة 1947 وانتُخب نائباً عن دمشق في البرلمان السوري عام 1954. أيد الوحدة السورية المصرية وصوّت لصالحها سنة 1958، قبل أن ينقلب ضدها بسبب سياسات جمال عبد الناصر الاشتراكية والأمنية. وعندما وقع انقلاب الانفصال ضد جمهورية الوحدة في 28 أيلول 1961، قام سهيل الخوري بتأييده وشارك في أول انتخابات برلمانية جرت في سورية نهاية عام 1961، ليفوز مجدداً بالنيابة عن دمشق. وفي 22 كانون الأول 1961 سمّي وزيراً للشؤون البلدية والقروية في حكومة الدكتور معروف الدواليبي، وقد تزامنت فترة وجوده في الحكم مع وفاة والده في 2 كانون الثاني 1962.
الاعتزال والوفاة
عشية انقلاب 8 آذار 1963 اصطدم سهيل الخوري مع حزب البعث بسبب دعمه للانفصال، وقد صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بتجريده من كل حقوقه المدنية ومنعه مع ممارسة أي عمل سياسي. انصرف إلى رعاية أعمال الطائفة الإنجيلية وأصبح نائباً لرئيس مجمعها الأعلى بدمشق. وقد توفي سهيل الخوري بدمشق عن عمر ناهز 80 عاماً سنة 1992.
العائلة
تزوج سهيل الخوري من ليلى شقيقة الصحفي حبيب كحالة، صاحب مجلّة المضحك المبكي، وله منها ولد اسمه فارس وابنته كوليت خوري، التي أصبحت من أشهر أديبات عصرها منذ خمسينيات القرن العشرين.
المنصب
وزيراً للشؤون البلدية والقروية (22 كانون الأول 1961 – 27 آذار 1962)